السلاح الروسي للعراق.. متخلف وفاسد!

                                                 

أعظم قرارين اتخذهما العرب في تصديهم لرأس «محور الشر الأحمر»، هما: المشاركة في هزيمة الغزو السوفياتي لأفغانستان، وطرد الرئيس السادات للخبراء العسكريين السوفيات من مصر. والقرار الأخير لا يزال من أشجع القرارات على الإطلاق، خصوصا عندما يقارن مع السكوت على جرائم «دولة المخابرات الروسية» في الملف السوري.

وفي ذروة العلاقات المميزة بين أجهزة الاستخبارات العراقية والسوفياتية، كانت الأخيرة تستغل الخبراء للتجسس المباشر على الوضع العراقي في المجالات العسكرية والأمنية، بلا تردد، وبعيدا عن الالتزامات الأدبية التي تفرضها العلاقات الرفيعة بين بلدين صديقين. كما قطعوا في أحرج ظروف الحرب توريدات السلاح والعتاد إلى العراق، في وقت كانت حاجته ماسة للتعويض عن مصروفات العتاد اليومية الضخمة من قنابل المدفعية وغيرها في حرب السنوات الثماني مع إيران. وفي مرحلة معينة، وبسبب الخلافات في وجهتي النظر في شأن التعامل مع الشيوعيين العراقيين والحركة الكردية، لم تتبق لدى القوة الجوية قنابل لنوع من الطائرات القاصفة غير قنبلتين أو ثلاث لا أكثر!

ومقارنة في التسلح، لم يسجل إسقاط طائرة روسية لطائرة أميركية أو بريطانية حديثة. ففي حرب تفكيك يوغسلافيا وحرب العراق عام 2003 لم تسقط طائرة واحدة من قوات التحالف. عدا طائرة شبح في يوغسلافيا نتيجة عطل، وطائرة هليكوبتر في العراق. وفي الحرب مع إيران تفوقت دبابات (التشيفتن) البريطانية على الدبابات الشرقية المجهز بها العراق، وكذلك عجلات الاستطلاع المدرعة. إلا أن المقاتلين العراقيين كانوا أكثر كفاءة من المقاتلين الإيرانيين، بسبب ما تعرض له الجيش الإيراني من متغيرات في مرحلة سقوط الشاه.

وقبيل حرب 1991 التقيت ضابطا سوفياتيا مهما وقال لي بصراحة إن السلاح العراقي غير قادر على المجابهة، وقيادتهم تحجب عن العراق خطوط الإنتاج المتطورة، وهي حالة معروفة عنهم تماما.

ولم يوفق العراق في توجهه الأخير لعقد صفقة سلاح ضخمة بقيمة 4.2 مليار دولار. التي ثارت حولها ضجة كبيرة، أصبحت حديث الساعة في العراق منذ التوقيع عليها قبل بضعة أسابيع. قبل أن تتوقف في وضوح لا يزال ناقصا، عما إذا كانت ملزمة التنفيذ وبخلافه تترتب غرامات مالية، أم أن الحكومة العراقية عازمة على التنفيذ بعد احتواء نقاط خلل أو تفادي حالات فساد و«كوميشن» وهو الأرجح. ومن الغريب أن تتحدث رئاسة الحكومة والبرلمان ووزارات عن فساد فظيع بمئات ملايين الدولارات على مستوى الأفراد، ولم تتخذ قرارات جدية لوقفه! حتى بات الحديث عن الفساد مملا، كأنه هو الشواذ وليس الفساد.

من حق الدولة العراقية العمل على بناء جيش قوي، غير أن مثل هذا التوجه ليس حاسما من ناحية التوقيت. فالظرف الإقليمي لا يهدد العراق بحرب، والأحداث المتوقعة لا تتطلب جيشا ضخما، والثورة السورية يمكن تحويلها من الآن إلى ثورة صديقة، بإجراءات بسيطة تبتعد عن التحسس المبالغ فيه من بعض الأطراف العراقية على أسس طائفية، يشارك فيها الطرفان أحيانا. والوضع الداخلي في العراق لا يتطلب قوات ضخمة مترهلة، فمجرد التفكير في استخدام الجيش في الشؤون الداخلية يفترض أنه أصبح خطا أحمر، بعد أن تم تجاوز مراحل صراع داخلي واسع عنيف.

ورغم أن إقليم كردستان يمتلك قوة عسكرية لا يستهان بها، تتمتع بروح معنوية متميزة وتنظيم مستقر، ولديها قوة مدرعات. ومع وجود خلافات عميقة حول محافظة كركوك الغنية بالنفط. فإن احتمالات أن تجر المعضلة الطرفين إلى صدام مسلح مفتوح تبدو صعبة للغاية ومعقدة. لأنه سيكون مكلفا للطرفين. وما حدث في العراق سابقا، وما يجري في سوريا حاليا من استخدام مفرط للقوة «يفترض» أن لا يتكرر مطلقا.

ونأتي إلى السؤال الحاسم وهو:

إذن ماذا؟..والإجابة واضحة، وهي: أنه ليس من مصلحة العراق ربط وضعه العسكري مع الروس، وضرورة العمل على تحديث الجيش بخطوات هادئة بعيدة الأمد، وتجهيزه بأسلحة تتوافق والعقيدة القتالية البريطانية التي تأسس عليها، ومحاولة الحصول على أسلحة غربية مما يتاح وفق خيارات تكنولوجية عالية. فالتسلح من معسكر «المحور الأحمر» يعطي انطباعات لا تخدم مصالح العراق الاستراتيجية. والسياسة الروسية قصيرة النظر وضيقة التفكير، والأسلحة الروسية متخلفة تكنولوجيا، والمافيات لها نفوذ كبير، وليس من المصلحة فتح أبواب علاقات تسلح واسعة مع معسكر بهذه المواصفات البائسة.


أطفال الگاردينيا

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

538 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع