الكبسة تجمع الخليجيين
عرف الإنسان الرز منذ أزمنة موغلة في القدم واتخذه ليشكل اليوم أكثر الأغذية الهامة في العالم، فهو الطعام الرئيسي للفقراء والأغنياء في مختلف دول العالم، وقد عرفت المائدة العربية منذ وقت مبكر الرز كطبق رئيسي توارثته الأجيال المتعاقبة.
العرب/لندن- :يحظى الرز باهتمام عالمي كبير كغذاء لا يغيب عن موائد نصف سكان الكرة الأرضية على اختلاف عاداتهم وأذواقهم وسلوكهم الغذائي، وأصبح هذا النوع من الحبوب ينتج في أكثر من مئة دولة في العالم رغم الاعتقاد بأن موطنه الأصلي يقع على سفوح جبال الهيمالايا، والجبال القريبة منها في جنوب شرقي آسيا وجنوبها، ويقال إنه نقل إلى مصر في عهد الخلفاء الراشدين ونقله العرب إلى أفريقيا، ثم انتقل إلى أوروبا بعد الحروب الصليبية، وزرع في إيطاليا في القرن الخامس عشر وزرع في الأميركتين في القرن السابع عشر.
وتعتبر مصر من أهم الدول العربية إنتاجا للأرز وهو يزرع أيضا في اليمن، وفي واحة الحسا في السعودية، كما يزرع في شمال العراق صنف من الرز يعرف بـ”النكازة” وهو صغير الحبة، وفي جنوب العراق يزرع صنف آخر يعرف باسم “العنبر” وهو من أطيب أنواع الرز حيث يمتاز برائحته العطرة.
ويعد الرز من أكثر أصناف الغذاء التي أثرت في حياة العرب وخاصة الدول المشرقية، فبعد الانفتاح التجاري على العالم ونمو حركة التجارة في المنطقة، كان الرز الغذاء الذي يعتمد عليه العرب في مواجهة طبيعة الحياة القاسية، وكان المنتج الغذائي الذي سيطر على مائدة دول الشرق الأوسط.
وبالرغم من تغير السلوك الغذائي للخليجيين والمشارقة، مازال طبق الرز خيارا مفضلا خاصة للكبار باختلاف طبقاتهم الاجتماعية. ورغم تأثر العرب، باستثناء دول المغرب العربي التي كانت ولا تزال تعتمد على القمح كمادة رئيسية في وجباتها الغذائية، بالمطبخ الآسيوي في طريقة طبخ الرز بالخضر، خاصة وأن عددا كبيرا من التوابل المستخدمة في الطبخ العربي هي أيضا مستخدمة في المطبخ الهندي، فإنهم تفننوا في طبخه وأضافوا وصفات أصبحوا يتفردون بها، منها طبخ الرز بالفواكه الجافة ولحم الضأن.
وتتنوع أطباق الرز في العالم العربي كالكبسة، والبرياني والمندي وغيرها من الأصناف الأخرى. ويدخل الرز في صناعة المحاشي من ورق العنب إلى الكوسة والسلطات، كما يستخدم في صناعة الكشري في مصر وبعض الحلويات أيضا.
وتبقى الطريقة التقليدية لطهو الرز بإضافة الزبدة والماء والملح إليه هي الشائعة في العديد من البلدان العربية، وقد تضاف إليه أحيانا الشعرية، وهناك أيضا إضافات متعددة يمكنها أن تثري طبق الرز غذائيا وتضفي عليه مذاقا مختلفا فاتحا للشهية مثل إضافة المكسرات مع الزبيب أو قطع من الفواكه الجافة مثل المشمش والبرقوق.
ويعرف الإنسان من الرز الآلاف من الأصناف والأنواع رغم أن اسمه تقريبا لا يتغير بتغير القارات التي تزرعه أو الحضارات التي تتفنن في طهوه بصور عديدة محببة للنفس.
وللرز رصيد في مواجهة الجوع في بلدان كثيرة، إذ يعتمد عليه الفقراء بصورة أساسية لما له من قيمة غذائية غنية بالكربوهيدرات، وهي من مواد الطاقة الرئيسية، كما يعتبر الرز مصدرا للبروتين رغم احتوائه على القليل منه إذا ما استهلك بكميات كبيرة.
كما يحتوي على كَميات قليلة من فيتامين “ب”، ومن الموادِ المعدنيّة، مثل الحديدِ، والفسفور، والبوتاسيوم، والصوديوم، وأيضا على نسب ضئيلة جدا من الدهونِ.
وقد توسعت بلدان عديدة في زراعة محصول الرز بفعل تطور التقنية المستخدمة في الزراعة والإنتاج والتصنيع، إضافة إلى دور الأصناف المحسنة وراثيا والمستنبطة حديثا.
وباتت التقنيات المتوارثة منذ أجيال لزراعة الرز على مشارف انقلابات جذرية بفعل البحوث الجينية بشأن هذه المحاصيل، التي يقتات عليها نصف البشر في العالم، على ما أعلن باحثون تحدثوا عن “ثورة خضراء” محتملة.
فبالاستناد إلى بنك هائل من أصناف الرز المحفوظة في الفيليبين وتكنولوجيا صينية، توصل فريق دولي من الباحثين إلى تحديد التسلسل الوراثي لأكثر من ثلاثة آلاف نوع من الرز، ما يعني إقامة جرد لتكوينها الوراثي.
وقال باحثون مختصون إن مزارعي الرز سيتمكنون من الاستعانة بهذه البيانات لمحاولة تطوير بعض الخصائص المتصلة بهذا النوع من الحبوب، بهدف الحصول على مردود أعلى وأكثر مقاومة وبمنافع غذائية أعلى مع تفاقم الظروف. وأكد الأخصائي الأميركي في الكيمياء الحيوية، كينيث ماكنالي أن “هذا الأمر سيساهم في تعزيز الأمن الغذائي للمستهلكين”.
ويشكل الرز حضورا بارزا في الكثير من الأغذية المصنعة التي تشمل الرقائق، والشوربة، وأغذيةِ الأطفال، والوجبات الغذائية الخفيفة، والأغذية المجمدة والدقيق، كما تصنع منه بعض مواد التجميل مثل بودرة لحماية بشرة الوجه وشامبو لعلاج الشعر الجاف. ويعتبر ماء الرز وصفة سحرية للوجه ودواء لإسهال الأطفال.
1121 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع