٢٠تشرين الاول ١٩٥٠..افتتاح جسر الصرافية الحديدي
المدى /اعداد-عراقيون:جسر الصرّافيّة سمي شعبياً جسر القطارالحديدي، وسماه من يعيش بقربه جسر العلوازية وجسر العيواضية وسماه البغداديون الجسر الحديدي وجسر الصرافية، والاسم الأخير هو الأشهر، وهو أحد جسور بغداد الاثني عشر ومن أقدمها عمرا. بني في اربعينيات القرن العشرين على يد القوات البريطانية. يربط جسر الصرافية منطقتي الوزيرية التابعة لقضاء الاعظمية من جهة الرصافة بالعطيفية التابعة لقضاء الكرخ من جهة الكرخ.
كان جسر الصرافية معداً للإنشاء في مدينة سدني في أستراليا قبل أن تقرر وزارة الاشغال والمواصلات العراقية شراء هيكله الحديدي وتعهد إلى شركة كوبربلايزرد بادخال التحويرات المقتضية على هيكله وبدأ العمل بتنفيذه اواخر سنة 1946 من قبل شركة (هولو) البريطانية.
بناء الجسر
قامت الشركة البريطانية (كوردبلايزرد) الهندسية بوضع تصاميمه لمدة استغرقت عامين، في حين قامت الشركة البريطانية (هولو) في اواخر عام 1946 بتنفيذه ’ وقد دفعت الحكومة العراقية تكاليفه, يبلغ طول الجسر مع مقترباته 2166 متراً بيتما يبلغ الجزء الواقع على النهر 450 مترا لذا عد أطول جسر حديدي في العالم انذاك, لان الجسر الحيديدي المقام على نهر الراين بألمانيا كان يحمل الرقم القياسي بين الجسور الحديدية ولم يكن يتجاوز طوله 1500 متر مما ادى إلى ان يحطم جسر الصرافية الرقم القياسي المذكور ’ سيما إذا علمنا انه يتكون من سبعة قضاءات خمسة منها بطول 58 مترا وفضاءان اخران بطول 80 مترا كما يبلغ عرض ممر السيارات 6 أمتار وعرض ممر السكة الحديدية 4 امتار وقد روعي في تصميمه وتنفيذه احتواؤه ممرين للسيارات مع إمكانية جعل خط السكة المتري خطا قياسيا من دون اجراء اية تحويرات عليه باستثناء تبديل قضبان السكة والعوارض الخشبية وملحقاتها ومن الجدير بالذكر ان سقف الجسر يتكون من الهياكل الحديدية الجاهزة حيث كانت مديرية السكة الحديدية تعتمد على استعمال الهياكل الحديدية الجاهزة لسقوف الجسور التي انشئت في تلك الحقبة وما قبلها.
تعثر البناء
تعثر بناء الجسر بسبب انتفاضة الوثبة سنة 1948 واعتبره المواطنون الذين قاوموا عقد معاهدة بورت سموث بين العراق وبريطانيا جسراً يتم انشاؤه لخدمة الأغراض البريطانية فقاموا بمهاجمة المهندسين الإنكليز والعمال الهنود الذين يعملون فيه ورموهم بالحجارة والقطع الحديدية كما تم رمي بعض قطعه الحديدية في النهر. عند تأسيس وزارة الاعمار ومجلس الاعمار رصد له مبلغ الا انه لم يكن كافيا لتنفيذه بالصورة المتفق عليها وفق الخارطة الاصلية التي كانت قد رسمته على صورة ممرين للسيارات واحدة ذهابا والأخرى ايابا وبينهما سكة الحديد لسير القطار الا انه انجز بممر واحد للسيارات وممر سكة الحديد، تمت العودة إلى العمل خلال وزارة السيد محمد الصدر واستمر حتى عام 1952 حيث جرى احتفال رسمي كبير حضره السيد جميل المدفعي رئيس الوزراء حيث شاهد البغداديون لاول مرة قطاراً يسير على جسر حديدي على دجلة قاده سائق القطار الأقدم السيد عبد عباس المفرجي وكان يشرف على سيره الفنان ياس علي الناصر باعتباره فنياً متخصصاً بسير القطارات الحديثة. الجسر وحسب مواصفاته الاصلية كانت السيارات تعبر من فوقه في اتجاه واحد, لكن في التسعينيات قامت الحكومة العراقية بتحوير الجسر كي يتناسب مع ازياد حركة المرور في الشوارع ليستوعب اتجاهين في أن واحد وليحد من الاختناقات المرورية التي كانت تحدث قرب جسور أخرى واستخدم الحديد الموجود في سكة القطار الملحقة في نفس الجسر لعملية التحوير كي يحتفظ الجسر برونقه وعراقته.وقد بلغ طوال الجسر مع مقترباته 2166 متراً بينما بلغ طول القسم الواقع على النهر (450) متراً وكان بذلك أطول جسر في العالم في حينه.
تعرّض جسر الصرافية العريق لتفجير انتحاري بشاحنة أدت إلى تدمير جزئي للجسر ومقتل ما لايقل عن 10 اشخاص وجرح حوالي 26 شخصا وسقوط عدد من السيارات في نهر دجلة والحاق أضرار بالمنازل المجاورة بالجسر ولاسيما من جهة منطقة العطيفية.بدأ العمل في اعادة بناء جسر الصرافية بتاريخ 1/5/2007 وبأياد عراقية صرفة من عمال ومهندسين واستشاريين.
وكتب الدكتور سعيد عبد الهادي:
جسر الصرافية، جسر الحديد، جسر القطار، كلها أسماء لمسمى واحد، ليس تعدد هذه الدلالات سوى تأكيد لأهميته في عيون العراقيين وقلوبهم، هذا الجسر الذي تم تشييده في منتصف اربيعينيات القرن الماضي (شيدته شركة بريطانية العام) 1946 في الجزء الشمالي من المدينة و يربط العطيفية بالوزيرية, وتعود تسمية الصرافية إلى مالكها وهو احد الصرافين. وهذا الجسر (الصرافية) ثاني أقدم جسور بغداد في التاريخ الحديث بعد جسر الشهداء وقد بني بطريقة فريدة فقد غلف كامل الجسر بإطار حديدي متقاطع ومتماسك كما انه أعلى الجسور ارتفاعاً عن سطح الماء. من تحته ينساب بصمت نهر دجلة بمائه الرقراق منحدراً نحو الجنوب، ويتألف جسر الصرافية من سبعة فضاءات بطول 80 متراً لكل فضاء باستثناء فضاءين يختلف طولهما، أما طول الجسر فوق النهر فيبلغ 450 متراً وعرضه ستة أمتار أما عرض الممر الخاص بمرور السابلة فيقارب المترين، وأصبح هذا الجسر بعد إغلاق جسر الأئمة بعد الحادثة المعروفة التي راح ضحيتها أكثر من 1000 من زوار الإمام موسى الكاظم عليه السلام في العام الماضي أصبح الممر الرئيس إلى مدينة الكاظمية لزيارة مرقد الإمام موسى بن جعفر عليه السلام، بالنسبة للزوار القادمين من الجانب الشرقي ببغداد
أثر حضاري
ما نعرفه أن الشعوب ترتبط بمعالمها الحضارية والمعمارية والهندسية وتفخر بها لكونها تعزز مكانتها بين العالم.. ومن هنا صار المبدعون من فنانين ومعماريين ومهندسين يتبارون لتشييد معالم بلدانهم لتأخذ مكانها ولتؤكد هويتها عبر اللمسات الفنية التي تخلد أعمالهم الإبداعية. وعينا في خمسينات هذا القرن والجسر الحديدي - الصرافية- واقفا كعملاق مادا ذراعيه ليربط الكرخ بالرصافة وليعبر عليه القطار الذي كان يضيف روعة الى جمال هندسته المعمارية.. وظل الجسر احد أهم معالم بغداد واحد ابرز جسورها الذي ترك بصمة في نفوس كل العراقيين والبغداديين على وجه الخصوص. لا تزال ذكريات سباحتنا تحت دعاماته ماثلة في الأذهان ومحفورة في الذاكرة.. ولا تزال مبارياتنا فوق رماله والجراديغ التي تنصب على ضفتي دجلة بالقرب منه منقوشة في نفوسنا؛ فقد احتضن طفولتنا وكان شاهدا على حماس شبابنا ونحن نعبر من جهة لأخرى، وحين يهد احدنا التعب نتعلق بإحدى دعائمه العملاقة لنرتاح قايلا ثم نكمل مشوارنا. اكيد ان دجلة بكى على جسره الحبيب، فقد تعانقا منذ ان شيد في منتصف اربيعنات القرن الماضي وظل هذا العناق شاهدا على سرمدية العلاقة بينهما الى ان امتدت يد الموت لتعلن موت قبلة الجسر والنهر ولتعلن موت هذا المارد الحديدي الذي صار رمز الوداعة والألفة عند كل العراقيين. لقد اغتاله اعداء الحياة وصناع الموت الذين ترهبهم كل الرموز الخالدة لهذا البلد العظيم.. بالأمس كان اغتيال شارع المتنبي، وقبله سوق الصدرية التراثي... واليوم كان جسر الصرافية... هوا الجسر وهوت معه كل القلوب، كان صراخ المه مدويا ولكن انى لتجار الموت ان يسمعوا ومن اين لهم ان يحسوا.
جسر الصرّافية شاهد على احداث تاريخية مهمة
وكتب الاستاذ عبد الجبار محمود السامرائي عن عدد من الاحداث الذي كان الجسر شاهدا عليها، فقال:
في يوم الخميس الثاني عشر من نيسان 2007 سجل التاريخ في ذاكرة بغداد حدثاً حزيناً؛ الحدث هو تدمير جسر الصرافية، وإزهاق أرواح بريئة لقوا حتوفهم في نهر دجلة وماتوا غرقاً.لقد ظل (الجسر الحديدي) ستين عاماً شامخاً، ويشكل معلماً من معالم بغداد، حيث كان متنفساً للعشاق، ولهواة المشي وطلاب التمتع بالطبيعة بين العطيفية والوزيرية.
تاريخ الجسر يقول انه شيّد من قبل الانكليز عام 1946.في عام 1951 تحوّل الى جسر ٍ لعبور القطارات حيث كانت القطارات تسافر من بغداد الى خانقين، ولا سيما قطارات الحمل عبر سكة هذا الجسر.في السبعينيات من القرن الماضي ألغي الخط القديم المتري للقطار، وبقيت السكة شاهداً على ماض ٍ تولى.في الماضي، كان جسر الحديد في الصرافية يشهد الاحتفالات الوطنية بمرور المسيرات النهرية والزوارق المضيئة بالنشرات الضوئية، فضلاً عن الألعاب النارية وغناء ورقص هواة الطرب وهم في القوارب في أحضان دجلة الخالد مبتهجين في الدنيا الزاهية لهم.بالقرب من هذا الجسر عاش مطرب بدوي في الأربعينيات اسمه (سعيد عكار) الذي غنى (المولية) لمحبوبته التي شغفته حباً فقال:
يا عين موليتين
يا عين مو ليّه
جسر الحديد انكطع
من دوس رجليه
وقد أحيا هذا اللون من الغناء الشعبي ولده المرحوم المطرب البدوي (جبار ولد سعيد عكار) المتوفى عام 2006.
لقد اقترن جسر الصرافية بالبطولة، حيث كان طلاب الكلية العسكرية، والقوات الخاصة يجرون التمارين العسكرية عليه، حيث يقذف المتدرب بنفسه من أعلى الجسر الى لجّة ماء النهر، بغية تعويده على الجرأة ورباطة الجأش. كان القفز لطلاب الكلية العسكرية يتم في موسم الشتاء، تصاحبه زغاريد النسوة اللائي كن يحضرن مع الرجال والشباب والأطفال وحتى الشيوخ لمشاهدة تلك الفعالية البطولية، وكانت الأمهات يفرحن لاجتياز أولادهن من طلاب الكلية العسكرية القفز من على الجسر ويخرجون سالمين من النهر، (كما العصفور بلّله القطرُ).
واليوم، وبعد ان سقط الجسر في دجلة، خرج أهل الصرافية يبكون بمرارة لمشهد الدمار الذي حلّ بهذا الصرح الذي كانت لهم معه ذكريات لا تنسى.لقد كان جسر الصرافية ملهماً للشعراء والأدباء، ولطالما تغنّوا به وغنّوا في مواسم الفرح على مقترباته. كان ملتقى العشاق..
عيون المها بين الرصافة والجسر ِ
جلبنَ الهوى من حيث أدري ولا أدري
وفي منطقة الصرافية، وقع حدث من أهم الأحداث التي غيّرت وجه العراق السياسي مؤقتاً. ففي 21 من تشرين الثاني 1955 عُقدَ بدار الوزير جميل عبدالوهاب، المطلّ على نهر دجلة، الاجتماع الرسمي الأول للدول الخمس التي وقعّت على ميثاق بغداد ( حلف بغداد / حلف المعاهدة المركزية) وهي: العراق وتركيا والباكستان وايران وبريطانيا.ومن الصرافية، أعلن يوم 22 من تشرين الثاني 1955 البيان الرسمي لميثاق بغداد وتشكيل اللجان المنبثقة عنه، وتأسيس السكرتارية الدائمة، التي كان مقرها بغداد.نشير الى ان العراق قد انسحب من حلف بغداد في آذار 1959، أي بعد ثورة 14 من تموز 1958.
وتبقى الاشارة الى ان جسر الصرافية يعد أطول جسر في العالم، حيث يبلغ طوله مع مقترباته (2166) متراً، ويتكون من فضاءات طولها ثمانين متراً لكل فضاء، ويبلغ طول الجسر فوق نهر دجلة 450 متراً وعرضه ستة أمتار، فضلاً عن ممر خاص بعبور المشاة بعرض مترين. ويقال والعهدة على القائل، ان جسر الصرافية كان مقرراً له ان يزيّن مدينة (سدني) الاسترالية، ولكن تم تغيير محطة اقامته لتكون بغداد، وهو من تنفيذ شركة بريطانية.
وقال الدكتور عباس الزاملي في رسالته عن الحياة الاجتماعية في بغداد 1939 ــ 1958:
في عام 1950 تم نصب جسر الصرافية الحديدي (جسر القطار) الذي يتكون من ممرين احدهما للسيارات والاخر لعبور القطارات، كانت الحكومة العراقية قد اشترته كاملاً من حكومة الهند بمبلغ (اقل من مليوني دينار عراقي). بوساطة شركة كودفوغان لي فرانك وكويدز البريطانية التي قامت بنقله ونفذت شركة هولواي اخوان عملية نصبه.
كان لجسر الصرافية اهمية كبيرة تتمثل في امكانية تسيير القطارات بين بغداد وبصرة واربيل. ويمثل اظخم واطول جسر في العهد الملكي يمتد لمسافات طويلة استمر العمل بانشاء قواعده ودعاماته لمدة سنتين متتاليتين وهو اول جسر للاستعمال المزدوج (السيارات والقطارات). فصلاً عن السابلة افتتحه الوصي في 20 تشرين الأول 1950.
801 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع