يُعد المتحف الوطني العراقي كتابا مفتوحا على الحضارات التي مرت بها البلاد منذ آلاف السنين، لذلك يشهد حركة نشيطة وإقبالا من الزوار المحليين والسياح الأجانب الذين يأتون للاطلاع على الآثار التي تحمل سر صمود البلاد في وجه الغزوات والحروب.
العرب/بغداد - يجتذب المتحف الوطني العراقي في بغداد الزوار من السكان المحليين والأجانب على السواء، الذين يستمتعون برؤية القطع الأثرية القديمة المعروضة فيه، وهي من تراث العراق الذي فقده في وقت من الأوقات بسبب الحروب والفوضى الأمنية، ويعمل الآن على ترميمه.
وعلق الزائر العراقي وليد خالد على القطع المعروضة في المتحف، قائلا إن هذه الآثار “ليست فخرا لبلدنا فقط وإنما فخرا للعالم. نستطيع أن نرى فيها بدايات الإنسان وكيف كان، وكيف يفكر وكيف بدأ يصنع الحضارة، وكيف بدأ يراكم التراث. وأنا سعيد جدا بعودتي إلى هنا خاصة بعد فترة طويلة من زيارتي إلى المتحف”.
وتأسس المتحف الوطني العراقي الواقع في وسط بغداد عام 1926 في منطقة القشلة، وانتقل عام 1966 إلى منطقة العلاوي بعد توسيعه وزيادة محتوياته التي تعكس تاريخ بلاد ما بين النهرين.
وتم إغلاق المتحف لمدة ثلاث سنوات بسبب جائحة فايروس كورونا والاضطرابات السياسية، ثم أعيد افتتاحه في مارس من هذا العام.
ويشهد منذ ذلك الحين تدفقا للزوار، حسبما يقول مسؤولو المتحف.
وتتميز قاعته الآشورية بضخامة معروضاتها التي تحول دون سرقتها أو إخفائها ومن أبرزها الثوران المجنحان برأسين بشريين وعليهما كتابات مسمارية من عصر الملك آشور ناصر بال الثاني (883 – 859 قبل الميلاد)، وقد اكتُشفا عند أحد مداخل قاعة العرش في القصر الغربي في نمرود.
وقالت مديرة قسم الإرشاد في المتحف العراقي وفاء عبدالجبار “استمر غلقه تقريبا لثلاث سنوات وتم فتحه قبل ما يقارب ثلاثة أشهر. الآن هو مفتوح أمام الجمهور طيلة ساعات العمل الرسمية”.
وأضافت “الحقيقة منذ أن فتح المتحف قبل ثلاثة أشهر إلى حد الآن لاحظنا إقبالا غير طبيعي سواء من الوفود الأجنبية من السياح أو من الجمهور العراقي”.
وعمر المتحف من عمر العراق الحديث. فقد أسسه سنة 1923 الملك فيصل الأول.
ويضم أكثر من 20 جناحا وتم إغلاقه خلال الغزو الذي قادته الولايات المتحدة للعراق في 2003. وبعد الغزو نُهبت عشرات الآلاف من الآثار وتم تهريبها إلى الخارج.
وأُعيد افتتاح المتحف الوطني مرة أخرى في 2015 رغم فقدان الآلاف من القطع، وأُغلق مرة أخرى سنة 2019.
وعلى مر السنين أُعيدت الآلاف من القطع الأثرية القديمة إلى العراق، بما في ذلك من الولايات المتحدة ولبنان.
وقالت وفاء عبدالجبار إن “العدد التقريبي للقطع التي تمت سرقتها خلال سنوات الفوضى يفوق العشرة آلاف قطعة”، مضيفة “استطعنا أن نعيد أكثر من نصف هذه القطع والجهود جارية وحثيثة من قبل قسم الاسترداد. وتقريبا الكثير من القطع هي في المراحل النهائية لإعادتها إلى أرض الوطن”.
وأضافت “من أبرز القطع التي تم استردادها مؤخرا وإعادتها إلى المتحف العراقي هي لوح جلجامش أو حلم جلجامش ويتحدث عن حلم شاهده جلجامش وذهب ليقصه على والدته.. طبعا يفتخر المتحف بإعادة هذه القطعة التي يرغب كثير من الأشخاص في رؤيتها لأنه حدث الكثير من التسليط الإعلامي عليها”.
ويعود اللوح الطيني إلى 3500 سنة ويحمل جزءا من ملحمة جلجامش، ويُعتقد أن هذه الملحمة هي واحدة من أولى القطع الأدبية في العالم.
وصادرت السلطات الأميركية لوح جلجامش في 2019 بعد تهريبه وعرضه في مزاد وبيعه لتاجر قطع فنية في أوكلاهوما وعرضه في متحف بالعاصمة واشنطن. وأعيد اللوح إلى بغداد في ديسمبر 2021.
وتضرر التراث العراقي القديم بشدة بسبب الصراع والدمار وأعمال النهب خاصة منذ 2003.
وتتعقب السلطات الآلاف من القطع الأثرية التي لا تزال مفقودة لاستعادتها وحفظها، كما تتطلع وزارة السياحة والآثار إلى تبنّي دور هام في تنشيط حركة السياحة في العراق بشرط توفير التخصيصات المالية لتنفيذ خططها الموضوعة لذلك.
842 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع