أخيرا طرحت بغداد الدفعة الأولى من السندات المحلية لتمويل العجز الكبير في الموازنة في أول إصدار من نوعه منذ عام 2003. وقدمت عائدا سنويا مرتفعا يبلغ 8 بالمئة، لكن محللين يقولون إنه قد لا يكون كافيا لإقبال العراقيين على شرائها في ظل انعدام ثقتهم بمؤسسات الدولة.
العرب/بغداد- أعلن البنك المركزي العراقي أمس أنه طرح سندات حكومية بقيمة 1.5 تريليون دينار (1.3 مليار دولار) لبيعها للمواطنين العراقيين، في إطار المساعي الهادفة إلى تجاوز أزمة السيولة المالية الناجمة عن تراجع أسعار النفط في الأسواق العالمية.
وقال في بيان “سنقوم بطرح السندات الوطنية بالدينار العراقي نيابة عن وزارة المالية بالقيمة الاسمية الأسبوع الجاري، من خلال 5 فئات تتراوح قيمتها بين 100 ألف دينار (80 دولارا) و5 ملايين دينار (4.7 ألف دولار).
وأضاف البنك المركزي أن “السندات سيتم بيعها بعائد نسبته 8 بالمئة سنويا، ويستحق الدفع من قبل وزارة المالية في 14 مارس عام 2018 وأن بإمكان البنوك والمواطنين كافة تقديم طلباتهم بالشراء إلى البنك مباشرة”.
ويزيد العائد بنسبة كبيرة على العائد الذي أعلنته في الشهر الماضي، حين قالت إنه سيبلغ 6 بالمئة. لكن محللين يقولون إن العائد المرتفع قد لا يكون كافيا لإقناع العراقيين بالإقبال على شرائها في ظل انعدام ثقتهم بمؤسسات الدولة.
وأشار البنك إلى أن السندات المطرحة في أول إصدار من نوعه منذ عام 2003 “يمكن استخدامها كضمانات للحصول على قروض أو تسهيلات أو أي معاملات تتطلب ضمانات، كما يمكن تداولها في السوق بالبيع أو الشراء”.
ويمثل هذا الطرح، الدفعة الأولى من الخطط، التي سبق أن أعلن عنها البنك المركزي، لبيع سندات مالية وطنية بقيمة 7 تريليونات دينار (6 مليارات دولار) للمواطنين خلال العام الحالي.
وتهدف الخطوة إلى تقليص العجز المالي في الموازنة وتجاوز أزمة السيولة المالية، في ظل ارتفاع كبير في عجز الموازنة وارتفاع تكلفة الحرب المستمرة ضد تنظيم داعش، الذي يحتل مساحات شاسعة من شمال وغرب البلاد.
ونسبت وكالة الأناضول أمس إلى مظهر محمد صالح، المستشار الاقتصادي لرئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي، قوله أمس إن طرح السندات المالية الوطنية، خطوة نحو إدارة ملف الدين العام للدولة العراقية.
وتواجه الحكومة العراقية أزمة اقتصادية خانقة بسبب انهيار عوائد النفط، وقد دفعتها إلى تقليل حجم الموازنة المالية، والبدء بسلسلة واسعة من إجراءات التقشف، في وقت أعلنت فيه وزارة المالية عن البدء في تفعيل قوانين الضرائب.
وتعتمد بغداد على عوائد النفط في تمويل 95 بالمئة من الموازنة، وهي تنتج أكثر من 4 ملايين برميل يوميا، وبلغ متوسط صادراتها من الموانئ الجنوبية نحو 3.5 مليون برميل يوميا خلال الشهر الجاري.
وتحاول الحكومة زيادة الصادرات بأي ثمن، رغم أنها أعلنت أمس أنها ستشارك في المؤتمر الذي سيعقد في الدوحة يوم الأحد المقبل لمناقشة تجميد الإنتاج من قبل كبار المنتجين من داخل منظمة أوبك وخارجها بهدف تحسين مستوى أسعار النفط وإعادة التوازن للأسواق العالمية.
لكن المحللين يشككون في مدى التزام العراق بأي اتفاق محتمل في ظل خططه الواسعة لزيادة الإنتاج، لمواجهة أزمته المالية الخانقة.
وكان البنك المركزي قد أعلن منصف الشهر الماضي عن استراتيجية البنك للأعوام (2016-2020) وتضمنت الخطوط العامة لخطة إصدار السندات.
وكان البنك المركزي قد ذكر في الشهر الماضي أنه “خوّل البنوك الخاصة، باستخدام 50 بالمئة من أموالها الموجودة لدى البنك المركزي، لشراء السندات الحكومية” في ظل تشكيك المراقبين بمدى استعداد العراقيين لشراء السندات بسبب عدم ثقتهم بالحكومة العراقية.
ويلقي العراقيون باللوم على الطبقة السياسية في تدمير الاقتصاد العراقي وتبديد مئات المليارات من الدولارات في السنوات الماضية بسبب الفساد المستشري بين السياسيين.
وكان رئيس البرلمان العراقي سليم الجبوري، قد شدد على ضرورة عدم اللجوء إلى سحب الاحتياطات المالية من البنك المركزي، لتغطية عجز الموازنة خلال العام الحالي.
وتخطط الحكومة العراقية لإصدار سندات دولية بقيمة ملياري دولار، كمرحلة أولى من مجموع خمسة مليارات دولار متضمنة في بنود قانون الموازنة الاتحادية، الذي أقره البرلمان، في نهاية العام الماضي.
ورجح الصندوق أن يؤدي اللجوء إلى السحب من الاحتياطات المالية إلى تراجعها إلى 43 مليار دولار في نهاية العام الحالي من نحو 59 مليار في نهاية أكتوبر الماضي.
ومن المتوقع أن يتضاعف عجز الموازنة عن الأرقام الرسمية البالغة نحو 20 مليار دولار في العام الحالي، لأنها استندت إلى سعر 45 دولارا للبرميل.
وبدأ الارتباك يدب في أوصال الدولة العراقية بعد تصريحات لوزير المالية هوشيار زيباري في يناير الماضي، أشارت إلى أن الحكومة قد تعجز عن تسديد الرواتب في شهر أبريل المقبل.
وتتواصل الاحتجاجات في العراق والتي تطالب بالاصلاحات ومحاكمة الفاسدين، لكنها تطالب أيضا بتوفير الوظائف، بعد أن أصبحت الدولة المصدر الوحيد للوظائف في ظل شلل الاقتصاد.
ودخل العراق في نهاية العام الماضي ضمن برنامج مراقبة صندوق النقد الدولي، بعد أن ظل لوقت طويل بعيدا عن أي رصد لسجل أدائه الاقتصادي. وسيترتب على الحكومة العراقية الالتزام بشروط الصندوق، التي قد تكون صعبة التنفيذ.
748 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع