مَن على مَن.. هل العراق على أبواب انقلاب مدعوم أمريكياً؟

             

بغداد – الخليج أونلاين (خاص):تشهد العملية السياسية في العراق انسداداً في الأفق منذ انتهاء الانتخابات التشريعية التي أُجريت في مايو 2018، وهي الأولى منذ إعلان هزيمة تنظيم الدولة، والرابعة منذ الاحتلال الأمريكي للعراق عام 2003.

نتائج الانتخابات التي اعتُبرت الأدنى في مستوى المشاركة الشعبية بنسبة وصلت إلى 45% من الناخبين المسلجين، بحسب ما أعلنت مفوضية الانتخابات، شهدت مفاجآت عدة في ظل المنكافات السياسية التي أعقبت إجراءها.

أبرز تلك المفاجآت عدم منح أي من الكتل المشاركة الأغلبية المريحة التي تؤهلها لتشكيل الحكومة، مع نتائج متقاربة للكتل الشيعية الرئيسية التي يمنحها نظام المحاصصة الطائفية حق الاستئثار بهذا الأمر.

وكنتيجة طبيعية للصراع على منصب رئيس الوزراء الذي خلّفته الانتخابات، برزت أزمة انتهت بتوافق الكتل على اختيار عادل عبد المهدي، باعتباره مرشحاً توافقياً.

ومع إعلان الأخير برنامجه الحكومي الذي تضمن مكافحة الفساد والطائفية السياسية -أهم معوقين ساهما في إفشال الدولة- بدأ مسيرة ماراثونية شبهها مراقبون بحقل ألغام لتشكيل حكومته، والتي لم تنتهِ رغم مرور عام على الاستحقاق الانتخابي.

هذا الفشل، مضاف إليه عدم تحقيق أي تقدم في الخدمات، واستمرار تعطيل مكافحة الفساد بسبب حماية الكتل السياسية المتنفذة للفاسدين، دفع رئيس الوزراء السابق، حيدر العبادي، إلى قيادة تحرك للإطاحة بخلفه، وتشير تحليلات إلى أن الأمر يجري بدفع أمريكي.

مرشح أمريكا المفضّل
يقود ائتلاف النصر بزعامة العبادي حوارات مع كتل؛ ائتلاف دولة القانون بزعامة نوري المالكي، وتيار الحكمة بزعامة عمار الحكيم، لتشكيل جبهة يقول إنها تهدف إلى تأسيس "معارضة تقويمية" لا تسعى للمناصب ولكن إلى معارضة "إيجابية" تسهم في تحسين الأداء الحكومي.

في حين يرى مراقبون أن تحرك العبادي يأتي في مسعىً للإطاحة بعبد المهدي، والعودة إلى رئاسة الوزراء من جديد، مدعوماً من الجانب الأمريكي الذي يفضّله على من سواه من الساسة العراقيين.

وبهذا الخصوص يقول الصحفي العراقي ماهر الحمداني، في تصريح لـ"الخليج أونلاين": إن "هناك تسريبات تشير إلى أن الجانب الأمريكي غير راضٍ عن عبد المهدي؛ لكونه قريباً من إيران أكثر من قربه إلى واشنطن".

وأضاف: "الأمريكان يفضلون التعامل مع العبادي بناءً على تجربة جيدة معه خلال توليه رئاسة الوزراء؛ فهو أدار ملف العلاقة مع طرفي التأثير في الحالة العراقية: طهران وواشنطن، ببراعة وأحسن استخدام سياسة مسك العصا من الوسط، ومن هذا المنطلق إذا وُجد أكثر من مرشح لتولي رئاسة الوزراء -وبينهم العبادي- فستفضّله واشنطن".

لكن الحمداني أعرب عن اعتقاده بأن "الجانب الأمريكي لن يعمل في العلن على فرض شخص بعينه على رأس الحكومة؛ لأنهم يدركون أن ذلك سيؤلب أذرع إيران في العملية السياسية ضد من تدعمه، لذلك ستسعى إلى دعم توافق سياسي بهذا الخصوص من خلال استخدام علاقاتها وتأثيرها في مختلف الأطراف السياسية".

وأشار إلى أن "هناك أكثر من مسوّغ حالياً يساعد على إقصاء عبد المهدي في هذه المرحلة؛ فبالنظر إلى الوضع الإقليمي المتأزم هو غير قادر على إدارة دفة الحكومة بهذا الظرف الصعب".

وتابع: إنه "من الناحية الداخلية هناك مؤشرات عجز في إدارة الحكومة، وعلى رأسها عجزه عن حسم مسألة إكمال الحكومة واختيار وزراء الداخلية والدفاع والتربية والعدل".

واستطرد الحمداني بالقول: "الكثير من الأوساط السياسية ترى في عدم تقديمه مرشحين للوزارات وإحراج الكتل السياسية المتصارعة على المناصب عجزاً يثبت عدم أهليته للعبور بالمرحلة الراهنة إلى بر الأمان".

ونوه بأن "عجز الحكومة عن تقديم الخدمات، خصوصاً الكهرباء، مع بدء موجة الحر، يقدم نقطة قوة ثانية في دعم مسعى الإطاحة برئيس الوزراء، فالحكومة لم تقدم أي حلول لا وقتية ولا طويلة الأمد للمشكلة رغم عملها لما يقرب من عام، وهذا ما سيدفع إلى تكرار الاحتجاجات في الأيام القادمة".

تنافس وصراع مناصب
قراءة أخرى للتحرك ضد رئيس الوزراء العراقي تنظر إلى الأمر على أنه يندرج ضمن التنافس والصراع على المناصب بين الكتل الشيعية التي استأثرت بالمنصب، منذ احتلال العراق عام 2003، بحسب رأي حسين السبعاوي المحلل السياسي العراقي.

السبعاوي قال في حديثه لـ"الخليج أونلاين": إن "حزب الدعوة ينظر إلى عبد المهدي باعتباره مرشح التوافق الذي سلبهم منصب رئاسة الحكومة، الذي تعاقب عليه مرشحوه عُرفياً منذ 2005، لذلك عملت دولة الحزب العميقة على إفشاله".

واستدل على ذلك بـ"التقاء جناحي حزب الدعوة؛ جناح المالكي وجناح العبادي، على مسعى الإطاحة برئيس الوزراء، ولقاؤهما كان أمراً يكاد يكون مستحيلاً بعد أن أطاح العبادي بنوري من رئاسة الوزراء وشق الحزب، لكن هدف الإطاحة بعبد المهدي نجح في جمع الفرقاء على هذا الهدف".

ولم يستبعد السبعاوي تأثير العامل الخارجي في هذه القضية، قائلاً: إن "تأثيره في تأسيس أي حكومة عراقية أمر حتمي، والمراقب لتشكيل الحكومات السابقة يعي ذلك جداً".

وأضاف المحلل السياسي العراقي: إن "العبادي يحظى بقبول لدى الجانب الأمريكي، وهم من ساعدوه في الوصول لرئاسة الوزراء في الدورة السابقة؛ بسبب موقفه الرافض للهيمنة الإيرانية على القرار العراقي".

وأشار إلى أن "الدور الأمريكي فيما يجري واضح، ويدل عليه لقاء السفير الأمريكي بالعبادي (الأحد 16 يونيو)، ثم برئيس الحزب الديمقراطي الكردستاني، مسعود بارزاني، في أربيل، وهذا يعطي مؤشراً واضحاً على أن أمراً ما يطبخ في الكواليس".

وعن الدور الإيراني يرى السبعاوي أن "طهران مطمئنة للوضع في العراق بكل الأحوال؛ فمنصب رئاسة الوزراء لن يذهب لغير المكون الشيعي الموالي لها رغم تفاوت هذا الولاء".

أضف إلى ذلك، بحسب المحلل السياسي العراقي، تمكّنها من التأثير في العملية من خلال القوى المؤيدة لها في البرلمان، وبحكم سيطرتها شبه الكاملة على المؤسسات الأمنية، وخاصة بوجود الحشد العشبي، فهي تدرك أنها لا يمكن أن تشكل حكومة معادية لها.

وما بين تطورات العامل الإقليمي الذي يضع طهران وواشنطن في مواجهة بعضهما البعض، حيث يُخشى أن يتحول العراق إلى ساحة مواجهة، وملف تدهور الخدمات وتراجع البنى التحتية للبلد، تقف الصراعات بين أقطاب العملية السياسة العراقية أمام مفترق مصيري.

وتصطدم تلك العملية بمطالب داخلية لتحقيق الاستقلال الناجز عن عوامل الاستقطاب التي جعلت من العراق ساحةً للصراعات الدولية والتدخلات الإقليمية، وهو ما ستتكشف عن نتائجه معركة إكمال تشكيل الحكومة العراقية، بحسب مراقبين.

أطفال الگاردينيا

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

848 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع