ذكرى معارك محمد رسول الله في قاطع الفيلق الاول في السليمانية

                                       

                       اللواء/ فوزي البرزنجي    

         

                                              


ذكرى معارك محمد رسول الله في قاطع الفيلق الاول في السليمانية

القسم الاول

في السنة الثانية والثالثة للحرب العراقية الايرانية ( 1982 - 1983 ) استطاع الجيش الايراني في قاطع السليمانية حيث طبغرافية الارض الجبلية المعقدة وتسهيلات الدلالة التي قدمتها عناصر البيشمركة من الاتحاد الوطني الكردستاني وانشغال قطعات الجيش العراقي الاكثر كفاءة وتدريبا في قاطع شرق البصرة مكنته من احتلال مناطق شاسعة في هذا القاطع بدأ من مناطق لسان ميشاف وكرمك وبنجوين شمال شرق مدينة السليمانية مرورا بالعارضة الحدودية العملاقة جبل سركيو الاكثر ارتفاعا وتعقيدا ثم حوض جوارتة وحوض باسنه وحوض ماوت وعارضة كردرش الحدودية السوقية وحوض سفرة وكلالة وجبل احمد رومي وجبل مجداخ العملاق الاعلى ارتفاعا في المنطقة حيث يبلغ ارتفاعه 2127 متر فوق مستوى سطح البحر وسلسلة جبال شريسين امتدادا الى الحافة الشرقية  لبحيرة دوكان شمال غرب مدينة السليمانية ان مساحة هذه المنطقة تزيد كثيرا على مساحة دويلة الكويت .

       

بعد احتلال حلبجة من قبل العدو الايراني كانت تقارير الاستخبارات تؤكد نوايا العدو الوصول الى سد دربندخان لغرض احداث تخريب في جسم السد
بغية اغراق مدينة بعقوبة وقطع طرق الادامة لقطعات الفيلق الثاني المرابطة على جبهة يزيد طولها على 450 كم ثم اغراق العاصمة بغداد لكون كميات المياه المخزونة في بحيرة  دربندخان تقدر بمليارات الامتار المكعبة..

       

لذلك حدثت معارك ضارية بين قطعات الجيش العراقي وقطعات العدو الايراني
على الكتف الشرقي لسد دربندخان ( المتمثلة بعارضة شميران الجبلية التي يبلغ ارتفاعها 1628 متر ) من منتصف اذار  1988 لغاية تموز 1988 نزف ابطال الجيش العراقي الباسل دماءأ  زكية  وضحى بمئات  الشهداء والاف الجرحى دفاعا عن ارض العراق ضد قطعات العدو الايراني لمنعها من الوصول الى جسم السد ’ في 20 حزيران 1988 ازداد ضغط العدو الايراني على قطعات الفرقة 36 المدافعة في عارضة شميران  كان جحفل لواء الايوبي الذي تشرفت بقيادته لاكثر من خمسة سنوات ونصف  من شباط 1984 وحتى نهاية الحرب في أب 1988 يعسكر على سفوح جبل ازمر الغربية  شمال شرق السليمانية لغرض اعادة التنظيم والتدريب بعد ظهر يوم 21 حزيران 1988 صدرت الاوامر من قيادة الفيلق الاول بحركة اللواء الى قاطع  دربندخان كانت الفرقة 36 مقرها جنوب نفق دربندخان قائدها العميد الركن عصام محمود عبد الله والفرقة 28 مقرها شمال النفق قائدها العميد الركن احمد حسن عبيد ان قائدي  الفرقتين من ابناء دورتي الدورة  44 كلية عسكرية واصدقاء أعزاء لي  حال وصولي الى مقر الفرقة 28 وجدت قائدي الفرقتين بانتظاري تلقيت أيجاز منهم عن الموقف وقمت برفقتهم باجراء استطلاع سريع للقاطع  وانتخبت مكان لتعسكر اللواء على الحافة الغربية لبحيرة دربندخان شمال النفق وحال وصول  الافواج  الى المكان أوى اللواء ليلته في العراء في المكان الذي تم انتخابه من قبلي وقبل بزوغ فجراليوم التالي رن جرس هاتف الميدان الذي غالبا ما كنت اضعه جوار رأسي أخبرني عامل البدالة أن قائد الفيلق على الخط اخبرته صباح الخير سيدي قال عقيد فوزي طائرتي في طريقها اليك انت وامري الافواج تحضرون فورا انا انتظركم في مهبط الفيلق (مهبط طائرات الهليكوبتر في مقر الفيلق) واللواء يقوده مقدم اللواء ويعود الى السليمانية قلت له سيدي هل تم تامين النقلية  قال نعم في طريقها اليكم طلبت من عامل البدالة الاتصال بامري الافواج لتامين حضورهم قرب مقر اللواء ماهي الا لحظات سمعت صوت  الطائرة  تهبط على مقربة من مقر اللواء إلا  إن الوقت لايزال قبل الضياء الاول ( كانت الخطط تتغير حسب مقتضيات الموقف الاكثر خطورة والاوامر عادة تصدر بالهاتف )

 

ركبنا الطائرة وعدنا ادراجنا الى السليمانية وعند هبوط الطائرة وجدت قائد الفيلق اللواء الركن سلطان هاشم احمد واقف بانتظارنا صعد الى الطائرة  وجلس بقربي واخبرني مايلي :

(يوم امس كلفنا لواء المشاة 419 بالهجوم على عارضة كردرش الا ان اللواء جابه مقاومة شديدة  وتكبد خسائر جسيمة  وامر اللواء انقطع الاتصال معه ومصيره مجهول ) لذا ستكون مهمة احتلال هذه العارضة هي مهمة لوائكم  بعد وقت قصير وصلت طائرة قائد الفيلق الى مقر الفرقة 44 في حوض ماوت كان قائد الفرقة العميد الركن غانم البصو بانتظارنا ترجلنا وتم ايجاز قائد الفرقة من قبل قائد الفيلق لتنفيذ هذه المهمة بعد ذلك عاد قائد الفيلق الى مقر الفيلق ونحن وقائد الفرقة 44 ركبنا طائرة قائد الفرقة وتوجهنا الى مقر الفرقة التعبوي  في قمة جبل  مجداخ الذي يبلغ ارتفاعه 2127 متر جرى استطلاعي للمنطقة من مرصد الفرقةالا ان المرصد على ارتفاع عالي جدا كأنك تنظر من طائرة لاتستطيع ترى الارض بشكل جيد طلبت من قائد الفرقة تامين عجلة لغرض الاستطلاع بشكل جيد وحين نزولنا ووصولنا الى اسفل عارضة كردرش مرورا  بوادي سفرة وكلالة شاهدنا المنطقة في غاية التعقيد و المدفعية وراجمات صواريخ كراد الايرانية  تدك المنطقة بشدة  اكتفينا بهذا الاستطلاع حتى ان احد امري الافواج قال بالحرف الواحد ( سيدي هذا درب الصد مارد ) أجبته (ان الله معنا وهو حافظنا )..{انوه: وادي سفرة وگلالة  ليس منطقة گلالة التي في قاطع راوندوز}..

عدنا الى المقر المتقدم للفرقة واتفقت مع قائد الفرقة على توقيتات ساعة الشروع وساعة الصفر والخطة النارية واسلوب تقدم الافواج لتحرير العارضة كنت اشاهد من مرصد الفرقة طريق نيسمي من جهة يسار العارضة من اسفل الوادي يتجه الى قمة العارضة اتفقت مع القائد على تخصيص سرية للتقدم على هذا الطريق النيسمي عدنا الى الخلف لاستقبال وحدات اللواء بحدود الساعة الثانية بعد الظهر وصلت طلائع الوحدات وطلبت من امري الافواج استصحاب امري السرايا والتنقل بالطائرة السمتية والذهاب الى مرصد الفرقة في قمة جبل مجداخ لغرض الاستطلاع ومشاهدة العارضة  اعتقد هذه الحادثة هي الاولى بتاريخ الحرب العراقية الايرانية يجري الاستطلاع من على ارتفاع 2127 متر علما ان عارضة  كردرش أوطأ بحدود 650 متر عن قمة جبل مجداخ بعد عودة امري السرايا من الاستطلاع التقيت بهم وأوجزت لهم الواجب وطلبت منهم ان يسجلوا الاية القرأنية الاخيرة  من سورة التوبة رقم 129 ويقرؤها على منتسبيهم ويردد المنتسبين قرائتها خلفهم الاية:

بسم الله الرحمن الرحيم (فإن تولوا فقل حسبي الله لأ إله إلا هو عليه توكلت وهو رب العرش العظيم )

طلبت من مقر الفرقة دليل يرشدني الى المكان الذي سيكون مقرا لادارة المعركة  اعتذرت الفرقة لعدم وجود من له المام بالقاطع/ قبل الضياء الاخير التحق بمقر اللواء امر كتيبة المدفعية التي ستقوم بالاسناد المباشر للواء أخبرني انه قد عمل سابقا في العارضة قبل احتلالها من قبل الجيش الايراني حمدت الله على ذلك لمعرفتي بضباط المدفعية المامهم بقراءة الخريطة بشكل جيد جدا / للاسف خانتني ذاكرتي من تذكراسم امر الكتيبة لاشتغاله معي فترة قصيرة بعد صلاة العشاء باشرنا بالتنقل تحت جنح الظلام تلافيا للرصد المعادي ولتقليل تاثير القصف المعادي بالرغم من صعوبة التنقل ليلا في الاراضي الجبلية ولكون الليلة كانت حالكة الظلام لان بزوغ القمر في التربيع الاخير اي قبل الضياء الاول وحجمه هلال حال وصولنا الى المكان المقرر لمقر اللواء لادارة المعركة بدأ جنود الحماية بتحسين خنادق النار بواسطة اكياس الرمل والانتشار لتأمين الحماية وتقليل تاثير القصف المعادي أعتاد الفيلق أرسال محطة لاسلكية لغرض تعبير المعلومات اول باول  مع مقر التشكيل لعدم ثقة  مقرالفيلق بالمعلومات التي ترسل من قبل قسم من امري التشكيلات الى الفرق لكن هذه المحطة حال تامين الاتصال الاسلكي مع مقر الفيلق تستمكن من قبل العدو وتجلب الدمارالى مقراللواء لاعتقاد العدو ان هذا المقر هو مقر فرقة وهذا صيد ثمين يجب تدميره بالمدفعية والصواريخ احيانا
     

     

وصلت الافواج الى اسفل العارضة بحدود الساعة 2200 العاشرة ليلا وبدأ مقر الفرقة يطلب مني التقدم نحو الهدف باسرع وقت / فاتني ان اذكر ان السياقات التعبوية في الحروب الجبلية تمنع تنفيذ اي واجب بعد الضياء الاخير لصعوبة الدلالة والرؤيا المحدودة في فترة الظلام واحتمال تعرض القوة المهاجمة الوقوع بكمين معادي يكبدها خسائر جسيمة ويفشل العملية برمتها / لخبرتي القتالية في الحروب الجبلية كنت أطلب من ضابط مخابرة التشكيل محطات لاسلكية على شبكة الافواج ترافقني في التقدم لكي اسمع  المكالمات بين امري السرايا وامري الافواج ليتسنى لي معرفة مراحل تقدم السرايا ليلا لاستحالة الرؤيا المباشرة بواسطة الناظور اوالمرقب ليلا كانت حركة تقدم الافواج باتجاه الهدف  بطيئة جدا لشدة القصف المدفعي والصاروخي المعادي وبنفس الوقت كان القصف المدفعي على موقع مقر اللواء أشد عنفا ازدادت الضغوط على مقر اللواء من قبل مقر الفرقة لكن انا قد تمرست على أمتصاص هذه الضغوط في معارك سابقة لاعتزازي بجنود لوائي و يصعب علي ان اضحي بواحد منهم الذين نزفت عرقا من أجل تدريبهم ووضعوا ثقتهم بقائدهم الذي يدافع عنهم ويقودهم الى تحقيق النصر كنت أراوغ مرة بعد اخرى لتأخير ساعة الصفرلحين التأكد من وصول القطعات الى أقرب مسافة من حافة الهدف السفلية كنت قد أشرت سابقا الى مرافقتي لمحطات لاسلكية على شبكة الافواج سمعت حوار بين امر السرية الثانية الفوج الاول وامر الفوج يقول: انا فقدت الاتجاه وسلكت الطريق النيسمي والان انا مع السرية الرابعة التي تسلك هذا الطريق سبق ان اتفقت مع قائد الفرقة على تخصيص سرية مشاة للتقدم على الطريق النيسمي أتصل امر الفوج وكلمني هل اعيد السرية الى الخلف كان الامر يتطلب اتخاذ قرار سريع من قبلي اخبرته كلا تبقى السريتين على هذا المحور / عندما كنت برتبة نقيب في منتصف السبعينات تعلمت درسا من المرحوم الفريق سعيد حمو امر لواء المشاة الخامس الجبلي ولاحقا قائدا لقوة الميدان حيث كان في التقدم يستخدم اسلوب الحركة البطيئة للقطعات ودك الهدف بالمدفعية لغرض شل قدرة العدو على القتال وانهاكه وتكبيده خسائر جسيمة قبل الاشتباك معه

    

صورة تذكارية للمرحوم الفريق سعيد حمو المستشار في القيادة العامة للقوات المسلحة خلال زيارته لتقييم مستوى كفاءة التدريب في مدرسة قتال الفرقة 15 اواخر عام 1983 الى جواره اللواء فوزي البرزنجي امر مدرسة القتال في حينها.
لذا طلبت من امر كتيبة مدفعية الاسناد المباشراستخدام عتاد الانفلاق الجوي على ارتفاع واطئ  فوق الهدف لانهاك  جنود العدو وشل قدرتهم على القتال وعدم السماح  لهم بالرصد / القصف المدفعي المعادي على موقع مقر اللواء لم ينقطع ولو لخمس دقائق حان موعد صلاة الفجر تيممت بالتراب واديت صلاة الفجر وانا بوضع البروك في الملجأ المكشوف دعوة الله في صلاتي  ان يحقق لنا النصر على العدو/ الوقت بين صلاة الفجر والضياء الاول ساعة و20 دقيقة في هذه الاثناء سمعت امر السرية الثانية يطلب من امر الفوج ايقاف النار الصديقة لانها اصبحت تؤثر على قطعاتنا..

تدخلت فورا وعرفت بان القطعات وصلت الى خط الصولة وطلبت من امر السرية التراجع الى الاسفل قليلا لتأمين حماية المقاتلين من النيران الصديقة اتصلت بقائد الفرقة وطلبت تنفيذ الخطة النارية وكما متفق الوقت المستغرق لدك الهدف بمدفعية الفرقة لمدة 30 دقيقة هنا اشير الى ان الجهد المدفعي يزداد الى خمسة اضعاف 5 كتائب مدفعية × 18 مدفع لكل كتيبة = 90 مدفع × 3 قذيفة لكل مدفع في الدقيقة =  270 قذيفة في الدقيقة × 30 دقيقة = 8100 قذيفة على مساحة الهدف يكون في كل متر مربع قذيفة اذا ما علمنا ان مدى التشضية للقذيفة يشكل نصف قطر دائرة 200  متر/ بدأ الليل ينجلي ولاح الخط الابيض من الفجر اوعزت بشن الصولة وانا اراقب بناظوري الشخصي صولة السريتين التي على الطريق النيسمي من يسار العارضة بشجاعة منقطعة النظير تمنيت في حينها لدي كاميرا لاصور هذه اللقطات الرائعة وطلبت من امر كتيبة المدفعية نقل النيران الى عمق الهدف حسب السياقات التعبوية المعروفة لمنع انسحاب العدو او تعزيز قطعاته أستشهد خلال الصولة احد امري الفصائل من السرية الرابعة الفوج الاول اسكنه الله فسيح جناته...

بعد أحتلال القسم الايسر من العارضة انهارت قوة العدو وتقدمت باقي سرايا الفوج الاول وسرايا الفوج الثاني مع رعيل دبابات على الطريق الرئيسي الكائن يمين العارضة اوعزت الى امري الافواج الامامية باعادة التنظيم على الهدف باسرع مايمكن واسثمار الفوز بتعقيب فلول العدو المنهارة بالنيران المباشرة وغير المباشرة لم اكن اعرف ان قائد الفيلق اللواء الركن سلطان هاشم احمد متواجد في مرصد الفرقة قبل الضياء الاول وكان يشاهد قطعات الصولة حيث اتصل بي لاسلكيا مهنأ بالنصروطلب مني تبليغ الوحدات عميق شكره لجهودهم الجبارة وبنفس الوقت طلب مني تنقل مقر اللواء فورا ليكون مع السرايا الامامية انوه ان القصف المدفعي المعادي لازال شديدا على المقر والعارضة ،طلبت من عناصر المقر الحركة منفردا باسرع مايمكن الى مكان العجلات التي سبق ان وضعت بمكان مستور عن تاثيرنيران مدفعية العدو طلب مني امر كتيبة المدفعية قيادة عجلتي بدلا من السائق لمعرفته الطريق سابقا قفزنا بسرعة الى العجلات وتحركنا بالعجلة الى  اسفل العارضة وما ان بدات العجلة بالصعود نحو الاعلى شاهدت منظر رهيب حيث كانت العجلة تسير على اشلاء بشر حزنت كثيرا متصورا ان هذه الخسائرهي من مقاتلي وحدات اللواء وحال وصولنا الى القمة اتصل قائد الفيلق ثانية وطلب مني وجوب مسك هذه العارضة باسناني وهذا التعبير يقال عن اهميتها / من هول المنظر الذي شاهدته عن الاشلاء قلت له سيدي احتاج واحد اجابني فورا الواحد في طريقه اليك... اخواني القراء لاحظوا سياق الحديث بين قائد الفيلق وامر اللواء هذه المصطلحات وردود الفعل السريعة ، كان هذا ناتج عن خبرة المعارك السابقة  معنى احتاج واحد – يعني احتاج فوج لكثرة الخسائر التي شاهدتها وانا على الطريق –..

جواب قائد الفيلق الواحد في طريقه اليك.. يعني الفوج تحرك اليك مما يدل على ان قائد الفيلق من خلال مشاهدته الى القصف المدفعي المعادي قدر الخسائر و سبقني في اتخاذ القرار/ بحدود الساعة 1400 الثانية بعد الظهر خف القصف المدفعي المعادي طلبت من امرسرية الهندسة غلق الطريق المؤدي الى العارضة من اتجاه الحدود الايرانية بالالغام تحاشيا لقيام العدو بهجوم مقابل خلال الليل كما طلبت ارسال موقف الوحدات من الخسائر حال وصول الموقف الى مسؤول مكتب مقر اللواء اطلعني عليه ادهشني الموقف لقلة عدد الخسائر حمدت الله  قلت اذا الاشلاء التي شاهدتها متناثرة على الطريق الى اي وحدة تعود؟؟، بعد ان استقر الموقف علمت ان هذه الخسائر تعود الى وحدات لواء مشاة 419 الذي كان قد اخفق في مهمته قبل يومين..
بالساعة 1500 الثالثة بعد الظهر جاءت غيمة فمطرت السماء مطرا غزيرا
غسلت الارض من دنس المحتلين الايرانيين (في بعض مناطق العراق تسمى مزنة ) بالساعة 1600 الرابعة بعد الظهر اتصل قائد الفيلق على جهاز الفيلق  قال يوجد جسر على الزاب يربط عارضة كردرش بالاراضي الايرانية  يجب ان تستطلعه شخصيا وتتاكد هل الجسر لازال صالحا ام جرى تخريبه أعتقد تم ملاحظة ذلك من خلال قراءة التصاوير الجوية للمنطقة تحركت بسرعة مع حمايتي الشخصية يرافقني وكيل امر كتيبة هندسة الفرقة برتبة رائد ضابط من اصل فلسطيني وصلنا الى مكان يسمح لنا بالاستطلاع من الاعلى بواسطة الناظورالشخصي تفحصت المنطقة من نقطة التقاء الزاب القادم من الاراضي العراقية بالزاب الرئيسي القادم من الاراضي الايرانية يمين عارضة كردرش متجها نحو الشمال الغربي فشاهدت الجسر كائن خلف العارضة مباشرة ومن النوع الحديدي مخرب بالكامل ايقنت ان العدو ليس له نوايا تعرضية على العارضة مجددا
في هذه الاثناء صرخ احد جنود حمايتي الواقف امامي وعلى اليمين: سيدي أحنا في حقل الغام!!

صرخت بصوت عالي كل واحد يجمد في مكانه بدون حركة قبل مشاهدتي الى الالغام.. وكيل امر كتيبة هندسة الفرقة بالرغم من كونه صنف هندسة لاحظت عليه علامات الارتباك اعطيت الى نفسي امر الى الوراء در وانا في مكاني بدون حركة وقلت في نفسي نموت بالألغام من زرع قطعاتنا؟؟!!..

اصدرت امرا الى الجندي الواقف خلفي الى اليمن بالدوران الى الخلف والنظر الى الارض ومشاهدت الالغام والخروج بحذر بعد خروجه من منطقة الخطر اوعزت الى الجندي الاخر ثم وكيل امر كتيبة الهندسة ثم انا ثم الجندي الذي كان في الامام على اليسار ثم الجندي الذي شاهد الالغام اولا كان اخر واحد لانه جندي شجاع ولم يرتبك ..

عدنا الى المقر واخبرت قائد الفيلق بحالة الجسر/ قبل الغروب توقف القصف المعادي نهائيا طلبت من الوحدات اخراج الدوريات امام مواضعهم مسافة مناسبة واتخاذ تدابيراليقضة والحذر انقضى الليل بدون فعاليات معادية...... في صباح اليوم الثاني تجولت في العارضة وشاهدت موقف لاأنساني  ينم عن حقد العدو الايراني تجاه ضباط وجنود الجيش العراقي عدد من الجنود الاسرى مقيدين من الايدي باسلاك المخابرة وقسم منهم وضعت اسلاك المخابرة بين فكيهم  ومعلقين في الاشجار عبارة عن هياكل عظمية  لمدة تزيد على سنة وثلاثة اشهر حيث تم اعدامهم بعد اسرهم عندما سقطت هذه العارضة بيد قوات العدوالايراني...

بدأت الوحدات بجمع غنائم العدو من الاسلحة بكافة انواعها واحصاء عدد قتلى العدو بعد ظهر يوم 25 حزيران وصل لواء المشاة 38 الفرقة 7 لاستلام القاطع وبعد وصول امر اللواء اوجزته بالموقف واوعزت الى امري الافواج بايجاز نظرائهم من اللواء الجديد وفي الليل شاهدنا العدو يقوم بالترقيق من حوض ماوت تمهيدا لانسحابه لان عارضة كردرش هي الارض الحيوية المسيطرة على المنطقة باسرها
 

اللواء فوزي البرزنجي يرافق احد مسؤلي مديرية الاستخبارات العسكرية في جولة تفقدية لاحد المواقع الدفاعية لتشكيل الايوبي في قاطع السليمانية

صباح يوم 26 حزيران 1988 سلم اللواء المسؤلية الى لواء المشاة 38 وباشر بالانسحاب الى المنطقة الخلفية لاعادة التنظيم والتهيؤ للاشتراك في معركة جديدة
يتبع القسم الثاني لاحقا
اللواء فوزي البرزنجي 

15 حزيران 2013

 

  

إذاعة وتلفزيون‏



أفلام من الذاكرة

الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

843 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع