العراق كما يراه دهات السياسة الدولية كيف سيكون

                                  

                          فلاح ميرزا

يقول ماركس: "التاريخ يعيد نفسه في المرة الأولى كمأساة وفي الثانية كمهزلة".. ولا أظن هذه القصة أو المهزلة بحاجة إلى تعليق، أو مزيد شرح، فقد تكررت كثيرًا في تاريخ المنطقة!!فالذى يقرا التاريخ عليه ان يقرأه الف مرة وان يلدغ من جحر الف مرة..

يتغير الزمان والمكان وشخوص القصة، وتبقى الحبكة والحيلة ثابتة لا تتغير، فالفخ هو الفخ، والخيانة هي الخيانة، والنتيجة للأسف هي النتيجة! والمتأمل في وضع العالم العربي اليوم بدواعشه وجراحه الكثيرة يكتشف بكل سهولة وجود أكثر من ( قائد ؟) في ليبيا، والعراق، وسوريا، واليمن... والحبل على الجرّار، تم إنتاجهم وتصنيعهم بنفس الطريقة الاستعمارية القديمة، قد يختلفون في الأسماء لكنهم يتفقون في الهدف، فالكل يعمل على تجزئة المجزّأ، وتقسيم المقسّم، وإسقاط مفهوم الدولة في المنطقة العربية، لصالح دويلات وأقاليم وكيانات هشة تقوم على فكرة التلاعب بحبال الانتماءات المذهبية والطائفية والقبلية، ما جعلنا نترحم على أيام سايكس بيكو.
* انتشار نموذج (القادة) وتكراره بهذا الشكل الهزلي في أكثر من دولة عربية يعني انتصار للمشروع الصهيوني في المنطقة ونجاحه في تغييب العرب كقوة مؤثرة على كافة المستويات الإقليمية والدولية، وإشغالهم بكيانات صغيرة ومتنافرة، وإغراق المنطقة في اقتتالات طائفية لا تبشر بأي أفق للحل والمصالحة.انقاذ العراق من الانهيار وضمان الامن والاستقرار في هذا البلد وإقامة نظام شرعي جديد مستقر فيه وإعادة أعماره .. ويتفق التحليل لكلا الجانبين أن انهيار العراق ( لا سمح الله ) ستكون له عواقب وخيمة وخطيرة على سائر دول المنطقة والعالم وليس فقط على العراق   لازالت اصوات هؤلاء الذين ملئت بصيحاتهم وسائل الاعلامومحطات التلفزة والفضائيات حول ماسوف تاتى به الانتخابات العراقية من حلول مقنعة لجميع الاطراف واستبشر العراقيون بالامل بانها ستكون نهاية للمشاكل التى امهكت البلد طيلة سنوات مابعد الاحتلال ومرارة الحكم الطائفى الذى لم يعرفه العراق منذ استقلاله وتناسى العراقيون كل شئ وبسرعة وهذا طبعهم ولكن للاسف فان حلمهم بذلك كان اشبه بكابوس ازدادوا فيه لعنة ومشقة وظلم وتشريد فالذى تغير هو اجلال الحماروليس الحمار ا كما جاؤا به اصحاب الاحتلال فى 2003 ومن منا لايتذكر ماقيل وما كتب واعلن عن طبيعة المخطط الذى وضع لاحتلال العراق ومن خلاله اختلال المنطقة العربية وانظمتها وحكامها ويبدو ان اللعبة احبكة بدقة ولاعبوها هم ليسوا فقط دهات فى صنع الاستراتجيات وانما بتكيف اوجهها كلما  استجدت ظروف تتطلب ذلك فلاعبى اجهزة الانترنت والفيس بوك كان لهم الدور الاول فى تجميع الشباب لتغيير الانظمة  وكان اختفائهم من الموقف له اكثر من علامة استفهام ومجيئ قوى مدربة عسكريا لاسقاط انظمة قد لايكون كافيا ليكونوا البديل الامر الذى تطلب تهيئة جيوش تحت راية الاسلام قد يكون الحل الاكثر تاثيرا للوضع الحالى للانظمة العربية وقد يكون هناك بديل اخر والله اعلم وبمراجعة سريعة لما نشر وماقيل عن ذلك ادرج بعض السطور عن الموضوع لكى اقنع نفسى اولا ومن ثم الاخرين بان امر العراق وايران والمنطقة لايزال فى مطبخ دهات السياسة الذين ذكروا انه بعد الحرب العالمية الثانية قامت السياسةالأمريكية في الشرق الأوسط على ثلاثة ثوابت : محاربة النفوذ السوفيتي ، ضمان امن إسرائيل وتفوقها العسكري وحماية المصالح الأمريكية في المنطقة ، وبعد انتهاء الحرب الباردة وانهيار الاتحاد السوفيتي في أواخر القرن الماضي ظهر ما سمي بالنظام العالمي الجديد والشرق الأوسط الجديد .. بعد حرب الخليج الثانية واتفاقيات اوسلو 1993 حدث تحول في الخطاب السياسي الأمريكي ، فحسب بعض المحللين الاستراتيجيين تراجعت الديمقراطية ، التي احتلت المقام الأول في هذا الخطاب خلال الحرب الباردة وتقدم عليها مبدأ  التفوق الأمريكي واستقرار النظام العالمي ويرى باحثون ومحللون استراتجيون ان الحزب الديمقراطي الامريكى يصر على ضرورة التدخل ضمن اطر قانونية دولية حتى يتسنى إشراك الدول الكبرى الأخرى في تحمل الأعباء والمسؤوليات ، بينما يصر الحزب الجمهوري على أن الولايات المتحدة يجب أن لا تعتمد على الأمم المتحدة ، بل عليها إعطاء الأولوية لدور الولايات المتحدة وحلفائها .. ويزعم مناصرو التفوق الأمريكي أن الحفاظ على هذا المبدأ وتطبيقه هو كون الولايات المتحدة الدولة الوحيدة القادرة على تامين الاستقرار وفرض احترام النظام الدولي القائم وهذا التحول فى الفكر السياسىالأمريكي يتفق محللون سياسيون عالميون على أن هناك أجماعا بين الحزبين الجمهوري والديمقراطي على ضرورة ترسيخ دعائم المؤسسات الدولية وإعطائها دورا من اجل معالجة أي محاولة تعيد النظر في المصالح القائمة مع بقاء الجدل قائما حول طبيعة تدخل الأمم المتحدة ومداه في ألازمات الجديدة مع إبقاء خيار استخدام القوة قائما وحسب ظروف ألازمة وتأثيراتها على المصالح العليا للولايات المتحدة وشكل موضوع الحرب على العراق واسبابها هدفا للمحللين والخبراء واعدت لها عدد من الدراسات الاستراتجية  اسبابها واهدافها ونتائجها ويمكننا  ادراج اهمها واكثرها اعدادا ، على سبيل المثال لا الحصر ، تناولتا  مسألة التعامل مع حرب العراق الدراسة الاولى اعدها    ( تشارلز ويليام مينز ) رئيس تحرير مجلة السياسة الخارجية الأمريكية والثانية اعدها الدكتور جون شتاينبر مدير معهد    بروكنز لدراسات السياسة الخارجية ونشــــرها  عام 1992  والدراسة الثالثة من جزئين اعدها( هنرى كيسنجر ..نتائج فرض النظام العالمى الجديد ( عنوان رئيـسي في واشنطن :  وفق جدول زمني محدد ) ..ويؤكد مضمون الدرسات أن إعلان الرئيس بوش الحرب على العراق لم يكن نتاجا مباشرا لأحداث أيلول / سبتمبر ، كما يذهب إلى ذلك بعض المحللين الاستراتيجيين ، إنما هي مشروع خطط له قبل الحرب على العرق عام  1991 بعشر سنوات والحرب على العراق عام 2003 تم برمجتها بعد تفكك الاتحاد السوفيتي وسقوط التوازن الدولي الهش مباشرة ..في هذه الفترة بالذات اقتنعت أمريكا بان السياسة التقليدية المؤسسة على الاحتواء والردع لم يعد معمولا بها ، فاستبدلتها بسياسة الهجوم والضربات الاستباقية ، وحــــــــسب الدراستين ، فان الأسلوب الأمريكي الجديد هو خرق الشرعية الدولية ، فبعد الانتهاء من حرب 1991 قامتالولايات المتحدة بعقد مؤتمر مدريد لحل القضية الفلسطينية على مضض ، وبتكتيك لامتصاص غضب الشارع العربي ولمكافأة الأنظمة العربية التي تحالفت معها عسكريا وإنقاذها ، ولكن هذا العرس المغشوش سرعان ما تم تدميره وذلك باغتيال رئيس الوزراء الإسرائيلي إسحاق رابين قبل أن يوقع أي اتفاق سلمي جدي .. ولقد اتبعت أمريكا سيناريو الخطوة خطوة ، وذلك بعدم إدراج قضية الجولان السوري أو الجنوب اللبناني ضمن الحل الوهمي الذي لوحت به ، وتستمر الأحداث التي لن نخوض فيها هنا لكننا نقول أن هذا السيناريو قد سحب البساط من الدول العربية التي تحالفت عسكريا مع أمريكا ضد العراق وجعلت المكافأة التي لوحت بها من قبل مجرد سراب ووهم وعلى الصعيد نفسه عملت الادارة الامريكية على تطبيق تكتيك جديد من اجل إعداد الخطط لاحتلال العرق ، تمثل بفرض مناطق الحظر الجوي في شمال العراق وجنوبه وفرض حصار ظالم لم يشهد له التاريخ مثيلا ضد الشعب العراقي وبمباركة هؤلاء الزعماء العرب الذين سيحاسبهم الله والتاريخ على فعلتهم هذه ، لان ما أسفر عنه هذا الحصار الأشد إيلاما وقسوة في التاريخ هو موت وتشريد الملايين من أبناء هذا الشعب المجاهد الذي لم يبخل يوما في تقديم الغالي والنفيس من اجل أمته ، وترافق هذا مع تطبيق استراتيجية الضربات العسكرية المستمرة واستخدام اليورانيوم المنضب ( المستنفد) ضد الأهداف الحيوية العراقية والسكان المدنيين على حد سواء لإحداث خسائر كبيرة بين المواطنين وتلويث البيئة العراقية بالإشعاعات النووية الناتجة عن استخدام  هذه الاسلحة فقد قامت الولايات المتحدة الأسلحة  والدول الحليفة باستخدام اليورانيوم المنضب المحرمة دوليا بكميات كبيرة خلال حربي 1991 و2003 ضد العراق مما نتج عنه تأثيرات خطيرة على الواقع الصحي والبيئي في العراق تسبب في موت الآلاف وإصابة عشرات الآلاف منهم بأمراض خطيرة كالسرطانات والتشوهات الخلقية والإجهاض المتكرر عند النساء وغيرها من الأمراض التي سيظل يعاني منها العراقيون لعشرات السنين القادمه  ,أن هذا الاحتواء لم يسفر عن حدوث مجاعات أو ثورة شعبية أو عصيان مدني ، الأمر الذي جعل الأمريكيون يطورون خططهم لاحتلال العراق مع الإبقاء على سياسة الاحتواء ، وجاءت أحداث أيلول ، التي تشير مصادر مطلعة أن الإدارة الأمريكية على علم بها أو بجانب منها ، كي تتخذ منها ذريعة لإيهام العالم ، والشعب الأمريكي خاصة ، بوجود علاقة بين العراق وتنظيم القاعدة ، ثم برز الادعاء بامتلاك العراق لأسلحة الدمار الشامل التي أثبتت الأحداث وعمليات المفتشين الدوليين بالعراق كذب هذا الادعاء  وبطلانه وهنا نتوقف قليلا لنشير  الى هذه التطورات التمهيدية للحرب على العراق واحتلاله شهدت موافقة معظم الأنظمة العربية أيضا على مبدأ تجريد العراق من أسلحته الاستراتيجية بالكامل ولم تشترط أن يتم ذلك على الأقل بالتزامن مع نزع أسلحة إسرائيل الاستراتيجية كحل شامل لسباق التسلح في المنطقة وإخلائها من جميع أنواع أسلحة الدمار الشامل ، وإقرار الدولة الفلسطينية وفق حدود ما قبل حرب 1967 وإخراج القوات الإسرائيلية من مرتفعات الجولان ومن جنوب لبنان وفي إطار جدول زمني محدد وشامل ووفقا للشرعية الدولية والأمم المتحدة.. لقد كان الموقف العربي المتردد وراء عدم حسم هذه المعضلات الحيوية وبالتالي لا بد من القول أن أمريكا قد نجحت فعلا في جعل الأنظمة العربية تستبدل المصير المشترك الممهد بالوعود الجزئية التي ليست من صلب القضية الكبرى للعالم العربي الإسلامي ، وهكذا تم تحييد إسرائيل وإخراجها من لعبة تدمير أسلحتها التدميرية الشاملة .. تلك هي باختصار الإخفاقات العربية التي أدت إلى وقوع الحرب على العراق دون شرعية دولية ..فالأنظمة العربية مقتنعة تماما أن أمريكا لها مخططات اكبر من تغيير النظام في العراق أو البحث عن أسلحته ، ولكنها رغم ذلك نجدها تتفرج على هذه التحولات الخطيرة التي ستطالها في يوم من الأيام طال الوقت أم قصر لكننا ندعو لله أن يحفظ شعوبنا العربية والإسلامية من كيدهم  ووخططهم وهنا نشير الى ماجاء في دراسة ( تشارلز ويليام ما ينز ) الذي يؤكد بان الإدارات الأمريكية ومخططي استراتيجياتها لا يخفون أبدا إطماعهم النفطية في الشرق الأوسط ، كما أن أمريكا لا تفشي سرا بان النظام الدولي الذي تريد تأسيسه مشروط بالهجوم العسكري على أي نظام يختلف معها في المسائل المتعلقة بمصالحها ، وتستبعد اللجوء إلى الحوار في إطار المؤسسات القانونية والسياسية والاقتصادية الإقليمية والدولية ..ومع  كل ما حصل في العراق لابد أن نشير هنا إلى إحدى المفاجآت الاستراتيجية غير السارة بالنسبة للاحتلال الأمريكي ، فنقول : إن ما كان يقال في واشنطن أن غزو العراق سيصبح نموذجا لغزو دول أخرى قد تلاشى وتبخر وتحول إلى وهم كبير، فإذا بالغزو يتحول إلى كابوس بالنسبة للولايات المتحدة نتيجة الضربات الموجعة للمقاومة الوطنية العراقية والرفض الشعبي لهذا الاحتلال ، ناهيك عن تكاليف الحرب الأمريكية الباهضة في العراق والتي تقدر بأكثر من ( 357) مليار دولار ترتفع كل شهر بما يزيد على سبعة مليارات ، وتؤكد هيئة أبحاث الكونكرس أن النفقات الشهرية للحرب ستزيد وتصل إلى 9,8 مليار شهريا  ، وإذا استمرت القوات الأمريكية في العراق حتى عام 2010 فان التكاليف سوف تتجاوز تريليون دولار ، أي ألف مليار دولار وقد دفعت هذه الجقيقة الكثير من مؤيدى الحرب على العراق الى التراجع دولار عن موقفهم ومنهم البروفسور فوكوياما الذى سبق  ان طالب الرئيس السابق كلينتون باسقاط النظام العراقى 1998 الذى قال الان ثبت ان اسقاط النظام العراقى كان خطأ فكل ماسوقته الادارة الامريكية لحربها على العراق قدفشل فشلا ذريعا بدأ من اسحلة الدمار الشامل وانتهاء بتحرير العراق واقامة نظام ديمقراطى فيما النتائج ليست بعيدة عن العين حيث الموت اليومى ونذر الحرب الاهلية وحيث تقف المنطقة برمتها على مفترق طرق جديد وحيث سقوط الاكذوبة الاكبر القائلة (امريكيا) بان العالم اصبح اكثر امنا  بعد غزو العراق وحول الوصف الذى اطلقته وزيرة الخارجية الامريكية كوندليزا ب ( الفوضى ) فان العديد من المحللين اصبحو على قناعة تامة بان الادارة الامريكية لم تكن تملك باي حال  من الاحوال رؤية واضحة للتعامل مع الملف العراق وهذا مما اعطى الفرصة لدهاقنة السياسة الايرانية سد الفراغ الذى ترك وان هذا المصطلح لم يكن الا اختراعا ناتجا عن فشل السياسات الامريكية فى العراق والترويج عن اعادة الاعمار وغير ذلك من المفردات التى طالما قامت بتسويقها اعلن الرئيس بوش بعد اسبوعين من احتلال العراق انه انتصر فى هذه الحرب  نجد ان الحرب الفعلية كانت قد بدأت حينذاك وظلت هكذا حيث لم تفلح حتى فى حماية جنودها وتحولت الغازية الى قوات امنية لحماية جنودها كما ان الحرب الاهليةفى العراق
، تطلّ عبر النتائج أيضا ، أما الحرب الأخرى المسماة حرب الجثث ، حيث القتل الطائفي والعرقي ، يغذي الموت الذي يطال المئات يوميا ، وفي كلتا الحالتين ينفض الأمريكيون أيديــهم ليقولوا أنهم لن يتدخلوا في حرب أهلية فيما إذا اندلعت  
والسؤال الذي يطرح نفسه هو لماذا حصل كل هذا في العراق ومن المسئول عن ذلك ؟ وفي إجابة عن هذا السؤال يقول البروفسور هاوارد زين  ان دروس حرب العراق تبدء مع التاريخ الامريكى وعلينا ان نواجه بعض الحقائق التي تزعج فكرة ( الأمة الطاهرة ) بشكل فريد ، يجب أن نواجه تاريخنا الطويل في التطهير ألاثني ، الذي هجّرت فيه حكومة الولايات المتحدة ملايين الهنود من أرضهم بواسطة المذابح وعمليات الإخلاء ، يجب أن نواجه تاريخنا الطويل وهو ما زال حاضرا ، من العبودية والتفرقة والتمييز العنصري ، ويجب أن نواجه الذاكرة الطويلة الأمد لهيروشيما وناغازاكي ، وهو تاريخ لا يمكن أن نفتخر به وإذا كان هذا المفكر الأمريكي غائبا عن نشر أفكاره أثناء الاستحضارات العسكرية والسياسية والأمنية تمهيدا لغزو العراق فان آخرين كانوا ضمن السلسلة القيادية في جانبها ألتنظيري لهذا الغزو .. يحرضون عليه ، أما اليوم فلنرى ماذا يقولوا فعشية ذكرى الحرب على العراق واحتلاله وفي مقابلات صحفية مع العديد ممن حرضوا الرئيس بوش على غزو هذا البلد ووفروا إطار العمل الفكري والآلية السياسية والإعلامية لحملته العسكرية ، يقرّون بأنهم كانوا على خطأ ، ولكن ماذا يفيد هذا الإقرار بعد خراب البصرة كما يقال المهم ان هذه المقابلات تكمن اهميتها فى انها  تعكس خيبة املالذين دعموا الغزو وأيدوه ، وكذلك تعكس القصور الفكري والسياسي الذي يتمتعون به ، وهم في مواقع يفترض أنها تستند إلى عناصر تتمتع بقدرات غير عادية ، خاصة وأنها تشارك في صنع قرارات تؤسس للنجاح أو الفشل في دولة تتطلع إلى السيطرة على العالم في كافة المجالات خاصة الاقتصادية  منها والصحفى ويليام بكلى الذى يتمتع بنفوذ فى ادارة الرئيس بوش، يقول : بأنه لا يـسـاوره أدنى شك في إخفاق الغرض من الحرب على العراق ..ويذكر : أن الحرب أثبتت عدم قدرة جيش مؤلف من 130 ألف جندي أمريكي في احتواء ما اسماها ( الأعمال العدائية ) في إشارة لعمليات المقاومة العراقية ، مشيرا إلى انه يتعين الآن انتهاج خطط بديلة ، ويعترف صراحة ( جوهر القول هو الإقرار بالهزيمة)واما فرنسيس فوكويا صاحب نظرية نهاية التاريخ والمروج لفكرة اسقاط النظام العراقى فيقول ( إن الإدارة الأمريكية بغزوها للعراق خلقت وضعا تنبأت انه سيحدث ، وحلّ العراق الآن محل أفغانستان كمركز جذب وارض مثالية للتدريب وقاعدة لعمليات المسلحين في ظل وفرة من الأهداف الأمريكية التي يمكن تصويب النيران عليها  
ويذكر( ريتشارد بيرل ) احد ابرز المتطرفين ودعاة الحرب في إدارة المحافظين الجدد  ( إن إدارة بوش ناقشت الحملة العسكرية وتبعاتها السياسية ، وقد أصابت فيما يتعلق بالحرب وأخطأت في تبعاتها ) .. في حين يلخص المحرر اليميني ( جورج ويل ) في صحيفة ( واشنطن بوســت ) الوضع في العراق بقوله :   منذ احتلال العراق وحتى ألان لا يزال من غير المؤكد ما إذا كان العراق قد أصبح امة وبعد عمليتين انتخابيتين واستفتاء على الدستور أصبح للعراق بالكاد حكومة) ..
أما الناقد والكاتب ( اندرو سوليفان ) فيقول : ( لقد تعلم العالم درســـا قاسيا ، إلا انه كان اشد قسوة على عشرات آلاف القتلى العراقيين الأبرياء مقارنة بمجموعة المثقفين الذين تعرضوا للإذلال ) .. ويعتـــــرف ( سوليفان ) : ( الاستجابة الصحيحة ليست في المزيد من اللف والدوران بل في الإحساس بالعار والحزن ) ..
في المحصلة ، فان خلاصة هذه المقابلات تقول : إن إخفاقات غزو العراق كانت نتيجة مباشرة للطريقة التي تقرر بها الغزو في المقام الأول ، إذ لا يمكن الفصل بين الاثنين كما لو كان احدهما نتيجة قرار والآخر نتيجة مجموعة مختلفة من الافتراضات التي عبر عنها البعض من السياسيين والمفكرين الأمريكيين والتي خلاصتها : إن الولايات المتحدة ذهبت إلى الحرب وتبعتها بريطانيا استنادا إلى اعتقاد بان تغيير النظام في العراق قد يُمكن استخدامه كنموذج في إعادة تشكيل منطقة الشرق الأوسط بأسرها
وفي ضوء الأحداث والتطورات المأساوية في العراق لم يعد بأمكان الولايات المتحدة أن تخفي أن ديمقراطيتها الموعودة للعراقيين تحولت إلى موت يومي ، فالكاتب الأمريكي ( فولر ) الذي يعرف ماذا فعلت حكومته في أماكن أخرى من العالم ، يسوق الدليل التالي على مدى تورطها في مسلسل الموت اليومي الذي يعصف بالشعب العراقي من قتل واغتـيالات وزرع لبــذور حرب أهلية ، فيقول عن عمليات الاغتيال :
( إنها كانت في البداية تنفذ من قبل وحدة شبه عسكرية مكونة من ميليشيات من مجاميع سياسية رئيسية في البلاد تعمل مع القوات الخاصة الأمريكية وتحت أمرة القادة الأمريكيين لملاحقة المقاومين العراقيين الذين يوصفون ب( المتمردين) ولهذا فان الموت اليومي هو فعل أمريكي على كل حال ، سواء أتم ذلك بأيد أمريكية أم بأيد عراقية تعمل تحت الإمرة الأمريكية
وبهذا المعنى يمكن أن يكون قيام مثل هذه الدول بمــثابة رد فعل دفاعي إزاء تهـديد الدولة الزعيمة ، وبهذا المعنى أيضا يمكن أن نفهم سبب حرص الولايات المتحدة على عدم ظهور زعيم طامح ..والمفارقة في الأمر هي أن هؤلاء يرون عدم وجود سبب قاهر للاعتقاد بان الولايات المتحدة سوف تستثنى من هذا المصير ..ففي السنوات العشر القادمة أو العشرين القادمة سوف تقود سياسة الهيمنة الأمريكية إلى ظــهور دول طامـحة كألمانيا واليابان والصـين ( وربما تعود روسيا أيضا إلى الظهور من جديد ) كدول عظمى قادرة على العمل كقوة توازي قوة الولايات المتحدة وبالتالي منافستها على خلق معطيات جديدة في الــــسياسة الدولية ويبقى موضوع الهيمنة على الشرق الاوسط ..
من خلال تناولنا لاستراتيجية الخطاب السياسي الأمريكي تجاه سياسة الهيمنة الأمريكية والقوى الدولية التي تنازع الولايات المتــحدة ، السيطرة والنفــــــوذ  فالمخططين( بريجنسكي ) وباحثين استراتيجيين آخرين أمثال ( انطوني لابك ) و( هنري كيســـــــنجر ) و( صمؤئيل هنتنغتون ) و( فوكوياما ) و ( روبرت هركابي ) يرون أن النفط وإسرائيل هما المحوران الأساسيان للسياسة الأمريكية تجاه منطقة الشرق الأوسط كونهما يمثلان المصالح الاستراتيجية العليا للولايات المتحدة ..فبالنسبة للمحور الأول يعتقد ( فوكوياما ) أن ثمة أمرين من شأنهما أن يبررا تدخل ما اسمــــــاه ( بعالم ما بعد التاريخ) في (عالم التاريخ ) وهما النفط والهجرة . وفي تصــــــــــور مماثل يؤكد ( جيفري كامب ) و ( روبرت هركابي ) الأهمية الاستراتيجية لنفط الخليج العربي..
أما فيما يتعلق بمبدأ الدفاع عن إســـرائيل ، الذي يمثل المرتبة الأولى في سلم الاولويات الأمريكية ، فان الخطاب السياسي الأمريكي ينظر إليها على أنها ( دولة ديمقراطية ) على غرار الديمقراطية الغربية وأنها موقع متقدم للحضارة الغربية ، وان العداء لإسرائيل هو التعبير الواضح عن الشك بالقيم الأمريكية وفضائلها بشكل خاص ..
استنادا إلى هذا فان استراتيجية الخطاب السياسي الأمريكي تتعامل مع الشرق الأوسط على انه يضم دولا محورية تشكل قاعدة أساسية للنفوذ الأمريكي ودولا محورية نقيضة تشكل تهديدا للمصالح الأمريكية ، لــــــذلك يدعو الباحث والخبير ( كنيدي ) الولايات المتحدة أن تتبنى سياسة انتقائية في علاقتها بالدول النامية وان تحشد طاقاتها في دعم الدول المحورية بدلا من أن تبعثر اهتمامها عبر المعمورة بأسرها .. ويرى الخطاب الأمريكي أن مصر دولة محور في الشرق الأوسط إلى جانب تركيا ، لأنها ، حسب تعبير الخطاب ، وظيفة للاستراتيجية الأمريكية ، فالسلطة فيها قادرة على احتواء المد الإسلامي ، حسب تعبير كنيدي ، ودبلوماسيتها تركز جهودها على استمرار ديمومة الحياة لعملية السلام مع إسرائيل ، لذا يرى ( كنيدي ) أن سقوط هذه السلطة من شانه أن يؤدي إلى انتشار الفوضى السياسية وبالتالي إلى امتداد النفوذ الإسلامي إلى بلدان أخرى في الشرق الأوسط والى سقوط عملية السلام واتساع دائرة الأنظمة المعادية والمهددة للمصالح الأمريكية ..
مقابل هذه الرؤية فقد سعى ( هنتنغتون ) إلى وضع حد للجدل القائم حول موقع مصر ، فحسب رأيه ، ليس لمصر مقومات المركز وبنظره فهي لاتملك مقومات الدولة المركزية ، وأشار إلى تركيا واندونيسيا على أنهما دولتا مركز لتوفر عناصر التنمية فيهما ..
وفي نفس الاتجاه سار ( بريجنسكي ) الذي ذهب إلى حد تغييب دور مصر والدول العربية ، فاعتبر تركيا وإيران دولتان محوريتان في المنطقة بسبب تأثيرهما على ( قلب روسيا ) ..
أما بالنسبة لدول المحور النقيضة أو ( العاصية ) ، على حد تعبير الخطاب الأمريكي ، فالدول المطلوب احتوائها رسميا ، حسب قائمة الإدارة الرئاسية الأمريكية ،( وقد حصل جدل تجاهها بعد مواقفها الأخيرة ) وإيران وكوريا الشمالية ، أما الدول المطلوبة حسب قائمة أعضاء الكونكرس الموالين لإسرائيل فتضم بالإضافة لما ورد ، سورية والسودان .. ويطالب هؤلاء بضمهما إلى ما يسمونه الدول الداعمة للإرهاب .. أما بريجنسكي فيعتبر بان المصالحة مع إيران ضرورة جيوستراتيجية لضبط آسيا الوسطى
تقرير فريق العمل الأوربي الامريكى برئاسة  هنرى كيسنجر  اضافة 26 شخصية امريكية واوربية بارزة حول الشرق الأوسط لمرحلة الألفية الثالثة قد ورد إلى الرئيس بوش يتضمن انتقادا قاسيا لاستراتيجية أدارته وخططها في منطقة الشرقالاوسط.. وصدر هذا التقرير عن مجلس السياسات الخارجية وكان يمثل أجمالا عاما لمعظم اتجاهات الخطاب الأمريكي سيتم تناوله بصيغة مركزة ومباشرة لعكس هذه الاتجاهات :
دعوةالرئيس بوش إلى القيام بعملية نقد ذاتي والاعتراف بان الولايات المتحدة لن تتمكن من النجاح وحدها ، سواء في العراق أو في منطقة الشرق الأوسط أو في أي منطقة من العالم وفي أي قضية كبرى أخرى ، وأنها تحتاج إلى حلفاء ودعم أوربي لتشكيل تحالف من عدة دول لمواجهة الأخطار والتحديات المختلفة في الشرق الأوسط والعالم. أن يكون التعاون بين الولايات المتحدة وأوربا مبنيا على أساس التكامل لا التنافس مع تجاوز مرحلة الخلافات حول الحرب ضد العراق... تخلي الولايات المتحدة عن اعتمادها على القوة العسكرية وحدها وعلى تفوقها العسكري لان القوة وحدها ليست كافية للنجاح وتحقيق النصر والعمل على تعزيز الديمقراطية ونشرها والدفاع عن حقوق الإنسان ... وضع استراتيجية موحدة بين الولايات المتحدة وأوربا تتضمن تحديد شروط استخدام القوة العسكرية ضد الدول الأخرى ، عربية وأجنبية ، سواء لمكافحة ( الإرهاب ) أو لوقف انتشار أسلحة الدمار الشامل أو لمنع قيام تعاون خطر ومدمر بين ما اسماه التقرير بالتنظيمات الإرهابية والدول غير المسئولة ... قيام إدارة بوش بالعمل على التوصل إلى اتفاق موحد مع أوربا وحلف الأطلسي حول الشرق الأوسط لان هذه المنطقة تؤثر على الأمن والاستقرار والنمو في العالم الغربي أكثر من أي منطقة أخرى ولأنها تحتوي على اكبر احتياط للنفط والغاز في العالم . تسعى الولايات المتحدة وأوربا على تركيز الجهود على قضايا رئيسية أربع هي
أ . إنقاذ العراق من الانهيار وضمان الأمن والاستقرار في هذا البلد وإقامة نظام شرعي جديد مستقر فيه وإعادة أعماره .. ويتفق التحليل لكلا الجانبين أن انهيار العراق ستكون له عواقب وخيمة وخطيرة على سائر دول المنطقة والعالم وليس فقط على أمريكا ، لذلك يدعو الجانبان إلى وضع العراق تحت المسؤولية العسكرية لحلف الأطلسي بصورة مؤقتة ..
ب. منع إيران من امتلاك السلاح النووي بأي ثمن وتشجيع الإصلاحات السياسية والاقتصادية والاجتماعية في هذا البلد ، ويدعو الجانبان روسيا للتعاون معهما لتنفيذ هذه الاستراتيجية ..
ج. الاتفاق على خطة موحدة مشتركة لتسوية ما اسماه التقرير بالنزاع الفلسطيني الإسرائيلي ، وهو ما يتطلب أن يتخذ المسئولون الأمريكيون خطوات عملية محددة للعمل على إقامة دولة فلسطينية قابلة للحياة والاستمرار ..
د. أما بالنسبة لاحتلال العراق فان الخطاب السياسي الأمريكي توسع كثيرا في التحدث عنه ، ولكن لأغراض الدراسة هذه سيشير الباحث إلى ابرز اتجاهات هذا الخطاب :
يعترف محللون غربيون أن الحرب على العراق واحتلاله عام 2003 لم تكن حربا تكتيكية بأي حال من الأحوال ، بل هي استراتيجية وفقا لجميع المعايير .. ويوضح هؤلاء بأن هذه الحرب كانت من اجل النفط والسيطرة الأمنية وحسم الصراع الثقافي وإعادة رسم الخرائط السياسية والأيديولوجية وإعادة النظر جذريا في العلاقات الدولية للمرحلة الممتدة من الحرب العالمية الثانية إلى الوقت الحاضر ، بالإضافة إلى تثبيت أقدام إسرائيل في الشرق الأوسط ليس فقط كدولة إنما كلاعب رئيس في تقرير شؤون المنطقة برمتها ..هذه هي باختصار شديد أهداف الولايات المتحدة من غزو العراق والتي عبر عنها الخطاب السياسي الأمريكي كما سنلاحظ ذلك في سياق الحديث ..
من هنا فان هذه الحرب ليست فقط منازلة بين الجيوش ، إنما هي منازلة استراتيجية لها تفرعات وتداعيات تمس جميع مظاهر الواقع العربي والإقليمي والدولي بكل هيكليا ته المتداخلة والمتبادلة التأثير ..
لقد كُتب عن هذا الموضوع مقالات ودراسات وكتب غربية كثيرة عكست حقيقة أهداف الحرب الأمريكية على العراق وأشارت هذه المصادر إلى ابرز هذه الأهداف وهي احتلال هذا البلد وإسقاط نظامه وما ترتب على ذلك من تدمير لمؤسسات الدولة فيه ومرافقها كافة والعبث في وثائقها أو حرقها وحل الجيش ومؤسسات الأمن الوطني والتأسيس لنظام حكم طائفي وإشاعة الفوضى في البلاد وحرمانها من الأمن والاستقرار لفترة طويلة وسرقة ثرواتها عبر مشاريع وهمية أو غير منتجة وخلق الأجواء لانتشار الفساد الإداري والترويج لتجارة القتل والحرق والسلب والتخريب والمخدرات … إلى غيرها من الأعمال التي تصب كلها في هدف استراتيجي مركزي هو إنهاء الدولة العراقية ومحاولة قتل الروح الوطنية والقومية لدى أبنائها وإعادة بنائها وتأسيسها من جديد على أسس مغايرة لما تربى عليه العراقيون الشرفاء أصحاب التاريخ والحضارة من قيم وطنـــية وعربية وإسلامية نبيلة ، وذلك من اجل خلق جيل جديد يؤمن بالمباديء والقيم الغربية المؤسسة على الفكر الصهيوني والماسوني ويقبل بالتعايش مع إسرائيل كأمر واقع ومفروض ..
وترى هاتان الدراستان أن هذا الاحتواء لم يسفر عن حدوث مجاعات أو ثورة شعبية أو عصيان مدني ، الأمر الذي جعل الأمريكيون يطورون خططهم لاحتلال العراق مع الإبقاء على سياسة الاحتواء ، وجاءت أحداث أيلول ، التي تشير مصادر مطلعة أن الإدارة الأمريكية على علم بها أو بجانب منها ، كي تتخذ منها ذريعة لإيهام العالم ، والشعب الأمريكي خاصة ، بوجود علاقة بين العراق وتنظيم القاعدة ، ثم برز الادعاء بامتلاك العراق لأسلحة الدمار الشامل التي أثبتت الأحداث وعمليات المفتشين الدوليين بالعراق كذب هذا الادعاء وبطلانه ..
وهنا نتوقف قليلا لنشير إلى أن هذه التطورات التمهيدية للحرب على العراق واحتلاله شهدت موافقة معظم الأنظمة العربية أيضا على مبدأ تجريد العراق من أسلحته الاستراتيجية بالكامل ولم تشترط أن يتم ذلك على الأقل بالتزامن مع نزع أسلحة إسرائيل الاستراتيجية كحل شامل لسباق التسلح في المنطقة وإخلائها من جميع أنواع أسلحة الدمار الشامل ،.. لقد كان الموقف العربي المتردد وراء عدم حسم هذه المعضلات الحيوية وبالتالي لا بد من القول أن أمريكا قد نجحت فعلا في جعل الأنظمة العربية تستبدل المصير المشترك الممهد بالوعود الجزئية التي ليست من صلب القضية الكبرى للعالم العربي الإسلامي ، وهكذا تم تحييد إسرائيل وإخراجها من لعبة تدمير أسلحتها التدميرية الشاملة .. تلك هي باختصار الإخفاقات العربية التي أدت إلى وقوع الحرب على العراق دون شرعية دولية ..فالأنظمة العربية مقتنعة تماما أن أمريكا لها مخططات اكبر من تغيير النظام في العراق أو البحث عن أسلحته ، ولكنها رغم ذلك نجدها تتفرج على هذه التحولات الخطيرة التي ستطالها في يوم من الأيام طال الوقت أم قصر لكننا ندعو لله أن يحفظ شعوبنا العربية والإسلامية من كيدهم وخططهم ..
وهنا نشير إلى ما جاء في دراسة ( تشارلز ويليام ما ينز ) الذي يؤكد بان الإدارات الأمريكية ومخططي استراتيجياتها لا يخفون أبدا إطماعهم النفطية في الشرق الأوسط ، كما أن أمريكا لا تفشي سرا بان النظام الدولي الذي تريد تأسيسه مشروط بالهجوم العسكري على أي نظام يختلف معها في المسائل المتعلقة بمصالحها ، وتستبعد اللجوء إلى الحوار في إطار المؤسسات القانونية والسياسية والاقتصادية الإقليمية..وفي عنوان فرعي من دراسته هو ( الحرب من اجل إسرائــــــيل ) ابرز ( ماينز ) ما يأتي :
يمثل امن إسرائيل احد الأسباب الرئيسية للحرب ، إذ اتخذ عدد من أنصار إسرائيل الأقوياء في الولايات المتحدة قرارا باستغلال ألازمة لتعزيز الأمن الإسرائيلي ، ومنذ بدء تطبيق سياسة الحصار على العراق عام 1990 عارض هؤلاء سياسة العقوبات الاقتصادية ، لأنهم كانوا يرون أن أقصى ما يمكن أن تحققه على المدى القريب هو تحرير الكويت ، حسب الدراسة التي تشير إلى أن هؤلاء أصروا على أن تواصل الولايات المتحدة سياسة الاحتواء وعدم رفع الحصار حتى بعد انتهاء الحرب عام 1991 دون أن تحقق الأهداف التي كانوا يتوخونها وهي تدمير العراق بشكل كامل وإسقاط نظامه ، وهكذا يتأكد لنا بان الحرب على العراق عام 2003 وتدميره كانت بتشجيع ودعم اللوبي الصهيوني في أمريكا حتى قبل دخول العراق الى الكويت عام 1990 ، وهذا يعني أن مشكلة الكويت لم تكن سوى مسوغا وفرصة أما المخططات فكانت جاهزة منذ سنوات تنتظر التنفيذ العملي وعلى أساس أن إدارة الرئيس بوش قد قبلت مشروع اللوبي الصهيوني ، وهو استبدال الحصار الاقتصادي بالحرب المباشرة ..
أما دراسة ( جون د. شتانبر ) فهي تقييم لنتائج ما أسمته بحرب الخليـــــــج الثانية أو ( عاصفة الصحراء ) ..
أما الدراسة الثالثة التي أعدها ( كيسنجر ) ونشرها في (نيويورك تايمز ) عام 1992 ، فهي توضح البعد الاسـتراتيجي للخطاب الأمريكي في تعامله مع مسألة احتــلال العراق ، فــــقد ذكر ( كيسنجر ) أن حربي الخلــــــيج الأولى ( الحرب العراقية الإيرانية ) والثانية ( العدوان الثلاثيني على العراق عام 1991 ) لم تحققان اهد افهما الاستراتيجية العليا للولايات المتحدة ، لذلك دعا صراحة إلى شن حرب ثالثة على العراق تحقق فيها الولايات المتحدة أهدافها التي ذكرها وهي:
إعادة رسم خارطة الشرق الأوسط من جديد كي تتلاءم مع المصالح الاستراتيجية العليا للولايات المتحدة وتحقيق أمنها القومي على الصعيدين الإقليمي والدولي من خلال احتلال العراق بالكامل وإسقاط نظامه والسيطرة على نفطه ونفوط المنطقة وحماية امن إســـــرائيل ، وهذا يتطلب ، حسب رؤيته ، إقامة نظام ليبرالي في العراق يؤْمن بما اسماها القيم الديمقراطية الغربية ..
ولو عدنا إلى مسالة تقسيم العراق في الخطاب الأمريكي لوجدنا أن ما تقوم به قوات الاحتلال حاليا هو جزء من استراتيجية تقسيم العراق وتفتيته ، فالمعروف أن العراق كان في السابق دولة منفتحة يتعايش مواطنها بإخوة ومحبة دون تمييز أو تفريق سواء على الصعيد الجماهيري أو على المستوى الرسمي والوظائف الحكومية التي شاركت فيها نخب متعددة تمثل جميع أطياف الشعب العراقي حتى على مستوى القيادات العليا والوسطى سواء أكانت مدنية أو عسكرية أو تابعة لمؤسسات الأمن الوطني ونحن نتحدى من يقول غير ذلك كما كان الناس يتعايشون في أحياء مشتركة تضم السنة والشيعة والكرد والمسيحيين والصابئة واليزيديين وغيرهم تجمعهم محبة العراق والوحدة الوطنية الصميمية وكانوا يتزاوجون فيما بينهم ويتعايشون مع بعضهم لا يفرقهم مفرّق مهما كان عصيبا ، أما ألان فان العراق يمزقه العنف وتمزقه سياسة التمييز والتفرقة التي تعتبر من ابرز افرازات الاحتلال ، ويحذر تقرير جديد من الخبير في الشـــــؤون العراقية ( جوست هيلترمان ) أعده لمجموعة ألازمات الدولية ، وهي منظمة بحثية مقرها بروكسيل ، من أن على الولايات المتحدة أن تستعد لمواجهة احتمال تقسيم العراق إلى ثلاثة أجزاء أو أكثر بسبب العنف الذي كان نتيجة مباشرة للاحتلال الأمريكي ، ويرد مسئول أمريكي ، لم يكشف عن اسمه ، أن الولايات المتحدة ليست في حاجة إلى تحذير من وقوع هذه الكارثة ، فهي التي تسعى إليها للقضاء نهائيا على ما تبقى من دولة العراق الموحدة القوية .. وآخر ما طالعنا في هذا المجال هو قرار مجلس الشيوخ حول تقسيم العراق إلى ثلاث دويلات طائفية : كردية في الشمال وسنية في الوسط وشيعية في الجنوب ودعوات لتقسيم العراق إلى أقاليم في الوسط والجنوب الى غيرها من المشاريع المشبوهة كقانون النفط والغاز الجديد الذي نظم على أساس توزيع الأرباح حسب النسب السكانية لكل إقليم أو منطقة منتجة للنفط حيث لا تتعدى الأرباح المتبقية للحكومة المركزية الثلاثين بالمائة من المجموع الكلي للأرباح العائدة من بيع النفط العراقي ….
ويعترف احد المسئولين في الخارجية الأمريكية ، بان واشنطن قد شنت الحرب على العراق لأنه يشكل إزعاجا لإسرائيل ، ويؤكد هذا المســـئول : ( أن الضمانة الوحيدة لإزالة عنصر الإزعاج هو الإجهاز على الدولة العراقية وتحويلها إلى كيانات طائفية متصارعة تستنزف طاقة بعضها البعض ولا تمــــــــثل مصدر قلق لدينا
والسؤال الذي يطرح نفسه هو لماذا حصل كل هذا في العراق ومن المسئول عن ذلك ؟ وفي إجابة عن هذا الســـــــؤال يقول البروفيــــــــسور ( ها وارد زين ) اشهر مؤرخ أمريكي :
إن دروس حرب العراق تبدأ مع التاريخ الأمريكي وعلينا أن نواجه بعض الحقائق التي تزعج فكرة ( الأمة الطاهرة ) بشكل فريد ، يجب أن نواجه تاريخنا الطويل في التطهير ألاثني ، الذي هجّرت فيه حكومة الولايات المتحدة ملايين الهنود من أرضهم بواسطة المذابح وعمليات الإخلاء ، يجب أن نواجه تاريخنا الطويل وهو ما زال حاضرا ، من العبودية والتفرقة والتمييز العنصري ، ويجب أن نواجه الذاكرة الطويلة الأمد لهيروشيما وناغازاكي ، وهو تاريخ لا يمكن أن نفتخر به .. ..
وإذا كان هذا المفكر الأمريكي غائبا عن نشر أفكاره أثناء الاستحضارات العسكرية والسياسية والأمنية تمهيدا لغزو العراق فان آخرين كانوا ضمن السلسلة القيادية في جانبها ألتنظيري لهذا الغزو .. يحرضون عليه ، وحلّ العراق الآن محل أفغانستان كمركز جذب وارض مثالية للتدريب وقاعدة لعمليات المسلحين في ظل وفرة من الأهداف الأمريكية التي يمكن تصويب النيران عليها ) ..
ويذكر ( ريتشارد بيرل ) احد ابرز المتطرفين ودعاة الحرب في إدارة المحافظين الجدد : ( إن إدارة بوش ناقشت الحملة العسكرية وتبعاتها السياسية ، وقد أصابت فيما يتعلق بالحرب وأخطأت في تبعاتها ) .. في حين يلخص المحرر اليميني ( جورج ويل ) في صحيفة ( واشنطن بوســت ) الوضع في العراق بقوله : ( منذ احتلال العراق وحتى ألان لا يزال من غير المؤكد ما إذا كان العراق قد أصبح امة ، وبعد عمليتين انتخابيتين واستفتاء على الدستور أصبح للعراق بالكاد حكومة) ..
أما الناقد والكاتب ( اندرو سوليفان ) فيقول : ( لقد تعلم العالم درســـا قاسيا ، إلا انه كان اشد قسوة على عشرات آلاف القتلى العراقيين الأبرياء مقارنة بمجموعة المثقفين الذين تعرضوا للإذلال ) .. ويعتـــــرف ( سوليفان ) : ( الاستجابة الصحيحة ليست في المزيد من اللف والدوران بل في الإحساس بالعار والحزن ) ..
في المحصلة ، فان خلاصة هذه المقابلات تقول : إن إخفاقات غزو العراق كانت نتيجة مباشرة للطريقة التي تقرر بها الغزو في المقام الأول ، إذ لا يمكن الفصل بين الاثنين كما لو كان احدهما نتيجة قرار والآخر نتيجة مجموعة مختلفة من الافتراضات التي عبر عنها البعض من السياسيين والمفكرين الأمريكيين والتي خلاصتها : إن الولايات المتحدة ذهبت إلى الحرب وتبعتها بريطانيا استنادا إلى اعتقاد بان تغيير النظام في العراق قد يُمكن استخدامه كنموذج في إعادة تشكيل منطقة الشرق الأوسط  بأسرها .
ان السياسة بحاجة الى زمن لمعرفة حقيقة نواياها ودوافعها الايجابيةوالسلبية كما وان نتائجها المتاتية من تطبيقها واستخداماتها للاساليب ستكون مقياسا للقبول بها او رفضها والذى ينظر لما حل به بعد احتلاله يدرك كيف اوصلوا دهات السياسة الامريكية نماذج من افكارهم تحقيقا للحرية والديمقراطية

 

أطفال الگاردينيا

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

1245 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع