وداعا عام الاحزان

                                                

                       بدري نوئيل يوسف ـ السويد

مرت الايام والشهور والعالم يحصي الايام المتبقية من عام 2015 ونطوي سنة ، مرت وانقضت بكل ما فيها من ذكريات الماضي التي تلاحقنا كسراب ، تختلف المشاعر والأحاسيس بين البشر لما قدموه خلال العام ، فمن هو راض ومقتنع عما قدم  ، ومن هو لا يعير اهتمام ولا يترك أي اثر في نفسه ،

ومن لا ينسى الذكريات المؤلمة التي مرت عليه ، ومن يذكر الايام الجميلة من افراح ومناسبات سعيدة  شارك فيها ، ومن يتذكر اتراح مر بها وفقد قريبا أو صديقا ، مضى به قطار الحياة وطوى الزمان صفحته ، أو حُضنٌ فقده ، وصوت لا ينساه فودعه ورحل ، ترك له بقايا الماضي ولم يبقي له إلّا الذكريات ، فيدعوا له بالرحمة والمغفرة .
 احداث صارت ذكريات تثير الشجون ، يزداد مع ذكراها خفقان القلب ولهيب في الصدر ، منازل خالية من الاحباب مليئة بالذكريات ، دموع اصحابها لا تجف ، وشوق لا يبرد ، وألم لا ينتهي ، فتلك الغيمة السوداء جاء بها الزمان وشبح مخيف يحمل اسم الرحيل والهجرة والنزوح لينزع الاحباء من موطنهم ويرميهم على سواحل المحيط جثث هامدة ، لبس الكون السواد وترك للأحبة ذكرى دامعة . وآخرون شدوا الرحال الى ديار الغربة لتحميهم وتعطيهم الامن والأمان ، فهم بين الاشتياق لضحكات الطفولة البريئة التي هي جزء من كيانهم ،  وذكرى المكان الذي ولدوا فيه وترعرعوا وارتووا من مائه ، والنسيان الذي لا تبقى في مخيلتهم غير اطلال الوطن .
سنة نودعها ولا تستأذن بالرحيل ، رحلت بدقائقها وساعاتها وأيامها وشهورها رحلت  مع مرها وحلوها بسوادها وبياضها ، حفرت في قلب الكثير من الذكريات وأخذت من الكثيرين ، سنة مرت من عمرنا لا تعود ولا قابلة للتكرار ولا ينفع الندم والحزن ، لن يتوقف العمر في محطة السعادة ولكنه يمضي ويجري كأنه حلم يأخذ معه الأشياء الجميلة التي تركت في حياتنا بصمتها الجميلة .
علقنا على جدار غرفتنا التقويم الجديد الذي يحمل معه الايام القادمة المجهولة ورمينا التقويم القديم الذي يحمل
معه ملامح من ذاكرتنا ، تذكرنا الكثير من الاصدقاء الذين رحلوا من هذه الدنيا دون وداع ، تذكرنا أصدقاء كانوا
اوفياء وآخرين فجأة تحولوا وأصبحوا اعداء ، تذكرنا الذين مازالوا اوفياء اصدقاء كالزهور .
من هذا الزمان تعلمنا أن هناك اشخاص لا يستحقون الامان بعد ما اعطيناهم ثقتنا خدعونا ، ومن اعطيناهم حياتنا قتلونا ولغيرنا يعيشون نحن نعيش لأجلهم ، فمن يملك قلب حنون يحتار العيش بين بشر تخون .
على صعيد العلاقات الانسانية والشخصية  فقد تراجعت أكثر من أي وقت مضى ، وأصبحت العلاقة والصداقة بين الناس تبنى على أساس الماديات والمصالح وتدهورت الى أدنى مستوياتها ، وأصبحت الصداقة الحقيقية عملة نادرة تغيرت نفوس الناس وفقد الانسان احترامه للآخر ، وامتلئ المجتمع  بمجموعة آفات وعلل عاصية على الاستئصال والعلاج ، وانتشرت البسمة الكاذبة والخبث والفتن ونشر الاخبار الكاذبة وإثارة الشائعات وفقدت العلاقة الانسانية التي مضمونها المتمثل بالمحبة وباتت قائمة على الخداع والمظاهر الفارغة .
نودع عام شهدت بداية محن جديدة باستمرار الضائقة المالية والاقتصادية ، وغلاء اسعار المواد الضرورية للمعيشة وهبوط اسعار النفط ، وانقطاع الكهرباء وازدياد حوادث القتل والنهب والسلب والسرقات والاغتيالات وكثيرة هي الشرور وما زالت الطامة الكبرى الحرب مع المسلحين المتواجدين في بعض المدن والنازحين المقيمين في الخيام وتحت والهياكل المسقفة  ، وانتشار الامراض والبضاعة الفاسدة في الاسواق . وهيمنة الشراكة الوطنية على مفاصل السياسة وقسمت الغنائم والمنافع بين الاقطاب السياسية وفق نظام المحاصصه التي قسمت الكل الى مكوناته حسب الاستحقاق الكمي للأطراف المشاركة فيه.
عام شهد فيه وطننا الكثير من مختلف انواع  التوترات والأحداث وكثير من المماحكة السياسية ونقاش قائم على جدل ورائحة البارود وصوت الرصاص في مناطق مختلفة خلفت الكثير من خسائر بشرية ومادية ، وتفجيرات متنوعة من مفخخات وعبوات تضررت منها البلاد والعباد ، ويسقط بعد كل حادثة العديد من الشهداء من ابناء الشعب بمختلف الاعمار تهدمت عشرات المنازل ومحلات تجارية وتحطمت واحترقت الالاف من المركبات  .
ايام قليلة ويستعد الملايين في هذا العالم لاستقبال العام الجديد مع التمنيات بأن يكون عام خير ورفاه للجميع .
سنة جديدة لا تستأذن بالدخول في حياتنا ، أمنياتنا لعام 2016 أن تتفق القلوب وتتشابك الايادي تنظر لصالح الشعب يستقر الامن في ربوع الوطن فهو محتاج للجميع ، يعود النازحون لمدنهم وقراهم يعيشوا حياتهم في امن واستقرار بعيدا عن الصراعات ، تسودهم المحبة والإخاء والسلام ، وكفى من انشقاقات وولاءات وانتماءات حزبية التي لا تخدم ،  وداعا عام البارود وأهلا بعام المحبة نتمنى امنيات كثيرة منها أن تزال مولدات الكهرباء نهائيا من الشوارع وأن لا ينقطع الكهرباء ، أن يعاد صوت فيروز الى الاذاعة صباح كل يوم بدل من الاناشيد الثورية ، أن لا ينقطع الماء الصالح للشرب وأن لا تغرق شوارع المدن بمياه المطر وتكون مجاري الصرف الصحي صالحة ، نتمنى ان لا يبقى سلاح بيد المواطنين وينحصر بالجيش والشرطة ، نتمنى أن يستوردوا التجار العاب ثقافية وبرامج وكتب للأطفال بدل هذه الالعاب البلاستيكية القبيحة من مسدسات ورشاشات ، وأن يقف العنف في البلد ضد المرأة ، نتمنى أن يرمى الفاسدين خارج العملية السياسية ، وأن يعود النازحين الى مدنهم ،  وتتربع على عرش الامنيات والدعوات والأحلام امنية شعب بأكمله السلام ، أن تسود المودة ومشاعر الحب والألفة بين جميع ابناء الوطن ، ولا تبقى وتنتهي تغريديات بعض المغردين خارج السرب من محاولات كريهة ومنبوذة ، هؤلاء المغردين على وتر الطائفية والقبيلة والعشيرة فهم يعزفون معزوفات المشاحنة والحقد والفصل والأصل ويكون الانجاز  مربوط بالعمل والحب
امنياتي كثيرة لا تعد ولا تحصى ولكن للعام الجديد لا تتعدى امنيتان ، الأولى أن يعم الامن والأمان والسلام لعراقنا الجريح حتى يعود المهجرين والنازحين ، والثانية أن يحظى الجميع من أبناء العراق بنعمتَيْ القناعة والصحة .
ونقول المجد لله في العلى وعلى الارض السلام والرجاء الصالح لبني البشر .

أطفال الگاردينيا

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

501 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع