إيران 'تنحني' لعاصفة القرارات الردعية السعودية والعربية

       

طهران تتراجع عن تسمية شارع باسم النمر، وتقيل مسؤولا أمنيا كبيرا لتقصيره في حماية سفارة المملكة وتحقق مع عدد من المهاجمين.

ميدل ايست أونلاين/لندن ـ أمرت وزارة الخارجية الإيرانية المجلس البلدي في العاصمة طهران إلى إعادة اسم "بوستان" إلى الشارع الذي تقع فيه سفارة المملكة في طهران، والذي تم تغييره مؤخرا إلی اسم نمر باقر النمر، بحسب ما ذكر الموقع الإلكتروني لـ"وكالة أنباء الطلبة" الإيرانية.

يأتي ذلك بنما لاحظ مراقبون أن إيران قد شرعت في اتخاذ خطوات للحد من الأضرار الدبلوماسية الناتجة عن الهجوم الذي شنته جماهير غاضبة على السفارة السعودية في طهران.

وذكر موقع "وكالة أنباء الطلبة" عن مجتبی شاكري رئيس اللجنة الخاصة بأسماء الأماكن العامة في المجلس البلدي لطهران قوله "إن وزارة الخارجية طلبت من المجلس الإبقاء علی الاسم القديم للشارع وعدم إجراء أي تغيير علی اسم الشارع المذكور".

ويبدو أن هذا التراجع الإيراني قد جاء بسبب الضغوط الهائلة التي باتت تشعر بها طهران في علاقتها بالمملكة العربية السعودية، التي ردّت على الاستهتار الإيراني بسلامة بعثاتها الدبلوماسية بقوة غير مسبوقة في تاريخ العلاقات بين البلدين الأمر الذي أربك الموقف الإيراني وجعل طهران تدخل في سياق ردود أفعال هستيرية يقول محللون إنها عرت على نحو أكثر وضوح النوايا الإيرانية العدوانية تجاه السعودية ودول الخليج وتجاه المنطقة عموما.

وتحركت إيران للاحتجاج بقوة على حكم الإعدام بحق رجل الدين السعودي الشيعي، وحركت آلتها الدعائية ووكلائها في عدد من الدول العربية لشن حملة إساءة هوجاء ضد السعودية وقادتها، كما تساهلت قوات الأمن الإيرانية مع مجموع من المحتجين و"سمحت" لهم بالاعتداء على مقر القنصلية السعودية في مدينة مشهد، وسفارتها في طهران وإضرام النار فيها.

وقررت الرياض التي لم تر سببا واحد مقنعا لكلّ هذه الهستيريا الإيرانية في الردّ على إنفاذ حكم قضائي بحق مواطن سعودي بغض النظر عن طائفته الدينية، قطع جميع علاقاتها مع الدبلوماسية والاقتصادية مع طهران إلى حين رجوع السلطات الإيرانية عن تدخلاتها غير المبررة في شؤونها وفي شؤون المنطقة.

وقطعت السعودية والبحرين ودول أخرى علاقاتها مع إيران بسبب الهجوم. وخفضت الإمارات التمثيل الدبلوماسي في حين استدعت دول أخرى سفراءها للاحتجاج.

وشعرت طهران أن الموقف السعودي المدعوم بقوة من دول مجلس التعاون ومن الدول العربية والإسلامية بعد أن قررت عدة دول إما قطع علاقاتها مع طهران أو تخفيض بعثاتها الدبلوماسية فيها، بات يشكل تحديّا حقيقيا لموقفها السياسي الإقليمي ولاقتصادها المتعثر والذي ينتظر رفع الحصار عنه غربيا وإقليميا بعد تنفيذ طهران لمخرجات حوارها مع مجموعة 5 زائد 1 بقيادة الولايات المتحدة.

ويقول مراقبون إن هذا التراجع على رمزيته يكشف عن مخاوف إيرانية حقيقية من تبعاته.

ويقول محللون إن مسارعة طهران إلى تسمية الشارع باسم النمر معناه أن طهران تثبت على نفسها ودون مواربة جميع التهم التي توجهها لها السعودية ودول خليجية أخرى مثل البحرين والكويت برعاية منظمات إرهابية وتدريب عناصرها وتمويلها لضرب استقرارها.

ويضيف هؤلاء أن طهران تعلم أن الإبقاء على اسم النمر على الشارع المذكور سيعطي إشارة سلبية جدا للعالم عن كون المخاوف السعودية والخليجية من الخطر الإيراني لم يكن مبالغا فيها مطلقا، في وقت بدأت الأصوات في عدد من الدول الغربية وخاصة في الولايات المتحدة، تتصاعد إعادة النظر في توجهات بعض القوى العظمى لرفع الحصار عن ايران حتى وإن قبلت بتنفيذ بنود الاتفاق النووي.

ووصف دونالد ترامب أحد أبرز المرشحين المحتملين للحزب الجمهوري في سباق الرئاسة الأميركية الاتفاق النووي الدولي مع إيران بأنه "أحد أسوأ الاتفاقات" التي عرفها على الإطلاق، متوقعا أن تحاول إيران السيطرة على المملكة العربية السعودية.

وللتذكير فإن السلطات الإيرانية كانت قد غيرت اسم شارع السفارة السعودية باسم نمر باقر النمر الأسبوع الماضي احتجاجا على إعدامه ضمن سلسلة تضم 47 مدانا بالإرهاب تم إعدامهم في السعودية.

وإبقاء اسم النمر على الشارع الذي توجد فيه سفارة المملكة معناه تغذية إيران لحالة من العداوة وإبقاؤها مفتوحة إلى ما لانهاية، مثلما يقول محللون، كما يعني ذلك أن أي أمل إيراني في استعادة العلاقة مع الرياض لن يتحقق مطلقا لا سيما وأن تسمية طهران لأحد شوارعها باسم الإسلامي المتشدد خالد الاسلامبولي، قاتل الرئيس المصري الراحل أنور السادات في ثمانينات القرن العشرين ورفضها إزالة الاسم، لا يزالان اثنين من أبرز الأسباب التي تعرقل تطبيع العلاقات المصرية الإيرانية إلى اليوم.

وتوترت العلاقات بين مصر وإيران بقوة بعد اتفاقية كامب ديفيد واستضافة السادات لشاه إيران محمد رضا بهلوي بعد الثورة الإيرانية.

وبعد اغتيال السادات ونكاية بالسياسة المصرية وكره الحكومة الإيرانية وقتها للسادات تمت تسمية شارع في طهران باسم خالد الاسلامبولي. وفي سنة 2004 تقرر تغيير اسم الشارع إلى شارع الانتفاضة نسبة للانتفاضة الفلسطينية لكنه لم ينفذ إلى حد الآن.

ولم تقف جهود إيران التي تأتي على ما يبدو في سياق "التهدئة" مع الدول الخليجية والعربية التي أكدت استعداها للردّ بكلّ قوة على تدخلات إيرانية المستفزة في المنطقة وتهديدها للأمن القومي العربي، عند التراجع على تسمية شارع باسم النمر بل ذهبت الى حد إقالة مسؤول أمني كبير في طهران بعد ان حملته مسؤولية التقصير في حماية السفارة السعودية وتركها عرضة للمحتجين.

ويبدو أن المسؤولين الإيرانيين يخشون أن تخرج جهودهم الرامية لإنهاء أعوام من العزلة عن الغرب عن مسارها بعد توقيع اتفاق نووي تاريخي مع قوى عالمية في يوليو/تموز.

وأعلنت وزارة الداخلية الإيرانية في بيان نشرته وكالة فارس للأنباء الإثنين "استنادا إلى تحقيقات أولية ثبتت أخطاء صفر علي باراتلو نائب حاكم طهران لشؤون الأمن وتم استبداله على الفور بسبب حساسية القضية".

ونقلت وكالة أنباء الجمهورية الإسلامية الإيرانية الرسمية عن عباس جعفري دولت ابادي المدعي العام في طهران قوله إنه تم التعرف على بعض المهاجمين وألقي القبض عليهم ويجري التحقيق معهم.

وكان الرئيس حسن روحاني قد طلب من السلطة القضائية الأسبوع الماضي سرعة محاكمة من هاجموا السفارة السعودية "من أجل وضع نهاية حاسمة لكل الإساءات والأضرار التي لحقت بكرامة إيران وبالأمن الوطني".

وهذه الخطوات القوية لتوجيه اللوم لمسؤول ومحاكمة الجناة في الهجوم على السفارة غير معتادة في إيران.

فمازالت طهران تحتفل بذكرى اقتحام السفارة الأميركية في طهران عام 1979 كل عام وتشير إليه باعتباره ثورتها الثانية.

ومنذ ذلك الحين شن الإيرانيون هجمات على عدة سفارات في طهران منها السفارة الكويتية في عام 1987 والسعودية عام 1988 والدنمركية عام 2006 والبريطانية عام 2011 وأدت أغلب هذه الهجمات إلى قطع العلاقات الدبلوماسية.

  

إذاعة وتلفزيون‏



الساعة حسب توقيت مدينة بغداد

الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

942 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع