الروائي " لميس كاظم " يقدم درساً تربوياً في روايته ( الماردة والصبايا)


علي المسعود


الروائي " لميس كاظم " يقدم درساً تربوياً في روايته ( الماردة والصبايا)

صدرت رواية الكاتب العرقي المقيم في السويد لميس كاظم “ المارِدة والصَبايا" عن مؤسسة ابجد للترجمة والنشر والتوزيع في العراق ، للكاتب عدة روايات صادرة ، ومنها رواية همس الغرام في عام 2012 ، رواية قناديل مطفاة في عام 2011 ، رواية عقيق النوارس في عام 2009 ورواية الجسد المر 2006 . كما أصدر في عام 2016 كتابه المتميز ( أندماج العراقيين في المجتمع السويدي بين الأنين والحنين ) .

في هذه الرواية يسرد الكاتب حكاية مجموعة من الشابات في مقتبل العمر سقطنً في براثن الادمان على المخدرات ، حاول الكاتب تحديد اسباب ضياعهنً . ومن خلال أصوات الصبايا يتم السرد في الرواية بشكل تحتفظ كل شخصية بمنظورها الخاص وكيانها ضمن الحدث الروائي، يفتتح الكاتب روايته في من المركز التأهيلي والذي يطلق عليه ( السيس) في مقاطعة هلاند ينطلق الكاتب في سرد الحكاية حيث تتركز معظم أحداث الرواية . بعدها يكشف لنا الكاتب نزيلات المركز وهنً تسعة صبايا يتوزع بينهن ثمانية موظفي المركز التأهيلي وهنً:
- مارتا، من مدينة "مالمو" عمرها 15 سنة و سبب وجودها هو غيابها المتكرر من المدرسة وتعاطى المخدرات .
ـ سعيدة، من "ستوكهولم"، وعمرها 18 سنة وسبب وجودها هنا ترك المدرسة وتعاطي وبيع المخدرات .
ـ هدى، من "مالمو"، وعمري 15 سنة ، سبب وجودها هنا تعاطي المخدرات وغيابها من المدرسة . و عند الكشف عن شخصيتها :" أنا هدى أنور العاند. ولدت في مالمو ، أنفصل أبي عن أمي قبل أن أكمل ثلاث سنوات وعاد إلى بغداد ولم أره بعد ذلك. عندما كبرت أخبرتني وأمي بوفاته إثر انفجار تعرض له في بغداد عام 2008 . ولديّ أخت اسمها وعد تكبُرُني بخمس سنوات. يعيش فريدريك مع أمي معاشرة منذ سنوات. كنت أحس بالاختناق والاحتقار. كان يعاملني بقسوة خفيةً. بعد ثلاثة أشهر تركت الشقة لأني لم أنسجم مع فريدريك وعشت عند جدتي" ( ص 34) .
ـ الشابة حفيظة ، عمرها 17 سنة، وسبب وجودها هنا جريمة قتل وكآبة . كانت تعيش في قرية شيشانية اسمها “زاكانيورت” تعتمد على زراعة الحنطة والشعير . إثناء قصف الطيران لقريتها سقطت قذيفة على دارها فقتلت أمها وأخوتها الثلاثة ونجت بأعجوبة ، أما ألاب فكان يعمل في المخبز ، خلال ساعات أصبحت هي وأبيها مشردين بلا مأوى ولا أهل ولامال بعد تدمير المخبز . عاشت حياة مذلة في المخيم . كان حسن مسؤول المخيّم يتحرّش بها ودائماً تصده ، بعد ستة أشهر تزوج أبيها أرملة شيشانية تُدعى منيرة سُرعان ما فرضت شخصيتها على ألاب . وباتت تعاملها بقسوة دون سبب رغم أنها كنت مطيعة لها، كان عمرها 15 سنة عندما أجبرتها منيرة على الزواج من مجاهد شيشاني مقابل مهر قدره 800 دولار ولم تستلم منه دولارًا واحدًا. ويطلق على هذا الزواج “جهاد النكاح “ الذي شاع حديثا بين المجاهدين . حين قرأت المشرفة السويدية "لوتا " ملفها المزدحم بالفواجع والأحزان أصابها الكمد " لقد مرت عربة الهزائم فوق عمري فكَسَرَتْهُ . أنا فتاة هزمتها الفواجع ورمتها في زاويا مهملة و بين محطات المنافي تواجه قدرها. عشت مسلوبة الإرادة وتَشَرّدْتُ في المخيمات ذليلة. كنت أسمع شتائم الناس المنكوبة ضد قادة الشيشان. كانت وجوه النازحين واجمة تناجي الرب في السماء. وقتذاك ضاق صدري واكتويت بعبراتهم . أسئلة كبيرة شوشت تفكيري: ما ذنبي في تحمّل كل هذه المصائب؟.. ما ذنبنا نحن الفقراء في ما يجري؟.. ولماذا ندفع هذه الضريبة الثقيلة؟.. من يُقرر مصيرنا؟- ص30.
وتتابع سير خط حياتها " لا نعرف عما يتناحرون.. وما يبغون منا.. ولماذا يدنسون اسم الله بجرائمهم؟ قفز شبابي إلى الشيخوخة قبل أن يزهر. واقترب عمري من حالات الموت مرات عديدة . كنت أجوب القرى والمدن بحثًا عن مكان آمن. كنت أقف في الطابور لتُقدَّم لي المؤونةُ من السطل وارتدي أسمالا رثة يتصدق بها الصليب الأحمر الدولي. وكلما اختلف القادة فيما بينهم اشتدّ علينا زحام الموت. كان رهاب الخوف ظلي. أخرج من قصف وأقع في كمين. ثم يتسابق المؤمنون والكافرون لاغتصابي حيثما حَلَلْتُ، منذ الصباح حتى آخر الليل . كنا نعيش في خيام الأفرشة والأغطية فيها متسخة تفوح منها روائح الموت، والأمطار تهطل فوقنا تحمل رائحة الأشلاء المتناثرة في السماء جراء القصف. ولم نكن نملك سوى الصبر نلتحف به والشكوى إلى الله نوجّهها كأضعف الإيمان. " ص 31 .
ـ الصبية آمال عمرها 17 سنة، سبب وجودها هنا عنف أسري ، وهذه الفتاة ذات اصول أردنية ، عانت من قسوة الاب واستبداده الّذي لا يقبل أيّ نقاش أو تعبير يخالف رأيه وسطوته ، "ما أن تبلغ الصّبيّة تسع سنوات حتى تُحرّم عليها العلاقة أو الصداقة مع ولد أو حتى اللعب معه. "أما علاقاتي مع صديقاتي فمحدودة جدًا. إذ يوافق والدي على الصداقة بعد أن يعرف عائلتها وأصولها. كان يمنعني من الاختلاط بالصبايا العربيات بل حتى مع الفلسطينيات غير المسلمات. أما عن الصبايا السويديات فمحرّم أصلا الاختلاط بهن لأنه يعتقد أنهن منحرفات " . ص 41
ـ لاورا - عمرها 18 سنة من مدينة "اوسترشنود" سبب وجودها قلة التركيز وغياب عن المدرسة . وتعاني من مرض "التوحد" ، اضطراب الحركة ونقص التركيز ـ يُعفيها من تأدية الواجبات. لذا يتم التساهل مع غيابها عن الحصص المدرسية ، ولا تكلف بأي مهام. وأغلب الأحيان تتصرف بحسب مزاجها ، لقد ترهل جسمها وأصبحت بدينة بسبب عشقها الأكل بشراهة رغم تحذيرات الطبيبة والممرضة بضرورة تخفيض وزنها الذي أصبح 97 كيلوغراماً في حين أن طولها 1،63مترا.
ـ الصبية أماندا عمرها 16 سنة من مدينة "فيسبي" وحكم عليها بالسجن بسبب السرقة.
ـ الصبية كاميليا من مدينة "غوتنبري" وعمرها 18 سنة، سبب وجودها تجارة سلاح .
- الصبية زهرة وعمرها 15 سنة، وسبب وجودها قضية شرف وتهديد بالقتل . أما المسؤولة عن القسم كانت (برغيتا نيلهامن ) والمعالجة النفسية ( لوتا لوندبيري) والمعالجة الاجتماعية كاتيا إيك وباقي الموظفين .
هذا المنجز الروائي للكاتب "لميس كاظم " المختلف عن باقي الاعمال بطريقة السرد وتعدد الاصوات في الرواية ، حتى يغدو للقارئ ان كل صوت من هذه الاصوات التسعة هو عمل روائي منفصل بسبب تباين الظروف وتنوع الخلفية الفكرية والاجتماعية لكل صوت أو صبية والحديث يطول عن تلك الفقرة ، ولكن عند الحديث عن تصوير الشخصيات الروائية، نرصد بعض الشخصيات التي اكتفى الكاتب بتصويرها تصويراً باهتاً في بعض المواقف ، على سبيل المثال شخصية (كاميليا) و ( لاورا ) أو زهرة ،
العنوان – عتبة النص ( الماردة والصبايا )
يعتبر العنوان من أهم عناصر النص الروائي لكونه بوابة الدخول الاولى في تلقى المنجز الادبي ، وهو عتبة النص الادبي وتميزه عن غيره وبتعبير (إمبرتو ايكو) – "العنوان قاعدة عليها أن ترن دائماً وتخلخل الأفكار لدى المتلقي"، وانا ارى ان العنوان اعلاه لايعطي توصيفاً دقيقاً لواقع حال الفتيات الضحايا ، ربما يكون ( أرواح مهشمة ) اقرب الى توصيف شخصيات الرواية مستندا الى احدى حوارات أحدى الشخصيات الا وهي حفيظة : "معقول؟ تستمدين طاقة إيجابية من مشاعر محطمة؟.. أي نوع من هي هذه الطاقة المنبعثة من الفواجع؟. أنا أشعر أني وعاء منخور وفارغ واحتاج إلى طاقة تملأه لتعالجني . أليست هذه مفارقة؟ " . ص 183 . ربما أراد الكاتب من خلال العنوان الى أن الماردة وصوتها الذي يطارد الفتيات هي اشارة الى النزعة المتمردة والمحرضة على الخروج عن الضوابط أو الالتزام بقيم العائلة والمجتمع .
البنية الفنية للرواية :
تتعدد الشخصيات في رواية الكاتب لميس كاظم (المارد والصبايا) وتتنوع، فهي تضم مجموعة من الفتيات ومن مختلف الخلفيات الاجتماعية والأنتماءات والثقافات المتباينة ، تتباين في طباعها ومواقفها والمستوى الاجتماعي ، إلى جانب شخصية البطلة (هدي) الشابة العراقية الأصول التي يفتتح الكاتب روايته ويختمها معها عند اعادتها ثانية ً الى مركز التاهيل السيس ، هناك مجموعة كبيرة من الشخوص النسائية التي يصورها الكاتب "لميس كاظم" صبايا متمردات وفي نفس الوقت هن ضحايا ويعزي الكاتب ذالك الى نقطتين مهمتين وهما ، اولا : الاهمال العائلي و التفكك الاسري ، وثانياً سطوة وثاثير تجار السموم وعصابات المخدرات على الشباب و الشابات وهنً بعمر الزهور والتي قادتهم الاقدار الى السقوط في مستنقع الادمان . يؤشر الكاتب الى التفكك الأسري والضغوطات الاجتماعية التي مررنً بها والتي كانت أقوى منهنً فوقعنً فريسة لها . حاول الكاتب (لميس كاظم ) على لسان شخصياته تصوير الهم الاجتماعي والقضايا الشخصية من خلال إطار واقعي للشخصيات، إذ أخذ في تحليل شخصياته الرئيسة والثانوية تحليلاً عميقاً من خلال علاقة الصبايا بالأم والاب ، ولم يغفل الروائي في تقديمه لشخصياته ملامحها الخارجية وقسماتها العامة، مثل شخصة الام هيفاء والدة هدى أو أم الشابة مارتا ، ألام بيآتا وغيرها من الشخصيات المساندة .
فيما يتعلق بحبكة الرواية وبنيتها الفنية التي خرجت تماما عن المنظومة التقليدية في سرد الاحداث وبناء الحكاية، حين قام الكاتب ببناء روايته بأسلوب ادبي متجانس وفق المواصفات الهندسية . حكايات يتعاقب على سردها صبايا يتحركنً بحرية في الفضاء السردي ومن خلال تركيب التفاصيل المتداخلة مع بعضها ( ألام والصبية ، أو ألاب والصبية ) والتي تعكس شخصية الفتاة المهشمة أو الضائعة (وليست المتمردة ) وتلتبس المسببات لكل صوت من الاصوات . بالرغم من الخواتم الحزينة لمصائر بعض الصبايا ( مثل إنتحار حفيظة أو موت الشابة لاورا) لكن هناك نتائج سعيدة ومفرحة مثل التغير في شخصية الصبية آمال وإقامة معرضها الفني و متابعة دراستها وكذالك شفاء الشابة مارتا وعودتها الى حضن والدها .
هناك تفرد في هذا النص الروائي وهو حالة تداخل الفنون في نسيج السرد انطلاقا من الخلفية العلمية للكاتب وثراء اتجربته العملية ( حاصل على الدكتوراة في الهندسة ) ، ويبرز هذا في الحوار بين ( أيفا ) الطالبة في كلية هندسة البناء في جامعة أوبسالا والمهندس المعماري ( أرتور يانوفسكي ) ومناقشة المشاريع الهندسية والتصاميم الهندسية الحديثة ، والنقاش حول اسلوب المعمارية العراقية الراحلة (زها حديد ) وغيرها من المواضيع العلمية، هناك قضايا أثارها الكاتب تخص موضوع الاندماج الثقافي للمهاجرين وافرازات الجيل الثاني من الابناء ، والحديث عن الابداع وتفجير الطاقات عند الصبايا ، وتبرز تلك الحالة عند مباشرة الصبية آمال بالرسم، وتبدو كظاهرة لا يمكن فصلها عن وعي المبدع لذالك تتحول الى إنسانة فاعلة وذات أثر جمالي في آن واحد ، وتبدو متصالحة مع ذاتها ويتسيد السلام الداخلي على روحها .
علاقة الكاتب بالنص الروائي :
تبرز علاقة الكاتب بالسرد جلية واضحة من خلال استخدامه تقنية السرد الذاتي بضمير المتكلم (أنا)، وهذا النمط في سرد الوقائع يناسب طبيعة المرأة المثقلة بالهموم والأحزان، التي تجنح للحديث مع النفس، ومع الآخرين بهدف إعادة التوازن إلى ذاتها الحائرة المقهورة ، في حين"مارتا" في الرواية وهي باحثة اجتماعية تشكل المرآة العاكسة لطبيعة الارواح المهشمة ولذا تعمل مارتا على التخفيف من ألم الصبايا، وأيضا معالجة أسباب الجنوح للحد منها، وبما أنها امرأة وتعمل ضمن نطاق إنساني، فهذا يجعلها تتعاطف مع الكثير من الفتيات، وهذا يتضح من خلال تباين الاسباب في وصول الى المستوى المطلوب والى العلاج من الحالات التي يعانهن منها ، هذه تم حجزها على خلفية الهروب من المدرسة والسقوط في وحل الادمان ، والاخرى بتهمة تجارة السلاح وثالثة القتل . أبطال رواية الكاتب لميس في هذه الرواية وكما إعتدنا عليه في أغلب رواياته في حالة الانسجام مع العالم الذي يعيشونه ، وفي هذا االعمل الادبي يرجع الكاتب الى الماضي بإستخدام ” فلاش باك” ويعود بنا إلى نشأتهنً في محاولة لتفسير دوافعهنً النفسية.

رسائل الكاتب التربوية :
أراد الكاتب من خلال نصه السردي تقديم رسائل ( مسجات) تخص التربية والتعليم واسلوب تعامل الاباء والامهات مع الابناء من كلا الجنسين وهذه الرسائل تكون على لسان المشرفات على علاج الفتيات ، ومن هذه الرسائل مثلاً ، حين تخاطب المعالجة النفسية النزيلة " أمال " وتقول لها :" المؤسف أن الأم التي لا تفهم ميول ابنتها تغترب عنها . من الغباء ألا يفكر الوالدان بأن للطفل عالما خاصّا وجبت رعايته والعناية به عناية دقيقة. ووجب احترام مشاعره وتنمية مواهبه. نحن نُحرّم العنف أو اضطهاد الطفل، ونحاسب كل من يمارسه وإن كان الوالدان. تقوم التربية السويدية على الشراكة في التربية بين الوالدين ودوائر الرعاية الاجتماعية. في بلدانكم يعتبر الأهل الطفل منتوجًا خاصًا بهم. أمّا نحن فنعتبره منتوجًا خاصاً وعاماً في آن واحد، وعنصراً تستفيد منه العائلة والمجتمع معًا. لذا نحن نراهن على تنميته وتعليمه ليصبح منتِجاً". ص25 ، وكذالك حين تلتقي "لوتا لوندبيري " المعالجة النفسية بالشابة هدى وتقول لها : للطفل حقوق يفترض بالأم أن تصونها وتنفذها بنبض متدفق لتصل إلى طفلها إيعازات سليمة. هناك اعتقاد خطأ يقع الوالدان فيه وهو أن الطفل غير واع ولا يفهم سلوك والديه ويشعر به. في حين يمتلك الطفل وعيا فطريًا يُمكّنه من تحديد مشاعر والديه تجاهه وتمييزها. وفي ضوء ذلك يبادلهما المشاعر والتصرف بالقدر الذي يناسب كلا منهما. الأم ملزمة لترعى طفلها وتعتني به بما يتناسب مع عمره، وتحترم مشاعره وتُقوّم سلوكه وترشده". ص 36 . الرواية هي دراسة اجتماعية عن اسباب جنوح الشباب وانحرافهم وخاصة الفتيات الشابات ، على الرغم من أن الكاتب ليس باحثا نفسيا أو اجتماعيا ، وإنما هو رجل أكاديمي وأديب صدرت له أربع روايات ومقالات عن والمواطنة والمجتمع المدني والديمقراطية وحقوق الإنسان، و له تجربة عملية ومعايشة لواقع المجتمع السويدي لأكثر من 25 سنة ، وكذلك ناشطا في مجال جمعيات المجتمع المدني والمؤسسات الثقافية السويدية ، أستاذا محاضرا عن المجتمع السويدي، مستشارا للجمعيات الاجنبية، ريئسا لاتحاد الجمعيات الابداعية في السويد، مهندسا معماريا، مديرا لشركات، مدربا، ومعلما في سوق العمل للمقيمين الجدد الأجانب في مدينتي تريليبوري ومالمو جنوبي السويد. ولكن لقاءه بأعداد كبيرة من المهاجرين من مختلف الجنسيات وبمختلف الأعمار، والانتماء الفكري والقومي والديني ولدت تراكمات خبرة في فهم وتحليل مجتمع المهاجرين واندماجهم مع المجتمع السويدي، هذه التجارب اعطت للروائي زخم كبير في صدق وواقعية شخوص روايته وتأثير المجتمع السويدي معتمداُ على أسلوب المقارنة بين مكونات الفرد ( الصبايا ) وأفعالهنً والعائلة والخلفية الاجتماعية و الثقافية والجذور مع واقع وأنفتاح المجتمع السويدي .
هناك أشارة الى التربية والعقلية الدينية المنغلقة والمتخلفة التي لا تعترف بالآخر ولا تعترف بالاختلاف ولا تعترف بالتعدد . تشير القراءة لهذه الرواية إلى تعاطف الكاتب مع قضية المرآة وحرصه على الدفاع عنها وإنصافها، وتجسيدها في صورة مشرقة ومضيئة في المجتمع، إستمراراً لنهج الكاتب الذي برز في رواياته السابقة ( الجسد المر ) و(همس الغرام ) ، ذلك أن النص يدور بلسان أمرآة وهو المنصف لها دائماً ، يغزو مشاعرها، يكشف أدق تفاصيلها ، ويغوص بأحلامها وأوهامها وآلامها ومعاناتها . كما يكتشف القارئ للرواية أن الكاتب حرص على أن تظل شخصياته تتمتع بقدر كبير من الاستقلال، وأن تحمل بصماتها الخاصة، وأن تبقى فاعلة ومتطورة .
في الختام : كتب " لميس كاظم " رواياته بأساليب سردية متنوعة وأثثها بتقنيات حديثة لتصبح مجمعًا ابداعيًا حديث الطراز يبهر القارئ وهو المهندس والشاعروالقاص. ( الماردة والصبايا ) عمل روائي جريء وغير تقليدي في بنيته الفنية ويعكس صورة مشرقة لطبيعة الانتاج الادبي للرواية العراقية بشكل خاص والرواية العربية بوجه عام .

علي المسعود/ كاتب عراقي

  

إذاعة وتلفزيون‏



أفلام من الذاكرة

الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

760 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع