العرب/إزمير (تركيا)- لم توفّر أزمة المياه التي تضرب بعنف عددا من بلدان الشرق الأوسط على رأسها العراق وإيران، تركيا التي تعتبر أقل فقرا مائيا وأكثر مواردَ في هذا المجال حيث ينبع من أراضيها الرافدان الأهم في المنطقة كلها، نهرا دجلة والفرات.
وبفعل ظاهرة التغير المناخي وارتفاع درجات الحرارة وتناقص التساقطات المطرية أصبحت تركيا بحدّ ذاتها معنية بأزمة المياه بعد أن كان ينظر إليها كمساهم في أزمة جارها العراق باحتجازها المزيد من مياه النهرين في سلسلة سدودها الضخمة المقامة عليهما.
وقالت إدارة مدينة إزمير غربي تركيا، الأربعاء، إنها قررت تقييد إمدادات المياه في ضوء الجفاف المستمر.
وأوضحت عبر منصة إكس أنه سيتم قطع إمدادات المياه لعدة ساعات في أيام معينة حتى نهاية الشهر الجاري بسبب الجفاف وتناقص الموارد. كما نشرت قائمة بالمناطق المعنية بهذا الإجراء.
ويمثّل هذا الإعلان خبرا إضافيا سيئا للعراق الذي يعوّل على أن يحصل من تركيا على كميات إضافية من مياه دجلة والفرات لحلّ أزمة المياه المتفاقمة لديه والتي بلغت ذروتها خلال الصيف الحالي وباتت تهدّد سكان العديد من مناطقه وتضرب بعنف قطاعه الزراعي الحيوي.
ويمنح الوضع المائي في أزمير السلطات التركية مبررا إضافيا لعدم التساهل في ملف المياه مع العراق على اعتبار أنّها لا تمتلك بالفعل أي فائض مائي يمكنها أن تتنازل له عليه.
وفي مدينة بودروم الساحلية جنوب إزمير والتي تحظى بشعبية كبيرة بين السياح، قامت السلطات بقطع إمدادات المياه بشكل متكرر بسبب انخفاض مستويات المياه.
وتعاني تركيا من الحرارة الشديدة في الأسابيع الأخيرة والتي تزيد من التبخر. ولم تشهد بعض أجزاء المنطقة المتاخمة لبحر إيجة، والتي تعد وجهة شعبية للسياح الأتراك والأجانب، نزول أمطار لعدة شهور.
ويؤكد الخبراء أن تغير المناخ هو السبب في زيادة الظروف الجوية المتطرفة وفترات الجفاف الطويلة.
وبات تأثير ذلك التغير ملموسا بشكل واضح في واقع العديد من بلدان المنطقة. ففي إيران المجاورة لتركيا أصدرت السلطات أمرا للمؤسسات بإغلاق أبوابها بسبب تفاقم أزمة المياه التي ترافقت بأزمة كهرباء ناتجة بدورها عن ارتفاع درجات الحرارة.
وفي لبنان بات جفاف نهر الحاصباني عنوانا لأزمة مياه غير مسبوقة في البلد نتيجة تراجع كمية الأمطار خلال موسم 2024 – 2025 بنسبة تتجاوز 50 في المئة مقارنة بالمعدلات السنوية ما تسبب في شح واضح بمياه النهر وجفاف أجزاء كبيرة من مجراه.
وقال مدير المركز الزراعي في قضاء حاصبيا إسماعيل الأمين إن البيانات المناخية الموثّقة منذ عام 1925 تظهر أن هذا العام من بين الأسوأ من حيث تأثير الجفاف على الأراضي الزراعية.
وأوضح أن الجفاف طال حتى الكائنات المائية حيث اضطر شبان من المنطقة إلى نقل الأسماك يدويا إلى أماكن لا تزال تحتفظ بالقليل من المياه.
978 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع