الملك فهد لصدام حسين:(لولا العراق؛ لكنّا مثل فطيّم بين الرعيان)!!

                                                 

                         أحمد العبدالله

الملك فهد لصدام حسين:(لولا العراق؛ لكنّا مثل فطيّم بين الرعيان)!!

عندما يهجم أسد على ثعلب, تتعاطف الأغلبية مع الثعلب ضد الأسد, باعتباره الطرف الضعيف في المنازلة, حتى قبل التثبت من السبب والدافع للهجوم, وكما يقول المثل الشعبي؛(ضربني وبكى.. سبقني واشتكى)!!. الأسود تمتلك الشجاعة, ولكن الثعالب, لديها أسلحة أخرى, مثل؛ الحيلة, والمراوغة, والصوت العالي, والخباثة.

ماذكرته آنفاً ينطبق , بهذا القدر أو ذاك, على الذي جرى بين العراق والكويت في 2-8-1990, وما قبله, وما بعده.
لا أريد الغوص في تاريخ العلاقة الشائكة بين البلدين, ولكن ما أودّ الإشارة إليه هنا, هو إن قضية الكويت كانت حاضرة في مختلف العهود ومنذ تأسيس الدولة العراقية الحديثة في 23 آب 1921,وهي من القضايا القليلة التي فيها شبه اجماع رسمي وشعبي عراقي, مؤداه؛ إن الكويت, جزء لا يتجزأ من العراق.
فقد طالب بها؛ الملك غازي, ونوري السعيد, وعبد الكريم قاسم, وصدام حسين. والغريب إن هؤلاء الأربعة, كانت نهايتهم دموية ومأساوية!!. فهل أضحت الكويت مثل (لعنة الفراعنة), يطال شرّها كلُّ من يقترب منها ؟!!. لقد أشار لذلك؛(سعد البزاز), في كتابه؛(حرب تلد أخرى), الذي صدر عام 1992, والذي أثار غضب النظام عليه, وكانت هذه الإشارة بالذات, هي من ضمن (المآخذ), التي سُجّلت على الكتاب, من وجهة نظر الحكومة. ولكن ماتوقعه البزاز في ذلك الحين, صار واقعا بعد عقد من الزمان تقريبا, ف(ولدت الحرب الأخرى), أو تم استيلادها, والتحق صدام حسين بركب من سبقه من القادة الذين طالبوا بالكويت ,ومعها هذه المرّة, احتلال البلاد وتدميرها وسحقها, وتسليم مقدراتها لحثالة إيران.
إن الذي ينظر لخارطة العراق, يكتشف على الفور,إن المقصّ البريطاني اللّعين, قد ألحق غبناً وإجحافاً كبيرين بهذا البلد, فخط الحدود يتجه شرقاً, بشكل شبه مستقيم, ولكنه فجأة , وقبيل وصوله لساحل الخليج العربي, ينحرف شمالا, بشكل حاد, لكي يحرم العراق من اطلالة تناسبه على الخليج, ليتمكن من إقامة ميناء بحري يليق به. فالعراق اليوم, هو دولة شبه مغلقة بحرياً, فساحله القصير(57 كم), غير صالح لإقامة ميناء عميق, بسبب ضحالته, ممّا يضطرّه لبناء رصيف طويل في العمق على شكل لسان ممتد, مع مايكتنف ذلك من صعوبات وكلف ومشاكل. بينما إلى جواره, تم اصطناع(دويلة), لا تشكّل سوى 1 من 25, من مساحة العراق, ولكن لديها ساحل بحري طوله, مع سواحل جزرها البحرية؛(500)كم !!!.
لقد كان العراق في عام 1988,وهو في قمة اقتداره العسكري والسياسي, على أتمّ الاستعداد لإبرام (صفقة) مع الكويت, تقوم على العناصر التالية؛
1.تنازل الكويت عن الأموال التي قدمتها للعراق خلال العدوان الإيراني عليه, واعتبرتها قروضاً واجبة الدفع.
2.تنازل الكويت عن جزيرة(وربة), التي تكاد تخنق ممر خور عبدالله المؤدي لميناء أم قصر العراقي . ونصف جزيرة (بوبيان),وهما جزيرتان غير مأهولتان, وشكلتا عبئاً على الكويت, خلال حرب الثمانينات, فقد كانتا مهددتان باحتلال إيراني محتمل, مع عدم قدرة الكويت على حمايتهما, وما يشكّله احتلالهما من خطر كبير على العراق قبل الكويت, ومنها؛ غلق صلته بالبحر, تماما.
3.تنازل الكويت عن حقل الرميلة الجنوبي, وهو حقل نفطي مشترك وامتداد لحقل الرميلة الشمالي العائد للعراق.
ومقابل ذلك يعترف العراق بالحدود القائمة , أو ما يُصطلح على تسميته ب؛(خط الدوريات),رغم إن فيه غمط لحقوق العراق التاريخية. ويقوم البلدان بترسيمها بشكل دقيق, وغلق هذا الملف.
في عام 1988 , يوم خرج العراق منتصراً عسكرياً , بعد حرب طاحنة, وباقتصاد شبه منهار. طلب مساعدة (أشقائه)!! الخلايجة , والتي كانت الحرب الضروس دفاعاً عنهم, كما عن العراق, فضنّوا عليه, ولو بمبالغ زهيدة .
وفي عام 1989, أطلق العراق حملة لإعادة اعمار مدينة الفاو , التي دمّرها الفرس عند احتلالها , بسبب رمزيتها , فهي كما وصفها الرئيس صدام حسين؛ بأنها( مدينة الفداء وبوابة النصر العظيم ). فكانت مساهمة شيخ الكويت في تلك الحملة ب10 مليون دولار فقط !!, يوم كان أمراء الاسرة الحاكمة يصرفون أضعاف هذا المبلغ على القمار والساقطات. وفيما بعد, خسرت الكويت 63 مليار دولار,كلفة(التحرير)!! .
وفي حزيران 1990, قام نائب رئيس الوزراء الدكتور سعدون حمادي, كمبعوث خاص من الرئيس صدام حسين, بجولة خليجية, وبينما هو في مطارالرياض في طريقه للكويت, طلبت منه الحكومة الكويتية , في اللحظة الأخيرة, ارجاء زيارته لليوم التالي, رغم إن الزيارة كانت مقرّرة سلفاً, بذريعة إن أمير الكويت لديه ارتباطات مهمة في اليوم المذكور, وتبيّن لاحقاً, إنه كان يستقبل وزير خارجية ايران(ولايتي)!!.
وبينما كان العراق في تلك الأثناء بجاجة ماسّة جداً لأموال النفط, لدعم اقتصاده المثقل بالديون وأعباء إعادة إعمار ما دمرته الحرب الطويلة, تعمدت الكويت والإمارات, اغراق الأسواق بالنفط, مما أدى لانهيار اسعاره, وهبوطه الى سبعة دولارات للبرميل الواحد. وكان كل دولار ينخفض من سعر برميل النفط, يعني خسارة العراق لمليار دولار. ولم تُجدِ محاولات العراق لإثنائهم عن ذلك, نفعاً.
من الوثائق المهمة التي استولت عليها القوات العراقية لدى دخولها للكويت, توجيه مكتوب من شيخ الكويت جابر الصباح لولي عهده؛(سعد), قبيل الذهاب الى جدة للتفاوض مع الجانب العراقي, يقول له فيه: لا تتنازلوا للعراقيين عن أيّ شيء, ولا ترضخوا لمطالبهم, وتشدّدوا معهم... وهذا رأي أصدقائنا في لندن وواشنطن ومصر,نحن أقوى مما يتصوّرون!!.
فهل هذه العجرفة تصدر من طرف, يريد الحل ويسعى لنزع فتيل الأزمة؟!!.
بعد(تحرير)الكويت,وتدمير العراق وفرض حصار قاسٍ لمدة 13 سنة,عليه, مات فيه مئات الآلاف من العراقيين بسبب الجوع والأمراض, كانت الحكومة الكويتية خلال هذه السنين, مخلب القط في التآمر على العراق, وتمارس دور المحرّض, على استمراره, ولم تكتفِ بكل ذلك, بل فتحت أرضها ومياهها وأجوائها للقوات الأمريكية لغزو العراق واحتلاله في 2003, وإسقاط حكومته الشرعية, وتسليمه لحثالات إيران. فكل هذه الجرائم وما ترتب عليها, سابقاً ولاحقاً, برقبة حكومة الكويت, وعليها أن تدفع الثمن, في يوم ما, ولو بعد حين.
الآن؛هم يعضّون أصابع الندم على خيانتهم وجلبهم لأمريكا واحتلالها للعراق ( البوابة الشرقية ), التي وفّرت الحماية (المجانية) لهم لزمن طويل, يوم كان رجال العراق يسكنون الخنادق ويصدّون بصدورهم, العدوان الفارسي المجوسي, بينما كان (الكوايتة),يقضون أوقاتهم في (صيد الحباري), ويتسكعون في مواخير(بانكوك), ومحلات(ماركس وسبنسر)الشهيرة في لندن. فجهلهم وحقدهم وقصر نظرهم وعدم تقديرهم للعواقب, جعلهم يرتكبون هذه الخطيئة الكبرى والفادحة. الآن هم لقمة سائغة لإيران وحثالاتها , تلعب بهم, شذراً مذرا.
وقد أصاب الملك السعودي فهد كبد الحقيقة, عندما قال للرئيس صدام حسين في إحدى لقاءاتهما,في الثمانينات:(لولا العراق لكنّا مثل فطيّم بين الرعيان)!!.
حين يُؤكل الثور الأبيض , سيتبعه الأحمر, فالأسود. فالضبع الإيراني لا يرحم أحداً.. فهل من مُدّكِر؟.

أطفال الگاردينيا

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

998 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع