(حفافه) لكل مسئول .. وغيرها كثير !

                                                     

                               صبري الربيعي

منذ ان طفت على سطح الحياة السياسية والإجتماعية في بلادنا في اعقاب الإحتلال الأمريكي الغاشم , ظواهر لها من الغرابة الشيء الكثير, مما لم نألفه  في مجتمعات سياسية أخرى , تتمثل في المظاهر الشخصية التي حرص (السياسيون) على الظهور بها , ظنّا منهم ان تلك المظاهر الشخصية (المستعارة) ,سوف تحقق لهم (اعجاب) انصارهم , بالضبط كما يفعل المطربون اللبنانيون ,  وممثلي العروض الشبابية ..وتتمثل تلك المظهر في :

1:حف الحواجب (ولا ادق تاتو).

2: معالجة العيوب الخلقية بين الأنف والشفة العليا ب( فرشات) ثخينة من الشعر , (المضبب)  بصبغة (touch of grey) .

3: حف (الوجنات) يوميا . سواء بالخيط (التيرة) المجرب,او (السبرنك) المورد من (ايران) و(تركيا) ,او المبتكرات الحديثة من ماكنات (هلس الشعر) الملونة الجميلة المستخدمة من قبل الجميلات , التي تظهر ماظهر او خفي بمنتهى النعومة , والتي لاتذكرنا (بشوارب) الهنديات, او عجائز (اذربيجان) .

4: اطلاق موديلات وانواع واشكال غريبة  من اللحى (سكسوكة) و( جمبوكة ) و(ليزلي ), في حين ان اطلاق اللحى , أمر مستحب في الإسلام ,الا ان مقلدي المرجع السيد (السيستاني) يجتهدون في اطلاق كامل اللحية , في مقابل مقلدي السيد (الصدر) الذين حلقوا (العارضين ) ومنحت لهم الحرية في حف مابين الذقن والشفة السفلي او اطلاقها هي الأخرى , ولا نغفل مافتى به (محمد عبد الوهاب ) من اطلاق للحى وحف للشوارب , وارتداء الثياب القصيرة لضمان عدم (تنجسها) وكأننا خارجون من (خيسة) خلفتها امطار العراق.

5: اذا كات (العمة) السوداء او البيضاء قد غزتنا , فان انواعا وموديلات مستحدثة من (العكل) و(الغتر) ابيضاء والسوداء والحمراء التي يجتهد مئات الآلاف من عمال المصانع في (الصين) و(انكلترا) بانتاج تلك القطع خصيصا للعراقيين ,كما صنعت من قبل المصانع البريطانية ال( سيدارة الفيصلية) , المبتكرة من قبل (الملك فيصل الأول). التي ارتدتها في البدء نخبة الموظفين والوزراء لتعمم على كافة (افندية) العشرينات والثلاثينات والأربعينات والخمسينات وحتى منتصف الستينات  , فيما بقي محترفو (الجالغي) البغدادي مصرون على تذكيرنا بها .

6: أما بشأن (العبي) الرجالية , فلذلك شؤون وشجون من خلال مشغول (خيوط القصب الذهبية ) , التي يتراوح عرضها من2- ( 90 سم) , حيث (تكسر ظهور) الحرفيين المهرة في (النجف) و(كربلاء) و(الكاظمية ) و( سامراء) و(الموصل) من اجل ان ( يكشخ) بعض شيوخ العشائر, المتوفرين على (النخلة والخط والفسفورة ) , من خلال نعم الحكومة على هؤلاء السادة الشيوخ الذين صاروا ينافسون (كنغ لاري) و(احمد سعيد)  بنتاج ألسنتهم (الطويلة) .. واذا اردنا  معرفة  انحدار السياسي  المناطقي علينا فتح ارشيف حديث لنعرف طبيعة هذه الأشكال في مهرجان(العكل والعبي والغتر والعمّات والشراويل) .. وذلك يتقاطع مع ما قرأناه في كتب (الجغرافيا) المدرسية عن ازياء العراقيين المحددة.

7 : واذا جئنا الى الكنى والألقاب , سنجد  انفسنا امام خارطة واسعة من الألقاب التي ما كنا لنسمع بها , فبعد ان كان الناس يكنون انفسهم  بكنى عشائرهم الرئيسية , او مدنهم , او مهنهم , صارت هذه الكنى تتشظى الى تسميات لم نألفها من قبل , وهذا دليل واضح على تنامي الشللية في حياة المجتمع .كما ان ابتكارات مستغربة للكنى الكيفية قد شاعت كالأمير , والساهر , والهاجر, والمهندس , والرسام , والتوتو آ, والحباب , ولانريد الغوص اكثر في تلك الإبتكارات , الدالة على الإنفلات في اختيار الكنى .. ويشدني التخيل , اننا بعد حين سوف يكون لكل منا اربعة اسماء , كما  يتاح للمواطن الأوربي تسجيلها لدى البلديات ..عند ذاك يختلط الحابل بالنابل , ولاتعرف (اخوها من ابن عمها)!

8 :قاعدة (لكل  مقام مقال) ضاعت اليوم .حيث تنقل لنا (القنوات الفضائية) صورا لسياسيين من الجنوب او الوسط او الغربية او الشمال , وهم(يضيعون) في مقاعد تفوق عظمة عرش (هيلاسي لاسي) , الذي اصر عسكر الإنقلاب الأثيوبي على دفنه تحت موقع ذلك الكرسي (وهي حادثة فريدة ) نتمنى على السياسيين تمثلها ! واذا كان لتأريخ هؤلاء السياسيين الذين يبتاعون مثل هذه المقاعد بالملايين  والمظاهر (البروقراطية) , صلة من قريب او بعيد بمثل هذه المقاعد لقلنا ( إنطي المعلم وخلي المعتام) ,,فان احدا منهم  لم يتخيل نفسه يوما جالسا على مقعد من مثل هذه المقاعد ..ولينظروا الى رئيس الولايات المتحدة الذي يستقبل ضيوفه ويبحث اعقد قضايا العالم , على كرسي خفيف لا( يبطح ) نفسه عليه , ليرينا ( كرشه) , من دون ايادي نحتت فيها رؤوس ( الأسود والأفيال والأفاعي ), وعلت اظهرها اقواس وأشكال هندسية , ليبدو الجالس عليها مثل (فعوص ) يحاول فرش نفسه على ذلك المقعد العريض , الذي لا يصلح الا ل(عيدي أمين) أو ( نبيل شعيل ) .

8 : وفي حكاية (الشوارب) سنجد ان مفارقات قد شاعت منها مثل خيوط (الستلي)  تتدلى حتى الذقن , وأخرى مربعة , او مستطيلة , اومتوازية الأضلاع  , ومنها مانافس شوارب (سلفادور دالي)..الا اننا لم نر وفاءا لشوارب (الفوهرر هتلر) !

ومثال ذلك شوارب السياسي حسن السنيد اللآفته للنظر..ولا  أعرف كيف اصبحت هذه الشوارب سوداء مثل شعر امرأة غوية في ريعان الصبا , فيما غزت لحيته بعارضيها وذقنها  لون ثلوج شمال الكون ..هنا (ما اندل دلوني )!

9 : هناك قول للرسول الأعظم (صلعم) , يحض على (التختم) , وفي ذلك سنّة يعلمها المؤمنون , من كافة المذاهب ..الا ان (التختم ب4- 6 ) خواتم في الكفين , مسألة فيها نظر! .. هذا التصرف ..هل ينتمي الى السنّة ؟ أم أنه تصرف كيفي من اجل لفت النظر الى (ايمان) المستخدم وتقاه وورعه ؟

10 :هل تذكر أحد من السياسيين , ان الرسول الأعظم كانت له (دابة) , وأن غذاءه  كان من (مرقة القثاء والتمر) , وان أمام المتقين علي بن ابي طالب  , لم يرتد (سندسا وحريرا) , بل كانت ثيابه خشنة , زينها وزين نفسه بعفته وعلمه وشجاعته وعدله , وانه لم يمتع نفسه باي مظهر من مظاهر الدنيا وبهرجها  , مع انه حكم نصف الدنيا اربع سنوات ..وهل يتذكر هؤلاء الآهون بزخرف الحكم , ان الخليفة الثاني عمر بن الخطاب (رض) كان يجول خيم ومسقفات الرعية , ليعرف من منهم يطبخ الماء لإلهاء عياله ؟  واعتبر نفسه مسئولا عن اية (دابة) في أقصى أرض اسلامية , وهل .. وهل ..!

11: ولا أظن اني فقط , من رصدت وارصد تلك (الحدائق الغناء) المنبتة في قاعات الإجتماعات ومكاتب المسئولين , الحاوية علي جميع الأصناف الخضراء والملونة , واذا ما حاولنا تذكر الورود البلاستيكية والورقية الصناعية ,  ففي ذلك مدعاة  ل(النحيب) على ذلك (الذوق) الذي لا يتمتع به كثير من مثل هؤلاء المسئولين ..واتذكر في ذلك حكاية ..إذ زرت يوما  من عام 1972 احد الزملاء ممن جاءوا من الموصل الى بغداد , ليعمل (صحفيا) بفعل (الواسطة) , وفعلا وصل ذلك الزميل الى منصب المدير العام في وزارة الإعلام .. وقد استضافني في (غرفة الخطار) الخالية من اية مقاعد مألوفة , حيث إستعاظ عنها بفرش على الأرض , وعندما التفت الى حيطان الغرفة , لم اجد اية لوحة او منظر طبيعي ..بل وجدت بضعة اغلفة لقناني المشروبات الكحولية ك( اولد بار) و( بلاك ليبل) و(كرانتس) الذي شاع تناوله ذلك العام .. فقد أحب زميلي ذي الذوق الفطري , مع انه (مدرسا في الدراسة الثانوية ) الطباعة الملونة البارزة, ووجد فيها تعويضا عن لوحات تشكيلية عجز عن اقتنائها (هذا في بداية نزوله الى بغداد) , اما بعد ذلك , فقد (لفط) دولارات دائرته , وعاد من حيث أتى ( غانما سالما)!

12 : ولي في حكايات بعض نائباتنا بعض سطور ..تبدأ بسؤال (بريء جدا) ..لنعد الى سنوات الدراسة الثانوية والجامعية لعدد كبير ,من نائباتنا ..هل كن يرتدين (العباءة) ؟ ان قال لي أحدا نعم  ! أقول له تكذب , على حد علمي وقد شهدت مظاهر الحياة الإجتماعية منذ ستينات القرن الماضي حتى الآن , لم اشهد الا ماندر طالبة جامعية ترتدي العباءة , ومن بين نائباتنا من شاهدتهن على (التلفزيون)و  يمارسن عملهن التخصصي بحجاب ..سؤالي  ماهو الفرق بين حجاب محتشم , وعباءة سوداء تعود بالمرأة الى عصور الظلام ؟ اني ارى في ارتداء (نائباتنا) العباءة نكتة ! ربما تضحك (النائبات) أكثر مما تضحكنا ! وأنا في وضع الإنتهاء من هذه السطور شاهدت بثا لجلسة (مجلس النواب) يو 5/2/2013 اقرخلالها عدم اقالة وزير الشباب, التي انتهت ب(هلاهل) نائبات التحالف فرحا ..آخر موضة ..نائبات ,  ممثلات الشعب , بدرجة وزير ,  يركض خلف كل واحدة منهن ثلاثون(بودي كارد) (يهلهن) في اجتماع برلماني ,.. (بعد اشبقه للعرس) ؟

قد يرى البعض ان تلك جزئيا ت ليست من الأهمية بمكان ..ويقول لي ..عليك بالكتابة عن مايجر في العراق ..اقول له ياسيدي العزيز  "أليس من حقكم وحقنا ببعض فسحة ) ؟ ثم اننا لو اضفنا الى آلاف الصفحات التي كتبناها آلاف اخرى , فان أوضاع العراق لايحزرها متنبأ , حتى لو كان ( نوستراداموس) أو  (ثابت الآلوسي ) . وما هؤلاء المرتكبون , والعابثون , والهتافون , وممزقوا وحدة الشعب العراقي , الا بيادق ابكتنا عروضهم , كما أنها أضحكتنا كما كان يضحكنا (قراقوز المتكلم) في السبعينات, ولكن ألمنا كان ولما يزل غائرا في وجدان كل منا ,.

      

  

إذاعة وتلفزيون‏



أفلام من الذاكرة

الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

1024 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع