خالد حسن الخطيب
وفي ربيع سنة 2010 كنت جالسا في مقهى البيروتي الشهيرة الواقعة في جانب الكرخ ببغداد والمتربعة على ضفاف نهر دجلة الخالد وبجانبي احد كبار السن الذي ناهز عمره التسعون وكنت في حينها اقرأ موضوعا في جريدة قد اثارني وشد انتباهي يتكلم على موسوعة غينيس للأرقام القياسية وكيف تمكن احد الهنود وعمره 98 سنة بالزواج من امرأة عمرها 95 سنة ودخوله كتاب غينيس للأرقام القياسية باعتباره اكبر رجل اقدم على الزواج في العالم ..
فضحك الرجل المسن ضحكا طويلا وقال لي بالحرف الواحد .. ارمي جريدتك بعيدا وتعال اروي لك قصص ستة من رجال العراق الاقوياء الذين عشت معهم واعرفهم حق المعرفة يتمزق ويندثر كتاب غينيس هذا الذي تتكلم عنه .. فأصابتني الدهشة والفضول وقلت له تفضل يا عمي .. فقال لي .. يا ابني .. انا من مواليد 1925 وقد اختبرت الحياة بطولها وعرضها وسافرت الى مشارق الارض ومغاربها ومشيت في وديانها وجبالها فلم اجد اقوى من رجال العراق قوتا وعلما و صبرا و تحملا و ايثارا و مرابطة على الاطلاق ..وسوف اروي لك حكاية هؤلاء الستة الذين تزوجوا في عمر المئة و اكثر وأنجبت زوجاتهم الجديدات بعد تسعة اشهر .. فهل بعد ذلك ارقام قياسية يتحدث بها كتاب غينيس الذي تتكلم عنه .. فقلت له يا سبحان الله.. تزوجوا بعد سن المئة وزوجاتهم قد انجبن بعد تسعة اشهر ؟؟؟ فقال نعم .. زوجاتهم قد انجبن والرجال في سن المئة وأكثر ... فقلت له .. من هم هؤلاء الرجال الستة بالله عليك يا عمي ..فقال سوف اروي لك من هم هؤلاء الفحول ونبدأ بأولهم وهو الحاج شريف عبد الحميد الذي تزوج بعمر فوق المئة ورزق بفتاتين وتوفى عند بلوغ ابنته الثانية سن الثامنة عشر ومن مآثر هذا الرجل انه في سنة 1934 قدم داره التي يسكن فيها الى جمعية التفيض في بغداد لإقامة مدرسة متوسطة وبشكل مجاني حيث اشترط ان يقوم هو بتدريس مادة اللغة العربية و الدين بصورة مجانية فوافقت ادارة جمعية التفيّض على ذلك واتخذت من داره مدرسة متوسطة , ولاحقا قامت الحكومة العراقية ببناء مدرسة متوسطة رسمية بعد انشاء البناية خاصة لذلك . والرجل الثاني هو الحاج داود الملا عبد الله الذي توفت زوجته في عشرينات القرن المنصرم وهو في سن فوق المئة حيث كان يشعر بقوة جسدية وعقلية كبيرة وتزوج وأنجبت زوجته الجديدة بعد تسعة اشهر من زواجها به , والرجل الثالث هو داود العجي وكلمة عجي تطلق على الطفل الذي يفقد امة وأباه في سن الرضاعة وكان قوي البنية ويعمل تاجرا بين قرى ومدن العراق حيث كان يسير كل يوم مسافة 30 كيلومترا ذهابا و30 كيلو متر ايابا حاملا على كتفه ما وزنه خمسون كيلوغرام من مادة النفط الابيض ليبعها ويرجع محملا بالبيض والدجاج و بخيرات مدن العراق الرائعة وكانت كلمة الشهيرة (( العمل الشريف هو جوهر الانسان )) ذات اثر بالغ في صفوف الشباب , اما الرجل الرابع فهو خليل الخطيب الالوسي المشهور بقوته الجسدية وقد امتهن بناء الارصفة النهرية بمادة الكلس الثقيلة اضافة الى تضلعه بالأدب وعلوم الدين وفن الخطابة وقد تزوج بعد سن المئة وأنجبت زوجته كذلك , و الرجل الخامس فهو خليل الحاج ابراهيم التاجر والعالم الديني وصاحب الاراضي الواسعة والمشهور بقوته الجسدية حيث كان يحمل بواسطة اسنانه صفيحة مملؤه بالماء يرفعها بدون تكلف ولا عناء وقد تزوج بالزوجة الثالثة وهو في عمر فوق المئة وقد انجبت زوجته بعد تسعة اشهر , و الرجل السادس فهو محمد سعيد الشيخ العالم الديني والذي امتهن مهنة بناء الارصفة على ضفاف الانهار بواسطة مادة الكلس الثقيلة حيث تتطلب هذه المهنة قوة وباس شديدين وقد تزوج في سن المئة وأنجبت زوجته الجديدة العديد من الاولاد .. فهل بعد ذلك ارقام قياسية عالمية حققها غير هؤلاء العراقيين بالزواج والإنجاب فوق سن المئة .. فقلت لا والله يا عمي هذا لن يكون ابدا وهذا شئ لا يصدق .. يجب والحق يقال ان يكون اسم الكتاب موسوعة العراق بدلا من موسوعة غينيس حتى يكون اسم الكتاب منصف قليلا ... لقد شوقتني بان تكون موسوعة غينيس عراقية بحتة .. فقط للعراق و للعراقيين .. ونحتاج للعديد من الموسوعات لتتكلم عن العراق بلد الاقوى والأطول والأثقل والأسرع والأفضل والأجود والأذكى على الاطلاق ...فقال لي صدقت .. نحتاج للكثير من الموسوعات التي تتحدث عن العراق بلد العلماء والأقوياء والنبلاء والكرماء والأوفياء .
876 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع