في اليوم العالمي للمرأة: نحن والسيداو

                                            

في اليوم العالمي للمرأة: نحن والسيداو
أضواء على اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة (سيداو)
أ.د. أكرم عبدالرزاق جاسم
خبير قانوني

بناء على دعوة من المؤسسة الوطنية لحماية الطفل والمرأة تم تكليفنا بتقديم ورقة عمل بحثية ضمن ورشتها الموسومة ("قضايا المرأة بين النص والواقع") تسلط الضوء على أحكام اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة.   
التطور التاريخي لمؤتمرات حقوق المرأة في ظل الأمم المتحدة:
اتفاقية سيداو هي نتاج ثلاثين عاماً من أيضاً بين العبيد والأحرار، ففكرة المؤتمر تقوم على إثبات حق الناس في التساوي في الكرامة والحقوق وغيرها.
بعد ذلك بدأت تصدر الاتفاقيات الدولية الخاصة بحقوق المرأة فكانت أول مرة خَصَّت فيها الأمم المتحدة المرأة عام 1967 حين أصدرت " إعلان القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة " الذي لم يكن إلزامياً، لهذا لم يحصل تجاوب من قبل معظم الدول خصوصاً دول العالم النامي، مما دعا الأمم المتحدة إلى اعتماد عام 1975 سنة دولية للمرأة في 28 ايلول من عام 1972 تحت شعار : مساواة – تنمية – سلام كما أن الأمم المتحدة أقرت الثامن من مارس سنويا يوما عالميا للمرأ’.

بعد ذلك عقد في العام نفسه المؤتمر العالمي للمرأة في مكسيكو سيتي عام 1975م، وكان من أبرز إنجازات هذا المؤتمر " اعتماده خطة عمل عالمية تتبناها جميع الدول المنضمة إلى هيئة الأمم المتحدة، ويكون هدفها ضمان مزيد من اندماج المرأة في مختلف مرافق الحياة . وقد أطلق المؤتمر على السنوات الواقعة بين 1976 و1985 اسم "عقد الأمم المتحدة للمرأة " يقينا ًمنه أن هذا العقد قد يكون فترة زمنية كافية لتحقيق الأهداف ولتنفيذ الخطط الموضوعة لها في المجال العملي والتطبيقي". وحرصاُ من المؤتمر على ضمان سير خطة العمل بمجراها الصحيح، رأت لجنة المتابعة أن يصار إلى عقد مؤتمر عالمي آخر في منتصف العقد. وبالفعل عقد هذا المؤتمر في مدينة كوبنهاغن – الدانمارك بين 14 و30 تموز من عام1980م. تحت شعار: "عقد الأمم المتحدة للمرأة العالمية: المساواة والتنمية والسلام". جهود متواصلة قام بها مركز المرأة في الأمم المتحدة لتحسين أوضاع المرأة ونشر ثقافة حقوقها. بداية سيداو كانت العام 1967 عندما اعتمدت الجمعية العامة للامم المتحدة اعلان القضاء على التمييز ضد المرأة. وفي العام 1972 استطلعت لجنة مركز المرأة في الأمم المتحدة رأي الدول الأعضاء حول شكل ومضمون اتفاقية دولية بشأن حقوق المرأة.
بدأت المخططات الدولية المتعلقة بالمرأة في ظل منظمة الأمم المتحدة مع تأسيسها في 24 أكتوبر 1945، ففي عام 1949 عقد أول المؤتمرات العالمية الذي جاء يدعو إلى عدم التمييز بين الناس جميعاً، ليس فقط بين النساء والرجال بل
ومما تجدر الإشارة إليه أنه بين مؤتمري مكسيكو وكوبنهاغن، عقدت عدة مؤتمرات، ولعل أهم ما يعنينا من هذه المؤتمرات والاتفاقيات هو تلك الاتفاقية التي أقرتها الجمعية العامة للأمم المتحدة في 18/12/1979 تحت اسم " اتفاقية القضاء

على جميع أشكال التمييز ضد المرأة – السيداو والسيداو (CEDAW)  هو اختصار لاسم الاتفاقية وهو:  
Convention on the Elimination of All Forms of Discrimination Against Women
وتعني "اتفاقية القضاء على كافة أشكال التمييز ضد المرأة.
وبعد ذلك استمرت اللقاءات والمؤتمرات لمتابعة الخطط المدروسة في المؤتمرات السابقة ، فكان من بينها مؤتمر نيروبي/ كينيا عام 1985م. الذي عقد لاستعراض التقدم المحرز في تنفيذ خطة العمل العالمية بعد مرور عشر سنوات على وضعها قيد التنفيذ، ولدراسة العقبات والمعوقات التي حالت دون تنفيذها كاملةً في جميع بلدان العالم.   ومنها أيضاً مؤتمر السكان والتنمية الذي عقد في القاهرة عام 1994م. ومؤتمر بكين الذي عقد عام 1995م. ، ثم أخيراً (مؤتمر بكين 5+ ) الذي عقد في نيويورك في صيف 2000م. والذي خصص لدراسة تطبيق التوصيات الصادرة عن مؤتمر بكين حول المرأة 1995م. في السنوات الخمس الماضية والتخطيط للسنوات الخمس المقبلة وذلك تحت شعار " المرأة عام 2000 : المساواة بين الجنسين والتنمية والسلام في القرن الحادي والعشرين " .
ولعل أبرز وأهم التوصيات التي صدرت عن مؤتمر بكين 5+ هو العمل على رفع التحفظات عن اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة والعمل على المصادقة النهائية عليها، وذلك في أفق سنة 2005م.
تبنت الجمعية العامة للأمم المتحدة في شهر ديسمبر 1979 اتفاقية القضاء علي جميع أشكال التمييز ضد المرأة، وقد دخلت الاتفاقية في حيز التنفيذ في 3 سبتمبر 1981، وتحدد هذه الاتفاقية المتضمنة 30 مادة قانونية ملزمة للدول
الأطراف، اعتماد تدابير ومبادئ معترف بها لتحقيق المساواة بين الرجل والمرأة في كل مكان، وجاء اعتمادها تتويجا لمشاورات أجرتها طوال فترة خمسة أعوام اللجنة المعنية بحالة المرأة ومجموعة من الخبراء والمتخصصين القانونيين، وتدعو الاتفاقية إلي المساواة في الحقوق بين الرجل والمرأة بغض النظر عن حالتها الزوجية قي جميع الميادين السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والمدنية، وتدعو الاتفاقية أيضا الدول الأطراف إلي إصدار تشريعات داخلية تنطوي علي القضاء علي جميع أشكال التمييز ضد المرأة في كافة المجالات وتنقية تشريعاتها المختلفة بما يتوافق مع أحكام الاتفاقية الدولية. وقد انضمت غالبية الدول العربية والإسلامية إلي الاتفاقية مثل الأردن والجزائر والعراق والكويت وتونس وليبيا ومصر واليمن واندونيسيا وباكستان وبنجلاديش، وتركيا، وماليزيا. وقد تحفظت بعض الدول العربية (ومنها دولة قطر) علي بعض بنود الاتفاقية.
نبذة عن اتفاقية الـ"سيداو" ومحتوياتها:
تعد اتفاقية (سيداو) من اكثر الاتفاقيات عضوية في تاريخ الامم المتحدة، وبلغ عدد الدول التي انضمت الى الاتفاقية 191 دولة منها 18 دولة عربية، في الوقت الذي رفضت بعض الدول مثل سويسرا وأمريكا التوقيع عليها، وعللت ان بعض بنودها تتعارض مع دستور البلاد. العراق صادق على اتفاقية سيداو العام 1986، ونشرها في الجريدة الرسمية العام 1992 بعد ان تحفظ على اربعة مواد هي : المادة ـ 2 التي تتعلق بحظر التمييز في الدساتير والتشريعات، والمادة ـ 9 المتعلقة بحظر التمييز في قوانين الجنسية، كعدم اجبار الزوجة تغيير جنسيتها عند الزواج من اجنبي، وحق المرأة منح جنسيتها لاولادها اسوة بالرجل، و المادة- 16 المتعلقة بأتخاذ التدابير المناسبة للقضاء على التمييز ضد المرأة في الامور الخاصة

بالزواج والعلاقات العائلية . والمادة ـ 29 المتعلقة بالتحكيم بين الدول في حالة نشوب خلاف حول تفسير الاتفاقية او تطبيقها.
اتفاقية سيداو ربما تكون من اكثر الاتفاقيات اثارة للجدل، وكتب عنها وضدها الكثير، وثمة جبهة معارضة لها او للبعض من بنودها. يفيد المعارضون ان اتفاقية سيداو تصطدم مع ثوابت المجتمعات الشرقية والاسلامية الشرعية وخصوصية هذه المجتمعات الحضارية والاجتماعية والثقافية، وان سيداو في النهاية ما هي الا فرض لانماط الحياة الغربية على هذه المجتمعات ، خاصة فيما يتعلق بقضايا المرأة وحريتها ومساواتها المطلقة مع الرجل.  
اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة (أو سيداو) والتي تعرف اختصاراً بالإنكليزية (CEDAW) هي معاهدة دولية تم اعتمادها في 18 ديسمبر 1979 من قبل الجمعية العامة للأمم المتحدة وتم عرضها  للتوقيع والتصديق والانضمام بالقرار 34/180 في 18 ديسمبر 1979. وتوصف بأنها وثيقة حقوق دولية للنساء، وقد دخلت حيّز النفاذ في 3 سبتمبر 1981 بعد أن أصبحت عشرون دولة طرفا فيها، وتعتبر الولايات المتحدة الأمريكية الدولة الوحيدة التي  لم تصادق على اتفاقية السيداو إضافة لثماني دول أخرى لم تنضم إليها بالأساس بينها إيران، دولة الفاتيكان، السودان، الصومال، وتونغا. وكانت السويد اول دولة توقع على الاتفاقية وذلك في 2 يوليو 1980 لتدخل حيز التنفيذ في 3 سبتمبر 1981 وبتوقيع 20 دولة أخرى على الاتفاقية. وبحلول مايو 2009 صادقت أو انضمت إلى الاتفاقية 186 دولة )كانت دولة قطر هي الدولة الـ(186) في 19 أبريل 2009. بعض حكومات الدول التي انضمت أو صادقت على الاتفاقية قدمت بعض التحفظات على
بعض ماورد فيها. وتقع الاتفاقية المذكورة في (30) مادة، تتصدرها ديباجة متضمنة الاحكام التالية:
الديباجة:  تضمنت الإشارة إلى ميثاق الأمم المتحدة والإعلان العالمي لحقوق الإنسان، والعهدين الدوليين الخاصين بحقوق الإنسان الإقتصادية، والإجتماعية، والثقافية، والمدنية، والسياسية، والاتفاقيات الدولية المعقودة لرعاية الأمم المتحدة والوكالات المتخصصة، والتي تؤكد جميعها على المساواة بين الرجل والمرأة وعلى مبدأ عدم التمييز بينهما على أساس الجنس. كما أشارت الديباجة إلى إقتناع الدول الأطراف في الاتفاقية بأن التنمية الكاملة تتطلب أقصى مشاركة من المرأة على قدم المساواة مع الرجل، وأن تحقيق هذه المساواة يتطلب إحداث تغيير في الدور التقليدي للرجل والمرأة في المجتمع والأسرة.
تعريف مصطلح التمييز ضد المرأة:
تضمنت المادة الأولى تعريف مصطلح "التمييز ضد المرأة" بأنه أي تفرقة أو استبعاد أو تقييد يتم على أساس الجنس ويكون من آثاره النيل من مساواة الرجل والمرأة، وحقوق الإنسان والحريات الأساسية في الميادين السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والمدنية أو في أي ميدان آخر، أو إبطال الاعتراف للمرأة بهذه الحقوق أو ممارستها لها بغض النظر عن حالتها الزوجية.
الإلتزامات التي فرضتها الاتفاقية على الأطراف:
تضمنت المادة (2/أ) الالتزام بتجسيد مبدأ المساواة بين الرجل والمرأة في دساتير الدول الأطراف وقوانينها الوطنية وكفالة تحقيق هذا المبدأ على صعيد الواقع العملي.
1.اتخاذ التدابير التشريعية المتضمنة الجزاءات التي تحظر كل تمييز ضد المرأة.
2.إقرار الحماية القانونية لحقوق المرأة على قدم المساواة مع الرجل وضمانها عن طريق المحاكم الوطنية والمؤسسات القائمة الأخرى (المادة 2/ج).
3.اتخاذ  جميع التدابير المناسبة بما في ذلك التشريع لتعديل أو إلغاء القوانين والأنظمة والأعراف والممارسات القائمة التي تشكل تمييزاً ضد المرأة.(المادة 2/و).
4.إلغاء جميع أحكام قوانين العقوبات الوطنية التي تشكل تمييزاً ضد المرأة. (المادة 2/ز).
5.إتخاذ جميع التدابير لتعديل الأنماط الإجتماعية والثقافية لسلوك الرجل والمرأة بهدف القضاء على التحيّزات والعادات العرفية وجميع الممارسات القائمة على الأدوار النمطية للرجل والمرأة (المادة/ 5 أ).
6.إتخاذ جميع التدابير بما في ذلك التشريع لمكافحة جميع أشكال الاتجار بالمرأة واستغلالها في البغاء (المادة/6).
7.(المادة 7) اتخاذ جميع التدابير التي تكفل للمرأة المساواة مع الرجل في حق:
‌أ.التصويت في جميع الانتخابات والاستفتاءات العامة (المادة 7/أ).

‌ب.المشاركة في صياغة سياسة الحكومة وتنفيذ هذه السياسة وفي شغل الوظائف العامة وتأدية المهام العامة على جميع المستويات الحكومية (المادة 7/ب).
‌ج.المشاركة في جميع المنظمات والجمعيات غير الحكومية التي تعنى بالحياة العامة والسياسية للبلد (المادة 7/ج).
8. اتخاذ جميع التدابير التي تكفل للمرأة فرصة تمثيل بلادها على المستوى الدولي (الماد 8).
9.منح المرأة حقاً مساوياً لحق الرجل في اكتساب جنسيتها أو الاحتفاظ بها أو تغييرها، وضمان أن لايترتب على الزواج من أجنبي أو تغيير جنسية الزوج أثناء الزواج أن تتغير تلقائياً جنسية الزوجة أو أن تصبح بلا جنسية أو أن تفرض عليها جنسية الزوج (المادة 9/1).
10.منح المرأة حقاً مساوياً لحق الرجل فيما يتعلق بجنسية أطفالها (المادة 9/2).
11.    ضمان حصول المرأة على حقوق متساوية لحقوق الرجل في ميدان التعليم (المادة 10) وخاصة فيما يتعلق بما يلي:
‌أ. توفير فرص الدراسة والمنح الدراسية والحصول على الدرجات العلمية.
‌ب.توفير نفس المناهج الدراسية والامتحانات وهيئات التدريس.
‌د. تشجيع التعليم المختلط وتنقيح الكتب والبرامج الدراسية لتحقيق هذا الهدف (المادة 10/ج).

‌هـ.توفير نفس الفرص للمشاركة في الألعاب الرياضية والمعلومات الخاصة بتخطيط الأسرة.
12.ضمان تساوي المرأة مع الرجل في ميدان العمل من حيث الحق في العمل، وفرص التوظيف وحرية اختيار العمل والمهنة والتدريب والترقية والمساواة في الأجر والضمان الاجتماعي والتقاعد والوقاية الصحية وعدم التمييز ضد المرأة بسبب الزواج أو الأمومة أو الحمل وتنقيح أو إلغاء القوانين المتصلة بالمسائل المذكورة (المادة 11).
13. ضمان حصول المرأة على الرعاية الصحية خاصة فيما يتعلق بتخطيط الأسرة والحمل والولادة والتغذية الكافية أثناء الحمل والرضاعة (المادة 12).
14.ضمان تمتع المرأة بحقوق مساوية لحقوق الرجل في مجال:
‌أ.الاستحقاقات الأسرية (المادة 13/أ).
‌ب.الاشتراك في الأنشطة الترويحية والألعاب الرياضية وفي الحياة الثقافية (المادة 13/ج).
15. ضمان حصول المرأة على نفس حقوق الرجل في الريف (المادة 14).
16. منح المرأة حق المساواة مع الرجل أمام القانون (المادة 15/1).
17. منح المرأة أهلية قانونية مماثلة لأهلية الرجل في الشؤون المدنية مثل إبرام العقود وإدارة الممتلكات والمساواة في التعامل أمام المحاكم (المادة 15/2)، واعتبار جميع الأحكام القانونية المقيدة لهذه الأهلية باطلة (المادة 15/3).

18.منح المرأة نفس حقوق الرجل فيما يتعلق بالقانون المتصل بحركة الأشخاص وحرية اختيار محل سكناهم وإقامتهم (المادة 15/4).
19. ضمان حصول المرأة على نفس حقوق الرجل في جميع الأمور المتعلقة بالزواج والعلاقات الأسرية، وبخاصة نفس الحق في الزواج وحرية إختيار الزوج وعدم عقد الزواج إلا برضاها الكامل ونفس الحقوق والمسؤوليات أثناء الزواج وعند فسخه، ونفس الحقوق والمسؤوليات كوالدين، بغض النظر عن حالتها الزوجية، في الأمور المتعلقة بأطفالها، وتحديد عدد أطفالها، ونفس الحقوق والمسؤوليات فيما يتعلق بالولاية والقوامة والوصاية على الأطفال، وتبنّيهم، حين توجد هذه المفاهيم في التشريع الوطني، ونفس الحقوق في إختيار اللقب والمهنة والعمل، وملكية وحيازة الممتلكات وإدارتها والتصرف فيها، وعدم ترتب أي أثر قانوني لخطوبة أو زواج الطفل، وإتخاذ جميع الإجراءات لتحديد سن أدنى للزواج  وجعل تسجيل الزواج في السجلات الرسمية إلزامياً. (المادة 16).
اختصاصات لجنة للقضاء على التمييز ضد المرأة:
 تتناول أحكام المواد (17 – 22) إنشاء لجنة للقضاء على التمييز ضد المرأة وتعيين اختصاصاتها وتنظيم اجتماعاتها وسير أعمالها، وانتخاب اعضائها، واعتماد نظامها الداخلي، ورفع تقريرها السنوي الى الجمعية العامة للأمم المتحدة، وتنص الأحكام المذكورة على تعهد الدول الأطراف بأن تقدم إلى الأمين العام للأمم المتحدة – للنظر من قبل اللجنة المذكورة – تقريراً عنا اتخذته من تدابير تشريعية وقضائية وإدارية وغيرها لإنفاذ أحكام هذه الاتفاقية، وعن التقدم المحرز في هذا الصدد.

وقد شكلت بموجب المادة 18 من الاتفاقية لجنة اسمها (لجنة سيداو) منبثقة من مركز المرأة في الامم المتحدة، مهمتها مراقبة إلتزام الدول المصادقة على سيداو، وتستلم هذه اللجنة تقارير دورية من الدول الأطراف على المستوى الرسمي الحكومي وغير الحكومي من منظمات المجتمع المدني يطلق عليه (تقارير الظل) تحتوى معلومات عن البلد الموقع على الاتفاقية، ومدى التزامه بالاتفاقية، وتوصي اللجنة باتخاذ التدابير وسن التشريعات بما يتماشى مع ما ورد بالاتفاقية من مواد. وكما يبدو فان اتفاقية سيداو اصبحت للدول التي وقعت عليها امراً ملزماً، وثمة جدل في البعض من الدول بشأن مكانة الاتفاقيات الدولية داخل التشريع الوطني، ومدى التزام القضاء بالاعتراف بهذه الاتفاقيات، خاصة في الحالات التي لاتوجد نصوص واضحة تقضي بسمو المعاهدات او الاتفاقيات الدولية المصادق عليها والمنشورة في صحفها الرسمية.
مواد الأحكام الختامية (التوقيع والتصديق والتحفظ):
تضمنت المواد (25، 26، 27) أحكاماً تتعلق بتوقيع الاتفاقية والتصديق عليها والانضمام إليها وسريانها وتعديلها.  وتجيز الاتفاقية التحفظات، حيث تنص المادة (28) منها على تلقي الأمين العام للأمم المتحدة نص التحفظات التي تبديها الدول وقت التصديق أو الانضمام، ويجوز سحب تلك التحفظات، ولكن لايجوز أبداً، أي تحفظ يكون منافياً لموضوع الاتفاقية وغرضها.
وتقضي المادة (29) من الاتفاقية بأن أي خلاف ينشأ بين الدول الأطراف فيما يخص تفسيرها أو تطبيقها تتم تسويته عن طريق التحكيم ومحكمة العدل الدولية، وتجيز المادة المذكورة التحفظ على حكم هذه المادة.

كما ورفضت بعض الدول مثل سويسرا وأمريكا التوقيع عليها لأن بعض بنودها يتعارض مع دستورها
جمهورية العراق:
صادق العراق على اتفاقية سيداو العام 1986، ونشرها في الجريدة الرسمية العام 1992 بعد ان تحفظ على اربعة مواد هي : المادة ـ 2 التي تتعلق بحظر التمييز في الدساتير والتشريعات، والمادة ـ 9 المتعلقة بحظر التمييز في قوانين الجنسية، كعدم اجبار الزوجة تغيير جنسيتها عند الزواج من اجنبي، وحق المرأة منح جنسيتها لاولادها اسوة بالرجل، و المادة- 16 المتعلقة بأتخاذ التدابير المناسبة للقضاء على التمييز ضد المرأة في الامور الخاصة بالزواج والعلاقات العائلية . والمادة ـ 29 المتعلقة بالتحكيم بين الدول في حالة نشوب خلاف حول تفسير الاتفاقية او تطبيقها.  وقد صوت البرلمان العراقي على الغاء التحفظ
مجمل تحفظات الدول العربية على السيداو:
وبمراجعة التحفظات التي أبدتها الدول العربية المنضمة إلي الاتفاقية يلاحظ أن هذه التحفظات استندت إما علي تعارض المواد المتحفظ عليها مع أحكام الشريعة الإسلامية كما ذكرت من قبل، أو مخالفة هذه المواد لأحكام القوانين الوطنية وهذا هو النهج الذي اتبعته أغلب الدول العربية.

• مواد الاتفاقية التي تحفظت عليها بعض الدول العربية لظروف اجتماعية واقتصادية: (5، 9، 10، 11، 15 و 16).
• معظم الدول العربية تحفظت علي مواد من الاتفاقية هي مواد أساسية ومحورية فيها، وقد انحسرت التحفظات العربية علي الاتفاقية في المواد الست التالية:
- المادة (2) تتعلق بحظر التمييز في الدساتير والتشريعات الوطنية، تحفظت عليها: العراق - الجزائر - المغرب - ليبيا - مصر - البحرين - سوريا - قطر.
- المادة (7) تتعلق بالحياة السياسية والعامة، تحفظت عليها: الكويت.
- المادة (9) تتعلق بقوانين الجنسية، تحفظت عليها: الأردن - الجزائر - العراق -لبنان - المغرب - الكويت - تونس - مصر - السعودية - البحرين - سوريا - سلطنة عمان - قطر.
- المادة (15) مساواة المرأة بالرجل أمام القانون، الأردن - الجزائر - المغرب - تونس - البحرين - سوريا - سلطنة عمان - قطر.
- المادة (16) تتعلق بالزواج والعلاقات الأسرية (غالبية الدول).
-المادة (29) تتعلق بالتحكيم بين الدول (غالبية الدول).
أما البروتوكول الاختياري للاتفاقية فلم يتم التوقيع عليه إلا من قبل 107 دول في كل أنحاء العالم، ولا توجد من ضمنها ولا دولة عربية إلي الآن.

إن سيداو تمثل في تقديرنا جهداً بشرياً لمساواة المرأة بالرجل آخذة في الاعتبار الفوارق الطبيعية ما استطاعت إلى ذلك سبيلاً ، ولكن ذلك الجهد البشري قاصراً بطبيعته وسوف يظل قاصراً ويقع العبء على المسلمين لبلورة المساواة التي وردت في الشريعة الإسلامية والترويج لها باعتبارها الوضع الأفضل لكل المجتمعات بغض النظر عن الدين الذي تدين به . وعلى الرغم من طول هذا الطريق ومشقة السير فيه إلاَّ أننا نرى أن أي خطوة تتخذ فيه هي خطوة في الاتجاه الصحيح.
       
توصيات ومقترحات
1.نقترح الدعوة إلى تبني وثيقة حقوق إسلامية عربية لحقوق المرأة المستمدة من أحكام الشريعة الاسلامية، يتم تبنيها من خلال منظمة التعاون الإسلامي وجامعة الدول العربية وبالاستعانة بعلماء الدين الأجلاء لتكون مرجعاً للدول العربية والإسلامية ولتفادي اشكاليات وتناقضات الاتفاقية الأممية التي تستغل عدم وجود صكوك عربية أو اسلامية مكتوبة.
2.كما نقترح دعوة الدول الاسلامية والعربية من خلال منظمة التعاون الاسلامي وجامعة الدول العربية لتبني مواقف موحدة ازاء المواد الخلافية التي ادت لتحفظات الدول العربية والاسلامية على الاتفاقية موضوع البحث. ودراسة إمكانية إعادة النظر في التحفظات التي قد لايكون لها سند أو أساس شرعي.
3. وكذلك دعوة الدول الإسلامية الموقعة على اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة "السيداو" بالعمل معاً على تقديم مقترح مشترك يتضمّن
تعديل النصوص التي لا خلاف على تعارضها مع الشريعة الإسلامية إن كان هناك مجال لإعادة صياغة المواد الخلافية.
4.دعوة جامعة الدول العربية لإتخاذ الإجراءات لوضع اتفاقية عربية للقضاء على كافة أشكال التمييز ضد المرأة العربية في ضوء أحكام الشريعة الإسلامية وكذلك وضع ميثاق يجمع بين الأصالة والمعاصرة عن كافة الحقوق التي أعطاها الإسلام للمرأة ليشكل مرجعاً رسمياً وشعبياً في دراسة الاتفاقيات المختلفة ومضامينها وترتيبها.
5. كما نقترح أن تقوم المؤسسات المعنية بحقوق الإنسان بالتعاون مع المتخصصين في الشريعة الإسلامية بوضع برامج توعية للجنسين تستند إلى حقوق المرأة وقيمتها في الإسلام، وتركز على الأسرة باعتبارها نواة المجتمع المسلم.
6.الطلب من مؤسسات المجتمع المدني المشاركة في عقد ندوات وورش تتعلق  بحقوق المرأة ومكانتها في الإسلام وكذلك التعريف بما نالته المرأة من حقوق من قبل الشريعة الاسلامية.

  

إذاعة وتلفزيون‏



أفلام من الذاكرة

الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

830 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع