اسماعيل مصطفى
العدالة بمفهومها الأوسع
تُعد العدالة من حيث المفهوم والدلالة أفضل وسيلة لتحقيق الأمن والاستقرار في أي بلد يقدر على تطبيق مقتضيات العدالة في كل الميادين.. من هذا المنطلق اعتبر الفلاسفة والحكماء العدالة بأنها وسيلة وهدف في آن واحد لبعث الاطمئنان في نفوس أبناء الشعب الذي يحظى بتطبيق جيّد ومنصف للعدالة.
بقي أن نعرف أن العدالة في بعدها الأولي تعني اعطاء كلّ ذي حقّ حقه. أما إذا أردنا أن نتوسع في هذا المفهوم فينبغي القول أنّ العدالة تقتضي المساواة أيضاً بين الحاكم والمحكوم والقوي والضعيف والقريب والبعيد على حدّ سواء..
السؤال الذي يطرح نفسه؛ لماذا فشلت بلداننا في بسط العدالة في مجتمعاتنا على الرغم من الثروات الهائلة التي تختزنها دولنا والمخزون المعرفي الهائل الذي نمتلكه والذي يتحدث عن العدالة ويبيّن أبعادها وآثارها وضرورة تطبيقها والموانع التي تحول دون ذلك؟
الإجابة عن هذا التساؤل تكمن -بشكل مختصر- في أنّ المتصدين والمسؤولين في بلداننا لا يتحلّون بخصلتين أساسيتين؛ أولاهما الاخلاص وحبّ الشعب، وثانيهما التخصص وامتلاك العلم الذي يؤهلهم لفهم معنى العدالة، فضلاً عن نواياهم السيئة وتربيتهم الهابطة التي لم تعلّمهم سوى السرقة والخيانة والعمالة للأجنبي والشواهد على هذه الحقيقة المرّة كثيرة جدّاً..
إذن ما هو المطلوب لنشر العدالة؟
الإجابة عن هذا التساؤل بحاجة أولاً إلى إزاحة الفاسدين وغير الكفوئين وغير المخلصين عن السلطة والاتيان بأشخاص لائقين للمناصب الحسّاسة في الدولة ووضع كافّة الامكانات تحت اختيارهم بعد أن نحرز تماماً أنّ هؤلاء الأشخاص يمتلكون الأهلية العلمية والتجربة الناضجة لأداء هذا الدور على أحسن وجه، ولا يتم ذلك ما لم تكن هناك نهضة ثقافية اجتماعية واسعة تضمن لنا انتخاب الأصلح من بين الأشخاص وعدم ترك الحبل على الغارب لكلّ من هبّ ودبّ، لأن الضريبة التي دفعتها بلداننا كبيرة جدّاً جرّاء الفشل الذريع في تطبيق مقتضيات ومتطلبات العدالة، ولا خلاص إلّا بالاخلاص ولا نجاة إلّا بتولي الصالحين شؤون الأمة، والحديث النبوي الشريف يؤكد (إثنان إذا صلحا صلحت الأمة وإذا فسدا فسدت الأمة؛ العلماء والأمراء) وكل فساد نراه إنّما نجم في الحقيقة عن عدم قيام العلماء والأمراء بواجباتهم على أحسن وجه مع الأسف الشديد..
558 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع