سيناريو هوليودي يوم 31 مايس 2003 في كلية الشرطة
كيف تم اعتقال كبار ضباط الشرطة بتهمة عقد اجتماع حزبي دعى اليه الخبير الامريكي
تفاصيل القضية التي تعرض لها عميد وأعضاء هيئة تدريس كلية الشرطة العراقية على أيدي قوات الأحتلال الأميركية من 31/5/2003 لغاية 12/7/2003
غارة امريكية على خلية نائمة لحزب البعث:
في الساعة 9.30 من صباح يوم السبت 31 مايس 2003 اقتحمت قوة انزال امريكية من قوات الـ MP بقيادة العقيد جيمس ستيل مقر عمادة كلية الشرطة واعتقلت عميد الكلية وعدد من مدراء اقسام الكلية واساتذتها (15 شخصاً) وكلهم من حملة الشهادات العليا، وكان الجميع مجتمعين في مكتب العميد بناء على طلب خبير التدريب الامريكي
وكانت سلطة الأورها (ORHA) (إعادة إعمار العراق) التي يرأسها جاي غارنر قد نسبت أثنين من الخبراء في شؤون التدريب هما كل من الأمريكي (جون مايكل) والبريطاني (جاستن ديفيز) للعمل معنا بصدد إعادة تأهيل الكلية ومعاودة نشاط تدريب الطلاب، فضلا عن فتح دورات لضباط الشرطة العراقية، وفعلا تم عقد لقائين مع الخبيرين وفي اللقاء الثالث طلب الخبير جون مايكل عقد لقاء موسع يحضره أعضاء هيئة تدريس وتدريب الكلية كافة، وجميعهم من حملة الشهادات العليا، للتباحث حول مناهج الدراسة والتدريب في الكلية، وحدد الساعة العاشرة من صباح يوم السبت 31/5/2003 موعدا للأجتماع في مكتب عميد كلية الشرطة.
سيناريو هوليودي
كانت التهمة التي وجهتها القوات الامريكية للمجتمعين بانهم يعقدون اجتماعا لحزب البعث وانهم (خلية نائمة)، ويخططون لمهاجمة القوات الامريكية في حين ان غرفة العمليات المشتركة العراقية الامريكية كانت بنفس مقر عمادة كلية الشرطة وبالقاعة المجاورة لمكتب العميد!!
لذلك طلعت صحيفة عراقية في اليوم التالي بعنوان (سيناريو هوليودي في كلية الشرطة)، ساخرة من الخبر الذي بثه بيرنارد كيرك مفتش الشرطة الاقدم والمكلف باعادة تاسيس الشرطة العراقية الجديدة في ظل الاحتلال، من خلال مؤتمر صحفي بحضور ممثلي وكالات الانباء العالمية مدعيا ان القوات الامريكية اكتشفت خلية نائمة لحزب البعث تخطط لاعادة تاسيس الحزب والقيام بعمليات ارهابية ضد القوات الامريكية.
العقيد جيمس ستيل:
وفي اليوم المعين، وبينما كنت جالسا في مكتبي ومعي أعضاء هيئة تدريس وتدريب الكلية، بإنتظار حضور الخبير الأميركي جون مايكل بالموعد المتفق عليه فوجئنا بقوة مداهمة أميركية برئاسة الكولونيل(جيمس ستيل) ومعه (النقيب كروز) ونقيب شرطة أميركي من أصل عراقي يدعى (نعمان شبر)، وعدد من ضباط وجنود الـ(MP)، حيث أعتقلونا وقيدوا أيدينا وسحبوا هوياتنا الوظيفية وأقتادونا الى حافلة كانت مخصصة لنقلنا الى معتقل أسرى الحرب في مطار بغداد، وقبل تحرك الحافلة حضر الخبير الأمريكي (جون مايكل) وعبثا حاول التحدث مع قوة الأعتقال لأفهامهم أنه هو الذي طلب عقد هذا الإجتماع، ولكن لم يستمع لكلامه، وتحرك بنا الباص بإتجاه المعتقل، وكان آمر قوة الأعتقال التي رافقتنا الى المطار النقيب الأميركي (كروز) رأس المؤامرة، الذي خاطبنا بالحرف الواحد (أنتم جميعا مقبوض عليكم بتهمة التآمرضد قوات الائتلاف والعمل لإعادة تنظيم حزب البعث المنحل، وسوف تبقون معتقلين الى نتيجة التحقيقات التي تجريها الأستخبارات العسكرية الأمريكية معكم، ومهما تكن النتائج فإنكم لا مجال لعودتكم ثانية الى الشرطة)، وقد تبين أن أمرا قد صدر بتوقيع آمر قوة الأعتقال جيمس ستيل بطردنا من الخدمة نهائيا.
من هنا ابتدأت القصة:
عقب غزو بغداد، في التاسع من نيسان (أبريل) 2003 ، تعرضت بغداد وسائر المدن العراقية الى فوضى أمنية شاملة، ولم تكلف قوات الغزو نفسها عناء حفظ الأمن والنظام، بل ساهمت في تفاقم الوضع الأمني من خلال سكوتها، بل تحريضها على أفعال النهب والسلب في المدن، عدا قطاع وزارة النفط الذي كان موضع حمايتها لمقاصد معلومة وواضحة ، ومنعت قوات الإحتلال أجهزة الشرطة العراقية عن أداء واجباتها في حماية الأمن وتطبيق القانون وذلك من خلال اطلاق النار عليها وتدمير مراكز الشرطة.
وأزاء حالة التدهور الأمني وإنتشار الفوضى، تطوع عدد من ضباط الشرطة وقابلوا جاي غارنر رئيس سلطة الائتلاف واقنعوه بمقابلة عدد من كبار ضباط الشرطة العراقية من اجل اعادة السيطرة على الامن في بغداد، واقترحوا اسمي وعدد من كبار الضباط. وفعلا فقد لبى الدعوة عدد من كبار ضباط الشرطة وعلى راسهم عميد كلية الشرطة، وقابلوا الجنرال المتقاعد جي غارنر في قصر المؤتمرات يومي 29 و31/4/2003 بحضور معاونه البريطاني (ماكلينين)، ومفتش الداخلية الأقدم الأمريكي (بوب غيفورد)، ومساعده البريطاني (فيليب هول)، وكان محور اللقاء هو سبل إعادة الأمن للشارع العراقي, وكيفية إعادة الشرطة الى مقار عملها لتمارس دورها في حفظ الأمن. وقامت المجموعة بإفهام غارنر أن جهاز الشرطة العراقي هو جهاز عريق، معني بتطبيق القانون وحفظ الأمن، وأنه إذا كانت قوات الأحتلال حريصة على أمن العراق فلابد لها من دعوة رجال الشرطة العراقية للألتحاق بمقار عملهم لمباشرة واجباتهم المعتادة في حفظ الأمن، ومنع تفاقم الوضع الأمني، وفعلا اقترح علينا كارنر ان نكتب نداء الى الشرطة العراقية للعودة الى واجباتها في حفظ الأمن والألتحاق بمقار أعمالها المعتادة بدءا من يوم الأحد 4/5/2003، وأذيع النداء من خلال وسائل الإعلام المتاحة ولقي إرتياحا وطمأنينة من قبل رجال الشرطة الذين عادوا لممارسة واجباتهم المعتادة تدريجيا، على الرغم من حالة الدمار التي لحقت بمباني ومستلزمات مراكز ودوائر الشرطة بفعل أحداث ما بعد غزو بغداد في 9/4/2003.
التحقنا بالموعد المحدد 4/5/2003 وبدأنا في إعادة ترتيب أوضاع الكلية رغم حالة الدمار والتخريب الذي لحق بمنشئاتها، وبناء على طلب المفتش الأقدم للوزارة الأمريكي (بوب غيفورد) ومساعده البريطاني (فيليب هول)، تم تهيئة مكتبين لهما في الكلية مجاورين لمكتب عميد الكلية، لكون الكلية أتخذت مقراً لقيادة العمليات المشتركة بين قوات الإئتلاف والشرطة العراقية، كما أن قوات الشرطة العسكرية الأميركية (أم بي) كانت قد حولت ساحة الكلية الى مستودع لحفظ الأمانات والمبرزات الجرمية وبخاصة السيارات والآلات والمعدات المسروقة المضبوطة.
النقل الى معتقل المطار:
تم نقلنا مكبلين بالقيود ومعصوبي العيون الى معسكر أسرى الحرب في مطار بغداد ثم تم نقلنا مقيدين الى معسكر أسرى الحرب في أم قصر، ومن ثم إعادتنا الى معسكر المطار لحين إطلاق سراحنا بعد 42 يوما من الأعتقال وسط ظروف غير إنسانية. وكانت المعاملة قاسية وشديدة والطعام غير جيد وغير كاف والماء شحيح و ساخن وغير نظيف، مما أدى لتدهور وضعنا الصحي، كما لم تكن تتوفر مرافق صحية لائقة صحيا بل هي عبارة عن حفرة في الأرض وضعت عليها قطعة خشب محفورة من الوسط، وكان تعامل الجنود مع المعتقلين في منتهى الفضاضة والقسوة، ولم يسمح للصليب الأحمر بزيارتنا سوى مرة واحدة بعد أكثر من شهر من الإعتقال، وكانت الرعاية الصحية ضعيفة جدا، و لا يسمح للمواجهات مع العوائل ولا يسمح بطلب محامي أو شهود دفاع أو طلب وثائق ومستمسكات تفيد في براءتنا من التهم الموجهة، ولم يسمع حتى لطلبنا إستدعاء الخبير الأميركي جون مايكل للأستماع لشهادته بصدد الأجتماع، فضلا عن عدم وجود لائحة إتهام واضحة ومقنعة.
بوشر بإجراء التحقيق معنا حال وصولنا المطار ونحن مكبلين بالقيود، وبعدها تم إدخالنا المخيمات، وبعد أسبوع حضر آمر قوة الأعتقال (جيمس ستيل) ومعه النقيب الأميركي (نعمان شبر)، الى المعتقل وباشر التحقيق معنا رغم أنه هو آمر قوة الأعتقال، وهو نفسه الذي وقع أمر طردنا من الخدمة قبل أن تظهر نتائج التحقيق، و ليس من المقبول قانونا في كل الشرائع أن تكون جهة القبض والأتهام هي ذاتها جهة التحقيق وجهة إصدار العقوبة بالطرد وحجب الرواتب والحرمان من أية حقوق وظيفية تقاعدية.
النقل الى معتقل بوكا في ام قصر:
بعد أن إستمرت الأستخبارات العسكرية الأمريكية بالتحقيق معنا أطلق سراحنا بعد 42 من الإعتقال التعسفي تبين لهم عدم صحة التهمة وأننا أبرياء من هذه التهمة الكيدية الملفقة ضدنا من قبل عناصر فاسدة بمشاركة من النقيب الأميركي (كروز) الذي علمنا لاحقا أنه قد أستبعد من كلية الشرطة بعد ان افتضحت افعاله المشينة ونقل الى مكان آخر. تم إطلاق سراحنا جميعا وعددنا (15) ضابط برتب متقدمة وجميعنا من حملة الشهادات العليا في القانون والأجتماع واللغة الأنكليزية وعلوم الشرطة، دون تزويدنا بما يؤيد براءتنا من التهمة الباطلة الكيدية الملفقة ضدنا.
جرائم وانتهاكات العقيد جيمس ستيل يفضحها فيلم لمحطة BBC
فيلم الـ BBC هو فيلم وثائقي عن تحقيق أجرته المحطة بالتعاون مع صحيفة الغارديان يكشف تورط الإدارة الأمريكية (تحديداً وزارة الدفاع) في تأسيس وحدات شرطة خاصة (مثل ألوية الذئب وغيرها) تحت إشراف العقيد جيمس ستيل وبمشاركة من الخونة والعملاء العراقيين، مهمتها مواجهة المقاومة العراقية، أو ما سماه الفيلم بالتمرد السني، وإنشاء مراكز إعتقال وتعذيب سرية.
لمشاهدة الفيلم الوثائقي يمكن مشاهدته على الرابط التالي:
http://www.youtube.com/watch?v=6-1gEi5wrmg
قصتي مع جاي غارنر:
لقد كنت أنا شخصيا قابلت جاي غارنر بُعيد الغزو – بناء على طلب منه – بعد أن ساءت الأحوال ألأمنية في الشوارع، وافتقد المواطنون الأمن وكثرت الجرائم، وسادت الفوضى، وتحدثت معه لثلاث ساعات، في قصر المؤتمرات، بحضور معاونه الأنكليزي، وأحد السياسيين العراقيين الذي تربطه صلة مصاهرة معه، وهو سعد الجنابي، وفعلاً اقتنع غارنر بإعادة الشرطة العراقية السابقة الى مراكزها، لأنهم مدرّبون جيداً ولديهم خبرات متراكمة وهم محترفون لواجباتهم، وقام بأعطاني ورقة كتبت عليها صيغة الأعلان الذي أذيع حرفياً من وسائل الإعلام وقتها، بدعوة رجال الشرطة للألتحاق بمقار عملهم ومراكزهم، وفعلا لبّى حوالي 80% من ضباط ومراتب الشرطة والتحقوا بمراكزهم رغم كونها كانت محترقة ومدمرة وأعادوها وباشروا عملهم بتسيير دوريات مشتركة لحفظ الأمن وتنظيم السير، الاّ أن إصرار سلطة الأحتلال على منع تسليح الشرطة بالكلاشنكوف والأكتفاء بالمسدسات المخفية، أدى إلى إفشالهم في تأدية مهامهم في مقارعة اللصوص والمجرمين الذين كانوا يمتلكون أحدث السيارات والمعدات والأسلحة!!
وفي الحقيقة فإن غارنر توصل الى قناعة بإعادة ملاكات الدولة كافة، من درجة وكيل وزير نزولا، لتسيير أمور البلاد، وعقد اكثر من اجتماع في قصر المؤتمرات مع وكلاء الوزارات والمدراء العامين في الدولة العراقية، واقتنع بأنه الأقدر على تسيير شؤون الدولة... لكن الحقيقة تبينت فيما بعد، فلم تمضي أيام على لقائنا بغارنر ولقاءته الأخرى بالمسؤولين الإداريين، حتى صدر قرار الإدارة الأمريكية بإعفاء غارنر من منصبه وإعادته فورا وارسال بول بريمر وبقية الشلة الإجرامية معه، وتبين أن حالة الفوضى هي حالة مقصودة ومطلوبة ضمن مخطط تدمير العراق وتفكيك دولته. حيث تلاحقت القرارات بحل الجيش العراقي وحل الشرطة والأجهزة الأمنية، وتفكيك الدولة العراقية، ومن ثم تشكيل هياكل مشبوهة بناء على أسس طائفية، وحدث ماحدث، والحمد لله الذي جنبنا شرور التعامل مع المحتلين وابعدنا عنهم وإن كان بالإعتقال الظالم في معتقلات المطار والناصرية وبوكا بأم قصر حوالي الشهرين بتهمة مضحكة.
قبل أن يتم اعتقالنا، وحيث ان عملنا في كلية الشرطة، فقد نسب جاي غارنر معنا مجموعة من خبراء الشرطة من بريطانيا وامريكا ودول اخرى كان الهدف – حسبما ابلغنا منهم – هو تطوير الكلية، وتم الاتفاق على عقد اجتماع يحضره جميع اعضاء هيئة تدريس الكلية وأمراء الأجنحة يوم السبت 30/5/2003 بالعاشرة صباحاً ، وعند تجمعنا فوجئنا بقوة مسلحة من الشرطة العسكرية MP بقيادة العقيد جيم ستيل ومعه النقيب نعمان شبر، وقاموا بتجميعنا في احدى قاعات العمادة، وفتشونا وسحبوا هوياتنا، ثم كتفونا واركبونا الباص الذي نقلنا الى معتقل المطار، وهناك صادروا كل ما نمتلكه من اوراق ونقود واقلام وساعات، وبقينا في المعتقل ثلاثة أسابيع نفترش الأرض بدون خيم، ونتوسد احذيتنا كوسائد، ويعطوننا طعاما لايمكن اكله. ثم تم نقلنا الى معتقل أور بالناصرية بواسطة سيارات الزيل في قسوة الحر الشديد منتصف حزيران، وايدينا وارجلنا مكبلة بالسلاسل، ثم نقلونا الى بوكا في ام قصر وبقينا ثلاثة اسابيع ثم اعدنا الى معتقل المطار وبقينا اسبوعين فيه الى ان تم تشكيل محكمة عسكرية تبين لها كذب التهم الموجهة الينا فأطلقوا سراحنا، دون اعادة ماصادروه منا. وكانت معاملة في منتهى القسوة والشدة، واستمر التحقيق معنا في المطار وفي ام قصر عدة جلسات، وفي البداية كان يحقق معي العقيد جيمس ستيل ومعه النقيب نعمان شبر، وكان يهددني بالإرسال الى غوانتانامو إن لم أعترف، فقلت له بماذا أعترف، وهل يعقل أن نعقد اجتماعا حزبيا في كلية الشرطة التي كانت هي أيضا مقر القيادة الامريكية ومقر قيادة العمليات المشتركة؟..لكنهم يبدو قد شربوا الكذبة الملفقة ضدنا واقتنعوا بها.. ثم حاول العقيد ستيل ارشائي بوعده لي باطلاق سراحي إن أنا أعترفت ودللتهم على أماكن تواجد المسؤولين الحزبيين، فرفضت وأنكرت معرفتي بهم
بيرنارد كيريك رأس الفساد
الشيطان الآخر هو بيرنارد كيريك، المفتش الأقدم للشرطة العراقية بعد الإحتلال، وهو موضع حظوة واعجاب جورج بوش، وكان قائد شرطة نيويورك السابق، وله دور اثناء احداث ايلول/سبتمبر 2001 كما أنه هو مؤسس الشرطة العراقية الجديدة، في عهد الحاكم المدني بول بريمر وقد جاء في الأخبار من واشنطن أنه، قد قبض عليه من قبل السلطات القضائية، لمواجهة تهم فيدرالية تتعلق بالفساد، حسب متحدث باسم مكتب التحقيقات الفيدرالية بعد اعترافه بتهم جزائية تتعلق بسوء التصرف المالي. وواجه كيريك لائحة جديدة من التهم من قبل هيئة موسعة من القضاة كشفت لاحقا لائحة التهم الرسمية الموجهة للمسؤول الأمني السابق الذي سبق أن أشرف لفترة علي الشرطة العراقية. وقبل أن يعينه الرئيس الامريكي جورج بوش كيريك في منصب وزير الأمن الداخلي، كان قد أرسله إلي العراق للإشراف علي تدريب الشرطة هناك بعد الغزو الأمريكي2003، غير أنّ كيريك غادر منصبه بعد ثلاثة أشهر فيما كانت مدة تكليفه تبلغ نصف عام، وقال المسؤولون العراقيون آنذاك إنه أكمل المهمة التي جاء من أجلها. وفيما لم يتمّ حتي الساعة الكشف عن التهم الموجهة الي كيريك ، لكن مصادر قالت ان التهم تتراوح بين قبول الرشوة والتهرب الضريبي.
والمعلوم ان بيرنارد كيرك كان قد سارع في يوم الأعتقال الى عقد مؤتمر صحفي (دعائي) كبير في المنطقة الخضراء تناقلته جميع وكالات الأنباء العالمية أعلن فيه الأنتصار الكبير (!!) بكشف خلية بعثية نائمة تخطط لإعادة حزب البعث والقيام بأعمال إرهابية ضد الجيش الأمريكي، وكان من ضمن أكاذيب كيريك في المؤتمر الصحفي أنهم ضبطوا وثائق حزبية في الأجتماع، وهو إدعاء كاذب تماما لأن كل ما إعتبروه وثائق حزبية هي دفتر أجندة (دفتر مذكرات) يحمله أحد الضباط (الشهيد العميد الدكتور أسامة بدري الدباغ الذي أغتيل بعد سنتين من الحادثة) وأعتبره أزلام كيريك منشورا لأنه يحمل صورة الرئيس صدام حسين مثل كل الأجندات المتداولة بالأسواق آنذاك!!
لقد كان جي غارنر أكثر دراية ومعرفة بالشأن العراقي من خلفه بريمر، فبعد أن كان غارنر قد أصدر في 17/4/2003 أمراً بعودة جميع ضباط وأفراد الشرطة الأصليين، قام الحاكم الجديد بريمر تحت نصيحة مستشاريه (الذين لايفهمون شيئا عن العراق أمثال بيرنارد كيريك وجيم ستيل وغيرهما ممن تأثروا بالعناصر الفاسدة والمرتشية وأصحاب المصالح الضيقة) بإصدار الأوامر بتسريح الآلاف من رجال الشرطة المهنيين المحترفين من مختلف الصنوف، تحت ذريعة التطهير، ودفع بهم إلي سوح البطالة، والفاقة، دون إدراك لعواقب وتبعات هكذا إجراء تعسفي، فضلا عن خسارة أجهزة الشرطة لعناصر ذات خبرات حرفية مهنية متراكمة هي بأمسّ الحاجة إليها. وكأسلوب للتعويض السريع للنقص الهائل في أعداد الشرطة أزاء تفاقم مستويات الجريمة وأعمال العنف، لجأت سلطة الإئتلاف (أو مستشاروها لشؤون الشرطة بقيادة بيرنارد كيرك) إلي فتح الباب واسعاً دون ضوابط لدخول عشرات الألوف من المتطوّعين الجدد تحت ضغط الحاجة الماسة، دون تدقيق وتمحيص، بحيث تسلل إلي الجهاز آلاف ممن لا تتوفر فيهم شروط الأنتماء (لايقرأ ولا يكتب أو غير لائق صحياً)، والأدهي والأمَرّ أن من بينهم أرباب السوابق الإجرامية، هذا بالإضافة إلي التغاضي عن شروط توفر المؤهلات البدنية والثقافية والأخلاقـية. وكانت الكارثة الكبرى بقرار زج الميليشيات في الشرطة.
بين معتقل المطار ومعتقل اور بالناصرية ومعتقل بوكا بالبصرة والعودة للمطار:
1.كان عدد المعتقلين كثيفا في معسكرأسرى الحرب في المطار بحدود 5000 شخص، وعدد المعتقلين في أم قصر بحدود 12000 شخص من مختلف التهم والأصناف، بينهم عسكريون وموظفون وقياديون ووزراء، ومعهم مجرمون عاديون من المتهمين بالسرقات والقتول وشتى التهم، كما كان هناك أحداث، ونساء دون أي عزل أو تصنيف، فضلا عن الكثافة الأسكانية فالخيمة التي طاقتها الأستيعابية 12-16 كان يوضع فيها أكثر من 30 معتقلا.
2.كان المحققون في معسكرات الأسرى من جنسيات مختلفة، لكن النسبة الأعظم أميركان من الأستخبارات العسكرية والمخابرات الأميركية وعدد من البريطانيين، ولوحظ وجودعدد كبير من الكويتيين ضباطا و ضباط صف، ويبدو ان بعضهم متطوع والآخرين منتدبين للعمل مع القوات الأميركية، وكان تعامل الكويتيين أكثر قسوة وخشونة من الأميركان، كما كان هناك جنود من جنسيات أخرى مثل باكستانيين، وهنود، وإيرانيين، وعرب بصفة مترجمين من لبنان ومصر.
3.كان يمنع على المعتقلين حلاقة الوجه او الرأس، وتقليم الأظافر مما زاد الحالة الصحية سوءا. فضلا عن منع التدخين لغير من يقومون بجمع النفايات والقمامة بواقع سيكارة واحدة في اليوم، وكان بعض الجنود الاميركان يقومون ببيع السيكارة الواحدة للأسرى بسعر 750 دينارا للسيكارة الواحدة!
4.للجندي المسؤول عن حراسة خيمة الأسرى كامل الصلاحيات في إساءة التصرف ومعاقبة المعتقلين بالحرمان من الماء، أو منع الذهاب الى المرافق الصحية، أو الحرمان من الطعام والذي كان سيئا بحيث أن الغالبية كانوا يعزفون عن تناول الطعام الذي يقدم في معسكر الأسر والذي يشمل قطع من البسكويت الجاف.
5.تم منع ممثلي الصليب الاحمر او منظمة العفو او جمعيات حقوق الانسان من دخول المعتقل او مقابلة اي من المعتقلين سوى مرة واحدة مع الصليب الاحمر على مدى 42 يوما.
تلك صورة واقعية دون رتوش، ومالم يذكر اكبر واكثر مما ذكر عن الحالة السيئة اللاإنسانية التي يعيشها المعتقلون في معسكرات الإعتقال الأميركية في العراق، سواء في المطار ام في ابي غريب ام في معتقل ام قصر على الحدود العراقية الكويتية، وسوء المعاملة التي يلقونها من لدن القوات الأميركية التي تدعي أنها جاءت لحماية حقوق الأنسان!!
كما أن قصة كبار ضباط الشرطة العراقية وأكاديمية الشرطة العراقية، الذين تطوعوا مخلصين يدفعهم حب العراق –رغم معارضتهم للأحتلال- من أجل إنقاذ الحالة الأمنية العراقية في حدها –الجنائي في الأقل- نتيجة الفوضى التي أحدثها الغزو العدواني للعراق، لكن سلطة الأحتلال الأمريكية أثبتت أنها غير حريصة على الأمن في العراق، ولاتريد للعناصر المخلصة أن تأخذ دورها في حماية العراق من الفوضى والخراب، وسمحت لعناصر فاسدة ان تتبوأ مواقع متقدمة تخدم اهداف وغايات قوات الاحتلال وأجندتها، وزجت بالعناصر المخلصة المحبة للعراق في غياهب السجون ومعسكرات الإعتقال سيئة الصيت وسط ظروف بالغة القسوة والسوء، ليثبت للعالم أن أميركا غير حريصة على أمن ومستقبل العراق.
قائمة بأسماء المعتقلين:
1.اللواء الدكتور أكرم عبدالرزاق
2.العميد طالب مدب حسين
3.العميد عادل طاهر سعيد
4.العميد حسين محسن علي
5.العميد د حسن سعيد عداي
6.العميد فيصل سلماني
7.العقيد علي طه عبود
8.العقيد د جاسم محمد خضير
9.العقيد د اسامة بدري محمد صالح
10.العقيد د عبدالواحد سلمان
11.العقيد اياد عبدالخالق
12.العقيد غضبان سعيد
13.العقيد نصرت ردام
14.المقدم خضير عباس سلطاني
15.المقدم صفاء جواد كاظم
خبر إعتقالنا كما تناقلته وكالات الأنباء:
من هنا تم الاعتقال مبنى كلية الشرطة
873 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع