حول غسان كنفاني

                                                    

                           أ.د. حسيب شحادة
                             جامعة هلسنكي

حول غسان كنفاني

استغرقت رحلته الأرضيّة ستةً وثلاثين عاما وشهرين وثمانية وعشرين يوما، قضى ثُلثيها خارج وطنه، فلسطين. فلسفته وإرثه الثري المكتوب يشهدان بجلاء على حضوره الدائم. من الواضح أن العدو الصهيونيّ اكتشف مواهبه قبل العرب فاغتاله بتسعة كيلوغرامات من المتفجّرات وُضعت في سيّارته القديمة في حيّ الحازميّة ببيروت. إنّه غسّان محّمد فايز كنفاني (عكا ٩ نيسان ١٩٣٦- بيروت ٨ تمّوز ١٩٧٢)، قامة شامخة في الأدب الفلسطينيّ، كاتب مناضل ورسّام ومحرّر صحف ومجلّات وصحفيّ وسياسيّ، ذو قيم إنسانيّة. إنّه رمز المأساة الفلسطينيّة، أمير الثورة الفلسطينيّة وعميد الأدب المقاوم، كان ناطقًا باسم الجبهة الشعبيّة، مع هذا وربّما بسبب هذا، لا وجودَ لأيّة جائزة تحمل ٱسمه أو شارع أو مؤسّسة إلخ اللهم إلا جائزة للنقد الصحفيّ. لم يُعادِ أحدًا وكان مقاتلًا شرسًا دون إطلاق رصاصة واحدة. نال جوائزَ عدّ ة مثل جائزة القصّة العربيّة عام ١٩٦٢ وجائزة أصدقاء كتّاب لبنان عن روايته ”ما تبقّى لكم“ سنة ١٩٦٦ وجائزة اتّحاد الصحفيّين الديموقراطيّين العالميّين عام ١٩٧٣ وجائزة اللوتس عام ١٩٧٥ ووسام القدس من منظّمة التحرير الفلسطينيّة سنة ١٩٩٠. إن غزارة انتاجه الأدبيّ والبحثيّ لأُحْجِيّة حقًّا نظرًا لحياته القصيرة (ينظر في الشبكة العنكبوتيّة، ظهرت آثاره الكاملة في ثمانية مجلّدات وقسم كبير منها متوفِّر على الشبكة).

المجلّد الأول: يشمل الرواياتِ، تقديم د. إحسان عبّاس، ١٩٧٢.
المجلّد الثاني: يشمل المجموعاتِ القصصيّة القصيرة، تقديم يوسف إدريس، ١٩٧٣.
المجلّد الثالث: يشمل المسرحياتِ، تقديم جبرا إبراهيم جبرا، ١٩٧٨.
المجلّد الرابع: يشمل الدراساتِ الأدبيّة، تقديم محمود درويش.
المجلّد الخامس: يشمل قصص الأطفال.
المجلّد السادس: يشمل مقالاتٍ وقصائدَ نشرت باسم فارس فارس.
المجلّد السابع: يشمل الرواياتِ التي لم تنشر، دار الطليعة، بيروت.
المجلّد الثامن: يشمل الدراساتِ السياسيّة، دار الطليعة، بيروت.

ينتمي كنفاني إلى الجيل الثاني من كُتاب الرواية الفلسطينيّة، إذ أنّ أبا هذه الرواية هو خليل إبراهيم بيدس (الناصرة ١٨٧٤-القدس ١٩٤٩). ربّما كان من المممكن مقارنة كنفاني بدرويش، فالأول في الرواية والثاني في الشعر. كلاهما عايش المأساة الفلسطينيّة ولذلك كان بوسعهما وصفها بدقّة وبفنيّة فائقة. نتيجة انتمائهما السياسيّ، الجبهة الشعبيّة لتحرير فلسطين من ناحية والحزب الشيوعيّ من ناحية أخرى امتنعا عن تجريد ”العدو“ من السِّمات الإنسانيّة. لم يقع هذان الكاتبان بفخّ التنميط إذ بحثا بعُمق وإخلاص فيما كتبا، ولم يلقيا كلَّ اللوم على الآخر. يمكن القول إنّ كنفاني بلور أسلوبًا خاصًّا به فيه مَسحة من الدُّعابة والحساسيّة الشعريّة.

ولد غسّان في عكّا ونزح عن فلسطين مع أهله عام ١٩٤٨ إلى صيدا فحلب فدمشق فالكويت فبيروت. أنهى الثانويّة المسائيّة بدمشق عام ١٩٥٢ ودرس الأدب العربيّ بجامعتها ثلاث سنوات. علّم في الكويت الموسيقى والرسم والرياضة في المرحلة الابتدائية خلال المدة ١٩٥٥-١٩٦٠. عاش في بيروت ما بين ١٩٦٠-١٩٧٢. تزوّج من أنّي هوفر (Anni Hoover) الدانماركيّة في ١٩ تشرين الأوّل سنة ١٩٦١ورُزقا بفايز وليلى. كانت له علاقة حبّ جامح مع الكاتبة غادة السمّان، بدأت عام ١٩٦٦ (أنظر: http://syrianstory.com/pdf/comment34-10.pdf، ممّا قاله عنها: دونك أنا عبث؛ الحبيبة الشقية الجنية الطليقة؛ جهنم، سماء، بحر، خبزي ومائي وهوائي؛ إنني أذوب في الانتظار كقنديل الملح؛ إنه لمن الصعب أن أشفى منك؛ إنني أريدك وأحبك واشتهيك واحترمك وأقدس حرفك؛ لقد كان شعرك مطري وراحتك وسادتي وذراعك جسري وعيناك بحري وشفتاك كأسي). أصدر كنفاني ١٨ كتابا وله مئات المقالات. تُرجمت معظم أعماله إلى ١٧ لغة مثل الإنكليزيّة والإيطاليّة والإسبانيّة والدانماركيّة والألمانيّة والفرنسيّة والعبريّة. من الأسماء المستعارة التي استعملها في كتاباته: أبو العزّ، فارس وربيع مطر، أ.ف.، غين كاف، هشام.

مما يجدُر ذكره أن كنفاني كان مُغرمًا بالفلسفة منذ نعومة أظفاره، ورأى الحياة بمثابة نظريّة. عندما كان صبيًّا سأل نفسه سؤالًا أشغل فكره به أسبوعًا من الزمان. قال لماذا يرتدي الناس القبّعات على رؤوسهم وينتعلون الأحذية في أقدامهم؟ لمَ لا يستطيعون انتعال الأحذية على رؤوسهم وقبّّعاتهم بأقدامهم؟ إنّه أضاف لمَ لا يمشي بنو آدم على أربع قوائمَ كبعض الحيوانات، ألن يكون ذلك أسهل؟ بمرّ الأيّام تطوّر مستواه الفلسفي وفي آخر المطاف وصل إلى خلاصة مختصرة. بما أنّ البشر يأتون إلى هذا العالم دون أيّة استشارة فلم لا يختارون نهاية حياتهم؟ وهكذا توصّل إلى النتيجة الحتميّة ”الموت هو جوهر الحياة”، أي “نهاية الرحلة، المشوار” وأخذ ينتظر لحظة اختيار طريقة مشرّفة للموت. عانى في حياته من مرضين، السكَّري والروماتيزم.

حول أسلوبه في الكتابة، ردّ كنفاني بعد صدور روايته الشهيرة ”رجال في الشمس“ عام ١٩٦٣ بأشهر على تساؤل أحد أصدقائه قائلًا بما معناه. يُسدي أصدقائي النصيحة لي بعدم صرف وقت طويل على الصحافة إذ أن ذلك، في تقديرهم، سيقضي على قدرتي الفنيّة في كتابة القصص. بصراحة، قال كنفاني، لا أعي هذا المنطق. المنطق ذاته سمعته في المرحلة الثانويّة: ابتعد عن السياسة وركّز على دراستك! هذه النصيحة سمعتها فيما بعد في الكويت: اُهجرِ الكتابة واعتن بصحّتك! هل حقًّا كان بوسعي الاختيار بين السياسة والمدرسة، بين الكتابة والصحّة، بين الصحافة وكتابة الروايات؟ لديّ ما أقوله: أحيانًا أستطيع أن أعبّر عن ذلك جيّدًا من خلال قصّة في صحيفة الغد، وأحيانًا في افتتاحيّة، وأحيانًا في رواية. يبدو لي، يضيف كنفاني، أنّ الاختيار الذي يتحدّثون عنه يذكّرني بمعلِّم للغة العربيّة، كان يطلب في بداية كل عام دراسيّ من التلاميذ أن يكتبوا موضوع إنشاء محبّبا لديهم ”أين تفضّل الحياة في القرية أم في المدينة“؛ يُذكر أنّ معظم التلاميذ عاشوا في مخيّمات اللاجئين.

تأثَّر كنفاني بولْيم فولكنر وجيمس جويس وبرتولد بريخت وتشارلز ديكنز وبلزاك ودوستويفسكي وغوركي. تعجّ روايات كنفاني بروح ثوريّة للتغيير، مثل أعمال حنّا مينا وعبد الرحمن الشرقاوي ويوسف إدريس ويوسف القعيد وعبد الرحمن منيف وحيدر حيدر وإلياس خوري. من الشخصيّات العربيّة والأمور التي أثرت عليه أيضًا يمكن التنويه بالتالي:

١) والداه العكّاويان، كان أبوه محاميًا ومناضلًا معروفا.
٢) ما عايشه في سنواته الاثنتي عشرة الأولى من حياته في مسقط رأسه، في فلسطين.
٣) شقيقته فايزة كانت كأمّه، وسافرت معه إلى الكويت، وكذلك بنتها لميس حسين نجم، رمز الطفل اللاجىء وكذلك زوجته.
٤) أصدقاء ورفاق كثر كالحكيم، جورج حبش، وماركسيّين في الكويت.
٥) قراءة نهمة بواقع كتاب يوميّا، تعلّمه الإنچليزيّة والفرنسيّة منذ صغره.
٦) غلبة الفكر على العاطفة وتمتّعه بقدرة توحيديّة مثل أنيس صايغ وكمال ناصر.
٧) زيارات لعدة بلدان ولقاءات كثيرة جدًّا لا سيّما باللاجئين الفلسطينيّين.
٨) قدرة فائقة على الاستماع للغير.

يعدُّ كنفاني أوّل من كتب عن أبناء الخليج في موت سرير رقم ١٢، هاجم نظام العراق في ثورة عبد الكريم قاسم عام ١٩٥٨. كما كان أوّل من كتب عن شعراء المقاومة، شعراء الأرض المحتلّة وأوّل من ألف في الأدب الصهيونيّ. يمكن القول إن إنتاج كنفاني الأدبيّ ما هو إلا مرآة لحياته وحياة شعبه. في ”عائد إلى حيفا“ مثلاًا يصف رحلة حيفاويّين يرجعون إلى مدينتهم. وفي ”أرض البرتقال الحزين“ قصّة رحلة أُسرته من عكّا إلى الغازية في لبنان. أما ”موت سرير رقم ١٢“ فقصّة مُستوْحاة من فترة معالجته في المستشفى. رواية ”رجال في الشمس“ تصِف حياة كنفاني وأبناءَ جلدته الفلسطينيّين في الكويت، رجوعه إلى دمشق بسيّارة قديمة عبرَ الصحراء. في هذه الرواية نرى أن قضيّة فلسطين اعتبرت قضيّة لُقمة العيش ولا بوصلة للفلسطينيّين. في قصّته ”ما تبقّى لكم“ المتمّمة يكتشف بطلها أن الطريق الصحيح هو الكفاح المسلّح، العمل الفدائيّ. سعى جادًّا لتحويل حركة التحرير الوطنيّ الفلسطينيّ إلى حركة قوميّة عربيّة ثوريّة اشتراكيّة. اعتقد بوجوب إصلاح الوضع العربيّ قبل التفرّغ لتحرير فلسطين. عارض الحلّ المرحليّ ونادى باسترداد فلسطين كلّها شرط لحق العودة، وبهذا كان صوت الضعفاء المنسحقين. أعطى كنفاني للأمّ وللمرأة عموماً مركزًا هامًّا ومساويًا للرجل في مؤلّفاته التقدميّة مثل: أم سعد، التي تخلّت عن الحجاب ووضعت على صدرها رصاصة من ابنها المقاتل سعد، إنها تلد وفلسطين تأخذ. أم سعد، رمز الثورة، تأخذ معها عند نزوحها من فلسطين عِرق دالية يابسًا وتزرعه في المنفى، كما أنّها تتزيّن بطلقة فارغة في عنقها. الأم هي التي تربّي، وليست التي تلد، ويُنظر في ”عائد إلى حيفا“.

كتب كنفاني في مواضيعَ عديدة مثل: النضال، الكرامة، التحرّر، عدم مغادرة الوطن، ضد الخيانة والتخلّص من الخونة حتّى ولو كانوا من ذوي القربى المقرَّبين، الفساد الأخلاقيّ، قيَم جديدة، ترك عادات قديمة، إصلاح اجتماعيّ، عرض الشخصيّة اليهوديّة بطريقة عقلانيّة إنسانيّة، إيديولوجيا ماركسيّة، الثورة المسلّحة، دور الأمّ، جمال السلاح، الشجاعة، المختار، علاقة الدم، الجمال، الزواج، الحبّ، الاغتراب.

السلاح عند كنفاني هو دم الثورة، والعروس هي البندقيّة والكرامة ولا أرض بدون سلاح، ولا ثورة بلا سلاح، السلاح يعني حياة حرّة، بكلمتين: أنسنة السلاح. كتب كنفاني ما يلي:

”إن سلاحنا الوحيد الذي نستطيع به خوض المعركة، ليس هو الكلاشنيكوف أو الدوشكا، فذلك سيجعل منا جيشا عربيا خامس عشر لا يختلف عن الجيوش الـ ١٤ إلا بأنه أضعف من أكثرها ضعفاً. إن سلاحنا أمام العدو الهائل والقوي والمطلق التفوّق، هو الجماهير، وبالطبع إن هذه الجماهير ليست كلمة سحرية، وقوتها ليست في تراكمها الكمي، ولكن في التنظيم، أي الحزب والحزب الجماهيري المقاتل هذا ليس جمعية خيرية، ولا نادي شعراء حماسيين ولكنه الحزب المحكوم بفكر وبرنامج وقيادة القوى الأطول نفسا في المعركة، والأقل احتمالاً للسقوط في التعب عند الضربة الأولى أو الثانية والمنظَّم تنظيماً حديدياً على ذلك البرنامج“.

فيما يلي شَذرات مما كتب كنفاني:

_ إن الفكرة النبيلةَ لا تحتاج غالباً إلى الفهم، بل تحتاج إلى الإحساس.
_ الإنجاز الفنيّ الحقيقيّ هو أن يقدر الإنسان على قول الشيء العميق ببساطة.
_ الأطفال هم مستقبلنا.
_ إنّ الشجاعة مقياس الإخلاص.
_ أموت وسلاحي بيدي لا أن أحيا وسلاحي بيد عدوي.
_ هذا العالَم يسحق العدل بحقارة كلّ يوم.
_ خُلقت أكتاف الرجال لحمل البنادق، فإمّا عظماء فوق الأرض أو عِظاما في جوفها.
_ لن أرتدَّ حتى أزرع في الأرض جنّتي، أو أقتلع من السماء جنّة أو أموت أو نموت معا.
_ كلماتي تعويض تافه عن غياب السلاح.
_ المثقّف هو الإنسان الذي يضع نظرة شاملة لتغيير المجتمع.
_ المثقّف الحقيقيّ لا يرضى بالأفكار السائدة، لا بدّ من تحرير الإرادة والعقول أوّلًا لتحرير الأرض.
_ إنّ الرجلَ الذي يلتحق بالفدائيّين لا يحتاج بعد إلى رعاية أمّه.
_ لا تمت قبل أن تكون ندّا.
_ قد لا نكون الجيل المهيّأ لتحقيق النصر، لكننا نعدّ الجيل القادم للنصر.
_ حياتي جميعها كانت سلسلة من الرفض، ولذلك استطعت أن أعيش. لقد رفضت المدرسة، ورفضت الثروة، ورفضت الخضوع، ورفضت القبول بالأشياء.
_ لقد حاولت منذ البدء أن أستبدل الوطن بالعمل، ثمّ بالعائلة، ثم بالكلمة، ثم بالعنف، ثم بالمرأة، وكان دائما يعوزني الانتساب الحقيقيّ. ذلك أن الانتساب الذي يهتف بنا حين نصحو في الصباح: لك شيء في هذا العالم فقم. أعرفته؟ وكان الاحتيال يتهاوى، فقد كنت أريد أرضا ثابتة أقف فوقها، ونحن نستطيع أن نخدع كلّ شيء ما عدا أقدامنا، إننا لا نستطيع أن نقنعها بالوقوف على رقائق جليد هشّة معلقة بالهواء. سأظلّ أناضل لاسترجاعه لأنه حقّي وماضيّ ومستقبلي الوحيد … لأنّ لي فيه شجرة وغيمة وظل وشمس تتوقّد وغيوم تمطر الخصب … وجذور تستعصي على القلع.
_ إنّ الدنيا عجيبة وكذلك الأقدار. إن يداً وحشيّة قد خلطت الأشياء في المساء خلطاً رهيباً فجعلت نهايات الأمور بداياتها والبدايات نهايات … ولكن قولي لي: ماذا يستحقّ أن لا نخسره في هذه الحياة العابرة؟ تدركين ما أعني … إنّنا في نهاية المطاف سنموت.
_ إن الإعلام معركة … وبالنسبة لنا فإنّ معركتنا الإعلاميّة لا تحقِّق انتصارا إذا ما جرى خوضُها من خلال المبادرة الكلاميّة مع العدو، أمام رأي عامّ في مجمله منحاز وعلى شبكات إذاعيّة وتلفزيونيّة تقف جوهريًا ضدّ قضايانا .. إنّنا في حالة حرب، وهي بالنسبة للفلسطينيّين على الأقلّ مسألة حياة أو موت. ولا بدّ منَ التزام جمهرة الشعب الفلسطينيّ بالشروط التي تستوجبها حالة حرب من هذا الطراز.
_ لنزرعهم شهدائنا في رحم التراب المثخن بالنزيف .. فدائمًا يوجد في الأرض متسعا (هكذا في الأصل!) لشهيد آخر.
_ إذا كنّا مدافعين فاشلين عن القضية .. فالأجدر بنا أن نغيّر المدافعين .. لا أن نغيّر القضيّة. إن ّ الإنسان هو في نهاية الأمر قضيّة.
_إنّ قضيّة الموت ليست على الإطلاق قضيّة الميّت .. إنها قضيّة الباقين.
_ الغزلان تحبّ أن تموت عند أهلها .. الصقور لا يهمّها أن تموت.
_ ليس المهمّ أن يموت أحدنا .. المهمّ أن تستمرّوا.
_ إن الموت السلبيّ للمقهورين والمظلومين مجرّد انتحار وهروب وخيبة وفشل.
_ الثورة هي وحدها المؤهّلة لاستقطاب الموت .. الثورة وحدها هي التي توجه الموت .. وتستخدمه لتشقّ سبل الحياة.
_ في صفاء رؤيا الجماهير تكون الثورة جزءا لا ينفصم عن الخبز والماء وأكفّ الكدح ونبض القلب. - إنّ ضرب السجين هو تعبير مغرور عن الخوف.
_ إن الخيانة في حدّ ذاتها ميتة حقيرة.
_ لم أعد أشكّ في أن الله الذي عرفناه في فلسطين قد خرج منها هو الآخر .. وأنه لاجىء في حيث لا أدري.
_ إن الانتصار أن تتوقّع كلَّ شيء وألا تجعل عدوّك يتوقع.
_ إنّها الثورة! هكذا يقولون جميعا .. وأنت لا تستطيع أن تعرف معنى ذلك إلا إذا كنت تعلق على كتفك بندقيّة تستطيع أن تطلق .. فإلى متى تنتظر؟
_ الأدب الساخر ليس تسلية، وليس قتلا للوقت، ولكنه درجة عالية من النقد. السخريّة ليست تنكيتاً ساذجاً على مظاهر الأشياء، ولكنها تشبه نوعاً خاصاً من التحليل العميق. إنّ الفارق بين النكتجي وبين الكاتب الساخر يشابه الفرق بين الحنطور والطائرة. وإذا لم يكن للكاتب الساخر نظريّة فكريّة فإنه يضحى مُهرّجا.
_ إنّ الدنيا عجيبة، وكذلك الأقدار. إن يداً وحشيّة قد خلطت الأشياء في المساء خلطاً رهيباً فجعلت نهاياتِ الأمور بداياتُها والبدايات نهايات… ولكن قولي لي: ماذا يستحقّ أن لا نخسره في هذه الحياة العابرة؟ تدركين ما أعني...إننا في نهاية المطاف سنموت.


يستعمل كنفاني العربيّة المعياريّة في كتاباته، فهي بيته ووطنه، وللعامّيّة الفلسطينيّة نصيب معيّن. ويبدو لي أن لغة كنفاني وأسلوبه وتشبيهاتِه (مثل: البارودة مثل الحصبة تعدي؛ خيمة عن خيمة بتفرق، قصّة أم سعد) وشخصيّاته (مثل: أبو الخيزران، أبو علي، أبو قيس، إفرات؛ أم سعد، أم مروان، حامد، خلدون، دوڤ، زكريا، زينة، سعد، سعيد، الحمضوني، شفيقة، عبد المولى، فضل، ليث، ليلى الحايك، مريام، مريم، مصطفى، معروف، منصور، ندى، نوراز) بحاجة لبحث منفرد. أنوِّه هنا فقط بوجود استعمالات لغوية غير سليمة منها: لن تأتين؛ بكأس النهاية يشربه؛ فسيكون ذلك مواز لفقدان وطن؛ ويبدو أن هناك رجال لا يمكن قتلهم إلا من الداخل؛ أما أنتِ فلن تدركين تعاستي؛ وتدور مثلما تدور رأسي الآن.

العامّيّة في كتاباته، أم سعد نموذجا:
غسان كنفاني، أم سعد، رواية. عكا القديمة: الأسوار، ط. ١، ١٩٦٩، ٧٢ ص.

لقد ذهب سعد ولكنهم امسكوه، ١٨
واسمعته كيف ازغرط. ١٨
يتعهدون فيها ان يكونوا اوادم، ٢١
يخزي العين عليهم! ٢١، ٣٤، ٣٨
وكنت اضحك بعبي، مليح اللي ما ضربوك، احمد ربك عالسلامة! فزعل.٢١
راحت عليك، ٢١
سلم عالاهل يا ابني، ٢١
يا ام سعد! أردت تكحيلها فعميتها. ٢٢
اتعتقد انه سينبسط لو ذهبت فزرته؟ ٢٨
دير بالك على سعد؛ “الله يخليلك ولادك”، ٢٩
قل له، دخيلك، ان يحقق له ما يريد..، ٢٩
الله يقطع هالعيشة. ٣١
انه يحمل مرتينة الآن. ٣٢
وطققت له رقبته، ٣٨
عبطني لحظة واحدة وتركني، ٣٨
“أنا هون يما”! ٤٠
“يجوع عدويك يا ابني .. تعال لعند امك” ٤١
وقد حاولنا ان ندفشها الى اليمين، ٤٥
ولو ولو يا ام سعد؟ ٤٥
- بعيد الشر، ٥٠
“تفو عليكم”، ٥١
وبعدين جاء المكتوب من ملوك العرب، ٥٢
وكان الذهاب ببلاش، فرحنا نتفرج.٥٣
وهات يا تصفيق. ٥٣
ولكو، إسّا انا الذي تمزعت قدماه، ٥٤
البسكليت؟ ٥٧، ٦١
يطلعني بالاسانسير، ٥٨
الله يعافيكي يختي.. ٥٨
- ومنين البنت بلا صغرة؟ ٥٩
نحن المشحرين، ٦٠
“الله يخليلك اياه، ولد جدع” ٦٩
الزلمة قال لي انه صار للعيشة طعم الآن، الآن فقط”. ٧٠
“اللي حوّش حوش!”،٧٠
يترك خلقه يطلع ويفشه بالناس وبي وبخياله؟ ٧١
الا ويطبطب عليها، ٧١

مصادر مختارة:


أبو إصبع، صالح ، فلسطين في الرواية العربيّة. بيروت: منظمة التحرير الفلسطينيّة، مركز الأبحاث ١٩٧٥.

أبو النصر، محمد، دراسات في أدب غسان كنفاني، حين يموت الرجل. القدس: اتّحاد الكتاب الفلسطينيّين ١٩٩٠.

البحري، رفيقة ، الأدب الروائي عند غسان كنفاني. تونس ١٩٨٢.

بيضون، حيدر توفيق، غسان كنفاني، الكلمة والجرح. بيروت: دار الكتب العلمية ١٩٩٥.

بيضي، أحمد، مع غسان كنفاني: بين المنفى والهوية والإبداع. كزبلانكا: دار الرشاد الحديثة ١٩٨٦.

حبيب، نجمة خليل، النموذج الإنساني في أدب غسان كنفاني. بيروت: مؤسسة غسان كنفاني ١٩٩٩.
حسين، سليمان، الطريق إلى النص: مقالات في الرواية الفلسطينيّة. دمشق: اتّحاد الكتاب العرب ١٩٩٧.
حمود، ماجدة، الشخصية القصصية والروائية في أدب غسان كنفاني. أطروحة ماجستير، جامعة دمشق ١٩٨٣.
خليل، خالدة شيخ، الرمز في أدب غسان كنفاني. نيقوسيا: شرق پرس ١٩٨٩.
زعرب صبحية عودة، صورة البطل في الرواية الفلسطينيّة، غسان كنفاني نموذجا. ٢٠٠٥.
زعرب صبحية عودة، غسان كنفاني، جماليات السرد في الخطاب الروائي. عمان: دار مجدلاوية ٢٠٠٦.
زقوت، ناهض خميس، نوابغ الإبداع – شخصيات فلسطينية (معين بسيسو، غسان كنفاني، ناجي العلي، نجاتي صدقي)، دراسة وسيرة ذاتية. غزة: منشورات عشتاروت للثقافة والفنون ١٩٩٦.

الشامي، حسان رشاد، المرأة في الرواية الفلسطينيّة. دمشق: اتّحاد الكتاب العرب ١٩٩٨.

شلحت، أنطوان، غسان كنفاني: الرجل تحت الشمس ( جمع واعداد)، بالاشتراك مع يعقوب حجازي. عكا: دار الأسوار ١٩٨٠.
عاشور، رضوى، الطريق إلى الخيمة الأخرى: دراسة في أعمال غسان كنفاني. بيروت: دار الأدب ١٩٧٧.
عبّاس إحسان وآخرون، غسان كنفاني : إنسانا وأديبا ومناضلا. بيروت: الإتحاد العام للكتاب والصحفيّين الفلسطينيّين، ١٩٧٤.

عبد الرحمن ياغي، مع غسان كنفاني: في حياته وقصصه ورواياته. عمان ١٩٨٧.

عبد الرحمن ياغي، حياة الأدب الفلسطينيّ الحديث: من أول النهضة حتى النكبة. بيروت: المكتب التجاري ١٩٦٨.

عبد الرحمن ياغي، في الأدب الفلسطينيّ الحديث: قبل النكبة ،بعدها. الكويت: كزيمة ١٩٨٣.

عبد الهادي، فيحاء، وعد الغد: دراسة في أدب غسان كنفاني. عمان: دار الكرمل ١٩٨٧.

عبد الهادي، فيحاء، غسان كنفاني ( الرواية والقصّة القصيرة) – دراسة نقدية. القدس: الجمعية الفلسطينيّة الأكاديمية للشئون الدولية ١٩٩٠.

عبد الهادي، فيحاء، نماذج المرأة/البطل في الرواية الفلسطينيّة. القاهرة: الهيئة المصرية العامة للكتاب ١٩٩٧.

غنايم،محمود، تيار الوعي في الرواية العربيّة الحديثة. ط. ٢، بيروت: دار الجيل ١٩٩٣.

فريحات، مريم جبر، “الحس الاغترابي في أعمال روائية لغسان كنفاني. مجلة جامعة دمشق، مج. ٢٦، ع. ٣+٤، ٢٠١٠، ص. ٢٨٩-٣٣١ (متوفر على الشبكة العنكبوتية).


القاسم، أفنان، غسان كنفاني: البنية الروائية لمسار الشعب الفلسطينيّ. بغداد: دار الحرية ١٩٧٨.

الكردي، وسيم، رجال في الشمس، حضور النص وغيابه،. فلسطين: دار القطان ٢٠٠٢.

كنفاني، عدنان، صفحات كانت مطوية. سيرة، دمشق: دار الشموس ١٩٩٨.

كيوان، سهيل ، غسان كنفاني - الجمال الحزين والعطاء المتوهج. رام الله: المؤسسة الفلسطينيّة للإرشاد القومي ٢٠٠١.
المسعودي، كريم مهدي، غسان كنفاني وعبد الرحمن منيف، الرؤية المستقبلية في الرواية. عمان: دار أسامة ٢٠٠٠.
مشروح، عمر، الرواية الفلسطينيّة من خلال أعمال غسان كنفاني. رسالة ماجستير، كلية الآداب جامعة الرباط ١٩٨٢.

الناقوري، إدريس، رواية الذاكرة أو عائد إلى حيفا، الدار البيضاء: دار النشر المغربية ١٩٨٣.

النعيمي، الحكم، غسان كنفاني - شهادات وصور. بيروت: مؤسسة غسان كنفاني الثقافية، ٢٠٠١.

وادي، فاروق، ثلاث علامات في الرواية الفلسطينيّة: غسان كنفاني، إميل حبيبي، جبرا إبراهيم جبرا. بيروت: المؤسسة العربيّة للدراسات والنشر ١٩٨١.

الولى، مصطفى، غسان كنفاني، تكامل الشخصية واختزانها:دراسة نقدية في جوانب من أدبه ورسائله. دمشق: دار الحصاد ١٩٩٣.
يعقوب، أوس داوود، غسان كنفاني .. الشاهد والشهيد، فصول من سيرته الإعلامية والسياسية، الكتاب الدوري لمجلة (فكر) ، تصدر كل شهرين، عن الحزب القومي الاجتماعي، العدد١١٣، دمشق، تشرين الثاني ـ كانون الأول ٢٠١١.
اليوسف، يوسف سامي، غسان كنفاني: رعشة المأساة. عمان: دار منارات ١٩٨٥/دمشق: دار كنعان ٢٠٠٤.

Calhoun, Catherine, Rereading, Rewriting and Resistance: Ghassan ‘A’id ila Haifa as Minor Literature. Thesis, The Ohio State University 1989.
Siddiq, Muhammad, Man is a Cause: Political Consciousness and the Fiction of Ghassan Kanafani. Seatle: University of Washington 1984.
Wild, Stefan, Ghassan Kanafani: The Life of a Palestinian. Harrassowitz 1975. ( 28 pp.)
Wild, Stefan, Ghassan Kanafani: Ein palästinensisches Leben. PDW-Verlag. (31 S.)

أطفال الگاردينيا

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

783 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع