زيد الحلي
صبراُ زميلتي ..على زوجك !
زميلة عزيزة ، هاتفتني قبل مدة وجيزة ، ومثل المكالمات العادية ، بدأت بالسؤال عن الصحة ، متمنية السلامة للعائلة ، وبالمقابل كان كلامي منصبا بذات الاتجاه .. مكالمة ، مثل سابقاتها ، ودون تخطيط مني او منها ، انداح الحديث عن الحظر ، وضرورة البقاء في البيوت ، لدرء اخطار كورونا ، وتوفير السلامة لأفراد الاسرة ، والى آخر الكلام المعتاد الذي تحفل به المكالمات الهاتفية في مثل الظروف التي نمر بها .. ثم فجأة ، بدأ صوت زميلتي المبتهج والضاحك دوما ، يتحول الى صوت متهدج وخفيض.. استوقفتني الحالة ، لكنها سبقتني ، قبل ان استفسر ، قائلة انها استغلت خروج زوجها للتبضع ، لتكلمني عن وضع اسرتها ، الذي قالت عنه ( اصبح لا يطاق ) !..
هدأت من كلامها ، متسائلاّ عن سبب وصفها الحاد لوضعهم البيتي والاسري .. فأجابت بذات نبرة الصوت ، ان اولادها يعانون من قلة صبر والدهم ، خلال فترة الحظر التي نعيش حاليا في ظله .. فهو يثور بوجوههم لأتفه الاسباب .. لا يعير اهمية لنفسيتهم .. عصبي المزاج ، وغير مدرك لاحتياجاتهم .. دائم الجلوس امام التلفاز ، متنقلاّ من هذه القناة الى تلك ، بحثاّ عن الاخبار السياسية ، ناسيا ان الاولاد بحاجة الى دفء الحنان ، وشوقهم الى مشاهدة برامج ترفيهية تخفف عنهم وطأة الجلوس في البيت ، لاسيما هم صفار السن ..
انطلقت مني ضحكة ، بهدف تغيير جو مشاعرها الحزينة ، قائلا ان زوجها ، وهو من الزملاء الشباب المعروفين بضحكاتهم ، دائما بشوش الوجه ، يثير البهجة في المحافل التي يحضرها ، فما الذي تغير حتى اصبح في الحال التي تتحدثين به .. قالت لا اعرف .. واسرعت الى غلق هاتفها بعد ان ابلغتني التحية ، ذاكرة ان زوجها يطرق الباب ..
حديث زميلتي العزيزة ، سمعتُ مثله الكثير ، فالرجل العراقي اعتاد قضاء معظم يومه خارج البيت ، بسبب الوظيفة او تلبية لمتطلبات العيش ان كان يعمل في مهن حرة ... لكن الحظر الذي نعيش ايامه الان بسبب كورونا ، والذي جاء لمصلحة صحة المجتمع ، لم يستوعبه الكثير من الرجال ، فاختفت عندهم صفة ( الصبر ) وانعكس ذلك ، على الاولاد والزوجات ، ومنهم الزميلة التي ذكرتها في بداية هذا العمود .
لقد وجدتُ ان فقدان صفة ( الصبر) اصبحت حالة شبه عامة ، ولكل الذين يعانون من آفتها ، اقول أن الصبر هو مفتاح كل شيء، وعنوان كل افق جميل ، وكما يقال " بإمكانك الحصول على الدجاجة من خلال تفريخ البيضة، وليس من خلال تحطيمها " لذلك يتوجب على الإنسان أن يتحلى بالصبر ويتحكم في انفعالاته، فأن الصبر في أوقات التوتر يعزز راحة البال بدلاً من الغضب ، وفقدان السيطرة في التحكم في مقدار صبرنا لا يؤلمنا فقط، بل يؤلم من حولنا أيضا ..
لا تنسوا .. ان فاقد الصّبر مثل قنديل بلا زيت ...
1007 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع