المرحومان نوري السعيد وحسين جميل يلتقيانِ مصادفةً

ماجد مكي الجميل

المرحومان نوري السعيد وحسين جميل يلتقيانِ مصادفةً
أينَ الحقيقة مما نشره موقع على الفيسبوك؟

رواية غريبة عن لقاء عابر جرى بين المرحومين نوري السعيد وحسين جميل عام 1956. بخلاف حقيقة وقوع اللقاء مصادفةً، لا تكاد توجد حقيقة أخرى. أيضاً، تضمنت الرواية إساءة للشخصَين، قد لا تكون متعمَّدة.
لتقرير الحقيقة، ولرفع الإساءة عن هاتين الشخصيتَين، هاكم حقيقة ما جرى في هذا اللقاء الذي سمعته شخصياً من المرحوم حسين جميل (وهو عمّي، شقيق والدي).
في صيف 1956 إلتقى في أحد شوارع لندن نوري السعيد - كان حينه رئيساً للوزراء، وجهاً لوجه مع حسين جميل (السكرتير العام للحزب الوطني الديمقراطي) المُعارض، يرافقه إبنه.
بعد تبادل التحايا، سأل نوري السعيد الذي يكبر حسين جميل بعشرين عاماً (الأول مولود عام 1888 والثاني عام 1908):
”ها حسين، شتسوي بلندن”؟
أجابه:
لتسجيل إبني علي بالثانوية كي يُكمِل بعدها دراسته في الجامعة.
إلتفتَ نوري السعيد إلى ابن حسين جميل سائلاً:
”شراح تقرا إبني”؟
علي:
”راح أدرس هندسة”. (بالفعل درسَ الهندسة وتخرَّج مهندساً من إحدى الجامعات البريطانية).
نوري السعيد:
”كُلش زين، إقرا هندسة ولا تقرا لَغوة مثل أبوك”، وقد ضحكَ الجميع.
طبعاً لا توجد مدرسة أو معهد أو جامعة تُدرِّس ”اللغوة”، لكنها تورية من نوري السعيد تُشير إلى أنَّ المعارضين يُثرثرون ويلغون في معارَضتهم، أو هكذا ما كان المرحوم السعيد يرى أو يعتقد. (حسين جميل تخرج من كلية الحقوق في دمشق عام 1930).
بعد ذلك، إقترح نوري السعيد على حسين جميل أن يجلسوا قليلاً في مقهى قريب - أمر طبيعي أن يأتي الإقتراح من نوري السعيد، فهو الأكبر سناً.
في المقهى قال السعيد:
”أنتم المُعارضة وأحزابكم تتهموني آني إنكليزي، وربطت العراق بالإنكليز … ليش آني وجدت العراق مستقل وربطته بالإنكليز؟ لو وجدناه تحت الإحتلال الإنكليزي وطلَّعناه من الإحتلال وأدخلناه في عصبة الأمم دولة مستقلة؟ وشوية شوية نُعمِّر البلاد بالممكن والإمكانيات الموجودة”.
هذا ما جرى بالضبط وبأمانه.
بناء على طلب مني، كتبَ لي الأستاذ عمّار الزهاوي (حفيد حسين جميل لإبنته البِكر، سُهير) ما يكاد أن يتطابق مع ما كتبته لكم إعلاه، خاصة وأنه كان مُلاصقاً لجَدِه.
لكن لنرَ معاً ماذا جاء في صفحة الفيسبوك للأستاذ Farouk Fadhel الذي أكَّدَ أن ما كتبه كانَ قد سمعه من حسين جميل مباشرةً:
بعد أن يتحدث عن حصول اللقاء بالصدفة، أورد فاضل الحوار التالي بين الشخصَين:
نوري السعيد: ”ها لَكْ حسين لِهنا ولاحكني”.
حسين جميل: ”باشا هذا خادمَك دا أسجلة بجامعة بريطانية”.
السعيد (موجهاً كلامه لإبن حسين جميل): ”إسمع إبني إجتهد بدراستك حتى من تتخرج تجي تخدم بلدك وتساهم ببنائه”.
إبن حسين جميل: ”إن شاء الله باشا”.
السعيد: ”مو تحط نفسك بالسياسة مثلي ومثل أبوك وتاليها تاكل تبن”.
إبن حسين جميل: ”إن شاء الله باشا”.
السعيد: إسمع أكو بيت خوش بنات بيه مو بعيد منّا. وقت فراغك روح توَنَّس.
ثمَّ يأتي في رواية الفيسبوك ما هو أفظع:
”لما ودعنا نوري السعيد، صاح ورانا: إسمع لَكْ ابن حسين جميل … مو مِن ترجع لبغداد تكول نوري صاير كوا… (قوّاد) بلندن … يله حسين أخذ إبنك وانكش تره روحي بخشمي”.
لا حاجة للقول، أنَّ مثل هذه الكلمات والعبارات غير اللائقة لا يُمكن أن تصدر عن شخصية كبيرة ومحترمة مثل نوري السعيد. لا يُعقَل أن ينصح سياسي مخضرم شاباً بعمر 15 عاماً أن يذهب إلى بيت للبغاء، وأمام أبيه. ثم يطلب من هذا الشاب ألا ينعته بـ ”القوّاد”؟ ولا أن يقول لنظيرٍ له في التنافس السياسي ”ها لَكْ حسين” و ”خُذ إبنك وانكش”؟
آمل أن يقوم صاحب هذه الرواية التي لا يُمكن تصديقها بشطب منشوره، أو تعديله بما يتلاءَم مع الحقائق أو بما هو معقول، على أقل تقدير.

  

إذاعة وتلفزيون‏



الساعة حسب توقيت مدينة بغداد

الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

793 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع