معرض أربيل للطيران...... بصيص نور في نفق مظلم

                                                

قبل أكثر من سنة مضت كنت قد فقدت الأمل بعودة العراق إلى وضعه الطبيعي بين الدول الطامحة بالحياة الكريمة والعيش الرغيد أسوة بجيرانه من الدول المحيطة به بالمنطقة , ولكن تغيرت هذه النظرة المتشائمة وأنا احط الرحال بعد سنين من الغربة بإقليم كردستان العراق ذلك الجزء الوحيد من العراق النابض بالحياة وأهله الكرماء الذين يسارعون الخطى  ويسابقون الزمن للوصول بالإقليم إلى مصاف الدول المتقدمة غايتهم رفع سمعة واسم الإقليم والعراق إلى المكانة التي يستحقها.

لم يبهرني جمال البناء والعمران الحديث المنتشر بالإقليم ولا نظافة الشوارع والأزقة ولا قانون المرور المنظم تنظيما رائعاً, ولكن الذي أعجبني هو كثرة المعارض المقامة فيه ,فمن معرض للفن التشكيلي إلى معرض للطاقة والنفط ومعرض أخر للبناء والإنشاءات والمعرض الذي أثار اهتمامي هو معرض اربيل للطيران وهو الثاني المقام في مدينة اربيل ,صحيح انه اقتصر على مواضيع تخص المطارات والشحن الجوي فقط , ولكن يبقى أفضل من لاشيء وشخصيا اعتبره بصيص الأمل الذي نتمناه في العراق الجديد.
 
كلنا يعلم إن مقياس تطور المدن يعتمد على عدة عوامل أهمها تطوير سوق الطيران فيها , فالمدن الحديثة تتميز بوجود شركات طيران متعددة ومطارات كبيرة تقدم خدماتها على أعلى مستوى من خلال هيئة طيران متطورة لمواكبة النمو الحاصل  بمجال النقل الجوي , لتزايد حركة الناس وتنقلاتهم بغرض العمل أو السياحة, وكذلك يمكن اعتباره الواجهة الأولى للدولة ونافذتها التي تطل منها على العالم.
للوصول إلى هذه الغاية يجب  أن يكون هناك توسع بهذا المجال في اتجاه مهم أرجوان يكون في أوليات عمل المعنيين بمجال الطيران في العراق الجديد ..... وهو الاستثمار في سوق الطيران .... لأجل مواكبة هذا القطاع الحيوي حركة التطور الاقتصادي والاجتماعي في العالم , وليحاكي عقارب الزمن للوصول سريعا لمبتغاه ، فوجود شركات طيران جديدة منافسة في سوق متعطش للكثير والمزيد، يجعل من خصخصة هذا القطاع الحيوي شيئاً ضرورياً، سيعود بالخير على العراقيين، وسيقدم لشرائح مجتمعه خدمات تتسم بالجودة وتنافس في السعر.
 إن قدرة القطاع الخاص على المنافسة واستحواذه على سوق النقل الجوي في العراق أمر ممكن، إلا أنه يفتقر إلى عوامل عدة لتحقيق معادلة " الجودة مع الربح" من خلال المنافسة والتمييز , المهم تطبيق التكنولوجيا المتطورة الخدمية والترفيهية في عالم الطيران ويتم ذلك بتأسيس شركات خدمات واستشارات جوية متخصصة في مجال أدارة خدمــات مجموعـــــة من الطائرات ( الهليوكوبتر , الثابتة الجناح ) وتشرف على أعمال الصيانة والتصليحات الخاصة بهذه الطائرات وتقديم المشورة الفنية الجوية لشركـــــــات الطيران الحالية وأعداد الدراسات والبحوث الخاصة بالتطويرات والتحويرات الفنية للطائرات ومعــــــــداتها  وإقامة الدورات الفنية الهندسية الخاصة بأعمال الصيانة للطائرات ودورات السلامة الجوية  وغيرها من الدورات الخاصة بعلوم الطيران , كما تتوفر لديهـــــا الإمكانيات لأجراء التفاتيش الدورية والعميقة على الطائرات , مما يوفر جدوى اقتصادية ممتازة  وتسويق ناجح للخدمات الجوية.
كما يمكن أن تعمل الشركات العاملة حالياً في مجال قطاع الطيران ( شركة الخطوط الجوية العراقية) إلى إبرام اتفاقيات وتحالفات مع شركات طيران عالمية ، من شأنه أن يُمكن لها من منافسة الشركات الدولية الكبيرة العاملة في هذا القطاع، لان هذه الاندماجات الحاصلة بين الشركات تؤدي إلى تحالف شركات الطيران مع شركات الشحن، أو السياحة، ويجعل مجال الخدمات أمامها أوسع ويحقق لها التميز مع منافسيها من الشركات بالمنطقة  من ناحية الأسعار أو الخدمات، وتحديث الطائرات مما يجعل أسعار هذه الخدمات التي تقدمها في متناول ورغبة وإمكانية كل مسافر, وهناك مثال حقيقي بالمنطقة المجاورة لنا وهو تحالف بعض دول الخليج على تأسيس شركة طيران الخليج.
هناك تجارب في العالم تعتمد فيها على البنوك المحلية وشركات التمويل المالي والتي لديها القدرة الكافية على تمويل الشركات الخاصة في مجال الطيران وخصوصا إن كانت هناك دراسة جدوى اقتصادية مبنية على أسس سليمة وخطط مستقبلية، فتمويل مشاريع ناجحة كهذه أمر لن يتردد فيه المستثمرون وشركات التمويل أو البنوك ، حتى وإن كانت العوائد لن تتحقق على المدى القصير،  ومن جهة أخرى، يمكن لهذه الشركات من الدخول  في البورصة  مما يضيف عليها عامل قوة مشجع وخصوصا للشركات التي لديها عجز في التمويل، وتحتاج لتطوير خدماتها، حيث إن الاستثمار في هكذا مجال مجدي للمساهمين بشكل كبير.

لقد بات الطيران في صميم اهتمامات اقتصاديات دول العالم في محاولة منها لإيجاد بديل آخر غير النفط كمصدر للدخل، ولهذا تنفق مليارات الدولارات على مشاريع البنية التحتية الخاصة لسوق الطيران بالعالم لتعزيز هذه الصناعة. كلي أمل ان ألقى أذان صاغية للمقترحات أعلاه للنهوض بواقع عالم الطيران العراقي إلى  مصاف الدول المتقدمة ... وأتمنى أن يكون إقليم كردستان هو بصيص النور بهذا المجال في النفق العراقي المظلم .

  

إذاعة وتلفزيون‏



أفلام من الذاكرة

الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

849 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع