عباس العلوي
المفلس في اللغة : من لادرهم له ولامتــاع
وفي الشريعة : بحديث منسوب للنبي ص "المفلس من امتي من يأتي يوم القيامة بصلاة وصيام وزكاة ، ويأتي قد شتم هذا ، وقذف هذا ، وأكل مال هذا ، وسفك دم هذا ، وضرب هذا" ... الخ الحديث الشريف .
وفي العُرف الاجتماعي : فاقد الخلق ، سليط اللسان ، قليل الحياء ، نمّام .
يُكنى عند العراقيين < بايع ومخلّص > !!
وفي السياسة : ليس له غير الثرثرة والقذف ولغة القمع واطلاق الكنى والألقاب العظمى على نفسه وأفضل نموذج لهذا المعنى مجنون ليبيا السابق الذي اجلسه الثوار على الخازوق لحظة وفاته ملقبا نفسه : العقيد / قائد الثورة الليبية / أمين القومية العربية / عميد الحكام العرب / رئيس الأتحاد الآفريقي / ملك ملوك افريقيا / إمام المسلمين / لكن اللقب الاجمل الذي حصل عليه كان من الرئيس السادات عندما قال : الواد المجنون بتاع ليبيا !!
شاء قدرنا نحن العرب والمسلمين ان نبتلي بقادة مفلسين احترفوا الحروب والقتل العمد وبنوا عروشهم على جماجم الناس الابرياء حينما احاطوا انفسهم بثلة من السماسرة والمداحين واصحاب الفتوى المأجورة ليحكموا البلاد والعباد بأسم الدين وحفلت كتب التاريخ بمثل هذه القذارات بدءا من دولة : غياث الدين وركن الدين وفخر الدين الى الجزارين الذي تقمصوا اسماء الله الحسنى زورا وبهتانا كالهادي / المهدي / المنصور / الرشيد / المستكفي بالله / المطيع لله / الطائع لله / القادر بالله / المسترشد بالله / المقتفي لأمر الله / المستنجد بالله / المنتصر بالله / العزيز بالله / الناصر لدين الله وختامها كان بأبي الفضل جعفر المتوكل !!
في الزمن المعاصر لازمتنا عقدة المفلسين < كملازمة الجرو لأمّه >
في الدول المتحضرة مثلا
لايخلعون الالقاب على ملوكهم او رؤسائهم يكتفون بذكر مُسمى الوظيفة فقط تسمع فقط ب / ملكة الدنيمارك / ملك السويد / ملك اسبانيا / الرئيس ديغول / الرئيس اوباما / رئيس الوزراء ديفيد كاميون / وزير الخارجية جون كيري ....ألخ
أما عندنا فتمشي الأمور بالمقلوب وإياك اياك ان تنسى أو تتناسى ذكر < العبارات المقدسة > التي يحيط بها المفلس نفسه وربما قد يودي ذلك بك الى التوبيخ اوربما التهلكة !
قاموسنا السياسي القبيح حافل بألقاب مخجلة امام مرأى ومسمع العالم كله / خادم الحرمين الشريفين صاحب الجلالة / جناب السلطان الأعظم / جناب الصدر الاعظم / امير المؤمنين صاحب الجلالة / القائد الضرورة حفظه الله ورعاه / دولت رئيس الوزراء / معالي الوزير / سعادة السفير / صاحب السمو امير البلاد المعظم الشيخ فلان / صاحب السمو المفدى جلالة الملك / والى اخره من الخرابيط التي يتلذذ بها الحاكم المفلس وحده !!
أما في العراق فحكايتنا مع القادة المفلسين لها فصول وفصول تدخل جميعها ضمن صفحات الكوميديا السوداء فبطل < ام المهالك > خلع على نفسه 99 لقبا لينافس الله في عرشه وجلاله وقد نشرت حينها في وسائل الأعلام وادبيات النظام السابق ومن اطرفها كان مسك الختام عندما حصل على لقب < المُدان > يوم صدور حكم الأعدام عليه ليكمل المائة لقب قبل دخوله القبر !!
وفي العهد الديمقراطي < المبارك > ازدهر سوق المفلسين من قادة الأحزاب والمليشيات وكان من سماته الأولى النفخ في قربة مثقوبة والضرب على طبل اجوف بينما تبقى السمة الاخيرة والمهمة هي الزعل !
اقول الزعل لأن رئيس الجمهورية ربما يزعل اذا لم تبدأ حوارك معه بكلمة : فخامة الرئيس او فخامة النائب < اذا كان نائبا للرئيس >
وبالتأكيد سيزعل منك اصحاب الرئاسات الثلاث اذا لم تخاطب كل واحد منهم بدولت الرئيس ولكنه في نفس الوقت لايزعل اذا كانت البلاد بطولها وعرضها فاقدة للأمن والأمان والماء والكهرباء والخدمات !
دولت الرئيس علاوي بعد ان افلس و < خسر الجَمَل بما حمل > ليس له اليوم غير الخوف من شبح المالكي وربما الأخير يتسلل اليه في مناماته اذ كل مايحصل اليوم من براكين وزلازل وتسونامي في اليابان وكوريا واندونوسيا سببها المالكي وحده وليس غيره !
وفي جمهورية المفلسين جاءنا دون سابق انذار < دولت القوي الأمين > الذي لايملك من هذا اللقب غير ثريد الكلام وهذه واحدة من سفسطاته التي لايفهمها افلاطون اوحتى ارسطو :
< إن الخطاب في المرحلة الحاضرة يملأ لنا فراغاً كبيراً، ولطالما كنا نعاني مِن أزمة خِطاب، وحين يلتحم الخطاب بالخطيب والتجسيد يكون الخطاب قد انطلق مِن عُمق الخطيب المعطي، لينفذ إلى عُمق المتلقي >
في القريب العاجل سندخل جميعا فصل الانتخابات البرلمانية او فصل الأفلاس الأخلاقي وبالتأكيد سترى بأم عينك سوقا رائجا لكشف العورات يُسخر له الملايين او المليارات من دولارات المال الحرام كل حزب اوطرف منافس مفلس سيأتي ببضاعة كاسدة زائفة كاذبة ليخدع ناخبيه مرة أخرى دون حياء او خجل
ولاحول ولاقوة الا بالله !
السويد في : 31 / 8 / 2013
954 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع