هل تعلم مدى تأثير ملح الطعام على على الثورات الكبرى في التاريخ؟

التفاصيل

تم إنشاءه بتاريخ الخميس, 05 حزيران/يونيو 2025 13:46

كتب بواسطة: فارس حامد عبد الكريم

 فارس حامد عبد الكريم

هل تعلم مدى تأثير ملح الطعام على على الثورات الكبرى في التاريخ؟

البداية كانت مع اعتبار الملح رمزاً مقدساً لدى العديد من الحضارات القديمة، ومن ثم تحول الى وظيفة الراتب عند الرومان (حصة الملح ) ومن ثم نشأت مايعرف بضريبة الملح.

وضريبة الملح هي الضريبة المباشرة المفروضة على استخراج وبيع وشراء الملح.

وهي ضريبة عانت منها الشعوب البشرية منذ القدم ولقرون طويلة حتى طوتها صفحة التاريخ في العصر الحديث.

يعود تاريخ فرض ضريبة الملح إلى عام 300 قبل الميلاد، حيث كان الملح سلعة ثمينة تُستخدم في الهدايا والقرابين الدينية منذ عام 6050 قبل الميلاد. كما تم فرضها في الصين لتمويل بناء سور الصين العظيم.

وقد استُخدم الملح كعملة خلال الإمبراطورية الرومانية ، وفي نهاية حكمهم بدأ الرومان في احتكار الملح من أجل تمويل أهدافهم الحربية.

في ظل النظام القديم، تم استخدامه كعملة للتبادل وكان له حتى وظيفة راتب ، والتي يمكن العثور على معناها اللغوي في كلمة salarium باللاتينية والتي تعني "حصة الملح"،

ونتيجةً للربحية الناجحة لضريبة الملح، انتشر استخدامها بين الحكومات في جميع أنحاء العالم، كانت فرنسا وإسبانيا وروسيا وإنجلترا والهند المناطق الرئيسية التي حذت حذو الصين.

آثار ضريبة الملح

كانت ضرائب الملح مؤثرة للغاية في العديد من الثورات السياسية والاقتصادية عبر التاريخ، مما أدى إلى أحداث تاريخية مهمة بما في ذلك الثورة الفرنسية ، وثورة الملح في موسكو ، ومسيرة الملح في الهند، وثورة ضريبة الملح في إسبانيا.

فقد كانت آثار ضريبة الملح إيجابية وسلبية.

فقد كانت ضريبة الملح مربحة للغاية للحكومات وزادت من مستويات المعيشة في العديد من البلدان. كما أثرت ضريبة الملح أيضًا على الأحداث السياسية التاريخية بما في ذلك مسيرة الملح في عام 1930 والثورة الفرنسية في عام 1790. ونتيجة لضريبة الملح، ارتفع سعر الملح بشكل كبير، مما يعني لاحقًا أن العديد من الأفراد لم يتمكنوا من تحمل تكاليف الملح.

يلعب الملح دورًا كبيرًا في النظام الغذائي البشري ويُعد الجوع بسبب الملح مشكلة صحية خطيرة يمكن أن تؤدي إلى القيء والغيبوبة والموت.

يعتقد الكثيرون أن السكان ثاروا ضد ضريبة الملح من خلال الثورة الفرنسية ومسيرة الملح نتيجة للوفيات المرتبطة بنقص الملح والمستوى العالي من الاضطراب الاجتماعي الذي تسببت فيه الضريبة. كان لانتفاضة موسكو وثورة ضريبة الملح أعلى عدد من القتلى وتسببت في أكبر اضطراب اجتماعي، ومع ذلك تمت إزالة ضرائب الملح هذه بسرعة نتيجة لذلك.

المناطق المتأثرة

الصين

يعود تاريخ فرض ضريبة الملح في الصين إلى عام 300 قبل الميلاد، وتُعدّ الصين اليوم من أكبر منتجي الملح في العالم. وقد لعبت ضريبة الملح دورًا كبيرًا في تاريخ الصين وتطورها الاقتصادي، إذ يُعتبر الملح سلعةً أساسية، كما أنه أحد أكبر مصادر الإيرادات الحكومية. وكان الاتجار الخاص بالملح شائعًا جدًا في الصين، نظرًا لارتفاع تكلفة الملح وانخفاض جودته.

الهند

في الهند، كانت هناك ضريبة على الملح لمئات السنين ولكنها زادت بشكل كبير بعد حكم شركة الهند الشرقية البريطانية لمقاطعات الهند

حظر قانون الملح البريطاني لعام 1882 على الهنود جمع أو بيع الملح، وهو عنصر أساسي في نظامهم الغذائي.

ففي عام 1835، فرضت شركة الهند الشرقية البريطانية أول ضريبة على الملح في الهند، ثم استحوذت عليها التاج البريطاني عام 1858 نتيجةً لإيراداتها الوفيرة. بسبب العدد الكبير من سكان الهند، لم يكن الجميع قادرين على شراء الملح مما أدى في كثير من الأحيان إلى الحرمان من الملح، مات العديد من الهنود نتيجة للضريبة الباهظة على الملح، وقد أثرت هذه المشاكل السياسية المحيطة الأخرى على مسيرة الملح في عام 1930. كانت مسيرة الملح بقيادة غاندي احتجاجًا ردًا على الضريبة غير العادلة والوقوف في وجه حكم الملك البريطاني،

كان غاندي ينوي في نهاية الرحلة جمع الملح بشكل غير قانوني دون دفع ضريبة للتاج البريطاني.

وقد اختار غاندي الملح لأن ضرائبه كانت بالغة الضرر على أفقر الهنود، وقال: "بعد الهواء والماء، ربما يكون الملح أهم ضروريات الحياة". ورغم التأثير الوطني والاعتراف الدولي الذي اكتسبته حركة "ساتياغراها الملح"، ظلت ضريبة الملح قائمة حتى ألغاها جواهر لال نهرو ، رئيس وزراء الحكومة المؤقتة ، عام 1946.

وأسفر الاحتجاج عن استقلال الهند في عام 1947.

إنجلترا

خلال فترة الكومنولث ، أُعيد فرض ضريبة الملح التي أُلغيت سابقًا في عام 1641. ومع ذلك، أُلغيت الضريبة في عام 1660 ولم تُعاد حتى عام 1693 في عهد ويليام الثالث . تم تحصيل ضريبة الملح من قبل أكثر من 600 مسؤول في ذلك الوقت. أُلغيت ضريبة الملح البريطانية في عام 1825 نتيجة لأن الملح أصبح معدنًا مهمًا في عمليات التصنيع التي تطورت خلال الثورة الصناعية. جاء الكثير من الزخم وراء إلغاء رسوم الملح من الشركات المصنعة التي تريد إنتاج كربونات الصوديوم من الملح الشائع من خلال عملية لوبلان ، بدلاً من استخراجه من النباتات البحرية مثل عشب البحر أو باريلا .

فرنسا

كانت جابيل (ضريبة الملح الفرنسية) ، التي تم تنفيذها في البداية في عام 1360 واستمرت، مع مراجعات وانقطاعات قصيرة، وكانت واحدة من المظالم الرئيسية للفلاحين الفرنسيين، حيث كانت الضريبة تستند إلى الطبقة الاجتماعية للفرد ، لذلك كان صغار المزارعين وسكان المناطق الحضرية الأكثر تضررًا من ضريبة الملح.

لقد أثارت ضريبة الملح انتفاضات شعبية. ربما كان أهمها ثورة بيتو بين عامي 1542 و1548، والتي نجمت عن محاولة فرانسوا الأول توحيد أنظمة ضريبة الملح : ثارت منطقة بوردو وأنجووموا وسان تونج . تم ذبح الشخصيات البارزة والحاكم العام لغويانا . أعادت الشرطة النظام من خلال سفك الدماء، لكن هنري الثاني اضطر إلى الاستسلام والسماح للمقاطعات بالعودة إلى وضعها السابق. وسوف يطلق عليهم بعد ذلك اسم "المخلصين".

في عام 1639، أدت محاولة قمع "ربع المرق" إلى اندلاع ثورة الحفاة في نورماندي .

فرض لويس الرابع عشر ضريبة الملح عام 1661 في روسيون ، وكانت سبباً في اندلاع ثورة أنجيليه (1667-1675).

في فرنسا كان مجرد ذكر ضريبة الملح كافياً لإشعال برميل البارود

ويقال إن جابيل (اسم ضريبة الملح في فرنسا) كانت عاملاً مساهمًا كبيرًا في الثورة الفرنسية الكبرى 1789. والتي غيرت مجرى التاريخ السياسي للبشرية وكانت منطلقاً للدساتير الحديثة واعلان حقوق الانسان .

اسبانيا

بين عامي 1631 و1634، اندلعت ثورة ضريبة الملح في مقاطعة بسكاي الإسبانية . وجاءت الثورة ردًا على الصراع الاقتصادي بشأن سعر وملكية الملح. وتألفت الثورة من عدة حوادث عنيفة معارضة لسياسة الضرائب التي فرضها فيليب الرابع. وسرعان ما تطور التمرد ضد ضريبة الملح إلى احتجاج أوسع نطاقًا ضد جميع أوجه عدم المساواة الاقتصادية في عهد فيليب الرابع. وانتهت الثورة في ربيع عام 1634 حيث أُعدم القادة الرئيسيون للاحتجاج. ومع ذلك، تجاهل فيليب الرابع بقية المجموعة وقرر إلغاء أمره الأصلي المتعلق بسعر وملكية الملح ردًا على التمرد.

روسيا

أدت ضريبة الملح الروسية إلى اندلاع انتفاضة تعرف باسم انتفاضة موسكو عام 1648 .

أعمال شغب الملح في موسكو المعروفة أكثر باسم "شغب الملح"، نتيجةً لتطبيق الحكومة ضريبة ملح شاملة، لتحل محل الضرائب الأخرى، بهدف تغذية خزينة الدولة.

ارتفع سعر الملح بشكل كبير، مما أدى إلى أعمال شغب عنيفة في موسكو. وقعت ضريبة الملح بشكل رئيسي على الفئات الأفقر في المجتمع، وتفاقمت أعمال الشغب بسبب لجوء أفراد النخبة إلى طرق للتهرب من الضريبة، مما أدى إلى انتشار الفساد على نطاق واسع.