المطار المدني والطيران سابقا

                                         

                          سيف الدين الألوسي

أفتتح  مطار بغداد المدني  في الثلاثينيات ومع مطار البصرة , المطار المدني سابقا هو ما عرف بمطار المثنى لاحقا ..

   

كان يحتوي على قاعة وسطية  كبيرة  جدا  تحيط  بها  مكاتب شركات الطيران ,حيث يتم وزن الأمتعة بموازين  كانت تشبه الساعة الكبيرة,على يمين الداخل وفي نهاية القاعة يوجد ممر يؤدي الى جوازات المغادرين,ومن ثم الى قاعة  ومطعم أنتظار المغادرين ,  وهي بطاقة أستيعاب لا تزيد عن مئة مسافر , أما القاعة الكبيرة  فتنتهي  بحديقة  كبيرة  مزروعة  بأشجار الياس والثيل  وتطل مباشرة على ساحة وقوف الطائرات , لا يفصلها سوى سياج حديدي بسيط , حيث كان يعبره  الكثير من الأطفال  والكبار للترحيب بالقادمين  مباشرة  من سلم الطائرة !!...

  

على يمين ساحة وقوف الطائرات  كانت هنالك  هناكر الخطوط الجوية العراقية ودائرة الهندسة ( هنالك طائرة دوف بقيت على الشارع كتذكار) من جهة  البيجية ( كانت بساتين سابقا ومشاتل)  , وعلى يسارها من جهة متنزه الزوراء حاليا ( معسكر الوشاش سابقا )  كانت الجمعية العراقية للطيران وموقف طائراتها الصغيرة ,  بنيت بعد فترة  مجاورا لها بناية  جميلة  تحولت الى السوق الحرة  بداية السبعينيات .  
 على يسار قاعة المطار الرئيسية  كان قسم القادمين  والكمارك  , حيث تؤدي باب القاعة الى ساحة وقوف السيارات  أمام  المطار مباشرة .
 رغم صغر المطار وقدمه ولكن كان يلاحظ التنظيم العالي والملبس الموحد الجميل النظيف لطواقم  المطار كافة  من موظفين  وضباط  ومنتسبي شركات الطيران , وحتى العتالين كان ملبسهم  موحد ونظيف  .
برج المراقبة والأنواء الجوية  كان  يطل على مدرجة الطائرات  وفي منتصفه  تقريبا وقرب الطريق العام ( شارع 14 تموز حاليا ) , ومقابل  مقبرة الشيخ جنيد  الكرخي  تقريبا  .( بني هذا البرج لاحقا  حيث كان فوق المطار  مباشرة  سابقا  حيث بقي  بروجيكتر  المنارة باللونين الأبيض والأخضر في محله ) والذي كنا نعرف عند  أشتغاله قرب وصول طائرة ليلا , حيث كان يرى بوضوح من دور مدينة المنصور  .

                           
عند رؤية  طائرة قادمة من جهة معسكر الوشاش من بعيد كانت  السيارات  تقف بشكل طابور بمحاذاة  الرصيف  مقابل  القبة الفلكية حاليا  لمشاهدة الطائرات وهي تنزل بأرتفاع واطئ جدا  على بداية المدرجة القريب جدا من الشارع .
 كانت مدرجة المطار قصيرة نسبيا  وساحة وقوف الطائرات صغيرة  مقارنة بمطارات أخرى في المنطقة مثل مطار بيروت , وبقيت هذه الحالة  الى أن تم توسيع المطار  بكل مرافقه ليستوعب الطائرات العملاقة في نهاية السبعينيات  وتحضيرا لعقد مؤتمر قمة عدم الأنحياز سنة 1982 , والذي لم يعقد بسبب الحرب , حيث أستملكت عدد من الأراضي والبساتين  في منطقة البيجية  والسلام  ومنها مشتل كبير كان أسمه مشتل عواد وغيره من الدور  القريبة  من المطار ,  كذلك تم تغيير واجهة المطار  بالسيراميك الأبيض ومن قبل المهندسين المعماريين الذين كانوا بالخدمة العسكرية في أشغال القوة الجوية ومنهم على سبيل المثال المهندسين الأستشاريين عوف عبد الرحمن ومحمود العزاوي  وغيرهم ,  حيث كانت أشغال القوة الجوية  تشغل قسما كبيرا من أبنية المطار عند أنتقاله الى  الرضوانية  سنة 1970 .أستعمل المطار في السبعينيات والثمانينات كمطار للنقل الجوي العسكري وللجمعية العراقية للطيران  وللوفود الرسمية .

  


أستعمل المطار وأستخدمت فيه الطائرات العملاقة من طراز بوينغ 747  لمرة واحدة  أثناء عقد مؤتمر القمة العربية  سنة 1990 قبل دخول الكويت , وعمل به أستعراض ومعرض للطيران نهاية سنة 1989 شاركت به شركات الطيران وقدمت فيها الميغ 29 التابعة للقوة الجوية العراقية أستعراضا جميلا فوق بغداد قام بها طيار عراقي  , وكذلك قامت طائرة  ميراج 2000 بأستعراض آخر  قام بها طيار فرنسي , وكان هنالك أستعراض لطائرة تدريب متقدم مصرية  من طراز الفا جيت  تم أسقاطها  من قبل الدفاعات الجوية  قبل الأستعراض وفوق باب المعظم  لمرورها بالقرب من وزارة الدفاع !!  هبط  طياراها بالمضلة !!!

  


كانت تستعمل مطار بغداد المدني عدة شركات كبيرة عالمية  في فترة الخمسينيات والستينيات  منها شركات BOAC البريطانية  بطائرات  ال VC10 , وشركات  لوفتهانزا الألمانية , وبان أميركان الأميركية , وبيا الباكستانية , والأيرانية , وساس الأسكندنافية , وسويس أير السويسرية, وأير فرانس الفرنسية,  وميدل أيست اللبنانية , وليا  اللبنانية أيضا, والمصرية , والسورية  , وعالية الأردنية , والكويتية , والسعودية ,ومن ثم أيرفلوت الروسية , ولوت البولونية , والتشيكية  وغيرها من الشركات بالأضافة الى الخطوط الجوية العراقية .
كانت معظم هذه الشركات عدا الشرقية  تستخدم طائرات  الفايكونت والدي سي 3 و4 و6و 7 قبل دخول الطائرات النفاثة  , ثم أستعملت طائرات  البوينغ 707 ( بان أميركان وبيا )  والدي سي 8( السويسرية والأسكندنافية مثلا ) والكارافيل ( اللبنانية والفرنسية ) والكوميت 4 سي ( المصرية ) أما البوينغ 727 فأول من أستعملتها هي شركة لوفتهانزا سنة 1963 ومن ثم الأيرانية , كذلك الترايدنت ( العراقية والكويتية والباكستانية ), أما الشركات  التابعة للمظومة الأشتراكية فكانت تستعمل  طائرات الأليوشن  18 ذات المراوح  .
كانت  أصوات الطائرات  تسمع في مناطق كثيرة من بغداد عند أقلاعها ووصولها وخصوصا  النفاثة , حيث كانت محركاتها تحدث هديرا عاليا عند الأقلاع والهبوط .

                         


كانت شركات الطيران تتنافس على تقديم  أجود أنواع الوجبات والمشروبات  وتقدم الهدايا للمسافرين مثل الشنط الصغيرة بأسمها وغيرها لجذب الزبائن وليس مثل اليوم ( جفيان شر مله عليوي ) .
كانت معظم  شركات الطيران العالمية وكذلك اللبنانية تصل بغداد مساءا  وتغادرها  صباح اليوم التالي , حيث كانت  طواقمها تقضي  ليلاليها  في فنادق بغداد وخصوصا أوتيل بغداد الجميل .
كانت الفرق الموسيقية الشعبية  تعزف عند مغادرة وقدوم العرسان من شهر العسل  وداخل صالة المسافرين وخارجه , وكذلك عند وصول الطلبة بعد حصولهم على الشهادات العليا  وكذلك عند عودة المرضى بعد تعافيهم , حيث كانت  الفرحة ترتسم على وجوه البشر والأمهات والأقارب والأصدقاء .
أرجو  أن أكون قد وفقت في نقل صورة جميلة بقت في ذاكرتي  لحد اليوم عن أحد معالم بغداد الجميلة  رغم بساطتها وعفويتها  و كذلك عن طيبة  أهلها  ومنتسبي المطار كافة .

  

إذاعة وتلفزيون‏



أفلام من الذاكرة

الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

552 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع