بقلم الروائي طارق احمد السلطاني
مطالبات الرأي العام العالمي بتأسيس هيئة العدالة العالمية للأمن والسلام بعد شلل وعجز وسقوط هيئة الامم المتحدة
أن بعض القوى المسلحة في العالم , اتخذت من تدمير الحضارات وتخريب المدن صناعة لا تعرف غيرها من الصناعات ... أدت في الماضي إلى وقوع ماسي لأحصر لها , وفي بقاع متعددة من الأرض . إن إشعال نيران الحروب !!
تلك الحروب الطاحنة , الشائكة, المعقدة , المريرة, لم تحقق أية مكاسب سوى أنها تؤدي إلى الموت والدمار والقهر ، وانهاء حضارة الإنسان:
فقد بدأت الحروب الصليبية بالحملة الأولى عام 1095م وانتهت بعد أربع سنوات بفتح بيت المقدس.
استرد القائد صلاح الدين الأيوبي – من قادة العراق آنذاك – بيت المقدس عام 1187م , وترك بعض المدن الساحلية للصليبيين بمقتضى معاهدة عقدها مع ريتشارد قلب الأسد واثبتت الوقائع والإحداث أصالة ((الموقف الحضاري)) لصلاح الدين وعمق ((النزعات الإنسانية)) لديه.
لكن الحملات الصليبية لم تتوقف بالرغم من المعاهدة العادلة التي عقدها الملك الكامل مع الإمبراطور فرد ريك عام 1229م .
وقد أعطى الملك الكامل للإمبراطور فرد ريك بمقتضى هذه المعاهدة ... السماح للحجاج المسيحيين إن يأتوا إلى الفضاء المحيط بقبة الصخرة المقدسة , ليؤدوا صلواتهم في موضع هيكل سليمان وسمح للمسلمين بمثل هذه الحقوق في بيت لحم كما تضمنت المعاهدة إطلاق سراح جميع الأسرى المسلمين والصليبيين لكن فرد ريك كان مطرودا من الكنيسة فلم ترحب السلطات الكنسية بالمعاهدة التي عقدها وظلت تلك السلطات تحرض على قتال المسلمين وكانت نهاية التحريض إن خسر الصليبيون ما كسبه فرد ريك ,وانتهى الأمر بالإخفاق الكامل للحروب الصليبية وخروج الصليبيين من فلسطين بأسرها على يد الظاهر بيبرس في أواخر القرن الثالث عشر الميلادي.
وإذا كانت أوربا قد أخفقت في الهدف العسكري الذي كانت تبتغيه من وراء الحملات الصليبية , فأن هذه الحملات أثمرت ثمارا أخرى لاشك فيها فمن المقرر لدى دارسي الحضارات- والغربيين منهم بوجه خاص- إن احتكاك أوربا ودولها المتأخرة آنذاك بدول الشرق المتقدمة في ذلك الوقت أدى إلى نقل ثمار الحضارة الإسلامية التي كانت ثمرة للإسلام وللحضارات الإنسانية السابقة علية كلها إلى أوربا , وكان ذلك التلقيح الحضاري احد الأساليب الأساسية التي مهدت لعصر النهضة الأوربية الحديثة.
إن الحروب بين الدول الأوربية المسيحية وبعضها كانت تراعى فيها قواعد معينة على حين إن هذه القواعد ما كان يجب , وما كانت تراعى في حالة الحرب بين الدول الأوربية المسيحية وغيرها من الوحدات.
إن موضوع الحروب شائك ومعقد أسبابها ودوافعها متعددة وقد قامت حروب الثلاثين عاما المشهورة في أوربا بين المسيحيين الكاثوليكيين من ناحية والمسيحيين البروتستانت من ناحية أخرى , بين عامي 1618 و1648م وانتهت هذه الحروب بعاهدة وستفاليا المشهورة عام 1648م , التي تعد مولد القانون الدولي العام بصورته الحديثة.
ثم عقد مؤتمر فينا عام 1815م عقب حروب نابليون التي هزت أوربا بل العالم كله إلى حد كبير.
وقد عقدت مؤتمرات دولية في القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين بباريس ولندن وبرلين .وكان أخرها مؤتمرا لاهاي لعامي 1899 و1970م . وتعد هذه المؤتمرات هو في حد ذاته ظاهرة من ظواهر بداية التنظيم الدولي بصورته المعاصرة.
ويلاحظ البعض إن مؤتمري لاهاي لعامي 1899 و1907م كانت هي الأخرى من المقدمات الاساسية التي عبدت الطريق إمام التنظيم الدولي القائم ألان.
ولا شبهة في إن مؤتمري لاهاي وما أسفرت عنه كانت خطوة من خطوات التطور نحو مجتمع دولي يقدر مسؤولياته وبقدر الاعتبارات الإنسانية في الحياة الدولية . وان مؤتمر لاهاي لعام1907م اجتمع فيه ممثلو كل الدول جنبا إلى جنب ليناقشوا ما يهمهم جميعا وما يؤدي إلى صالح الجنس البشري كله.
وقد كان من المقرر إن يعقد مؤتمر ثالث في لاهاي عام 1915م لكن!! ظروف الحرب حالت دون عقد المؤتمر حيث قامت الحرب العالمية الأولى عام 1914م وكانت أهوالها مما لم يسبق للعالم إن شاهده من قبل وكانت نتيجة ذلك الحتمية إن يتجه العالم إلى صورة من صور التنظيم الدولي.
لم تسبق أيضا من قبل حتى يتفادى بهذه الصورة من صور التنظيم مثل هذه الكارثة التي تمثلت في الحرب العالمية الأولى . وكان إن أنشأت عصبة الأمم بمقتضى معاهدات فرساي عام 1919م . تلك كانت مرحلة أولى من تطور التجمعات والتنظيمات البشرية لتلتقي بأول منظمة عالمية تضم اكبر تجمع دولي لأبناء البشرية والتي أطلق عليها اسم (( عصبة الأمم )) .أن العصبة كانت تنقصها الشجاعة الأدبية,وأنها ترددت في تحمل مسؤوليات القرارات الخطيرة .وقد آدت هذه الإحداث إلى انهيار النظام الدولي وتحطم عصبة الأمم لإفساح المجال لقيام منظمة عالمية تكون اقدر وأجدر على تحمل المسؤوليات الدولية ومواجهتها بروح من العزم الأكيد على تحقيق العدالة في العالم .
بعد اشتعال نيران الحرب العالمية الثانية التي دامت ست سنوات - للفترة مابين آذار (مارس) 1939 حتى 2 أيلول (سبتمبر) سنة 1945- كادت تأتي على الاخضر و اليابس فوق الأرض وتقضي على أروع ما وصل إليه الفكر البشري من حضارة ومدنية. ونتائج الحرب العالمية الثانية في القرن العشرين الميلادي مرعبة ومؤلمة لكل إنسان؟ !
ومعروفة للجميع ولا داعي لذكرها من جديد .وبرزت الأمم المتحدة إلى حيز الوجود بصفة رسمية يوم 24 تشرين الأول(أكتوبر) عام1945م بعد إن صدقت على الميثاق الصين وفرنسا والاتحاد السوفيتي والمملكة المتحدة والولايات المتحدة الأمريكية وأغلبية الحكومات الأخرى. ويحتفل العالم بيوم 24 تشرين الأول (أكتوبر)من كل عام باعتباره يوم الأمم المتحدة .
ومن أهداف الأمم المتحدة حفظ السلم والأمن الدولي:
وقد ورد النص على هذا الهدف أكثر من مرة في أجزاء متفرقة من الميثاق .فتضمنت الديباجة الإشارة((نحن شعوب الأمم المتحدة إلينا على أنفسنا ... إن ننقذ الأجيال المقبلة من ويلات الحرب... )). كما نصت الفقرة الأولى من المادة الأولى من الميثاق ((حفظ السلم والأمن الدولي وتحقيقا لهذه الغاية تتخذ الهيئة التدابير المشتركة الفعالة لمنع الأسباب التي تهدد السلم ورفعها وتقمع إعمال العدوان وغيرها من وجوه الإخلال بالسلم .وتتذرع بالوسائل السلمية وفقا لمبادئ العدل والقانون الدولي لحل المنازعات الدولية التي قد تؤدي إلى الإخلال بالسلم وتسويتها . إلا إن الميثاق للأسف لم ۥيعرف المقصود بلفظ((الحرب)) أو ((العدوان)) وذهب بعض الكتاب إلى إن السلام الذي يرمي الميثاق إلى تحقيقه وهو السلام الدولي , نظرا لاقتصار الميثاق على النص على عبارة((السلم الدولي)) .
ورتبوا على هذا القول إن المحافظة على السلم الداخلي أي الحروب والثورات الداخلية . لأتدخل ضمن مقاصد وأهداف المنظمة. إلا إذا امتدت أثارها إلى خارج إقليم الدولة , وأدت إلى تعكير السلم والأمن الدولي. وهو ادعاء يتناسى اعتبارات عدة تؤثر في الأوضاع الدولية . فالحروب الأهلية تتفاعل فيها عدة عوامل سياسية مختلفة كما تتصارع فيها الدول بطرق مستترة لتأييد جماعات معينة داخل الدولة. وترك تقدير ما إذا كانت هذه الحروب تعكر السلم والأمن الدولي عرضة للتفسيرات التحكمية التي قد يصدرها مجلس الأمن طبقا للمادة (39) من الميثاق . دون إن يحدد الميثاق معنى هذه الألفاظ , هو من اكبر العيوب التي توجه إلى ميثاق الأمم المتحدة . وخاصة وان الدول الأعضاء في المجلس تتصرف عادة وفقا لمصالحها الفردية الخاصة, ووفقا لمقتضيات الظروف السياسية البحتة دون إن يكون للأوضاع القانونية اوللقيم الأخلاقية المتعلقة بحقيقة الوضع القانوني للنزاع المسلح داخل الدولة أي تأثير عليها.
العدالة وسيلة من وسائل تطوير الشرائع وتظهر في كل مجتمع وفي مرحلة من مراحل تقدمة العقلي والاجتماعي. توسعت مفاهيم العدالة عبر السنين والقرون الماضية .والتي عانت فيها البشرية ويلات الصراعات والحروب فوق كوكب الأرض تحسست البشرية كلها وتكشفت حقيقة واضحة كالشمس التي تشرق كل يوم إن سيادة العدالة الإنسانية خير الأعمال والتي تسير العلاقات الودية بين الشعوب والأمم.من اجل الحفاظ على الجنس البشري والحفاظ على الأمن والسلام في العالم اجمع , حتى أشرق اليوم الذي انطلقت فيه صيحات الشعوب , كل شعوب الأرض , كل الرأي العام العالمي, بلغة واحدة هي لغة التفاهم والحوار,لا الضرب بالنار. للحد من الصراعات في المستقبل.
لكن ! لازالت غيوم الصراعات الإنسانية تلبد سماء كوكب الأرض ؟! وستهطل أمطارا غزيرة من الدماء في المستقبل , ولا سباب ودوافع عديدة كامنة وانية . ومن هذه الأسباب ما يلي :
1- التضليل الإعلامي والتدخل في شؤون الدول
أصبحت الدعاية الدولية – في العصر الحديث – أحدى وسائل السياسة الخارجية الهامة ، وقد اكتسبت الدعاية الدولية الاهمية ، نظرا للتطور الحديث في وسائل الاتصال وتعدد وسائل الأعلام وقدرتها على الوصول لكافة الشعوب دون عوائق جغرافية أو غيرها - لذلك تقوم الدول الكبرى – التي تهتم بتوجيه دعايتها الدولية لغيرها من الدول بدراسة الشعوب قبل توجيه أجهزة الدعاية تجاهها , حتى تحقق هذه الدعاية نتائجها المرجوة وحتى لا تأتي بنتائج عكسية إذا ما أُسئ توجيه هذه الدعاية. ومن هنا نجد تعدد الدراسات حول الاتصال الدولي ووسائل استخدام الدعاية الدولية في خدمة السياسة الخارجية للدول.
ولخطورة الدعاية الدولية وللتقدم المذهل في وسائل الأعلام والاتصال الدولي وأثرها الفعال على الرأي العام المحلي والعالمي , فقد قامت هيئة الأمم المتحدة بدراسة هذا الموضوع واقرت ميثاق الشرف الدولي الخاص بالعاملين في حقل الأعلام , حيث اقرت اللجنة الفرعية لحرية الأعلام المنبثقة عن المجلس الاقتصادي والاجتماعي التابع للأمم المتحدة هذا الميثاق عام 1952 .
ولقد نص الميثاق في مادته الأولى على (أي شخص يكلف بجمع ونقل وإذاعة الإنباء والتعقيب عليها , إن يحاول قدر المستطاع إن تكون الإنباء التي تصل إلى أيدي الجمهور صحيحة وموضوعية ومطابقة للواقع , وعلى رجل الأعلام أيضا إن يتحرى مدى صحة جميع المعلومات التي قد تكون موضع شك وعليه أيضا إن لا يغفل أي حدث هام وان لا يشوه أي شئ , كما يتعين عليه إلا ينشر آية معلومات من هذا النوع). وتنص المادة الرابعة من هذا الميثاق على مايلي:
(.. يتعين على الصحفيين الذين يريدون الكتابة أو التعليق على الإحداث التي تقع في بلد أخر غير البلد الذي ينتمون إليه ,أن يحصلوا على الإنباء التي تمكنهم من الكتابة والتعليق على هذه الإحداث بطريقة تتوخى العدل وتراعي الضمير..) .
وإذا كانت منظمات الأمم المتحدة تسعى جميعها لإقامة علاقات حسنة بين الدول وصيانة السلام الدولي وضمان الحقوق والحريات ومن بينها حرية الأعلام وحرية الرأي والفكر. فأن منظمة اليونسكو أحدى منظمات الأمم المتحدة التي نشأت عام 1945 م تقوم بدور فعال في تشجيع التعاون بين الدول في مجالات العلوم والثقافة وكفالة الحقوق والحريات. كذلك تلعب منظمة اليونسكو دورا فعالا في مجال ضمان إن تكون الدعاية الدولية قائمة على الحقائق وعدم التدخل في شؤون الدول الأخرى وفي التأكيد على استخدام الدعاية الدولية في مجالات تقارب الشعوب ونشر العلوم والثقافات وتحقيق التقدم والازدهار لكافة شعوب الأرض . ولقد كان للدعاية الدولية ووسائل الاتصال الحديثة دور هام في الحروب الباردة التي نشأت بين الكتلتين الكبيرتين الشرقية والغربية والتي استخدمت فيها كافة أساليب الدعاية والأعلام الحديثة في محاولة كل طرف من الطرفين في التأثير على معنويات شعوب وحكومات الطرف الأخر.
... وان تؤثر في حرية الصحافة لتحقيق مصالح سياسية واقتصادية وتقوم بتوجيهها الوجهة التي تحقق مطامعها وأهدافها بصرف النظر عما إذا كانت هذه الأهداف وتلك المطامع تتماشى مع الصالح القومي أم لا . وتستخدم هذه الجماعات - في سبيل تحقيق مطامعها – تزييف الحقائق ونشر الأخبار الكاذبة والاستمرار في التأثير على الرأي العام حتى تضمن استقطابه تجاه أهدافها ومطامعها الخاصة . بزيادة حملاتها المضللة في تحريف الحقائق واستخدام الكذب والخداع والتهويل والتفخيم كأسلحة فعالة للحرب النفسية.
استغلال كامل لأجهزة الأعلام المتنوعة في بث سموم الحرب الأهلية فأجهزة الأعلام هي السلاح الأول والأساس للحرب النفسية فهي تخاطب العقول دون عوائق جغرافية أو موانع سياسية , وبذلك تهتم الدول الكبرى لإدخال التطورات- العلمية الحديثة- بصفة مستمرة- على كافة أجهزة الأعلام والعمل على إن تصل كافة أنحاء الكرة الأرضية لضمان إيجاد قنوات اتصال جيدة تسري من خلالها الحرب النفسية لكافة الشعوب دون إن تستطيع القيادات السياسية والشعبية لهذه الشعوب إيقاف مفعولها وأبطال سمومها. وتقوم بتدعيم الخلافات الطائفية والحزبية لشغل الشعوب وقيادتها في منازعات داخلية تمهد للغزو الفكري والعقائدي والعسكري.
بالطبع أنا لااريد هنا إن استرسل في افتراضات ربما تبدو غير معقولة ...
ولكن أريد فقط إن أوضح حقيقة هامة لأجيالنا القادمة في المستقبل من إن كل نوع من التضليل الإعلامي وأي تدخل في شؤون الدول الأخرى هي عمل من إعمال العدوان وتهديد للأمن والسلام في العالم اجمع.
2- الاضطرابات الداخلية وتهديد السيادة
لأمراء في إن الاستعمار الجديد هو اخطر عوامل الإرغام التي تؤتى تأثيرها السلبي على العالم الثالث في الوقت الحاضر , ولذلك بقدر ما تأخذ تظاهراته إشكالا متعددة وتمتد إلى سائر الميادين.
ما هو الاستعمار الجديد ؟
الاستعمار الجديد هو السياسة التي تمارسها الإمبريالية الدولية( الذي يجمع طائفة البلدان النامية في العالم الغربي. من كان منها مستعمرا في السابق ومن لم يكن) منذ((استقلال)) بلدان العالم الثالث والرامية إلى تنسيق الأعمال والطرائق التي من شأنها إبقاء إشرافها قائما على اقتصاد هذه البلدان أو استئنافه أو استدراجها إليه.
يستخدم الاستعمار الجديد في استغلال المصاعب المحلية وفي تيسير النزاعات الداخلية ودوافع الخلاف والانقسام وزيادة وطأة العوامل السلبية ,وأذن , في إحراج هذه البلدان إن تلوذ بعون متعاظم من لدن الأمم الإمبريالية عن طريق منعها باستمرار من حل مشاكلها وهذا يؤدي إلى زيادة ارتهان (( استقلالها)) إما لدى البلدان التي بقيت طلقة من أشراف الإمبريالية الاقتصادي أو التي تخلصت منه , فلا يتردد الاستعمار الجديد في استخدام اشد الوسائل عنفا: التدخل العسكري, الانقلابات...الخ .
إن الخلافات بين أبناء الوطن تقف عائقا إمام الوحدة الوطنية للبلد فيكون عرضه للضعف أو التقسيم... ويجب تصفية كافة الترسبات الإقليمية , والعصبيات ذات الطابع الطائفي أو العشائري(( القبلي)) أو الديني أو الاجتماعي. وكافة الصراعات الأخرى. وان عدم الاتفاق على صيغة أولية لوحدة وطنية سيؤدي إلى بقاء هذه الأوضاع والى تراخى القوى والتراجع والانتكاس , ويجب إن تكون التحولات الاجتماعية المحلية لخدمة وتطوير الصراع ضد أي عدوان خارجي والحفاظ على السلم والأمن في العالم. قد تنهار الدول إذ تقوضها الخلافات الداخلية وتفككها.
3- النزاعات الدولية
لم يسبق للإنسان قط إن عاش فترة هامة لمستقبله مثل الفترة التي نعيشها اليوم وهي الفترة التي تشهد الألف الثالثة وتتميز بالمجابهة بين الاشتراكية والعولمة والتهديد بكارثة نووية مدمرة. وبجانب ذلك عبقرية الإنسان إلى آفاق عالية جديدة . ودخول العلم إلى الأكوان المتناهية الصغر والأكوان البالغة الكبر. وتسلله إلى أعماق أعماق أسس الحياة. حياة الطبيعة وحياة الإنسان... ترتبط مشكلة الإنسان اليوم , مشكلة وجوده وتطوره ومستقبله , أكثر من أي وقت مضى ... ومن الممكن إدراك ذلك إدراكا مباشرا لان العلم والتكنولوجيا يشكلان أساس الحضارة المعاصرة.
وبالتالي فهما يقرران مستقبلهما من نواحي عدة. بالإضافة إلى ذلك فأن تطور الإنسان من النواحي العلمية والتكنولوجية قد خلق عددا من الظواهر الايجابية والسلبية التي اكتسبت أبعادا عالمية وبصورة خاصة , شهدت السنوات الأخيرة ظهور مختلف أنواع المثاليات التي ترسم صورا للمستقبل وصورا لكارثة مستقبلية لا مفر منها , تتمثل في سقوط الإنسان , إما نتيجة لحرب نووية عالمية شاملة وإما نتيجة لهندسة اجتماعية سبرانيةcybernetics وراثية (جينية ) في إعقاب العوامل البيولوجية التي يصعب ضبطها في الطبيعة البشرية في ظل ظروف التقدم العلمي والتكنولوجي. وليس من السهل على الإنسان العادي غير المختص إن يدرك كنه ذلك .
وهذا ما سيظل يجعلنا نقف بصورة متزايدة ضد هذا (( المعلم )) القوي الذي يسمى أسطورة عالم المستقبل حول الإنسان ومستقبله. مثل هذه الأسطورة تراهن على المكانة التي يحظى بها العلم رغم أنها (أي الأسطورة) لا علاقة لها بالعلم لأنها تقوم على منهجية متحيزة. بما في ذلك تفسير متحيز للمشاكل العالمية والقاعدة السائدة هي إن هذه المشاكل يجري عزلها عن الإطار العام للتناقضات الأساسية في أيامنا هذه وتعرض ( أي المشاكل ) كما لو كانت أقوى واهم من المشاكل الاجتماعية والمشاكل الطبقية. وان حل هذه المشاكل يكمن , على حد ما يزعم , في المجالات العلمية والتكنولوجية , أو في داخل الإنسان ذاته أي في المطالبة في تغيير الإنسان الذي تتوقف عليه بصورة عملية الفرضية المنطقية الأساسية بل الوحيدة الشرط اللازم لحل جميع المشاكل الأخرى.
بما في ذلك (( النماذج المستقبلية )) التي تعد لحل المشاكل العالمية لتطور العالم.
وفي حياتنا كذلك هناك نضال الشعوب القديم قدم الزمن وطموحاته القديمة قدم الزمن , نحو تحقيق الانسجام مع نفسه ومع الطبيعة , الأمر الذي يتطلب الشجاعة والمثابرة والشعور الأخلاقي . ولا توجد بغضاء في علاقاتنا الاجتماعية. وان تبنى هذه العلاقات أساسا على احترام حرية الإنسان وكرامته وإنهاء كافة الصراعات الدولية لخلق مجتمع دولي يسوده الخير والأمن والسلام.
كيف نتحكم في العمليات الديناميكية التي تعمل على تفكك المجتمع - كوباء الكراهية وصور الباطل المعدية والرموز القوية التي تقود إلى الدمار- وكيف نوقفها بطريق التعليم أو الحجر الصحي لو البلاغة المضادة , قبل إن يعظم انتشارها ؟ كيف نعطي الفرد صورة لاحترام ألذات والتماثل مع مجموعة اكبر دون إن نسمح بنمو صور الكراهية والتعصب؟ كيف نحافظ على ثراء الاختلافات الثقافية وتنوعها في عالم من الاتصال السريع والسلم- كيف نحافظ بعبارة أخرى على الفضائل الحقيقية جدا للوطنية في عالم قد خلا من الحرب ؟ كيف نمنع العمليات الاجتماعية الكامنة الكبرى (نمو السكان, الهيسيتريا العاطفية, الزعامة المتهورة, الصورة الخاطئة عن الحقيقة الاجتماعية) من إن ندفع بالمجتمعات إلى الفقر والشقاق والانحلال ؟ وربما أصعب من هذا , كيف نمنع السأم, وكيف نحفظ الخطر والاضطراب والشعور بغرض سام؟ كيف نعالج الصادية والرجولة والانحراف الجنسي والأنوثة, والخيلاء والزهو , والتملق ورغبة الموت ؟ وكيف نحرر الناس من (( قيود)) تكافؤ المتناقضات والتي تشل نشاطهم , ونطلق إمكانياتهم الخلاقة من عقالها ؟ وكيف نربي الأطفال في عالم انتفت منه الحرب ؟ وما وسائل دفاعنا ضد فساده ؟ وأي طقوس نمارسها وأي أبطال نعيد ؟ وكيف نمنع تأثير الثروة المفسد, والقدرة الغادرة على إشباع الجسد؟
واضح إن السلام هو الذي يمس بأصابعه الناعمة كل عصب من أعصاب الحياة.
لقد حلمنا باليوتوبيا وحمدنا الله في سريرتنا أنها لم تكن سوى حلما. وألان سوف نضطر إلى التفكير فيها والتفكير بشدة وطويلا , إذ قد نرغم على الدخول فيها إذا لم يكن ثمة بديل عنها سوى الفناء. على مدة الثمانين سنة الماضية ومجلس الأمن التابع لهيئة الأمم المتحدة يتقاعس في إنهاء الكثير من الصراعات الدولية وفي أقاليم عديدة فوق كوكب الأرض. منها:
1- كشمير 1947
2- يوغو سلافيا 1949
5- جنوب افريقيا 1952
7- مصر 1956
9- كوبا 1959
11- الكونغو 1960
13- جيكو سلوفاكيا 1968
15- قبرص 1974
17- ليبيا 1992
19- اوكرانيا 2022
21- تايوان 1950
23- سوريا 2- فلسطين 1947
4- كوريا 1950
6- الجزائر 1954
8- لبنان 1958
10- التيبت 1959
12- فيتنام 1965
14- افغانستان 1973
16- العراق 2003
18- السودان 1995
20- ايران 2025
22- افغانستان
24- اليمن
مايحزن النفس الانسانية ويدمي القلوب هو شلل عجز هيئة الامم المتحدة من التوصل الى حلول عادلة ومنصفة لوقف نزيف الدم والدمار فوق كوكب الارض لما يزيد عن 8 عقود من الزمن.
وفوق هذا الشلل والسقوط والتضليل الاعلامي تقوم الدول الدائمة العضوية في مجلس الامن الى القيام بأعمال الغزو المسلح والعدوان والاحتلال ضد العديد من شعوب دول العالم دون رحمة او وزاع من ضمير ...!
* * *
وقبل إن نتمكن من مناقشة الطريقة التي ينبغي إن تسوى بها المنازعات في عالم ساده القانون وخفضت فيه الأسلحة , ينبغي إن نتلفت حولنا ونسأل عن نوع المنازعات التي علينا إن نعالج أمرها في عالم اليوم.
وحين نفعل هذا يجب إن نميز بين المنازعات الناشبة فعلا وبين حالات التوتر والاستياء ذات الطابع العام بين الدول . فالكفاح والنضال , والشك والسخط - هذه جميعا- يجب بالنسبة إلى غرضنا الحالي , إن تؤخذ كعناصر معلومة على المسرح الدولي , واهتمامنا هنا ينصب على كيفية منعها من تحطيم السلام.وتدمير العالم الذي نعيش فيه, وعيش أجيالنا القادمة في المستقبل. ربما كانت الحكومات الاستبدادية في العصور القديمة أفضل منا فهما لوسائل تهدئة العلاقات بينها بالرغم من وجود الكراهية وسوء الظن فيما بينها. فكانت تتبادل الرهائن وتشرب الأنخاب من كأس واحدة , وتتلاقى إمام الملأ لتحرم على كل منها القيام بالمذابح ,بل وكانت تتبادل عمدا الجواسيس بقصد تيسير نقل المعلومات الصحيحة . وربما كانت تعمد إلى ربط ابن بابنه في عقد زواج وذلك تحقيقا لمصلحة مجردة في تنفيذ العقود والاتفاقات وبذلك تقلل من التوتر إلى الحد الذي يسمح بأن تشب الأجيال التالية في جو من المحبة.
4- الفقر في العالم
إما(( التخطيط)) فهو الطريقة الأشد جدارة وسرعة ولكنها الأشد((صلابة)) أيضا.
تخطيط استراتيجية الإنماء العالمية , لاستئصال الفقر في العالم. تقتضي إعادة النظر الشاملة في((مجتمعنا الاستهلاكي)) وتثقلها النتائج الجسام , إلى حد إن غالبية البلدان المعنية ربما ترددت قبلما تتجاوزها. ذلك أنها إعادة إحكام للاقتصاد برمته , ولوتيرة نموه.
وكذا إعادة تكييف لأذواق الرأي العام وحاجاته , وفق معايير تختلف إذن من حيث مدة الديمومة والجودة , وإنما ينبغي التوصل إليها. فأن(( إبطاء)) وتيرة نمو التوسع الاقتصادي الآخذة بالتسارع المتزايد لدى الأمم الغنية, يكون من شأنه إن ييسر((تدارك)) ما يقع اليوم من تخلف على التنمية الاقتصادية لدى البلدان الفقيرة . رغم تزايد عدد الاقتصاديين (( التطلعيين)) أو (( المستقبليين)) الذين يرون إن هذا هو الحل وحده القادر على صيانة التوازن العالمي حيال الخطر الشديد المحدق به من جراء نهوج (فرط الإنتاج) و
( فرط التنمية ) المتفجر فأن هذا الحل يبقى (خياليا) في الوقت الحاضر.
إنشاء مدارس ومعاهد ثقافية
وعقول الناس تأخذ مرانها في مدارسنا وجامعاتنا , أو هكذا يحلو لنا إن نعتقد . فإذا كان الذين يتلقون المران, خاصة في مدارس القانون والدراسات العليا في العلوم السياسية,يتغذون على فتات النواميس القديمة والمجازات, فليس لنا إن نتوقع أنهم سيواجهون فيما بعد حل المشكلات عبر الدول بذكاء متفتح الذهن بدلا من دهشة فاغرة الفم. وقد خطا التعليم في الإطار المحلي أو الوطني خطوات واسعة في محاولة خلق تقدير للمشكلات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية التي تحاول علوم القانون تسويتها. إما في المجال الدولي , أو بتعبير أوسع في المجال عبر الدول , فنجد علاقات مضيئة هنا وهناك وان ظلت السبل المضاءة جيدا قليلة العدد. وليست تطوير القانون عبر الدول بالصعوبة التي قد تبدو عليها في بعض الأحيان.
لاشك انه لا يزال إمامنا إن نعمل الكثير لإثارة الاهتمام ولخلق فهم لطبيعة وأهمية المشكلات عبر الدول قبل إن تتصرف الجهات التي تملك السلطة في تقديم قواعد صالحة لحلها. وقد ينتج عن إعادة تقييم مشكلة ((التجمعات الدولية والسيادة الوطنية)) التجاء متزايد إلى القانون الخاص الداخلي. كوسيلة لري المسالك الجافة التي تميز أجزاء كثيرة من أراضي القانون التجاري الدولي التي يمكن جلب الخصومة لها.
* * *
إن الفقر نبت ضار ومستمر النمو في روضة المجتمعات الإنسانية, والفقر في بعض الدول اليوم ليست مشكلة محلية أو وطنية وإنما يعتبر مشكلة من المشكلات الدولية أو أنها مشكلات عبر الدول . خاصة بعد(( طفرة العقل البشري في القرن العشرين الميلادي)) ولما أحدثه من تقدم علمي وتكنولوجي في كافة المجالات.
فكما قضى - التعاون الدولي – على الكثير من الإمراض التي كانت تفتك بملايين البشر كالجدري والأنفلونزا والطاعون وغيرها...
يمكن تكثيف الجهود الدولية بنية حسنة لاستئصال الفقر من فوق الأرض.
لا تزال هناك هوة سحيقة بين البلاد المتقدمة والبلاد النامية التي تعيش فيها ثلثا سكان العالم. لكن لأول مرة في التأريخ صارت معظم الأمم تقبل ألان الفكرة القائلة بأن هذا التناقض يجب إن لا يستمر وان البلاد الغنية والفقيرة يجب إن تتعاون لترقية حياة كل الناس . وان هذه مسؤولية المجتمع الدولي... إن يبذل جهدا مشتركا لكسر حلقة الفقر والجوع والجهل والمرض التي لا تزال تحدق بجزء كبير من العالم. إن حرية الانسان هي قدس قدسه , وكرامته هي ممارستة الحرية . والفقر والعوز والحاجة تعدم الحرية, وتعدم الكرامة . ونستطيع إن نوفر حرية حقيقية لشعوب الأرض الفقيرة.
إذا أنقذناها من الفقر . وكذلك الأمر بالنسبة لكل حاجات الشعوب في التعليم والصحة والرفاهية. تطبيقا لمبادئ حقوق الإنسان , بتطبيقات صحيحة وسليمة لخير المجتمع الدولي كله.
5- قضايا الأراضي والحدود
أ – التهجين:
يمكن أجراء المقارنة ما بين أوضاع هذه الدول التي نشأت في انفصال أو قطيعة عمد إليها المغامرون البيض عن عقرهم الأصلي أو اقل عن أوربة بوجه اعم وبين أوضاع دول أمريكا اللاتينية التي طالبت بـ (( الاستقلال )) فيها في البداية أقلية من المغامرين ذوي المنشأ الأوربي, وقد حصلت عليه في صالحها .
ولكن التعارضات ذات الطابع العرقي ما بين المسيطرين والمسيطر عليهم أخذت تتخامد على مر السنين في حالة أمريكا اللاتينية, بفضل ممارسة التهجين التدريجي , حتى ذابت في تجانس قومي جديد كاد إن يبلغ الكمال.
* * *
ب – العنصرية :
أن تكون سيادة البيض - بصفة خاصة – تتشابه إلى حد كبير مع النظرية العبرية التي تقول بخرافة ( الشعب المختار) فهي لا تستطيع إن تعيش ألا إذا افترضت سلفا أهدار إنسانية الأجناس البشرية الأخرى. لأنها نظرية تقوم على أساس (( كبرياء أصحابها وتعاليهم)) .
إن شبت في القارة الإفريقية صورة الصراع الذي نشاهده اليوم... صراع بين الرجل الأبيض الحاكم المتعالي وبين الرجل الأسود الذي وضعه الرجل الأبيض في المكان الدون .... أي المسود.
وهو في حقيقته صراع الدوافع والأهداف
* * *
ج – قضايا الحدود:
لتفادي ((الحروب من اجل الحدود)) وما تسببه من نتائج شديدة الخطورة لانهاية لها. والتي يمكن إن تعزى المسؤولية عن معظم ما اندلع من نزاعات في العالم الثالث منذ نيل بلدانه (( الاستقلال )) إلى ما تم من قطع ووصل في عصر الاستعمار. وكان للتقطيع الاستعماري للأراضي نتيجة أخرى هي خلق دول غير صالحة للقبول. وهي استهتار بالوقائع الإنسانية , وتدمير مصالح أهل البلد الاجتماعية والاقتصادية. والحاجة تدعو إلى تشكيل لجنة دولية متخصصة لفض كافة النزاعات الحدودية سلميا. وضرورة أجراء قسمة (( عادلة)) لدرء مخاطر المناطق الحدودية الساخنة وتشجيع البلدان المتجاورة على إنشاء معامل للصناعات المتنوعة وفتح الأسواق المحلية وإنشاء مناطق حرة وتطويرها.
لا يزال عالقا بالأذهان ما إثارته المنازعات المعقدة حول الحدود بين اللاووس وشمال فيتنام , وبين الصين والهند من ظروف أنذرت بالحرب بين تلك الدول وكادت إن تسفر عن تأزم الوضع الدولي الذي اخذ - بعد تقارب الأقطاب- ينفرج ويعتدل.
وغير بعيد أيضا خلافات الهند والباكستان والأرجنتين والشيلى حول مجاري المياه وقمم الجبال التي تشكل الخطوط الفاصلة قديماً بينهما , وقد عمدت السودان إلى تقديم شكوى إلى مجلس الأمن في مطلع عام 1958 ضد شقيقتها الجمهورية العربية المتحدة (مصر) في شأن الحدود. إما الحدود التي تفصل بين السنغال والجمهورية الإسلامية الموريتانية فأمرها يختلف عن ذلك تماما , فقد تساهلت الأولى عند التفاوض في شأنها بشكل لم تعرفه أية تسويات تتعلق بنفس الامرفي أية دولة أخرى من دول العالم. لقد رسمت الحدود بين الإقليمين بعد التعديلات الكثيرة التي أدخلت عليها خلال الثلاثين سنة المنصرمة بحيث أبعدت إلى الشمال قليلا من نهر السنغال , أي إن الخط الفاصل عوض إن يماشي منتصف النهر , أو يوازي تياره , ادخل الحوض كله في حوزة دولة واحدة هي السنغال.
قضايا الأراضي والحدود مصدر نزاع دائم خاصة في أفريقيا, في عهود الاستقلال الوطني لنزاعات مريرة عند اقتسام التراب الوطني لان المستعمر الذي كان يأخذ الأوطان ويعطي كيف يشاء , يقطع من هذا البلد أو ذاك قطاعا ليدخله في حدود الأخر وهكذا... وان الخلاف على الحدود بصورة خاصة سيكون سببا رئيسيا من أسباب تنازعها. ذلك إن الدول الغربية لما استعمرت أفريقيا تقاسمتها حسب خطوط مرسومة على ورق , فمزقت عدة قبائل وفرقت بين أبناء العنصر الواحد...
بسبب الحدود التي خططها المستعمر اعتباطا, حسب الحدود العنصرية والجغرافية الطبيعية , خصوصا وان الفروق العنصرية بين الأسود والأسود لأتقل عما هو قائم بين للأبيض والأبيض.
6- موارد الطاقة :
الأرض في الأساس, نظام مادي مغلق يتكون من الاثنين والتسعين عنصرا كيميائيا التي تنشأ بصورة طبيعية وجميعها – باستثناء جزء صغير جدا- ليست لها خصائص إشعاعية ولذا فأنها تخضع للقوانين الكلاسيكية . وسطح الارض نظام مفتوح تتدفق فيه الطاقة باستمرار , الأمر الذي يجعل المواد المتحركة عليه تتعرض لدوران متقطع أحيانا ومستمر أحيانا أخرى . كما يوجد تحت سطح الأرض مستودعات من الطاقة الحرارية والكيميائية والنووية والوقود الاحفوري (الوقود الاحفوري يعني النفط الخام). تمكن الجنس البشري خلال المليوني سنة المنصرمة من تبؤ المنزلة الرفيعة بين حيوانات العالم باختراعه وسائل السيطرة على موارد الطاقة والموارد الأخرى. وما حضارتنا الصناعية الحديثة إلا نتيجة مباشرة لاستغلال إمدادات الطاقة الضخمة المتمثلة بالوقود الاحفوري. ولكن هذا الوقود محدود وقابل للنضوب فإنتاج العالم من البترول قد بلغ الذروة خلال العقود الماضية من 1990-2000 وإنتاج الفحم خلال القرن من 2100-2200م.
ومن مصادر الطاقة الأخرى المناسبة للاستعمالات الصناعية على مستوى كبير , القوة المائية, ولكنها غير كافية للحلول محل الوقود الاحفوري , كما إن قوة الحرارة الجوفية والمد مفيدتان في بعض الحالات ولكنهما اقل من القوة المائية . وهناك طاقة الانشطار النووي التي تستعمل في إنتاجها المفاعلات المولدة, وهي مصدر يفوق الوقود الاحفوري ولكنها تشكل مصدر خطر ليس له مثيل في عالمنا الذي يسوده عدم الاستقرار الاجتماعي والسياسي. إما الطاقة الاندماجية الناتجة عن تفاعل الديوتريوم (الهيدروجين الثقيل ) مع الديوتريم فأمكاناتها غير محدودة ولكن لم يتم حتى ألان تحقيق اندماج يمكن السيطرة عليه. وإضافة إلى كل هذه المصادر فأن المصدر الضخم الوحيد للطاقة هو الإشعاع الشمسي . وإذا ماامكن تحقيق الاستخدام السليم للتقنيات الحرارية والكهربائية والكيميائية وخطوط الأنابيب القائمة فعلا فهناك أمل في إن يستمد العالم جميع احتياجاته من الطاقة اللازمة للصناعة من جزء صغير من الطاقة الشمسية المتوافرة في مناطق العالم التي تسطع فيها الشمس بقوة.
وفي الحقيقة فأن العالم ألان في مرحلة الانتقال من النمو الآسي إلى حالة توقف النمو تقريبا. ومع إن هذا الأمر لا يخلق مشاكل تقنية أو بيولوجية لايمكن حلها, فأنه سيؤثر كثيرا في المعتقدات الاساسية لثقافتنا المعاصرة الآسية النمو وفي المؤسسات المرتبطة بها. ولذا يبدو إن أحدى أهم المشكلات التي تواجه المجتمع الإنساني في أيامنا الحاضرة هي كيف يجعل الانتقال الثقافي من النمو الآسي إلى الوضع الثابت تقريبا يمر بأقل قدر ممكن من النتائج الضارة ؟
الدورة الكاملة للإنتاج العالمي من النفط الخام :
يتطلب تقدير الإنتاج المتراكم النهائي من النفط , للعالم ككل استعمال الطريقتين التاليتين:
(1) التقدير بالمضاهاة الجيولوجية للأحواض الرسوبية غير المحفورة.
(2) تقدير الإنتاج النهائي في مناطق جرى استغلالها جزئيا بالفعل على أساس الحفر المسبق والخبرة في مجال الاكتشافات.
خلال الثلاثين عاما الماضية , وسعت الصناعة البترولية نشاطها الاستكشافي إلى جميع إرجاء العالم, سواء المناطق البرية أو البحار القليلة العمق والاجرف القارية. وخلال هذه الفترة وضع الجيولوجيون البتروليين , وبخاصة أولئك العاملين في شركات النفط الدولية , تقديرات متتالية لكمية النفط الخام التي سيتم إنتاجها نهائيا في العالم برمته. ونجد إن التقديرات القديمة التي لم تتوافر معلومات كافية ولم تعط نصيبا كبيرا للحفر في المناطة المغمورة , اقل من التقديرات التي تتراوح بين1200 مليار و2480 مليار برميل ويصل متوسطها 1840 مليار برميل. تتضح لنا نتيجتان رئيسيتان أولا , يمثل عمود أمريكا الشمالية , الذي يذهب ثلثاه للولايات المتحدة , حوالي 15% فقط من مجموع موارد النفط الخام العالمية , وثانيا إن معظم الموارد البترولية المتبقية توجد في الشرق الأوسط وأفريقيا والاتحاد السوفيتي ( السابق).
ومن الجدير بالملاحظة إن الولايات المتحدة التي تملك حوالي العشر فقط من الموارد النفطية الأولية, هي في الوقت ذاته اكبر مستهلك للنفط في العالم , وكانت حتى سنة 1974 اكبر منتج له ز ولذا فلابد وان تكون هي أول بلد رئيسي تستهلك مواردها البترولية.
يمكن تقدير أهمية وقصر اجل استغلال الإنسان للوقود الاحفوري إذا رسمنا خطا بيانيا للدورة الكاملة لإنتاج الطاقة من هذا الوقود على مدى زمني يمتد من 5000 سنة في الماضي إلى 5000 سنة أخرى في المستقبل , وهي فترة معقولة للتأريخ الإنساني المتطور. ولعل تلك هي كل ما نسميه بعهد الوقود الاحفوري . صحيح إن معدل الإنتاج قد يتناقص تدريجيا لألف سنة أخرى في كلا الاتجاهين ولكن الجزء الأكبر من الإمدادات الأولية ستستــهلك خلال القــرون الثلاثة الممــتدة من سنة 2000-2300 م. ورغم إن هذه الفترة لا تمثل سوى فاصل زمني قصير في تأريخ الإنسان , فقد كان استغلال الوقود الاحفوري عاملا رئيسيا في قيام حضارة العالم الصناعية الحديثة. ولكن في الوقت ذاته كان له أسوأ أثر تعرض له الجنس البشري خلال وجوده على مر الزمان.
المصادر الأخرى للطاقة:
في ضوء الحقيقة القائلة بأن الوقود الاحفوري سيكون مصدرا رئيسيا للطاقة قادرا على سد احتياجات عالمنا الذي وصل إلى مرحلة متقدمة جدا من التصنيع لمدة قرون قليلة فقط على الأكثر , ولذا فأن الحصافة والتفكير السليم يقتضيان إن نولي قضية الحصول على مصادر أخرى للطاقة ذات إحجام متقاربة , اهتماما كبيرا . نجد إن مصادر الطاقة التي تمر بمراحل مختلفة من التطور هي القوة المائية وقوة الرياح وقوة المد. إما من إشكال الطاقة المختزنة في الأرض غير الوقود الاحفوري فلدينا الطاقة الحرارية الجوفية والطاقة النووية.
يقودنا هذا العرض الملخص لموارد الطاقة العالمية واستغلالها من قبل الجنس البشري إلى إدراك حقيقتين مهمتين : الأولى قصر الفترة الزمنية التي برز فيها استخدام الطاقة على نطاق واسع لأغراض صناعية , إذا ما قورنت بمجموع التأريخ الإنساني . والثانية هي انه بوجود الامكانات الحالية لاستخدام الطاقة الشمسية لأغراض صناعية , هناك أمل في توافر إمدادات من الطاقة كافية لتلبية جميع متطلبات العالم الصناعية لمدة من الزمن غير محدودة في المستقبل.
لذا لم نعد ندرة موارد الطاقة هي العامل الذي يحد من إنتاج القوى وما يصحبه من نمو صناعي بل هي مبادئ البيئة. فالعالم لا يستطيع إن يحتمل أكثر من عدة عشرات من التضاعفات لأي مكون صناعي أو بيولوجي . ولهذا لامناص من إن تتوقف نسبة النمو الصناعي والسكاني التي سادت خلال القرن أو القرنين الماضيين في وقت قريب لتتحقق حالة من الاستقرار , التي ربما تنطوي على حد أقصى من استهلاك الطاقة وعدد السكان. وبما إن الأرض تعاني فائضا في عدد السكان فالاحتمال الأكبر إن يتعدل هذا العدد , بعد إن يمر بفورة زيادة , عند مستوى أدنى قريب من مستوى الدرجة القصوى.... وقد يحدث تدهور ثقافي يضطر معه السكان إلى تعديل حياتهم مع مستوى بدائي يقل فيه استعمال الطاقة.... بأقل قدر ممكن من التعاقب الكارثي . وإذا ما حدث التحول وتحققت ثقافة مناسبة لحالة اللانمو , سيكون هناك أمل في إن توفر هذه الحالة مناخا يساعد على ازدهار واحد من أعظم مراحل التقدم الفكري في التأريخ الإنساني.
7- النمو السكاني
اتخذت الأمم المتحدة عديدا من الخطوات استجابة لقلق كثير من الحكومات نتيجة لسرعة تزايد السكان وتأثير ذلك على التنمية الاقتصادية والاجتماعية.
- اثر العوامل الاجتماعية والاقتصادية على السكان.
- تطوير وتقوية الوسائل القومية والإقليمية الرامية إلى التدريب والبحث والأعلام والأجهزة الاستشارية في ميدان الدراسة السكانية. .
(( إن حجم الأسرة يجب إن يترك أمره لرأي كل أسرة على حدة))
وفي عام 1969 أعلنت الجمعية العامة التابعة للأمم المتحدة إن(( من حق الوالدين المطلق إن يحددوا في حرية وتقدير للمسؤولية عدد أطفالهم وفترة إنجابهم)).
وقررت الجمعية العامة في 1970 اعتبار 1974 عام السكان العالمي وذلك لتركيز الاهتمام الدولي بمختلف جوانب مشكلة السكان وتشجيع الأنشطة التعاونية الملائمة وذات الصلة بالميدان... وقد شرعت في التخطيط لعقد مؤتمر عالمي يعقد سنة 1974 يخصص للمناقشات بين مختلف الحكومات حول سياسة السكان وبرامج العمل اللازمة لتحسين أحوال الناس وتطويرها.
المدن: كثير من المدن القديمة نشأت وتقدمت ولم تضع خططا لمستقبلها. على إن الناس قد فطنوا في السنين الأخيرة إلى ضرورة وضع الخطط المعقولة للتطور في المستقبل. والدوائر التي ۥتعنى بوضع الخطط للمستقبل . تنظر في جميع الشؤون الخاصة بالأهالي.
الهجرة: ستزداد حدة الهجرة في المستقبل , لكثير من شعوب العالم للعيش بأقاليم أخرى من العالم, وهذا العيش أو الاختلاط مع السكان الأصليين سيتبعه تهجينا عميقا يجلب معه اللغة , والفلسفة ومؤسساتها الخلقية والسياسية. بالإضافة إلى إن كوكبنا يلد كل يوم 150 ألف ساكن جديد !
وذلك يتطلب تغيير مسار المجتمعات تغييرا جذريا , يتطلب أولا وقبل كل شئ من الجميع.. مجهودا في اتجاه الإبداع الخلاق لتطور أو ابتكار نمط لمجتمع أو نوع لحياة يختلفان كل الاختلاف عن الأنماط والأنواع القائمة. وهذا الإبداع الخلاق يستهدف اكتشاف وتطبيق الوسائل الجديدة التي تكفل مشروع جديد للحضارة . وان تتعاون الأسرة – المرأة والرجل- في تربية وتنشئة أولادها في المجتمع النشأة الحسنة , بعيدين كل البعد من الإدمان على الخمر والمخدرات السامة والنزعة الإجرامية والسعي الجامح لإرضاء الشهوة الجنسية أو العربدة الجنسية. ولما تسببه من عواقب ونشر الإمراض الفتاكة , ليس في المجتمع المحلي فحسب وإنما على المجتمع الدولي ككل. وان صراعات الإنسان ستتوسع في المستقبل مع تزايد النمو السكاني في العالم.
8- نزع السلاح
كان أول قرار أصدرته الجمعية العامة التابعة للأمم المتحدة في 24 يناير (كانون الثاني) 1946 يتعلق بنزع السلاح , ومنذ ذلك الحين ظلت الأمم المتحدة دائما تبحث عن وسائل لوقف سباق التسليح وتخفيض الأسلحة والاستغناء عنها أخر الأمر.
فلقد ظلت الأمم المتحدة منبرا لمباحثات ومفاوضات نزع السلاح ومركزا لكل الجهود المبذولة لنزع السلاح , ومنبعا للتوصيات التي يقدمها المجتمع الدولي إلى الدول المعنية, ومصدرا للدراسات العلمية الوثيقة مثل دراسة تأثيرات الأسلحة النووية والترسيب الذري والأسلحة الكيميائية والبيولوجية والنتائج الاقتصادية لنزع السلاح.
ووضع تنظيمات عقلية للأمن العالمي بقصد فرض القيود على الأسلحة . وحين تستطيع القيود الشاملة في النهاية إن تخفض تكاليف الأمن بشكل له وزنه فأن الموارد الاقتصادية والتكنولوجية التي تتحرر نتيجة لهذا سوف تميل إلى رفع مركز الدول كشعوب مالكة وتصبح ميولها اقرب إلى الروح المحافظة واقل ثورية في طابعها .
والخلاصة إن تدابير الرقابة على الأسلحة والتدابير الرامية إلى تسهيل تطور المجتمعات الإنسانية يدعم بعضها بعضا على نحو له أهميته.
ينبغي أولا إن نسعى بإلحاح نحو ضمان سلام عالمي مستقر يقوم على تثبيت للأسلحة القومية , في ظل أشراف عليه, على إن نقوم في الوقت نفسه بخفض هذه الأسلحة الى ادنى مستوى يلزم لردع الالتجاء إلى العنف من جانب أي شعب.
وإذ يجري إنشاء جهاز يتبع الأمم المتحدة لغرض السلام وفض المنازعات الدولية بطريق يخلو من العنف نستطيع إن نتنبأ بإجراء خفض جديد في مستويات القوات القومية كلما زاد عدد الشعوب التي ترضى بالاعتماد على الأمم المتحدة لحمايتها ضد العدوان الخارجي. فالنجاح في دعم سلطان الأمم المتحدة للمحافظة على السلم هو وحده الذي سوف يسمح بنزع السلاح بصورة عالمية كاملة. أي الخفض الشامل في جميع القوات القومية إلى المستويات التي يتطلبها الأمن الداخلي.
بحيث يتسنى تحقيق هدف في إقامة نظام عالمي يسوده القانون والنظام والعدل وتستطيع إن تزدهر في ظله الحرية.
9- المياه والغذاء
نظرا لضخامة وأهمية قضايا المياه والغذاء في العالم. فقد تم تقديم شرح مفصل من البحث عن المياه والغذاء في العالم العربي.
أفرزت زيادة عدد السكان في العالم العربي عددا من المشاكل. منها المشكلة المائية.
واختلال معادلة الموارد المائية والسكان. وقد يتفاقم هذا الخلل مالم تتخذ إجراءات سريعة على المستوين الوطني والقومي . خاصة وان من المتوقع إن يتجاوز عدد سكان العالم العربي نصف مليار قبل نهاية الربع الأول من القرن الحادي والعشرين.
وعلى الدول العربية إن تبذل جهودا جدية لتأمين كميات إضافية من المياه من خلال تحسين كفاءة الاستخدام وتنمية الموارد المائية السطحية, وبخاصة الموسمية منها حيث يمكن إن يمتد الخلل إلى معادلة الموارد والسكان إذا ما استمرت معدلات النمو السكاني , وعندئذ فأن إعادة التوازن تتطلب تقنيات حديثة في مجال استخدام المياه التقليدية وغير التقليدية مثل تحلية مياه البحر, إذ إن نصيب الفرد من الماء في الوطن العربي يقترب من (1750) م3/سنة. ثم إلى (700) م3/سنة في عام 2025م.
حيث إن المياه العربية – الدولية تشكل ما يزيد على(60%) من مجموع الموارد المائية المتجددة في الوطن العربي. لذلك يقتضي الأمر إعارة هذا الموضوع اهتماما كبيرا بالنظر إلى إن الأحواض المائية الدولية تشكل العمود الفقري لخطط التنمية الزراعية والمائية. وتشير الدراسة إلى إن الوطن العربي يعاني من الآثار السلبية الناجمة عن تفاقم مخاطر ظاهرة التصحر , مما زاد من تفاقم مشكلة الأمن الغذائي.
ولاشك إن زيادة استخدام المياه يعني زيادة كمياتها العادمة بنسب عالية ولذلك فأن ترشيد استخدام المياه وتنميتها ينبغي إن يتم في ضوء العمليات اللاحقة التي تتحدد بعمليات تصريف المياه وتنقيتها.
فذروة الأمن الاقتصادي ومركزه هو الأمن الغذائي وعصب الأمن الغذائي وأداته المنتجة هو الماء.
نفهم إن مسالة التنمية الاقتصادية والاجتماعية يتعذر تحقيقها دون إن تتوفر كميات من الماء, فضلا عن ضرورة استثمارها بصورة صحيحة . وعندما نضيف إلى معلوماتنا إن نسبة (85%) من المياه النهرية العربية تنبع من دول غير عربية . تصبح مسألة الحفاظ على الأمن الغذائي العربي مرتبطة ارتباطا وثيقا بكيفية العمل على بقاء الثروة المائية وضمان استمرار تدفقها من المنبع وحمايتها من النضوب وتنمية المتاح منها. واستغلالها بالشكل الامثل. والسعي لإبرام عقود واتفاقيات مع دول المنبع تحقيقا لهدف التنمية.
فنهر النيل تتحكم فيه الدول التي ينبع منها. ونهر الفرات تتحكم فيه تركيا. مما يجعل هذه الدول تملك مفتاح الأمن الغذائي في جزء كبير من الوطن العربي. وبذلك نصل إلى حقيقة هي إن معظم المياه في الأقطار العربية واقعة تحت سيطرة دول غير عربية . فهي تتحكم بالأمن الغذائي العربي. وهذا فضلا عن المياه المخصصة للاستهلاك البشري في الشرب والاستخدام المنزلي في المراحل اللاحقة من التطور.
تشير دراسة الهيكل السلعي للاستيرادات الغذائية في الوطن العربي إلى إن الحبوب لا تزال تمثل أهم مكونات هذه الاستيرادات.
إما الألبان ومنتجاتها فتحتل المرتبة الثانية والرز في المرتبة الثالثة كذلك كمية كل من اللحوم والزيوت النباتية في الأهمية تقريبا فيما يتعلق بإجمالي الاستيرادات العربية
* * *
تعتمد الزراعة على الري من الأنهار والبحيرات . وبخاصة إن الوطن العربي يقع ضمن المنطقة الجافة وشبة الجافة بوجه عام. حيث معدلات هطول الأمطار قليلة وغير منتظمة ويتعذر عليها إن تفي بالاحتياجات الزراعية في ظل نمو مرتفع للسكان. وقد تصبح المياه سلعة تباع وتشترى وتصدر. وبخاصة إن ثروة النفط في طريقها إلى النضوب. والاحتياجات المائية تتزايد على الرغم من تناقص مصادر الثروة المائية أو سوء استخدامها. لذلك يقتضي الأمر السعي لتحقيق الأمن الغذائي الذي يستبطن أمنا غذائيا واقتصاديا للوطن العربي. إن مجموعة الدول التي سوف تتنازع على المياه في المستقبل معنية بوضع اتفاقات تفصيلية حول توزيع المياه وكيفية استثمارها واستغلالها من خلال المشروعات المشتركة ووفقا لاحتياجات ومتطلبات كل منها دون إن يشكل ذلك إجحافا بحق أية دولة. ولذلك فأن الأمر يتطلب محاولات جدية لحل الخلافات القادمة . بحيث تتمكن الخطط الاقتصادية المائية من تأمين متطلبات الأمن الغذائي. ولاشك إن الأقطار العربية لا تستطيع السكوت لفترة طويلة على أوضاع المياه. إذ إن الحاجة للمياه ستصبح ملحة إلى الدرجة التي لا يمكن التزام الصمت إزاءها لأنها سوف ترتبط بمياه الشرب والغذاء اللذين يتعذر على الإنسان الاستغناء عنهما فالماء ليس ضروريا للحياة. وإنما هو الحياة نفسها
* * *
تتكون الموارد المائية غير التقليدية في العالم العربي من مجموعة مختلفة من المصادر منها تحلية مياه البحر ,ومياه الصرف الصحي, والمياه العادمة من المصانع بعد تنقيتها. وهناك كميات هائلة من مياه الصرف الزراعي تذهب هدرا دون معالجة إلى الأنهار مسببة ارتفاع نسبة ملوحتها وتلويثها بالمبيدات والأسمدة الزراعية مع انه يمكن استخدام هذه المياه في الزراعة عن طريق خلطها بنسب علمية محددة من المياه العذبة لأغراض الري الزراعي من ناحية أخرى . إما مياه الصرف الصحي فرغم كمياتها الضخمة على مستوى العالم العربي فأن المعالج منها لا يزال قليلا ,
ويذهب القسم الأكبر منها إلى الأنهار دون معالجة مع أنها مصدر خطر كالمياه العادمة من المصانع ووسيلة فعالة لنقل الإمراض كالتيفؤيد والدودة المستديرة وعصيات القولون الغائطية وغيرها.
بينما يمكن الاستفادة منها بعد معالجتها في الري الزراعي ومن ثم تخفيف الطلب على المياه العذبة للإغراض الزراعية.
وعليه فأن هناك حاجة وطنية وقومية ملحة للاستفادة من المياه غير التقليدية المتاحة للتخفيف من حدة الطلب على المياه العذبة وذلك عن طريق إقامة محطات المعالجة الحديثة في الأقطار العربية لتعيد القسم الأكبر من مياه الصرف الزراعي والصحي والعادمة من المصانع إلى الاستخدام مرة أخرى في العملية الإنتاجية.
* * *
لعلنا إذا تفحصنا أوضاع العالم العربي الممتد حدودا من الماء إلى الماء سنجد ما يعمق فينا كل عوامل القلق. فالعدد الأكبر من أنهارنا لا ينبع من أراضينا وحاجتنا إلى الماء تتفاقم لأسباب عديدة لعل في مقدمتها السياسات غير الواقعية لجيراننا والزيادة المضطردة في السكان وتنوع وتعدد أوجه الحاجة إلى المياه.
ولعل أفضل مثال ينبغي إن نتوقف عنده ونتابع إجراءاته ومراحله هو مشروع جنوب شرق الأناضول (G.A.P.) وهو مشـــروع ســتراتيجي يغطي مســـــاحة تبلـــغ (73,863) كم2 أي عشر مساحة تركيا ويستهدف غايات تنموية وأمنية ويبدو إن للمشروع غايات سياسية أصبحت اليوم معلنة تماما. يتكون المشروع من ثلاثة عشر مشروعا رئيسيا وعشرات من المشاريع الوسطية والثانوية ستة منها على نهر دجلة وسبعة على نهر الفرات. إن هذه المشاريع الاروائية في تركيا ستخلق وقائع اقتصادية وسياسية وأمنية جديدة. خصوصا وان قضية المياه تبرز على الصعيد الدولي كتحد جديد للأمن والاستقرار ربما وصل حالة الحرب. إن حدوث التلوث الجرثومي في مياه الشرب وعوامل نقص التغذية السليمة تؤدي إلى انتشار الإمراض المعدية كالملا ريا والكوليرا وشلل الأطفال وغيرها. في البيئة الطبيعية مصادر الحياة والموت معا , فهي تمنح الإنسان رغيف الخبز. والماء وغيرها.
لكنها حين تمتنع لسبب أو لأخر ترهقه بالجوع والعطش والخطر , ولاشك إن مهمة النظام الاجتماعي تستهدف توفير الحدود الدنيا للإشباع في الأقل وتوسيع إطارها باتجاه الحاجات الثانوية من خلال نظم الإنتاج والتوزيع ستساعد على توفير الغذاء للأجيال القادمة. كما إن استعمال كميات كبيرة من محاصيل الذرة في إنتاج الوقود له مخاطر عديدة على معيشة الكثير من شعوب الأرض التي تستخدم الذرة في صناعة الخبز.
* * *
تعمل منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (فآو) على رفع مستويات التغذية والمعيشة في العالم. وتشجيع الدول على توفير الغذاء باتخاذ الإجراءات والتدابير التالية:
1- ضمان زيادة فعالية الإنتاج وحسن توزيع جميع المواد الغذائية والزراعية من المزارع والغابات ومصائد الأسماك.
2- تحسين أحوال سكان الريف والإسهام بهذه الوسائل في اقتصاد العالم الآخذ في الاتساع.
3- تنمية الموارد الأساسية لدول العالم من الماء والتربة.
4- إيجاد سوق ثابت لسلعها.
5- تبادل أنواع جديدة من النبات من مختلف أنحاء العالم.
6- نشر طرق الزراعة الفنية المتقدمة في جميع بقاء الأرض.
7- مكافحة الإمراض الوبائية التي تصيب الحيوان في دول كثيرة مثل طاعون الماشية .
8- تنمية واستخدام ثروات البحر.
9- توفير المعونة الفنية في شتى الميادين مثل التغذية والإدارة الغذائية ومقاومة تآكل التربة وإعادة غرس الغابات وهندسة الري ومنع فساد الأغذية المحفوظة وإنتاج الأسمدة.
10- حملة عالمية للتحرر من الجوع في كافة أنحاء العالم , وخلق وعي عالمي لمشكلات الجوع وسوء التغذية , كما أنها تحث على مكافحتها . وتقوم لجان وطنية في نحو 87 بلدا نشاط تحقيقا لأهداف الحملة.
(( عندما يكون هناك فائض زراعي ذي شأن يدرأ ذلك شبح المجاعة نهائيا. عن طريق إتقان أدوات العمل وإتيان تحسين واضح في طرائق الزراعة)).
مشكلة المياه في العالم ... وارتباطها في حياة الإنسان يمكن تصنيع أجهزة منزلية لتحلية مياه البحر , كما صنعت واستخدمت الطباخات المنزلية التي تعمل على النفط والغاز والكهرباء لتحضير الطعام في المنزل, يمكن استحداث هذه الأجهزة حتى يمكن لكل أسرة من تحلية مياه البحار منزليا بكل يسر وسهولة , ويمكن استخدام هذه المياه للشرب والطبخ والاغتسال . ويمكن استخدام هذه المياه لري الحديقة المنزلية ومزرعة صغيرة, قد يعتبر البعض إن هذه الفكرة خيالية ! !
ولكني أقول انه من المحتم في المستقبل إن تكون هذه الحاجة ماسة إلى صنع مثل هذا الجهاز. وهو أشبه ما يكون بجهاز تقطير للحصول على مياه صالحة للشرب, إضافة إلى كمية من الملح.
ويمكن تصنيع هذا الجهاز من مواد تقاوم الأملاح والصدأ والحرارة. إن حاجة الإنسان لهذا الجهاز , ما دامت الحياة موجودة فوق كوكب الأرض.
بعد سنوات قليلة من انشاء هيئة الامم المتحدة برزت عوامل الاخفاق والانهيار تعود الى اعتبارات كثيرة ، اهمها سياسية وغير سياسية واستغلال وقيام الدول الخمسه الدائمة العضوية في مجلس الامن والتي تعتبر نفسها من الدول المنتصرة في الحرب العالمية الثانية التي قامت ما بين سنوات 1939 – 1945 م . واصبح لها الحق في عدم اجازة اي قرار يصدر من مجلس الأمن والذي يطلق عليه اسم حق (الفيتو) الذي يتخذ وقف الحرب وتحقيق الأمن والسلام وقد يقرر حق (الفيتو) الى وقف احالة مجرمي الحرب او المجرمين ضد القانون الدولي الانساني الى محكمة الجنايات الدولية لانها مرتبطة مع مجلس الأمن الدولي التابع الى هيئة الامم المتحدة.
* * *
وهذه الاعمال التي تتعارض مع القانون الدولي الانساني وقد سببت الشلل والعجز وسقوط هيئة الامم المتحدة في معالجة المشاكل السياسية عند قيام الحروب ضد فلسطين وتايوان وكشمير ومصر ولبنان وسوريا والعراق واوكرانيا .. الخ . وان هذه الحروب قد تنقلب الى حرب عالمية ثالثة شاملة ضد الشعوب ...!!
وللأسباب والاحداث التي ورد في كافة الصفحات المقدمة اعلاه .
يتطلب الموقف الدولي اليوم اتخاذ الاجراءات العاجلة من أجل تحقيق الامن والسلام في العالم :
اولاً : تأسيس هيئة العدالة العالمية للأمن والسلام لتنظيم دولي جديد لجميع الدول الاسلامية والعربية والافريقية ويكون مقر الهيئة على ارض جمهورية مصر العربية .
ثانياً: تأسيس معرض دولي شامل معرض المعتقلات النازية في باريس فرنسا. للحروب التي وقعت في العالم من مطلع سنة 1945م وحتى نهاية سنة 2025م.
ثالثاً : تأسيس محكمة الجنايات الحرة التابعة الى هيئة العدالة للأمن والسلام وتقام على ارض دولة اسلامية.
رابعاً : اقامة مقرات عسكرية الى قوات الطوارئ البرية والجوية والبحرية تجمع من كافة الدول الاعضاء في الهيئة وتكون هذه المقرات في الدول التالية:
أ- دولة افريقية وعربية
ب- دولة اسيوية اسلامية وغيرها
672 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع