عائشة سلطان
(هناك دافعان للقراءة، الأول هو استمتاعك بها والثاني هو المباهاة بها)، هذا ما يقوله الفيلسوف الإنجليزي برتراند راسل، وهي متع لا يمكن لأي قارئ أن يدعي أنه لا يلتفت إليها أو لا يهتم بها.
إن أولئك الذين يقولون إنهم يقرؤون لأن القراءة ضرورة وواجب مقدس، يحرفون قيمة القراءة الحرة، القراءة كتوجه وكخط إنساني في الحياة، القراءة التي تختلف عن واجبات المدرسة، وواجبات الوظيفة، القراءة كمعنى آخر للمتعة العميقة الخالصة، إنهم حين يقولون نحن نقرأ كهواية أو نقرأ كضرورة يحرفون القراءة عن هدفها الأساسي بلا شك!
الكاتب الفرنسي دانيال بناك في كتابه الممتع (متعة القراءة) يذكر بهذه الحقوق الأبدية التي لا تنازل عنها، مثل الحق في عدم القراءة، الحق في القفز عن الصفحات، الحق في عدم إنهاء الكتاب الذي يقرؤه، الحق في قراءة أي شيء يريده الإنسان دون وصاية، الحق في القراءة في أي مكان، والحق في أن نصمت حين يريد هو أن يقرأ، ولذلك ففي أعرق وأصغر المكتبات يعتبر الصمت واحدة من قواعد المكتبات الصارمة التي لا تنازل عنه احتراماً للقراء.
إن القراء الذين يستعرضون الكتب التي يقرؤونها على صفحاتهم أو حساباتهم في مواقع التواصل الاجتماعي، لا يفعلون شيئاً يستحق السخرية أو النقد أو حتى الاستغراب أو الشك، إنهم باختصار يتباهون بالكتب التي يقرؤونها أو قرؤوها فعلاً، ذلك يؤكد ما قاله راسل إن القراءة تحقق المتعة وتوفر حالة التباهي التي تميز السلوك الإنساني، وتحديداً على مواقع التواصل.
ذكرت صديقة على الفيسبوك هذه الملاحظة حول التباهي بالكتب، فوجدت أن ذلك ليس بالأمر السيئ أبداً، فقد يستثير الكتاب فضول البعض فيقرأ، وقد يعرف الناس بكاتب مجهول بالنسبة إليهم، وقد يؤسس ذلك لمجموعات قراءة حرة، فإن لم يفعل شيئاً من ذلك يكفي أنه حقق متعة لقارئ الكتاب ومنحه حق التباهي أمام الآخرين الذين يتباهون هم كذلك بأطباق الطعام والثياب وغير ذلك!
802 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع