هواؤنا ملوث وماؤنا ملوث وتربتنا ملوثة. هذه ليست دعاية معادية من المنظمات الدولية للنيل من سمعة دولتنا ونظامنا "الديمقراطي"، فمنظماتنا الوطنية ذات الاهتمام تشهد أيضاً واختصاصيونا يؤكدون ويعيدون التأكيد بأن هذه المعلومات صادقة وصحيحة. بل كل فرد منا يواجه التلوث وآثاره الخطيرة في البيت والدربونة والشارع العام والساحة العامة وفي السوق والمكتب وسيارة النقل وفي المدرسة والمستشفى كذلك.
ما من شيء غير ملوث في هوائنا ومائنا وتربتنا وطعامنا وشرابنا. وهذا من المخلفات الحربية وغير الحربية للنظام السابق، ومن تبعات استغراق الطبقة السياسية المتنفذة في العهد الجديد في صراعاتها ومنافساتها من أجل السلطة والنفوذ والمال وانصرافها عن استثمار موارد البلاد المالية الهائلة في تنمية حقيقية تضع في الاعتبار تنظيف بيئتنا الملوثة.
المنظمات الدولية تصنّف العراق بين أكبر منتجي النفايات غير المُسترجعة في العالم، وتحذر من أن ليس ثمة متسع من الوقت للانتظار أمام العراقيين بينما ملوثات البيئة تهدد حياتهم الآن وفي المستقبل القريب والبعيد بأخطار جمة.
وزارة البيئة تشكو من أنها لا تمتلك الموارد الكافية والمعدات اللازمة للنهوض بمسؤولياتها، وهي محقة تماماً في هذه الشكوى، فهذه الوزارة، كما وزارة الثقافة مثلاً، لا تنظر اليها الطبقة السياسية المتنفذة بوصفها وزارة مهمة لتضع تحت تصرفها التخصيصات اللازمة لتنظيف البيئة.
ومع هذا فان وزارة البيئة لا تنتهز الفرص المتاحة إقليمياً ودولياً لبث همومها وطلب المعونة. وهذا ما تجلّى أخيراً في المؤتمر السنوي للمنتدى العربي للبيئة والتنمية الذي عُقد في العاصمة اللبنانية نهاية الأسبوع الماضي.
الوزارة التي دعيت للمشاركة في المؤتمر لم تحضر. والأمين العام للمنتدى الأستاذ نجيب صعب أبلغني بان الوزارة ردّت على الدعوة التي وجهها المؤتمر بالاعتذار بدعوى أن الوزير لديه ارتباط آخر. أليس في الوزارة وكيل وزارة أو مدير عام يمكن أن ينوب عن الوزير في مؤتمر كهذا؟
على اية حال طُرحت في المؤتمر تقارير وأبحاث مهمة للغاية وجرت نقاشات جادة شارك فيها خبراء من بلدان عربية وأجنبية مختلفة.
التقرير السنوي الذي قُدّم الى المؤتمر أظهر ان معظم الدول العربية متخلفة بيئياً بدرجة كبيرة، وان العراق يحتل مكانة متقدمة بين أكثر هذه الدول تلوثاً.
لقد اصبحنا في المؤتمرات والتقارير الإقليمية والدولية مضرب المثل في كل شيء سيئ.. فنحن من أكثر الدول فساداً ومعاناة من الفقر والبطالة والأمية ونقص المساكن ومن أقل الدول شفافية ومدننا بين أكثر المدن سوءاً.
متى تكون لنا في المحافل الإقليمية والدولية صورة أخرى غير هذه الصورة المخزية؟
بالتأكيد لن تكون مع طبقة سياسية متنفذة كالمتربعة على عرش السلطة والإمارة الآن، فالتلوث السياسي هو عماد التلوث البيئي القائم الآن.
777 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع