أم كلثوم غنت هنا
مبادرة تهدف إلى إعادة إحياء الطابع المعماري الفريد لشارع الرشيد وتحسين بنيته التحتية وتفعيل دوره كمركز اقتصادي وثقافي نابض بالحياة.
العرب:تسعى مبادرة "نبض بغداد" إلى إعادة الحياة لطابع المدينة التاريخي والمعماري، ويشهد شارع الرشيد العريق أعمال ترميم واسعة تهدف إلى تحويله إلى مركز حضاري وثقافي وسياحي، يليق بعراقة العاصمة السياحية.
تتسارع الخطى وتتسابق الأيدي في قلب العاصمة العراقية بغداد من أجل إعادة الرونق إلى شارع الرشيد بمبانيه المميزة ومعالمه الشهيرة التي تعكس تاريخ المدينة العريق ضمن مبادرة انطلقت قبل أكثر من عام لإحياء “نبض بغداد”.
المبادرة ممولة من صندوق المبادرات الاجتماعية “تمكين” وتشرف عليها رئاسة مجلس الوزراء وتنفذها أمانة بغداد مع رابطة المصارف الخاصة، ونجحت في مرحلتيها السابقتين في تطوير وإعادة تأهيل شارعي المتنبي والسراي، وحاليا دخلت مرحلتها الثالثة في شارع الرشيد.
تهدف هذه المرحلة إلى إعادة إحياء الطابع المعماري الفريد لشارع الرشيد، وتحسين بنيته التحتية، وتفعيل دوره كمركز اقتصادي وثقافي نابض بالحياة، ما سيسهم في تنشيط السياحة التراثية، بعد اختيار بغداد عاصمة للسياحة العربية 2025، وجذب الاستثمارات، فضلا عن توفير بيئة حضرية تعكس الهوية التاريخية لبغداد.
يمتد شارع الرشيد إلى مسافة أكثر من ثلاثة كيلومترات من سوق هرج في منطقة الميدان إلى جسر الجمهورية ويضم عددا كبيرا من المباني والأسواق القديمة، فضلا عن بعض المباني التراثية التي لها خصوصية لدى البغداديين منها فندق قديم غنت به أم كلثوم وبعض المقاهي التي كانت ملتقى للمثقفين والنخب السياسية.
وعند جامع الحيدر خانة الذي يعود تاريخ تشييده إلى الحقبة العباسية، يقوم الحرفيون بتجديد واجهات المباني التي تهالكت نتيجة عوامل الزمن وعدم إجراء ترميمات حقيقية، كجزء من حملة ترميم تشمل العشرات من المباني في شارع الرشيد أُنجز منها أكثر من 15 مبنى حتى الآن.
وقال مستشار رئيس الوزراء للشؤون الثقافية عارف الساعدي إن الخطة المرسومة لشارع الرشيد هي إعادة الحياة لهذا الشارع الثقافي بعد تأهيله وإرفاقه بالخدمات الضرورية. وأضاف أنه سيتم إحياء المقاهي البغدادية في هذا الشارع وفتح المكتبات وتشجيع العمل على الحرف الشعبية ومحال الأنتيكات.
وأشار إلى أنه ستكون هناك بلدية لبغداد التاريخية مستقلة عن جميع بلديات بغداد لها خصوصيتها وتعليماتها وأنظمتها الداخلية. وتشمل الأعمال الجارية ترميم واجهات المباني الخاصة والحكومية وإعادة تأهيلها وتحديث البنية التحتية وتركيب إضاءة ليلية.
وقال المهندس المشرف على المشروع محمد الصوفي إنه تم إنجاز 15 بناية ويجري العمل على تسع أخرى لتتم بعدها المباشرة بمجموعة أخرى، مشيرا إلى أن عمر بعض المباني يرجع إلى أكثر من قرن مضى وهو ما جعل المواد المستخدمة في الترميم متعددة وتختلف وفق المرحلة الزمنية التي شيدت فيها البناية.
وأشار إلى أن بعض المباني تحتاج إلى ترميم خاص مثل "فندق الهلال" الذي كانت تغني فيه أم كلثوم ومقهى "حسن عجمي" الذي شيدت أجزاء منه بالخشب لاسيما الجزء العلوي. وأكد أن خطط تطوير المنطقة التاريخية طموحة "فبعد إكمال شارع الرشيد سنؤهل الواجهة النهرية لمدينة بغداد التاريخية."
يعود تاريخ شارع الرشيد إلى أكثر من 100 عام حين أسسه الوالي العثماني خليل باشا الذي يقع منزله في الشارع وتحول الآن إلى متحف وتبدلت تسمياته على مر العقود حتى اكتسب مسماه الحالي عام 1936 على يد العالم اللغوي والمؤرخ العراقي مصطفى جواد تيمنا بالعصر الذهبي للخليفة العباسي هارون الرشيد.
ويعتقد القائمون على مشروع "نبض بغداد" أن تطوير شارع الرشيد لا تكمن أهميته في الحفاظ على الطابع الأثري والتاريخي للمنطقة فحسب، لكنه سيوفر أيضا فرص عمل جديدة لأهالي المدينة ويجعلها أكثر جذبا للسياح. وقال المتحدث باسم أمانة بغداد عُدي الجنديل إن من المقرر الانتهاء من الأعمال الحالية لتأهيل شارع الرشيد في أغسطس، موضحا أنه ستكون هناك مراحل لاحقة.
وأضاف أن بجانب “إعادة الحياة للمباني التاريخية وتأهيلها ستدخل بعض الإضافات على الشارع لتهيئته سياحيا، حيث سيتم إنشاء ترام سياحي يبدأ من ساحة الميدان وصولا إلى نهاية شارع الرشيد.” وأوضح أنه سيجري خلال الفترة القليلة القادمة استقبال عروض الشركات لمشروع الترام حتى يخرج بشكل حضاري ومستدام بعيد عن مد أي أسلاك تشوه منظر المنطقة، وسيجري تسييره ببطء من أجل الاستمتاع بأجواء الشارع التراثية.
وقال الجنديل "وجهنا أصحاب المتاجر إلى ضرورة تغير عملهم بما ينسجم مع خصوصية المنطقة وشكلها التاريخي والحضاري"، مبينا أن العمل يجري بالتعاون مع الهيئة العامة للآثار والتراث التابعة لوزارة الثقافة وهي التي تقرر شكل البناية هل هي أثرية أم تراثية.
556 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع