ابتسامة ولكن..!

                                              

يسألونني، أين مقالاتك الساخرة؟ أين «الابتسامة الخجلى» التي تعودناها؟ ولا أجد إجابة سوى: «هم خلوا فيها ابتسامة؟». البؤس يحيطنا من الجهات الاربع، والكآبة تخنقنا، والدمع والدم يغرقاننا فكيف نبتسم؟

حالنا اليوم، ونحن نحارب من أجل شبهة ابتسامة، كحالي قبل سنين عندما كنت أغادر العيادة والأرض لا تكاد تحملني، بعد أن أخبرني الطبيب أني حامل بـ «بنوتة» بعد ذكرين. كنت أقفز فرحا وابتسامتي لا تفارق وجهي، حين استوقفني رجل غريب من حيث لا اعلم، وصرخ في وجهي «امحي هذه الابتسامة عن وجهك بحق الجحيم»؟
تجمدت في مكاني لثوان لأفهم ما الذي حصل، أكمل «الاخ» طريقه وكأن شيئا لم يكن، بينما رحت احاول استعادة وعيي وأفكر في خياراتي: إما أن أدعه يعكر صفو فرحي، وأمحو ابتسامتي بناء على رغبته هو، أو ان أكمل طريق سعادتي ولا آبه لترهاته، فأصل البيت لأخبر زوجي وأولادي (الذين طلبوا مني ألا أخبرهم بجنس المولود). وبالفعل وبكل طاقتي على الابتسامة اشتريت باقة زهور (باللون الوردي).. وذهبت إلى البيت مع زهوري وابتسامتي.
نحن نحارب من اجل الفرح، من اجل حق الروح بالابتسامة، وفي غمضة عين، يأتي من يسرقها منا، بكلمة، بفعل، بتصريح، ببيان، بفتوى.! بعض الناس تزعجهم ابتسامتك، والبعض الآخر يسخر منها، وآخرون يقللون من شأنها، ومنهم من يكرهها، على الرغم من فوائدها العديدة، كتحسين المزاج، تخفيض ضغط الدم، رفع مناعة الجسم، وإزالة التوتر والاكتئاب.. وغيرها.
في لحظة تجلٍ (التي باتت نادرة)، وبعد أن قرأت دراسة تؤكد أن الابتسامة سلاح فعال ضد التجاعيد، قمت بعمل بحث ميداني بسيط في احد المجمعات. رسمت ابتسامة لطيفة على وجهي، وتابعت تجوالي بين الناس لأستطلع ردود أفعالهم. فوجئت.. أن ابتسامتي في وجه البعض طبعت علامة استفهام كبيرة على محياهم. أغلبهم استغربوا ولم يصدقوا، وكثيرون منهم تجاهلوني، بعض النسوة رمينني بنظرة تشكك بقدراتي العقلية. الأطفال ذعروا، بعض الشباب ضحكوا (عليّ لا لي)، والبعض الآخر تبادلوا التهامس بكلمات لم أسمعها، فقط فئة من السيدات المتقدمات في العمر ابتسمن لي بمودة. لكن أجمل الابتسامات تلقيتها من العمال والعاملات البسطاء، هؤلاء الذين لا يملكون «بريستيج» يخافون عليه من الخدش، فردوا علي بابتسامة اكبر وأحلى.
تحكي لي فتاة شابة انها كانت تقف في طابور لشراء القهوة، فابتسم لها شاب يقف أمامها، فما كان منها إلا ان رمته بنظرة: «نعم؟ ماذا تريد؟». انكفأ الشاب على نفسه واشترى قهوته ورحل. عندما عادت الى البيت لامت نفسها، اذ تقول «أثناء دراستي في اميركا كان من الطبيعي، بل من المفروض أن أبتسم في وجه كل من يقابلني، فلماذا قابلت ابتسامة الشاب بهذه الخشونة»؟ قلت في نفسي، للأسف يا ابنتي نحن في مجتمعات مريضة لا تفهم البشاشة إلا على انها استضافة ودعوة، فالابتسامة عندنا أصبحت شبهة..!
للعلم: الإنسان هو المخلوق الوحيد الذي يضحك ويبتسم. ابتسم يا أخي واستغل إنسانيتك..!

أطفال الگاردينيا

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

814 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع