ضحى عبد الرحمن
مباحث في اللغة والادب/ ١١٠الديارات في التراث العربي
دير فاثيون أسفل النجف.
قال الاصفهاني: ودير فاثيون أسفل النجف.
ودير ابن مزعوق بحذاء قصر عبد المسيح بأعلى النجف.
وفيه يقول الثرواني:
تقلّبُ طرفَ عينك من بعيدٍ ... شبيهاً بالمودّة والوعيدِ
تقرُّ بطرفِ عينِك لي بوصلٍ ... وفعلك لي مقرٌ بالجحودِ
تشككني وأعلم أنّ هذا ... هوى بين التعطفِ والصُدودِ
هواك هوى تجدّده الليالي ..ولا يبلى على مرّ العُهودِ(ديارات الأصفهاني/27 )
دار اياد واخرى
قال الهيثم بن عديّ: كانت دار إياد ظهر الكوفة ودير الأعور ودير قرّة ودير الأعور هو دير الجماجم". (كتاب البلدان للهمداني/ 182)
دير حنة
قال ابن هفان" ترنم بهذه الأبيات:
يا دير حنة من ذات الأكيراج ... من يصح عنك فإني لست بالصاحي
يعتاده كل محفوف مفارقه ... من الدهان عليه سحق أمساح
لا يدلفون إلى ورد بآنية ... إلا اغترافا من الغدران بالراح
لم يبق منهم لرائيهم وإن حسنوا وقوع ما حذروه غير أشباح
(أخبار ابي نواس/18)
دير عبد المسيح الغساني
دير عبد المسيح: بناه عبد المسيح بن عمرو بن بقيلة الغساني بالحيرة.
وقد ذكره الأصبهاني قال: وكان - عبد المسيح - أحد المعمرين، يقال إنه عمر ثلاثمائة وخمسين سنة، وهذا الدير بظاهر الحيرة بموضع يقال له الجرعة، وعبد المسيح هو الذي لقي خالد بن الوليد، رضي الله عنه، لما غزا الحيرة وقاتل الفرس فرموه من حصونهم الثلاثة حصون آل بقيلة بالخزف المدور، وكان يخرج قدام الخيل فتنفر منه. بقي عبد المسيح في ذلك الدير بعدما صالح المسلمين على مائة ألف، حتى مات وخرب الدير بعد مدة فظهر فيه أزج معقود من حجارة فظنوه كنزاً، فإذا فيه سرير رخام عليه رجل ميت وعند رأسه لوح فيه مكتوب: أنا عبد المسيح بن عمرو بن بقيلة:
حلبت الدهر أشطره حياتي ... ونلت من المنى فوق المزيد
فكافحت الأمور وكافحتني ... فلم أخضع لمعضلة كؤود
وكدت أنال في الشرف الثريا ... ولكن لا سبيل إلى الخلود (ديارات الأصفهاني/18 )
ملح عن الديارات
ليلة الدير
حدث سعيد بن محمد العجلي عن الاصمعي قال: كان أبو الطمحان القيني، وهو حنظلة بن الشرقي شاعرا مجيدا، وكان مع ذلك فاسقا، وكان قد انتجع يزيد بن عبد الملك، فطلب الإذن عليه أياما فلم يصل، فقال لبعض المغنين: ألا أعطيك بيتين من شعري تغني بهما أمير المؤمنين، فإن سألك من قائلهما فأخبره أني بالباب، وما رزقني الله منه فهو بيني وبينك! قال: هات. فأعطاه هذين البيتين:
يكاد الغمام الغرّ يرعـــــــــد إن رأى ... محيّا ابن مروان وينهل بارقه
يظلّ فتيت المسك في رونق الضّحى ... تسيل به أصداغه ومفارقـــــه
قال: فغني بهما في وقت أريحيّته، فطرب لهما طربا شديدا، وقال: لله در قائلهما! من هو؟ قال: ابو الطمحان القيني، وهو بالباب يا أمير المؤمنين. قال: وما قصة الدير؟ قال: قيل لابي الطمحان: ما أيسر ذنوبك؟ قال ليلة الدير! قيل له: وما ليلة الدير؟ قال: نزلت ذات ليلة بدير نصرانية، فأكلت عندها طفيشلا بلحم خنزير، وشربت من خمرها، وزنيت بها، وسرقت كساءها، ومضيت؛ فضحك يزيد وأمر له بألفي درهم، وقال: لا يدخل علينا! فأخذها أبو الطمحان وانسلّ بها، وخيّب المغنّي". (العقد الفريد7/41).
حُنين الخمّار
كان حُنين بالحيرة، وكان الأُقيشر يلزم حانته، ويعامله، وحنين يُنسئه إذا ضاقت يده، فلقيت امرأة محتالة الأقيشر بالكوفة فعرفته ولم يعرفها، فقالت: أنا أم حنين الخمّار بعثني لأشتري له حاجة، وقال: إن احتجتِ إلى زيادة فخذي من أبي معرّض، وكان الأقيشر يكنى أبا معرّض، وقد عجزتْ دراهمه درهمين، فأعطني درهمين حتى يعطيك بها شراباً، فقال: نعم ورَحباً وكرامةً؛ فأعطاها الدرهمين، ثم جاء إلى حنين فشرب ما عنده، فلما أنفد ما معه حَسَبَ الدرهمين، فقال: أي الدرهمين؟ فقال: اللذين أخذتهما مني أمك بالكوفة، فقال: لا والله ما أخذت منك أمي شيئاً، قال فاسمع ما أقول، قال: هاته، فأنشده:
لا تغرَّنَّ ذاتُ خُفٍّ سوانا ... بعدَ أختِ العبادِ أمَّ حُنينِ
وعدَتْنا بدرهمينِ طِلاءً ... وصِلاءً مُعجّلاً غيرَ دَينِ
ثمَّ ألْوَتْ بالدرهمين جميعاً ... يا لقومٍ لضيعةِ الدرهمينِ
عاهدَتْ زوجَها وقدْ قالَ إنّي ... سوفَ أغدو لحاجةٍ وَلِدَينِ
فدعَتْ بالحصانِ أحمرَ جَلْداً ... وافرَ الأيرِ مُرسلَ الخُصيتينِ
قال: ما أجرُ ذا؟ هُديتِ فقالت: ... سوفَ أعطيكَ أجرهُ مرتينِ
فأبدأ الآنَ بالسفاحِ فلما ... سافَحتْهُ أرضتْهُ بالأُجرتينِ
تَلَّها للجبينِ ثمّ امتطاها ... عائرَ الأيرِ أفحجَ الحالبينِ
بينما ذاكَ منهُما وهيَ تحوي ... ظهرَهُ باليدينِ والمِعصمَينِ
جاءَها زوجُها وقدْ شِيمَ فيها ... ذو انتصابٍ مُوثَّقُ الأخدعينِ
فتأسّى، وقال: ويلٌ طويلٌ ... لحُنينٍ من عارِ أمِّ حُنينِ
فقال الخمّار ما تريد إلى هجاء أمي؟ فقال: أخذت مني دراهم ولست تعطيني شراباً. فقال: والله ما تعرفك أمي، ولا أخذت منك شيئاً، فانظر إلى أمي، فإن كانت هي صاحبتك غرّمتها، فقال: لا والله! ما أهجو غيرَ أم حنين وابنها، فإن كانت هي أمك فالهجاء لها، وإلا فهو لمن أخذ درهمَيَّ، قال: إذاً لا يفرّق الناس بينهما. قال: فما عليّ؟ أترى درهميّ يضيعان؟ قال: فكفَّ إذاً حتى أغترمهما وأتخلص أنا وأمي منك، لا بارك الله فيك، وأعطاه شراباً بدرهمين".(المحب والمحبوب/152).
دير عون الحِيري:
أبو عبيدة: كان بالحيرة خمّار يقال له عون، ظريف طيّب الشراب، نظيف البيت. وكان فتيان أهل الكوفة يشربون في حانته، ولا يختارون عليه أحداً. وكان أبو الهندي التميمي الشاعر يشرب عنده، فشرب في ليلة من ليالي شهر رمضان حتى طلع الفجر وصاحت الديوك، فقال أبو الهندي:
شربتُ الخمرَ في رمضانَ حتى ... رأيتُ البدرَ للشِّعرى شريكا
فقال أخي: الديوكُ منادياتٌ ... فقلتُ لهُ: وما يُدري الدُّيوكا".(المحب والمحبوب/154).
دُوَمةُ الخمّارة
قال أبو عبيدة: مر الأقيشر بخمّارة بالحيرة يقال لها دُومة، فنزل عندها واشترى منها شراباً، وقال: جوِّدي الشرابَ حتى أجود لكِ المديح، ففعلت، فقال:
ألا يا دُومُ دامَ لكِ النعيمُ ... وأسمرُ ملءَ كفِّكِ مستقيمُ
شديدُ الأسرِ ينبضُ حالباهُ ... يُحَمُّ كأنّهُ رجلٌ سقيمُ
يُروِّيهِ الشرابُ ويزدهيهِ ... وينفخُ فيهِ شيطانٌ رجيمُ
فقالت: ما قال فيَّ أحدٌ أحسن من هذا، ولا أسرّ إليّ. ".(المحب والمحبوب/154).
قبيصة الخمّار
من أهل الحيرة. مر أبو السحاب من أهل الكوفة أخو أبي محمد التيمي لأمه بالحيرة وقد كبر، ومعه قائد يقوده وهو يرعش فقال: أي والله، لولا ذلك لكثرتُ عنك، ثم أنشأ يقول:
هلْ إلى سكرةٍ بناحيةِ الحي ... رةِ في الدنِّ يا قبيصُ سبيلُ
وعرانٍ كأنّهُ بيدقُ الشطْ ... رنجِ يفتنّ منه قالٌ وقيلُ".(المحب والمحبوب/157).
ينحوم اليهودي الخمّار بالحيرة
كان بكر بن خارجة يألفه ويشرب في حانته مع من يعاشره، وفيه يقول:
كلُّ قَصفٍ ولذّةٍ ... فهو من بيتِ يَنْحُمِ
بفِنا الحيرةِ التي ... خُلقَتْ للتنعُّمِ
فاشربا في ديارِهِ ... من سُلافٍ كعندمِ
وانعما في الحياةِ قبْ ... لَ أوانِ التندُّمِ".(المحب والمحبوب/157).
حزيران 2025
984 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع