الاخوة والأخوات كتاب وقراء مجلة الگاردينيا المحترمين
تحية وتقدير
أن رئاسة تحرير مجلة الگاردينيا كان لزاما عليها أن تفي بوعدها الذي نوهنا عنه سابقا بنشر حلقات متعدده عن كتاب حكاية ذاكرة صوريه للدكتور حسين الأعظمي ،والذي كان لذاكرة الزمان والمكان دورا مهما في إعداد الكتاب ،وقد أستعان ليس بالتدوين المسبق إنما معتمدا على الصور التي أحتفظ بها منذ سنين ،وساعدته عائلته على أعادة الذكريات ،رغم قطار الزمن الذي غادر ولايعود ،لكن الذاكره مخزونة في ذهن المؤلف زميلكم الدكتور والفنان قارئ المقام العراقي الأصيل الدكتور حسين الأعظمي ،واليوم بأسمكم جميعا نقدم الحلقة (الخامسة - الفصل الثالث /الباب الأول) ،وفقنا الله وإياكم لما فيه خيرا ....
جلال چرمگا
رئيس التحرير
حكاية هذه الصورة
في المتحف البغدادي
الصورتان المرقمتان 1 و 2 ، وصور أخرى مماثلة ، أثر كبير وعميق في نفسي ، بقي وسيبقى ما حييت ..! فهي تمثل أول خطوة لي في مسيرتي الفنية على المستوى الاعلامي والجماهيري ..
المتحف البغدادي .. هذا المكان الأثير الى نفوس البغداديين والعراقيين على حد سواء ، متحف لكل تاريخ بغداد وتقاليدها الفولكلورية ، بكل ظواهر الحياة الطبيعية لهذه المدينة والعاصمة التاريخية بغداد ..
قبل أن أتوغل معكم سادتي القراء في الحديث عن هذا الاثر التاريخي التراثي ، إستعنت بموقع كوكل Google وأخرجت لكم بعض المعلومات عن هذا المتحف التراثي ..
فعن - جريدة الصباح – العائدة الى شبكة الاعلام العراقي ، في مقدمتها لموضوع صحفي حيث قالت ..
(المتحف البغدادي واحة من التماثيل تنتصب في ركن من أركان بغداد التي تصبح بالحركة والتراث معاً مرجعاً للموروثات البغـــدادية ، تـــــــــــــأسس سنة” 1968م"
فمن اليمين سوق السراي ومن اليسار ينتصب الرصافي حارساً أميناً على التراث وفي الجهة المقابلة شارع النهر والشورجة والمدرسة المستنصرية ومن الخلف شارع المتنبي الذي يحتضن مئات الآلاف من الكتب ( )
ومن جريدة الاتحاد ، وهي الجريدة المركزية للاتحاد الكردستاني ، أقتطع لكم جزء من اللقاء الصحفي الذي أجراه الصحفي المعروف غازي لعيبي الشميلاوي مع مدير عام المتحف البغدادي السيد علاء الدين الشبلي لجريدة الاتحاد ..
زارت (الاتحاد) المتحف البغدادي بغية التعرف على مراحل الاعمار بعد ان تعرض الى عملية التدمير الشامل .. وعند الدخول الى المتحف كان باستقبالنا الفنان علاء الدين الشبلي مدير المتحف البغدادي وبعد التجوال في اجنحة المتحف اثنى شاكرا حضور جريدة (الاتحاد) في متابعتها لاعــــــــمار المتحف ـ دار بعدها هذا الحوار
صورة 3/ مشهد النداف احدى المهن البغدادية ، من مقتنيات المتحف البغدادي
س - نرجو ان تحدثونا عن بدايات المتحف البغدادي .. كيف انبثقت فكرة تأسيسه؟ ومتى افتتح للزوار؟ وماذا يضم في بداياته؟
ـ شهدت امانة بغداد خلال العشر سنوات الممتدة من عام 1968 وحتى عام 1978 فترة ذهبية في تاريخها الطويل بالنظر لما حققته من انجازات ومشاريع مهمة وكبيرة على يد امينها المرحوم ابراهيم محمد اسماعيل فقد استطاعت الامانة تنفيذ العديد من المشاريع الخدمية والثقافية والتربوية والسياحية التي يمكن اعتبارها قد اسهمت بشكل فاعل في رفع المستوى الثقافي والتربوي والخدمي لدى سكان بغداد .. فانجزت العديد من الاعمال كتبليط الشوارع وانجاز طرق وانفاق المرور السريع وانشاء العمارات السكنية ودور الارامل وبناء الاسواق المركزية وعمل المتنزهات الكثيرة واهمها متنزه الزوراء وحديقة الحيوانات ومدن الالعاب والمطاعم ومنها مطعم برج الزوراء، وانشاء كراجات النقل والمجازر العصرية، واقامة نصبي الشهيد والجندي المجهول واعداد وتصميم اساسي للعاصمة متضمنا كافة الخرائط التفصيلية لكيفية استعمالات الاراضي لمختلف الاغراض، اضافة لترميم الدور والعمارات والمحلات والشوارع والاحياء على اسس علمية وتسمية الشوارع وتنفيذ مشروع اضوية المرور وسينمات الاطفال وغيرها من المشاريع ، ولما كانت امانة بغداد امينة على تاريخ المدينة وحرصا منها في الحفاظ على هويتها ، فقد عمدت الى انشاء متحف يوثق فترة زمنية من تاريخ العاصمة وينقل تفاصيل دقيقة حول عمل الاباء وما يمتهنون ويعملون)
صورة 4/ مشهد للمقهى البغدادي ، من مقتنيات المتحف البغدادي
س - هل حضي المتحف بعمليات التطوير وما عدد المشاهد والتماثيل التي يضمها في الوقت الحاضر؟
نعم شهد المتحف عددا من حملات التطوير والتجديد في بعض التماثيل التي كانت تتعرض الى التلف بسبب العوامل الجوية والعبث والتدمير اللامتعمد، وقد قام على مدى سنوات طويلة عدد من النحاتين باعادة الحياة اليها كالفنان خليل قفطان وصادق ربيع وعلاء الحمداني وعبدالرحيم علي وعبدالجبار البناء وفوزي خيون، كما عمل بعض طلبة معهد الفنون الجميلة واكاديميتها في اصلاح بعض التماثيل التي كانت تتعرض لبعض الاضرار.
كما شهد المتحف عملية تطوير كبرى خلال عام 1989 استحدثت خلالها بعض الجوانب الجديدة كالسوق البغدادي والمطعم البغدادي وتهيئة قاعة مناسبة لاقامة الحفلات الغنائية والموسيقية والمقام العراقي حتى صار المتحف يضم مجموعة كبيرة لعرض اللوحات الزيتية التي رسمتها انامل الفنانين العراقيين الرواد امثال المرحوم حافظ الدروبي والمرحوم فرج عبو وسعد الطائي وماهود احمد وصلاح جياد ونعمان هادي ومحمد مهرالدين وطالب العلاق وفريد اسعد وميسر الفاضلي وابراهيم الكمالي وشاكر الشاوي وجودت حسيب ووليد شيت وكنعان هادي وعقيل الالوسي وعلاء الشبلي ومحيي خليفة وجميع هذه اللوحات تمثل اصحاب المهن والحرف الموجودة تماثيلهم في المتحف، كذلك تعكس بعض العادات والتقاليد والطقوس التي يمارسها البغداديون في حياتهم اليومية حتى بلغت 76 لوحة واصبحت هذه اللوحات بمجموعها تشكل معرضا تشكيليا دائما يحفظ اعمال وابداعات الرسامين الرواد.
س - المتحف البغدادي يعد معلما سياحيا فلماذا ارتبط بامانة بغداد وليس بدائرة اخرى؟
المتحف البغدادي هو حقا صرح حضاري وتراثي مهم كانت امانة بغداد قد تبنت انشاؤه ، وصار علامة بارزة من العلامات السياحية المهمة في العراق واصبح محجَّاً لكافة الوفود الرسمية والشعبية التي تصل بغداد ولكل المواطنين دون استثناء، ولما كانت امانة بغداد هي اول من فكر في تأسيسه باعتبارها الجهة التي يجب ان تكون امينة على تاريخ بغداد وتراث ابنائها فلا بد ان تبقى هي الجهة المسؤولة عن ادارته خاصة ان العديد من امانات العواصم العربية وحتى الاوربية قد تبنت تأسيس مثل هذه المتاحف الشعبية ولم تزل تتولى ادارتها ومسؤوليتها.
س - ماذا يضم المتحف الى جانب التماثيل الخاصة باصحاب المهن والحرف البغداديين القدماء؟
1 ـ يضم قاعة تعرض فيها مختلف الهدايا التي كان يستلمها امناء بغداد من امناء العواصم العربية والاجنبية من خلال الزيارات الرسمية الى تلك العواصم اضافة الى الهدايا الاخرى التي كان يستلمها من الوفود الرسمية ومدراء الشركات التي تقوم بتنفيذ المشاريع لحساب امانة بغداد.
2 ـ مجموعة من الساعات المختلفة الجدارية منها واليدوية وساعات الجيب وهي من ضمن الهدايا التي تصل الى المتحف عن طريق المواطنين.
3 ـ يضم قاعة عرضت على جدرانها صور جميع امناء بغداد الذين تولوا ادارة شؤونها منذ عام 1923 وهم صبيح نشأت وحتى عدنان عبد حمد الدوري والذين بلغ عددهم(28) امينا للعاصمة بغداد.
4 ـ يضم قاعة عرضت فيها مجموعة كبيرة من الصور التي التقطت لمدينة بغداد بدء من عام 1890 بلغت 47 صورة فوتوغرافية بعدسة اقدم المصورين الفوتوغرافيين.
5 ـ مكتبة تضم مجموعة كبيرة من الكتب البحثية التي تبحث في تاريخ مدينة بغداد قديما وحديثا بلغ مجموعها (4399) كتابا.
6 ـ كافتريا صغيرة مؤجرة تقدم الاكلات السريعة الجاهزة لزوار المتحف.
7 ـ قاعة للفنانين التشكيليين لرسم اللوحات الزيتية البغدادية وبيعها الى المواطنين الزوار.
8 ـ قاعة مكيفة تضم 76 لوحة زيتية كبيرة رسمها فنانون عراقيون رواد.
9 ـ اذاعة داخلية مهمتها بث الاصوات التحاورية التي تنبعث من كل مشهد او شخصية من خلال 25 مسجلا مربوطا باسلاك وسماعات موضوعة داخل المشاهد المنتشرة في المتحف.) ( )
صورة 6/ مشهد لفرقة الجالغي البغدادي الموسيقية مع مطرب المقام العراقي ، من مقتنيات المتحف البغدادي
أما موقع الهيئة العراقية للحاسبات والمعلوماتية ، فقد نشر موضوعاً عن المتحف البغدادي ، هذا مقطعاً منه:
(للحفاظ على تأريخ بغداد فقد عمدت أمانة بغداد على انشاء المتحف البغدادي ليوثق بأمانة وموضوعية وعلمية فترة زمنية من تأريخ العاصمة وينقل للأجيال الحاضرة واللاحقة تفاصيل دقيقة من تاريخ اجدادهم كيف كانوا يعيشون وماذا كانوا يمتهنون ويعملون وكيف كانت العوائل البغدادية تمارس طقوسها الحياتية وتقاليدها الشعبية وماذا كانت تستخدم تلك العوائل من وسائل ومواد منزلية ، فشرعت أمانة بغداد في عام 1968 بتأسيس المتحف البغدادي الفولكلوري الشعبي الذي يضم غالبية المعالم الحياتية لسكان بغداد الأوائل حيث تم تكليف فريق عمل لعمل مجموعة من التماثيل موزعة على 45 مشهدا" يمثلون اصحاب المهن والحرف البغداديين وبعد ان انتهت كافة الأعمال أفتتح المتحف البغدادي بتاريخ 1/1/1970 بموقعه الحالي على ضفاف نهر دجلة قرب المدرسة المستنصرية وراح هذا المتحف على مدى الشهور والسنين يحظى بأهتمامات الكثير من الشرائح الأجتماعية من الناس على مختلف مستوياتهم الثقافية والأجتماعية وبدأ يستقبل الزوار من أعمار مختلفة ومن اهتمامات متنوعة كما غدا مزارا" لكل الشخصيات السياسية المهمة التي تحل في بغداد والوفود الرسمية والشعبية.
وفي عام 1985 جرت عليه عملية تطوير كبرى لكافة ارجاء المتحف تعلقت بالأعمال الأنشائية وأنشاء الزقاق والسوق البغدادي الذي ضم 39 مشهدا" جديدا" انتشرت فيما بينها مائة وسبعة شخصية لم تكن موجودة سابقا".
والأن يضم المتحف 385 تمثالا" توزعت على 77 مشهدا" يضاف الى ذلك كافة المواد والمستلزمات والحاجيات والأكسسوارات التي يحتاجها المشهد.
ان بناية المتحف البغدادي الحالية هي من المباني القديمة جدا" كانت قد أنشأت في العهد العثماني عام 1869.) ( )
الصور المرقمة 3 و4 و6 ، تمثل بعض الموجودات التراثية والفولكلورية البغدادية منحوتة بصورة ما ، تعبر عن بعض التقاليد الشعبية والاجتماعية للبغداديين ، فالصورة رقم 3 ، تظهر لنا كيف يعمل النداف ( ) ، والندافة من المهن الحرة التقليدية البغدادية ، ونشاط عمل هذه المهنة على الاكثر عند الزواج وتهيئة غرف الاعراس على اجمل ما يكون ..
والصورة رقم 4 ، للمقهى البغدادي ، التي كانت في العهود الماضية مسرحا وحيدا لعرض الكثير من الفنون وعلى الاخص غناء وموسيقى المقام العراقي ، وغالبية مغني المقام العراقي ظهروا من هذه المقاهي ، التي كان يطلق عليها بالعامية بـ الكهوة ، أي القهوة ، وهكذا اشتهرت واحدة من هذه الكهاوي اكثر من غيرها وهي (كهوة عزاوي) التي ما تزال الاغنية التراثية الشعبية الشهيرة تتعنى بشهرة هذه المقهى (فراكهم بجاني) أي فراقهم ابكاني ، او يطلق عليها ايضا في بعض الاحيان اغنية – ياكهوتك عزاوي - وما يزال المغنون المقاميون يفتتحون حفلاتهم بهذه الاغنية الاثيرة ..
الصورة رقم 6 ، هي مشهد آخر من مشاهد موجودات المتحف البغدادي المعمولة بصورة نحتية ، تمثل مطرب المقام العراقي بين افراد فرقته الموسيقية (فرقة الجالغي البغدادي) ( ) وهو يغني احد المقامات العراقية ، والفرقة الموسيقية تعزف وتردد معه غناءً جماعيا لاغنية المقام العراقي المغنى .. والمشهد هذا يؤكد ممارسة غناء مطرب المقام العراقي مع فرقة الجالغي البغدادي في المقاهي البغدادية ، حيث يندر ان يكون هناك مسرحا جماهيريا غير المقهى البغدادي ..
في الصورة رقم 5 ، من المتحف البغدادي ايضا ، حيث يظهر حسين الاعظمي في يسار الصورة وهو يغني مقام الجهاركاه ، ويجلس بجانبه المطرب المخضرم محمد العاشق ، ثم الخبير المقامي ابراهيم الخشالي ، وذلك في يوم الجمعة 8/1/1974 ..
أما حكايتي مع المتحف البغدادي ، فقد بدأت مطلع السبعينات من القرن الماضي .. حيث نبــَّهني أحد أبناء محلــَّتي وقريباً لي ولو من بعيد ، السيد فاروق قاسم (أصبح مطرباً مقامياً ايضا فيما بعد بإسم - فاروق الاعظمي -) بأن هناك مقهىً جماهيرياً تؤدى فيها حفلات المقام العراقي في عصر يوم الجمعة من كل اسبوع ، داخل بناية المتحف البغدادي ، ومتعهد هذه الحفلات ، أو الشخص المستأجر لهذه المقهى ، هو مطرب المقام العراقي حمزة السعداوي .. فشجعني للذهاب الى هذه المقهى لتجربة حظـِّـنا فيها ، بالرغم من أن السيد فاروق كان قد ذهب من قبل الى هذه المقهى في عادي الايام وفي أيام الجمع الاسبوعية بجانب كثير من هواة المقام العراقي ، ولكن دون أن يُسمح له ولا لغيره من الشباب بالصعود الى المسرح لحد هذا الوقت الذي كان يشجعني فيه ..! على كل حال ، ذهبتُ معه الى مقهى المتحف البغدادي عصر يوم 20/3/1973 الثلاثاء .. وتعرَّفنا على بعض الحاضرين والهواة وغيرهم من رواد هذه المقهى ، الذين إستمعت الى بعضهم يغنون ويتداولون فيما بينهم تفاصيل الخطأ والصحيح فيما يؤدون من هذه الاداءات المقامية ، دون أن نحظى بحضور السيد حمزة السعداوي ..! وفي يوم الخميس 22/3/1973 أي بعد يومين .. ذهبتُ مع السيد فاروق مرَّة أخرى الى المقهى ، وفي هذه المرَّة إلتقينا بالسيد حمزة السعداوي المسؤول المباشر على هذه المقهى البغدادية .. والذي ألتقي به وأتعرف عليه شخصياً لأول مرَّة .. علماً أنني لم أكن قد تعرَّفت على أي فنان قبل هذا التاريخ فيما أعتقد ..! وربما أستطيع القول أن حمزة السعداوي يكون أول فنان تعرَّفت عليه شخصياً ، أو هو من أوائل الفنانين الذين تعرَّفت عليهم في بداية حياتي الفنية ، وهكذا قدَّمني إليه بعض الحاضرين
-الاخ حسين جاء منذ يومين ، ويبدو انه يرغب بقراءة المقام العراقي ..
فالتفتَ اليَّ السيد حمزة وقــــــــــال موجهـاً كلامه لي ..
-ماذا لديك لتسمعنا من مقامات ..؟
-أي مقام تريد ..!
فوجئ السيد السعداوي بجوابي وأردف قائلاً ..
-هل تعرف غناء مقامات كثيرة ..؟
-اعتقد ذلك ..
-وأين تعلمتها ..؟
-من اسرتي وبيئتي وجهاز التسجيل الصوتي ..!
-إذن أسمعنا مقام المخالف ..
وعندما أسمعته مقام المخالف كاملاً دون أي نقص أصولي تقليدي ، ودون أية إضافة أو تعليق منه أو من الحاضرين ..! أبدى إستغرابه وإعجابه ، فضلاً عن بقية الحاضرين الذين يستمعون اليَّ لأول مرَّة .. وقال لي بالحرف الواحد ..
- من أين أنت ..؟
- من الاعظمية ..
-هكذا إذن ..! فالاعظمية مدينة مقامية تراثية فيها خزين هائل من هواة المقام العراقي .. وما عليك يا أخ حسين ، إلا أن تأتي عصر الغد لأقدمكَ الى جمهور المتحف البغدادي ، ولتكن مفاجأة حفلات مقهانا البغدادية هذه ..
في عصر اليوم الثاني 23/3/1973 الجمعة ، كنت متوسطاً فناني مسرح مقهى المتحف البغدادي لأول مرَّة في حياتي .. وطبيعي لم تجرى أي بروفة على مقام المخالف مع اعضاء الفرقة الموسيقية ..! ولم يسبق لي ان غنيت مع أي فرقة موسيقية ..! فكان وجودي بين فناني المتحف البغدادي عصر هذا اليوم 23/3/1973 امرا مباشرا ومفاجئا لي وللجمهور الحاضر ..! حالة لم يمر بها أي فنان من قبل ..! كل شيء دون تهيئة واستعداد ولا أي تجربة ، لم ادرك نفسي الا وانا بين اعضاء الفرقة الموسيقية امام الجمهور الحاضر ..!
على كل حال ، وصلت الى بناية المتحف البغدادي ، وما رآني المرحوم حمزة السعداوي حتى ناداني بجهاز المكبر للصوت بالصعود الى المسرح .. وما هي الا لحظات قليلة مرت حتى وجدت نفسي جالسا في وسط المسرح .. عن يساري مجموعة من هواة مطربي المقام العراقي ، كما يظهر ذلك في الصورة رقم 1 ، أعلاه .. وهم خالد القيسي (لم اعرف اخباره بعد هذه الفترة) وصلاح السراج (هو الاخر قد ابتعد عن الوسط المقامي كثيرا ، ولم يظهر الا في بداية فترة ما بعد الاحتلال البغيض عندما كنت مديرا لبيت المقام العراقي منذ عام 2001 ، حيث جاءني وقد بان عليه تعب الحياة ، فعملت على تعيينه في بيت المقام العراقي) وعبد الله المشهداني (ترك الغناء على المستوى الاعلامي وغمرته الوظيفة وخلالها حصل على شهادة الدكتوراه في التربية الرياضية ، ولكنه يكتب عن المقام ويتابع شؤونه وقد الف كتابا اسماه – موسوعة المقام العراقي - ) ومحمد العاشق (المطرب القديم الذي يقال انه ادرك تسجيل بعض الاسطوانات في الثلاثينات من القرن الماضي ، وفي اوخر السبعينات اوعز المرحوم احمد حسن البكر رئيس الجمهورية للاذاعة والتلفزيون بتسجيل بعض مقاماته العراقية بصوته رغم انه ناهز الثمانين عاما) ونجم عبود (هو الاخر ابتعد نسبيا عن الغناء المقامي ، على الاقل على المستوى الاعلامي ، ولكنه افتتح محلا لصناعة الالات الموسيقية وعلى الاخص آلة العود) وحمزة السعداوي .. وعن يميني جلس أعضاء الفرقة الموسيقية وفي مقدمتهم عازف القانون عبد الاحد جرجيس وهو والد أشهر عازف إيقاع في العراق (سامي عبد الاحد) ثم عازف العود محمد سعيد وعازف الكمان يونس الدايني وعازف الايقاع بديع .. وأتذكر أن عريف الحفل كان قد قدَّمني الى الجمهور بهذه الكلمات ..
(والآن مع المطرب الشاب الجديد المفاجأة ،
حسين اسماعيل الاعظمي ، في مقام المخالف )
في الحقيقة اثارني هذا التقديم من قبل عريف الحفل ، فقد انتبهت لاول مرة ، الى اللقب الذي نعتني به – الاعظمي – فلم اسمع اي شخص ناداني به من قبل ، فهذه هي المرة الاولى التي يقرن اسمي بهذه الكنية ..
وهكذا بدأتُ من هذه المقهى ، وبقيتُ أذهب إليها غالبية الاسابيع وأغني فيها المقامات العراقية حتى بعد عام 1973 ..
ولعل الصورة رقم 2 ، تعكس هذه الحالة ، فهي في 26 نيسان 1974 حيث أظهر فيها جالساً مع المطربين المقاميين في أول الصف من اليمين أغني مقام الخنبات وسط دهشة الفنانين الجالسين معي كما هو واضح في الصورة ، في يميني علي ارزوقي (بقي يغني حتى اليوم) وحسن البناء (عرف مغنيا للمقام العراقي ، وهو من جيل الخمسينات او الستينات ، وانقطعت اخباره بعد الثمانينات ولم نعرف عنه شيئا منذ ذلك الوقت ، ويقال انه توفي رحمه الله) وعبد الرحيم الاعظمي (بقي يغني حتى وفاته مطلع التسعينات رغم مرضه المستديم) وحمزة السعداوي وعازف الجوزة محمد صالح عمر وباقي الموسيقيين ..
الصورتان رقم 7 و8 ، حيث أغني مقام الحكيمي في يوم الجمعة الموافق 30/3/1973 اي في الاسبوع التالي لي بالمتحف البغدادي الجمعة 30/3/1973 مباشرة بعد الاسبوع الماضي الذي كنت فيه اغني لاول مرة على المسرح كما هو واضح من تاريخ الصورة رقم 1 وهذه الصورتين المرقمتين 7 و8 ، باعتبارهما نفس الصورة ، حيث يظهر فيها من اليمين المغنون ابو عبد البغدادي ومحمد العاشق ونجم عبود وحمزة السعداوي وأنا أغني مقام الحكيمي ، واعضاء الفرقة الموسيقية ، عبد الاحد جرجيس ويونس الدايني ومحمد سعيد وبديع ..
وللحلقات صلة
حسين الاعظمي عمــَّان 15/1/2008
هدية الحلقة
للراغبين الأطلاع على الحلقة السابقة:
http://algardenia.com/2014-04-04-19-52-20/qosqsah/22519-2016-03-20-16-34-34.html
721 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع