الشخصية العراقية عبقرية الزمان و المكان

                                                 

                          خالد حسن الخطيب

الشخصية العراقية عبقرية الزمان و المكان

عندما كان الخليفة العباسي ابو جعفر المنصور يبحث عن مكانٍ ليبني عاصمته الجديدة ( بغداد ) ، قاطعاً نهر دجلة مجيئا وذهاباً ، قام مجموعة من الرهبان النسطوريين، والذين سكنوا المنطقة قبل المسلمين، بنصح الخليفة ببنائها في هذا الموقع لاستراتيجيته ومُناخه المعتدل.

وبحسب الباحث الجغرافي والتاريخي العربي “اليعقوبي“، صاحب كتاب“ كتاب البلدان “

فإنّ موقعها الاستراتيجي على نهر دجلة وبالقرب من نهر الفرات أعطاها المكانة الكبيرة لتصبح:

( مركز أشعاع الأرض )

و

( مركز أشعاع الكون )

والى يومنا هذا .

وبينما كان اليعقوبي يكتب ويؤلف كانت مدينة بغداد قد أصبحت مركز العالم، موطناً للعلماء المبدعين، الفلكيين، الشعراء، الرياضيين، الموسيقيين، والفلاسفة.

وحالما وافق الخليفة المنصور على المكان ، فقد حان وقت الشروع في التصميم. 

وكما أخبرنا التاريخ، فإنّ التصميم بأكمله كان من عمل الخليفة. وتحت إشرافه الدقيق فقام العمّال برسم خطوط التصميم لمدينته الدائرية على الأرض مستخدمين الرماد في ذلك .

ثم أمر بإشعال كراتٍ من القطن المغمورة بالنفط السائل وأن توضع على طول مكان امتداد السور المحصّن بشكلٍ كبيرٍ ليلعن بدء إنشاء المدينة.

وبحسب باحث القرن الحادي عشر الخطيب البغدادي، والذي يعدّ كتابه

“ تاريخ بغداد ”

منجماً للمعلومات حول طريقة بناء المدينة، فإن كل قسمٍ من الحائط تألف من 162,000 حجرة لأول ثلث من ارتفاع الحائط ، و 150,000 حجر لثاني ثلث و140,000 حجر للثلث الأخير، وربطت مع بعضها بواسطة حزمٍ من القصب. وقد بلغ ارتفاع السور الخارجي حوالي 25 متراً، مكللُ بالبروج المحصّنة ومحاط بالقلاع. ويطوّق خندقٌ عميقٌ محيط الجدار الخارجي.

وكانت القوة العاملة ذات حجمٍ هائلٍ. فآلاف من المهندسين والمعماريين، الخبراء القانونيين، النحّاتين، الحدادين، الحفّارين، والعمّال العاديين كلهم تمّ جمعهم من مختلف أراضي الإمبراطورية العباسية .

في البدء، قاموا بالدراسة والقياس ثم حفروا الأساسات. وبعد ذلك، وباستخدام الطوب المسخّنة بالشمس ونار الفرن التي كانت دائماً الركائز الأساسية التي يستند عليها البناء في منطقة ما بين النهرين في غياب مقالع الحجارة؛ قاموا بإقامة جدران المدينة الشبيهة بالحصن طوبةً طوبة. وقد كان ذلك أعظم مشروع بناءٍ في العصر الإسلامي حتى الآن، ومن ذلك اليوم بدأ الاشعاع العلمي والحضاري ينطلق من بغداد والى يومنا هذا ليصل الى العالم اجمع .

وفي سنة 2019 تحديدا أعلن مكتب الإحصاء في مملكة السويد( ان السويد تستفاد حاليًا من نحو أربعة آلاف عراقي من المهندسين المدربين تدريبًا أكاديميًا عاليًا ونحو ألفين ونصف الألف من حملة الشهادات العليا باختصاصات العلوم والرياضيات ) .

وأشار مكتب الإحصاء السويدي ان العراقيين تمكنوا من حل ( المشكلة الكبرى ) احتياجات سوق العمل السويدي للمهندسين الأكاديميين وخبراء العلوم والرياضيات ، وذلك لأن فقط ١٨ في المئة من السويديين يحصلون على تعليم أكاديمي عالي في البلاد موجه أساسًا نحو الإختصاصات الفلسفية ، مما خلق فجوة كبيرة في سوق العمل السويدي جراء النقص الكبير بإعداد المهندسين وخبراء العلوم والرياضيات.

وفي السنة ذاتها وفي إنجاز علمي عراقي جديد يتكرر كل يوم ، قررت مجموعة من أعرق جامعات العالم إعتماد كتاب في طب الاطفال عكف على تأليفه طبيب عراقي شاب هو الدكتور( أنور قيس سعدون ) من مدينة البصرة الفيحاء، كمصدر مُعتمد لطلبتها.

وقال الدكتور أنور قيس سعدون، "من عراقنا الحبيب وبصرتنا الفيحاء إلى ستانفورد، هارفارد وأُكسفورد… لا شيء مستحيل مع التوكل على الله.."

وأضاف أن جامعة ستانفورد الأمريكية العريقة وضعت كتابي في طب الأطفال

Essential Clinical Skills in Pediatrics،

كأحد المصادر المُعتمدة لطلبتها في مادة طب الأطفال; علماً أنَّ هذه الجامعة هي إحدى أعرق وأهم الجامعات في العالم وتخرج منها العديد من العلماء وحائزي جائزة نوبل ومن مشاهير مَن تخرج منها مؤسسو شركات جوجل، ياهو، يوتيوب وسناب شات.

وتابع قائلاً: كذلك فقد قامت العديد من الجامعات العريقة الأخرى حول العالم بتوفير الكتاب لطلبتها ومن أهم هذه الجامعات: أُكسفورد، هارفارد، شيكاغو، كاليفورنيا، إدنبرة، كامبريدج وواشنطن.

وكما قال الباحث العراقي / شباط 2018 / الدكتور سعدي الابراهيم ( مركز الدراسات الاستراتيجية )

فان ما يميز الشخصية العراقية بصورة جلية و واضحة هي الانا العليا وهي

الاعتزاز بالذات سمة توجد في التاريخ العراقي القديم والحديث والمعاصر، ليس لها تفسير اخر غير انها موروثة، كما في قصص الملوك القدامى التي تتحدث عن طريقة تعاملهم مع الشعوب الاخرى، وكذلك في اشعار المتنبي ، وفي نظرة العراقي لنفسه في التاريخ المعاصر ، والتي يسميها بالهيبة والغيرة والنخوة ، وكلها كلمات ذات معنى يرمز لاحترام الذات وتوقيرها .

تلك هي الشخصية العراقية التي تتجسد بها عبقرية الزمان والمكان .

أطفال الگاردينيا

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

1065 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع