""بغداد العاصمة ، نشأتها، الامناء الذين تولوا مسؤوليتها حتى عام ٢٠٠٣""
تدل الدلائل الاثرية الى استيطان بغداد من قبل مجموعات عدة من البشر، بغداد التي ورد اسمها في اكثر من وثيقة بابلية يعود تاريخها الى عصر الملك البابلي حمورابي بحدود العام 1700 قبل الميلاد حيث ورد اسم بغداد بالكتابة المسمارية بصيغتين هما: "بكدادو ، بكدادا" ويكتبان بالمقاطع المسمارية "باك – دا – دو) و "باك – دادا" مسبوقة بالعلامة الدالة على المدن اي الكلمة البابلية " الو"، كما ذكرت بعض المصادر ان بغداد فى السابق كانت فيها قرية صغيرة بها سوق تجارية منذ الكيشين ، ويذكر أن هذا السوق كانت مشهورة لدرجة أن تجار الصين اعتادوا قصدها حاملين معهم البضائع الصينية ليجنوا من بيعها ربحا كبيرا، وهي قريبة من زقوره عكركوف من المواقع الاثريه المهمه التي شيدت قبل 15 قرن قبل الميلاد تقع على بعد 15 كم غرب بغداد في ابو غريب وهي من المعالم الحضاريه الشاخصه ليومنا هذا فكانت هذة المنطقه تمثل عاصمة امبراطورية الكيشين التي حكمت العالم اربع قرون ونصف، اصل كلمة بغداد، فإن التفسيرات لأصل كلمة بغداد، اختلف عليها المؤرخون، فالدكتور مصطفى جواد فى كتابه "دليل بغداد" يذكر أن أصل التسمية للمدينة ربما يعود إلى البابلية وهى "بعل جاد" بمعنى معسكر الآلهة "بعل" بينما يرى البعض الآخر بأن كلمة بغداد يرجع أصلها إلى اللغة الكلدانية وهى مأخوذة من كلمة "بلداد" وهو اسم آلهة كلدانية، ومنهم من زعم أن أصل الكلمة فارسى يقصد بها "بغ داد" أى بستان الرجل،.
اختار أبو جعفر المنصور موقع بغداد على رقعة مرتفعة من الأرض على الجانب الغربي من نهر دجلة عند مصب نهر الرفيل فيه، ويُقال إنه بعد أن عبر الخليفة المنصور نهر دجلة للبحث عن مكان مناسب لعاصمته الجديدة، نصحه بعض الكهنة السنطورين عاشوا قبل المسلمين في تلك المنطقة بمكان مناخه ملائم للبناء، وكانت تحيط بهذا الموقع قرى مأهولة السكان مزدهرة أهمها: بغداد البالية القديمة، وسونيا الآرامية، والخطابية، وشرفانية، وبناورا، وورثاه، وبراثا، وقطغتا، والوردانية، وكان هناك جسر على دجلة، ودير لنصارى، وكانت الأرض التي تحيطها سهلة زراعية تسقيها مياه ترع تتفرع من نهر الرفيل الواسع الذي يأخذ من نهر الفرات ويبعد عن بغداد نحو 30 كيلومترا، ومن نهر الدجيل الذي يأخذ مياهه من دجلة في شماليها. وهذه الأراضي المزروعة كانت واسعة تنتج محاصيل زراعية وافرة، ويقابلها في شرقي دجلة أراض منبسطة أيضاً تروي مزارعها أنهار وترع عدة، بغداد المدينة المدورة ودار السلام والزوراء جعل الخليفة المنصور منها عاصمة له، وسوف تظل عاصمة العراق حتى يومنا هذا، وبالتالي، فالرجل له أهميته الكبرى في تاريخ الإسلام، وقد لقبها بمدينة السلام، وجعل منها ليس فقط عاصمة سياسية وإدارية للإمبراطورية العربية - الإسلامية، إنما أيضاً عاصمة الشعراء والفنانين، بل وأصبحت وللمرة الأولى في تاريخ الإسلام، مدينة العلم والعلماء والفلاسفة ورجال القانون والمخترعين وباقي المبدعين، والواقع أن الشيء الذي ساهم في عظمة الخلافة العباسية هو تشجيع المنصور والرشيد والمأمون لحركة الترجمة ونقل المعرفة من اللغات الأخرى إلى اللغة العربية، ومعلوم أن العلم الإغريقي ترجم في تلك الفترة، وكذلك الفلسفة الإغريقية، بالإضافة إلى علم الفرس والهند وبقية الأقوام، كان تشيد بغداد إنجازًا فريدًا في تاريخ التصميم الحضري، ناهيك بأنها صارت بعد فترة وجيزة معلمًا للحضارة والبوصلة الثقافية للعالم.
كانت مدينة بغداد مدورة تصميمها مستوحًى من سوابق العمارة المدينية التي عرفتها حضارة بلاد ما بين النهرين قبل الإسلام، وكانت الدوائر المتقَنة إجلالًا للدراسات الهندسية لعالِم الرياضيات اليوناني «إقليدس»، التي درسها الخليفة وأُعجب بها
بعد ذلك، تجول الخليفة في مخططه الدائري وأعطى موافقته على التصميم، يقول المؤرخون: «خُططت المدينة، ورُسِم التخطيطُ بالرماد؛ ووضعت كراتٌ من القطن منقوعة في سائل نفطي على الدوائر المصنوعة من الرماد واضرام النار فيها، فتركت آثاراً، ثم بدأوا حفر أساس المدينة مكان هذه الآثار، وأشرف خمسةُ مهندسين على التصميم، وكان الإمام أبو حنيفة رضي الله عنه يقومُ بعدِ "الطوب" اللبن والآجر، ويقيسه بمسطرة مدرجة اخترعها لهذا الغرض لاختصار عملية العدِّ، كما كان رضى الله عنه واحداً من أربعة مشرفين شاركوا في البناء، وجعل المهندسون البناؤون عرضَ السور من أساسه خمسين ذراعاً (الذراع تساوي 51.8 سم)، ومن أعلاه عشرين ذراعاً. وخصصوا ثلثَ مساحة المدينة للميادين والحدائق والملاعب. وقد ابتدأ البناءُ عام 145هـ، وفي عام 146هـ نقلوا إليها بيت المال والديوان، وفي عام سبع وأربعين ومئة، تم البناء، واشتهرت بأنها <<مدينة مدورة>>، وتذكر المصادر التاريخية أيضاً أن محيط بغداد (المدور) بلغ 16 ألف ذراع، وبلغ قطرها 5093 ذراعاً، وأن سورها كان عليه 113 برجاً، ويحيط به من الخارج خندق عميق بعرض 11 ذراعاً، وأُجري فيه الماءُ من قناة كانت تخرج من نهر يسمى <<الكرخا>>،و ساحة واسعة، ورسم في داخلها شوارع ودروب عديدة مستقيمة تمتد من السور الى ساحة في وسط المدينة، زينت الشوارع التي توصل إلى وسط بغداد بالممرات المقنطَرة التي ضمت المتاجر والأسواق، وتفرعت منها ممرات تؤدي إلى الساحات والمنازل.
أضحت حاضرة الخلافة العباسية، وباتت <<قلب الدنيا>> كما وصفها كثر من الرحالة والمؤرخين، وقد حظيت المدينة باهتمام عدد من كبار قدماء المؤرخين ومنهم: الطبري في كتابه <<تاريخ الأمم والملوك>>، والمسعودي في كتابه <<مروج الذهب>>، وابن مسكويه في كتابِه <<تجارب الأمم>>، وابن الجوزي في كتابِه <<المنتظم في تاريخ الملوك والأمم>>، واليعقوبي في كتابِه <<البلدان>>، والخطيب البغدادي في كتابِه <<تاريخ بغداد>>، وابن الطقطقي في كتابه <<الفخري في الآداب السلطانية والدول الإسلامية>>، و أبدى الجاحظ إعجابه بالمدينة وهندستها المعمارية الدائرية، قائلًا إنه شاهد مدنًا عظيمة في بقاع العالم المختلفة، لكنه لم يرَ مدينة بهذا الارتفاع وهذه الدوائر المتقنة وهذه الخصائص الفائقة: <<إنها بالفعل مدينة الخليفة أبو جعفر المنصور>>.
رسم اليعقوبي (ت: 278هـ/ 891م) في كتابه <<البلدان>>؛ الملامحَ العامة لعمران بغداد ومشهدها البصري العام. ونبَّه إلى أن أهمَّ ملامحها هو: أنها «مدينةٌ مستديرةٌ»، أشارَ اليعقوبي إلى إنشاء بغداد وسط ساحة شاسعة خالية من أي بناء، وبعد أن أشادَ بها، أورد بيانات تصف مكوناتها العمرانية الأولى، ومما جاء في وصفه: أن المنصورَ <<شيد قصراً تعلوه قبةٌ خضراء هائلة، وإلى جانبه الجامع الكبير>>، وذكر أيضاً أن المنازلَ المخصصة لاستقبال نخبة موظفي الدولة والكبار من قادة العسكر؛ توزعت حول القصر في شكل منتظم، وتتخللها بساتين ورياض تحوي على أصناف نادرة ومتنوعة من الأشجار والأزهار ونباتات الزينة والطيور، وقد تضمنت هذه النواة أربعة شوارع لكل منها باب: باب البصرة، وباب الكوفة، وباب خراسان، وباب الشام، وكان من شأن هذه الأبنية أن تثيرَ البهجةَ، وتدعو إلى الهيبة والاحترام في نفوس المقبلين والناظرين إليها من ظاهر المدينة، يقول فرانسوا ميشو في دراسته عن بغداد في العصر العباسي: <<إنها غدت عاصمة عالمية متعددة الطوائف>>، وأن التصورات التي ذكرَها الخطيبُ البغدادي <<ارتقت ببغدادَ إلى مصاف مدينة فريدة تحيا في قلب الدنيا، وتجمع بين ميزات جميعِ المدن الأخرى وثروات، وهي أقرب إلى الرمزية منها إلى الحقيقة، بخاصة بعد تراجع السلطة الخليفية... مع ذلك، فهي تصورات قوية، ولا تزال ماثلة حتى اليوم، في خيال العرب؛ لأنها تُعبر عن توقٍ لماضٍ عظيم، وترمز إلى حلم بأمة مسلمة موحدة>>.
بنيت الحمامات بطلب من المنصور، ذكر المؤرخ العراقي الراحل الدكتور عبدالعزيز الدوري أن عددَ حمامات بغداد في ذلك العصر بلغ 1500 حمامٍ "ألفاً وخمسمئة حمام" في نهاية القرن الرابع الهجري/ العاشر الميلادي، وأعجب ابن بطوطة بحمامات بغداد فقال:"حتى يظن الرائي أن القار التي تطلى به رخاما أسود"، و يكون لكل زبون في الحماء حوض يصب فيه انبوبان للماء البارد وآخر للحار، وكانت الحمامات تزين بالصور وتزدحم أيام الجمع وكان العيارون يأوون إليها وينامون فيها، و لاقى دخول المرأة الحمام في أيام خاصة بها التشجيع وكانت المرأة تتفنن في تبرجها في الحمام، هذا العدد الكبير من الحمامات ودورها الكبير في النظافة البدنية، وفي الصحة العامة لسكان بغداد، وأيضاً في نظافة بيئتها الداخلية.
وتميزت بغداد بجسورها الجميلة على دجلة، وقد وصلنا وصف شعري لأحد الجسور يشير إلى أنه كان من منتزهات بغداد لجمال رونقه والتفنن في تصاميمه وكانت الجسور تقام فوق عوامات وتمتاز بإتقان الترآيب لتوفير معامل الأمن المطلوب، وذكر الخطيب أنه كان لبغداد في زمان سابق له جسران أحدهما للرواح والآخر للمجيء. وقد تفاوت عدد الجسور تبعاً للظروف التي كانت المدينة تمر بها فوصلت مرة إلى الستة ونزلت في غيرها إلى واحد، ولعبت دجلة شوطاً عظيماً كمضمار للنشاط الاقتصادي والسياحي، وتـفنن البغادة في دق السفن والقوارب بأحجام وأشكال مختلفة عرفنا منها:
الطيارات، السُميريات الزلآلات، الشباّرات، الحراقات، والشذاة وغيرها، وكانت مراكب النزهة تصمم على شكل حيوانات وتحتوي على مقاصير وقباب من خشب الساج، وكانت ضفاف دجلة على الجانبين مكسوة بالمراطم التي عرفت حينذاك بإسمين: المسنيات، جمع مسنّاة، والجوارق، جمع جورق والأخيرة من التركية.
احتلت بغداد التي كانت ذات المكانة العظيمة واهم مراكز العلم على تنوعه في العالم، الامل والرقي والتي طالما تغنى لمجدها الشعراء بعد خمسة مائة عام من حكم العباسيبن، على يد غازيها هولاكو، مما شكل بداية النهاية لحضارة الإسلام التي إستعصمتها في أكثر أحقابها إزدهاراً وسرعان ما فقدت المدينة معالم عمرها الحضاري، واتوا على كل ما فيها، فخربوا المساجد بقصد الحصول على قبابها الذهبية، وهدموا القصور بعد أن سلبوا ما بها من تحف نادرة وأباحوا القتل والنهب وسفك الدماء، حيث دمّروا الكثير من المعالم العُمرانية من مساجد وقصور وحدائق ومدارس ومستشفيات. ومن نجا من الأهالي من المذبحة أُصيب بالأمراض والأدواء التي انتشرت في الجو نتيجة كثرة القتلى، ودمروا مكتبة بغداد، وهي أعظم مكتبة في الأرض، حمل التتار الكتب الثمينة، ملايين الكتب القيمة، حسب ما جاء في كتاب "المغول بين الانتشار والانكسار"، للمؤلف على محمد الصلابى، وألقوا بها جميعًا فى نهر دجلة، وألقى المغول بمجهود القرون الماضية في نهر دجلة، وتحول لون المياه إلى اللون الأسود من أثر مداد الكتب، وبعد أن فرغ المغول من تدمير مكتبة بغداد انتقلوا إلى الديار الجميلة، وإلى المباني الأنيقة فتناولوا جلها بالتدمير والحرق، وسرقوا المحتويات الثمينة فيها، أما ما عجزوا عن حملة من المسروقات فقد احرقوه، كذلك حتى تحولت معظم ديار المدينة إلى ركام، وإلى خراب تتصاعد منه ألسنة النار والدخان، فلم يبق منها غير الذكريات التي حفظتها ألف ليلة وليلة، وكتب المقريزي في خططه الذائعة الصيت، معبراً عن ألمه مما حل بعاصمة الخلافة، ومشيراً إلى أنها كادت تفقد صفة <<المدينة>> نظراً إلى ما حل بها من الخراب وما كساها من القبح، ومما جاء في وصفه قوله: <<بغداد مخربة>>؛ غابت عنها الأسواقُ والجوامع، وغاب عنها المؤمنون والمؤذنونَ، وجفَّ فيها معظم أشجار النخيل، وانسد معظمُ القنوات، وأنه يصعب تسميتها مدينة.
سيطر الصفويون على مدينة بغداد في عام 1509 بقيادة الشاه إسماعيل الصفوي، فإرتكبت مجزرة جماعية راح ضحيتها الآلاف من الرجال و النساء و الأطفال أعقب ذلك تخريب عام للبيوت و الممتلكات و تدنيس المقدسات والمساجد، حيث هدم مرقد أبي حنيفة، ومشهد عبدالقادر الجيلاني، وبقيت تحت حكم الصفويين حتى انتزعها العثمانيون من يد الصفويين عام 1535، ولكن ما لبث الصفويون أن عادوا ليسيطروا عليها عام 1624م، وحدثت فيها مذبحة عند دخول جيش الشاه، وبقت تحت الحكم الصفوي حتى عام 1639م، حيث دخلها السلطان العثماني مراد الرابع عام 1638م، وعادت سيادة العثمانيين على العراق على ما كانت عليه من قبل.
لم يتحسن وضع بغداد العمراني وتنشيط الحياة في بغداد، حتى استحداث الوالي مدحت باشا ادارة بلدية بغداد سنة 1869 كانت تقع في جانب الرصافة ونظرا لسعة بغداد ووقوعها على جانبي نهر دجلة، استحدث في سنة 1878 بلدية اخرى في جانب الرصافة وبلدية ثالثة في جانب الكرخ، ادمجت هذه البلديات في بلدية واحة سنة 1907، ابتدأ الوالي مدحت باشا اولى الخدمات، اذ اضطلع بها الجهاز البلدي بافتتاح الطرق والشوارع، و لقيت البلدية في عهده دعماً واسع النطاق، فقد وجه اهتمامه الى الشوارع الداخلية للمدن الرئيسية وعلى وجه الخصوص بغداد التي كانت شوارعها غير مبلطة، علاوة على كونها مركزاً لتجمع المياه والبرك في فصل الشتاء، فبدأ باستخدام مادة "الزفت" في اكساء الشوارع بهدف تسهيل عملية النقل، وقد تأسست بلدية المدينة في عام 1868، كما تم تعيين إبراهيم الدفتري أول رئيس بلدية لها، وتمثل سنة 1869 أهمية كبيرة في تاريخ بغداد في العصر العثماني، حيث بدأ فيها ما يمكن اعتباره عهدًا متميزًا من عهود العثمانيين، وضع أسسه الوالي مدحت باشا بتطبيقه لعدد من الأنظمة والقوانين الإصلاحية التي شرعتها الدولة خلال عهد الإصلاحات، وإعادة البناء الذي أطلق عليه عهد التنظيمات، وكان من مجمل أهمية بغداد للعثمانيين، أن جعلوا مقر الفيلقِ السادس في الجيش العثماني في المدينة، ومنذ سنة 1898م، قامت بلدية بغداد بحملة واسعة هدفت منها اصلاح شوارع بغداد وازقتها،
ففي منطقة الكرخ تم افتتاح الشارع الواصل بين جسر الشهداء حالياً والكاظمية (شارع المامون)، الذي استخدم من قبل الترامواي، قامت بلدية بغداد الاولى سنة 1878م بتنوير معظم المناطق التي تقع ضمن حدودها بالفوانيس، كما افتتح في عهد والي بغداد ناظم باشا الشارع المعروف حالياً بشارع النهر،
وفي سنة 1916 وتحديداً ابان ولاية خليل باشا (1916 ـ 1917) ابتدأ العمل بانشاء ما عرف "بجادة خليل باشا"، وكان رؤساء بلدية بغداد حتى سنة 1916 حيث دخل الإنجليز بغداد بعد سنة من هذا التاريخ هم:
ابراهيم أفندي الدفتري، وعبد الرزاق الشيخ قادر، وعبد الرحمن افندي الحيدري، وسعيد محمد أمين الكهيه، واسماعيل أفندي، ومصطفى أفندي الجميل ، ومحمود افندي التكريتي، وسليمان افندي الزئبق، وعبد اللطيف بك، وثابت افندي الآلوسي، ومصطفى أفندي الجميل، ورفعت أفندي الچادرچي، وعبد الرحمن أفندي الحيدري، وعزت الفارسي، ورفعت بيگ الچادرچي، ومحمد رؤوف أفندي الچادرچي، حتى نهاية الحكم العثماني.
بعد الاحتلال البريطاني لبغداد عام 1917 انتقلت الإدارة المدنية إلى القوات البريطانية بقيادة الجنرال ستانلي مود، وانتقل مر كز الإدارة المدنية من البصرة إلى بغداد بقيادة برسي كوكس، وعملت القوات البريطانية في 4/نيسان/ 1917 على تأسيس بلدية بغداد، ووضع الجنرال مود الحاكم العسكري العام العميد هوكريساعده نائب الحاكم العسكري شرق بغداد (الرصافة) الميجر كوردن، ونائب الحاكم العسكري غرب بغداد (الكرخ) الميجر أولفير، أما بلدية الكاظمية فقد تولاها النقيب المارشال نفسه، وفي هذا الوقت وصل بغداد من حلب ناجي أفندي السويدي الذي عرض عليه المنصب، فباشر عمله في الثالث من تموز عام 1918، وبناء على طلب الحاكم العسكري تم تعيين لجنة تتألف من ممثلين أثنين بريطانيين وتسعة وجهاء من المدينة من المسلمين واليهود والمسيحيين للمصادقة على خطة انتخاب (مجلس بلدي) من قبل هيئات انتخابية متعددة، وقد اشترط أن يكون الناخبون من الملاكين الذي يدفعون ضريبة لا تقل عن (40) روبية سنوياً ولا يقل عمرهم عن واحد وعشرين سنة.
بعد تأسيس الدولة الملكية عام 1921، وعودة الضباط والموظفين إلى العراق استعانت بهم سلطات الاحتلال البريطاني، لإدارة البلدية فضلاً عن التوسع في الحاجة للخدمات بعد الاحتلال، فكان لابد من الاهتمام بالعاصمة "بغداد"، تلك المدينة العريقة بتاريخها وحضارتها، أصبحت واجبات البلدية تجمع بين الأعمال الإدارية وبين الواجبات التي نص عليها في قانون بلديات الولايات العثمانية، ولذا فقد ترتب تغيير العنوان فسميت (محافظة بغداد) وكان المحافظ يقوم بأعمال المتصرف وأعمال رئيس البلدية وخلال عام 1919 تم تعيين عبد المجيد بك الشاوي متصرفاً ورئيساً لمجلسها البلدي، ثم تلاه في هذا المنصب رشيد الخوجة وتوفيق الخالدي وفؤاد الدفتري حفيد إبراهيم الدفتري ووالد محمود صبحي الدفتري، ويبدو أن وجود ثلاث بلديات لبغداد مع ارتباطها بمتصرفية بغداد وهي الكرخ والرصافة والكاظمية، قد أدى إلى حدوث ارباك في عمل هذه البلديات الثلاث، فضلاً عن خضوع نشاط هذه البلديات الثلاث إلى متصرفية لواء بغداد، تلك المديرية ذات المسؤوليات والخدمات الكثيرة مما أعاق أعمالها وتطويرها وعدم وجود ميزانية كافية لها وإزاء هذه الأوضاع ارتأت وزارة الداخلية أن تجمع هذه الدوائر الثلاث في مؤسسة واحدة تدعى أمانة العاصمة، حتى يتم الإشراف والتنسيق بين هذه الدوائر الثلاث تحت أشراف هذه المؤسسة، بعد تأسيس الدولة العراقية عام 1921 تقرر الغاء اسم البلدية وحل محلها اسم امانة العاصمة وامين العاصمة، كان ذلك من ضمن جملة التغييرات التي رافقت مجيء الحكم الوطني، الا ان امانة العاصمة كمؤسسة ذات نظام وقانون لم تقم الا في بداية عام 1923 عندما صدر قانون ادارة البلديات رقم 84 الذي نص رسميا على تبديل اسم بلدية بغداد بامانة العاصمة ورئيس البلدية باسم امين العاصمة، منصب امين العاصمة من الوظائف الخطيرة في الدولة العراقية، لا لانها من اكبر مؤسسات الدولة واكثرها تعقيداً، وتتميز عن مؤسسات الدولة الاخرى انها تتعامل مع مدينة كبيرة هي عاصمة الدولة، لهم حقوق وواجبات، الواجبات لايعرفها اغلب المواطنين في المدينة، والحقوق فالجميع يطالب بها، صدرت الارادة الملكية بتعيين اول امين للعاصمة.
عند تأسيس أمانة العاصمة، كانت مهمتها الأساسية تقديم الخدمات للمواطنين الساكنين في العاصمة بصورة مرضية، خاصة الاعتناء بالنظافة مثل رفع النفايات والتخلص من المخلفات لمنع حدوث اضرار صحية، وكذلك تنظيم الشوارع والأزقة بشكل منسق يعطي صورة جميلة للعاصمة. والأمانة مسؤولة عن توفير سبل الراحة للمواطنين بتحسين ضخ المياه الصحية للمناطق السكنية، وتحسين إنارة الشوارع العامة والميادين، وإيصال جزء من الكهرباء إلى المنازل بأسعار مناسبة
وأصبحت الأمانة ذات أهمية لكونها تتصف بالديمومة والشمولية بقيامها بالمسؤوليات التي أنيطت بها لتحسين وضعية العاصمة وأولى الخدمات التي اهتمت بإنجازها للمواطنين.
تغيرت تسمية بلدية بغداد الى امانة العاصمة سنة 1931 وكانت ترتبط بوزارة الداخلية ، وفي سنة 1959 بعد ثورة 14 تموز تم ربط امانة بغداد بوزارة البلديات، وفي سنة 1970 الحقت بديوان رئاسة الجمهورية واعتبار امين العاصمة بدرجة وزير، ثم الحقت عام 1979 بمجلس الوزراء مباشرة، وفي الثمانينات اتخذت هذه المؤوسسة العريقة اسم امانة بغداد، تقديرا لدورها البناء في اعادة امجاد مكانة ماضيها المشرق.
وتوالى على امانة العاصمة بغداد 30 أميناً منذ 1923 على زمن صبيح نشأت وحتى عدنان عبد حمد 2003:
صبيح نشأت: 1923-1924، صدرت الارادة الملكية بتعيين اول امين للعاصمة، وهو صبيح شوكت، بناء على ترشيح وزارة الداخلية، وبعد تعيينه مباشرة اصدر أمراً يتضمن التطعيم الاجباري ضد مرض الهيضة، ويعد أول من ألبس موظفي الأمانة زياً موحداً، حتى أنه وضع شعار الأمانة، وقد تم استحداث منصب معاون أمين العاصمة في جانب الرصافة شغله السيد علي البزركان ومعاون ثانٍ في الكرخ شغله خليل أفندي، وبقى في منصبه لمدة تقارب السنتين.
رشيد الخوجه: 1924-1925، وضع مشروع تنوير المدينة موضع التنفيذ، اذ قام "ابو عليوي" وهو اول متعهد لانارة بغداد وادامتها، حيث تقدم بطلب الى رشيد الخوجه للقيام بهذا العمل ولما لم يتقدم احد غيره لهذه المقاولة فقد رست عليه على ان تكون اجرة تنوير وتنظيف وصيانة الفانوس الواحد روبية واحدة في الشهر، وقد كلفت الامانة بعض التنكجية (السمكرية) لعمل هذه الفوانيس وتم اختيار سبعة محال في منطقة الكرخ لانارتها بالفوانيس وهي: الفحامة، المشاهدة، الشيخ علي، الجعيفر، الشيخ بشار، الشيخ صندل وجامع عطا.
نشأت السنوي: 1925-1930، حدث في مدة وجوده تغيرات كثيرة، ومن هذه التغيرات في جهاز الأمانة، وتحسين خدماتها، واستحدث منصب معاون أمين العاصمة، بالإضافة إلى إنشاء بناية الأمانة، وكانت تضم دوائر الأمانة كافة الصحة وفرق الإطفاء والهندسة، بدأ بعد منتصف العشرينيات مشروع تبليط شارع الرشيد، وبدأ التبليط بالتعديل أولا، ثم فرش الرمل والحصو الناعم ثم المشبك الحديدي "بي ار سي" ثم التبليط باليد وبالشيبك الخشبي المدهون بالنفط الأسود كي لا يلتصق بالجير واستمر التبليط شهورا طويلة وكان من ضحايا التبليط امين العاصمة نفسه حيث نقل من منصبه إلى محل اخر وما ان انتهى التبليط حت أصبح شارع الرشيد المتنزه الأمثل لأهالي بغداد وخصوصا سكان الكرخ والسعيد منهم من يحصل وقت العصر على محل خال في تخت أحد المقاهي المشرفة على الشارع ليتفرج على الرائحين والغادين من الناس، كان شارع السعدون يسمى بـ "شارع البتاوين" وقد ظهر للوجود كممر ترابي يخترق البساتين وكذلك يمر بالأراضي المنخفضة، وقد أصبح له وجود أكثر مع دخول الانجليز إلى العراق بداية القرن العشرين حيث استخدم لمرور العربات التي تجرها الخيول، كما قام "نشات السنوي" بتحديث هذا الممر بالشكل الذي ينسجم والعصر الجديد بعد مجيء السيارات إلى العراق سنة 1924.
محمود صبحي الدفتري: 1930-1931: عمل كمشاور قانوني لأمين العاصمة، صبيح نشأت اول أمين عاصمة ، بعدها رشح عام 1930 ليكون أميناً للعاصمة، ثم عزل، وأعيد عام 1933، أبرز حدث حصل في مدة شغله منصب أمين العاصمة هو الإضراب العام الذي حدث بعد صدور مرسوم قانون البلديات عام 1931، وتم الاستغناء عن الدفتري وتعيين فائق شاكر بدله في 24/تشرين الأول،1931، اقام الدفتري اهم مجلس بغدادي في شارع الرشيد في منطقة الحيدر خانه حيث جمع فيه بين اللدودين معروف الرصافي وجميل صدقي الزهاوي وأقام حفلة في بيته جمعهما فيها، وطلب منهما ألا يتخاصما إلا انه كان هناك بعض الوشاة من بينهم الشاعر المعروف أحمد حامد الصراف الذي أعاد بينهما المشاكل بشكل مستمر.
أما بعد انقلاب بكر صدقي أعاد حكمت سليمان أرشد العمري إلى الأمانة فعين في 10 تشرين الثاني 1936 أميناً للعاصمة.
أرشد العمري 1931- 1932: أسهم في إنشاء إسالة الماء لمدينة الموصل عام 1922، ومن ثم إنارتها لأول مرة بالتيار الكهربائي عام 1923، صار اسمه -بعد انتقاله إلى بغداد- مقرونا بأبرز المعالم الحديثة في العاصمة العراقية من شوارع وحدائق ثم مشروعات الري الكبرى في البلاد من خلال عمله وزيرا ثم رئيسا للوزراء في الحكم الملكي، حين فتح شارع غازي ذلك أن أمين العاصمة ارشد العمري (وذلك في الثلاثينيات من هذا القرن) قرر ان يكون شارع غازي واسعا من ساحة قنبر علي حتى ساحة الصدرية أما الجانبان الآخران فقد بقيا ضيقين بينما أصر المهندسون الذين استخدموا لهذا الغرض ان يكون الشارع عريضا ذا ممرين من بدايته حتى نهايته تحسبا للمستقبل واصر امين العاصمة على رأيه وقال في مؤتمر صحفي ان اهالي بغداد صاروا طماعين يريدون ان يقبضوا عن عقاراتهم المستهلكة مبالغ قد تصل إلى مئة الف دينار لكل طرف من الشارع وهو مبلغ باهظ لست مستعدا لأدائه، وكان عنيدا بطبيعته واستقال المهندس احتجاجا على هذا العناد الذي لا لزوم له وبرهنوا له انه سوف ماتقبضه الامانة من بيع املاكها على الرصيف يسدد مبالغ الاستملاك واكثر وترك المهندسون العراق كما تركوا عنق الزجاجة في نهاية الشارع حتى اليوم اما الباصات فلم تبدأ عملها الا في نهاية العشرينيات وقد بدات بالباصات الكبيرة التي عملت في بغداد.
حديقة الملك غازي في الخمسينيات ، افتتحها الملك غازي عام 1937 وسميت باسمه في حينها. وحاليا تسمى بحديقة الأمة في الباب الشرقي
في المرة الثانية 12/تشرين الثاني/1936 – 4/حزيران/1944 كان نشيطا ويعود له الفضل في تبليط شارع ابي نواس وانشاء متنزه "حديقة الأمة" في منطقة الباب الشرقي، وتنظيم منطقة الجادرية، وفتح شارع غازي و شق شارع الملكة عالية "شارع الجمهورية"، وتشييد قاعة الملك فيصل، كما أشرف على تشييد القصر الأبيض كدار للضيافة، كذلك تشييد وبناء ـــقاعة أمانة العـــاصمة ودار الأوبـــرا، ومن أهم أعماله إنشاء بارك السعدون الذي نفذ بين عامي 1939-1941، ومما يؤخذ على أرشد العمري عدم اهتمامه بالآثار العراقية، فقام بهدم باب بغداد القديمة "باب كلواذا" وهي احد الابواب الاربعة لمدينة بغداد العباسية، ذكر العلامة أمين أن هذه المنطقة التي تقع فيها الحديقة اليوم كان يطلق عليها في العصر العباسي اسم محلة "باب الازج" وهو ممر نفقي كان يستخدمه الخليفة آنذاك للذهاب من قصره إلى جامع الخلفاء لغرض الصلاة في الأعياد وأيام الجمعة يوم كان لبغداد أربعة أبواب، وجعله متنزهاً "حديقة الأمة" في منطقة الباب الشرقي، وهدم بعض الدور التراثية في الكاظمية وشارع الرشيد، وهدم جزء من ساحة جدار جامع مرجان، وبذلك تم تهديم بعض من آثار بغداد القديمة، مما ادى الى استياء لرجال الاثار، ووجهت اليه الانتقادات، وخرجت المظاهرات تهتف ضده.
كتبتْ بعض المواقع، ان السيدة سعاد العمري تسلمتْ في الخمسينات من القرن الماضي منصب "أمين العاصمة" لكن هو غير صحيح.
حسام الدين جمعة 1944 الى 1946 وخلال عهده تم بناء مدينة (بغداد الجديدة).
الدكتور فائق شاكر عام 1946-1948: في عهده تم بناء مسبح الأمانة وهو مسبح عصري حسن الهندسة وجميل البناء في منطقة الكرادة الشرقية على شاطئ نهر دجلة ، وشيدت على مقربة منه (كازينو) عصرية وأحاطها بحدائق جميلة تمتد على ضفاف دجلة أطلق عليها اسم (أمباسي). اهتم الدكتور فائق شاكر بالأعمال العمرانية خلال مدة شغله المنصب ، ومن أهم الأعمال تبليط الشوارع وأهمها شارع المهدي في الكرادة وقد خصص له 1100 دينار ، وشارع بني سعيد وخصص له 1500 دينار وشارع زيد بن ثابت وخصص له 1350 ديناراً عراقياً ، وشبكة من الشوارع في باب الشيخ وخصص له 150 ديناراً عراقياً وشارع عمودي متصل بشارع أبي نؤاس خصص له ثلاث ألف دينار ، وتم تبليط الشوارع في بغداد على طراز عصري مدت المجاري تحت الأرض وتم انسياب مياه الأمطار إلى فتحات تصريف المياه المرتبطة بالمجاري وقامت الأمانة في عهده أيضاً بتسيج 34 عرصة وردم المستنقعات ، في عهده تم بناء مسبح الأمانة على شاطئ النهر، وقد شيدت على مقربة منه (كازينو) أطلق عليها اسم (أمباسي) واهتم بالأعمال العمرانية ومنها تبليط الشوارع وأهمها شارع المهدي في الكرادة وشارع بني سعيد وشارع زيد بن ثابت، وشبكة من الشوارع في باب الشيخ ومدت المجاري تحت الأرض، كان الطبيب فائق من ظرفاء بغداد، ننقل احدى من الطرائف عنه " عندما التحق الدكتور فائق امين للعاصمة وجد في ديوانه الرسمي التقرير الاول في اليوم الأول من دوامه ارسله الطبيب البيطري لأمانة العاصمة إلى أمين العاصمة وهو كما يلي:
سعادة أمين العاصمة المحترم.
الموضوع : التقرير اليومي للحيوانات التابعة لأمانة العاصمة والتي تستخدم في نقل الزبال والأوساخ وجر عربات الكير إلخ ، مساء البارحة وبعد غروب الشمس بقليل قام البغل الأسود رقم (73) بممازحة رفيقه الحمار الأبيض رقم (201) المربوط بجانبه بالإسطبل الواقع بالنزيزة مال الشيخ عمر، وقد أدى هذا الشقة على غير العادة كل يوم إلى العراك أمام زملاء البغل والحمار وأسفر ( مع الأسف الشديد ) عن فشخ الحمار بكوكة رأسه نتيجة ضربة زواج رداف قوية ومعاندة البغل مما دفع زميله الحمار إلى أن يخرج عن جادة الصواب ويملخ البغل بعضة قوية شلعت وصلة من كتفه الأيمن. وعند قيام النوبجي السايس رقم (11) جبار الأعور بالمفازعة امام أنظار بقية الحيوانات أتته ضربة تياه غير مقصودة في بطنه وانطرح على الفِشقي يتلوى من شدة الألم ،وقد أُدخل المصابون المستشفى البيطري بموجب ورقة الفحص الطبي رقم 93 في 25/9/1946. أما السايس فقد قام بعدها سلامات.
بالتفضل بالإطلاع والأمر بما يلزم وإعلامنا والأمر منوط بسعادتكم.
التوقيع
الطبيب البيطري
وعلق الدكتور أمين العاصمة على التقرير بما يلي:
1. الحمد لله على سلامة السايس جبار الأعور.
2. يغرم البغل والزمال بقطع العليج عنهما لمدة ثلاثة أيام حتى يتأدبا من الآن فصاعدا ويكونا عبرة لغيرهما من الحيوانات وليفهم كل من تسول له نفسه الخربطة ، إن الحكومة ساهرة وفاكه عينها على الزغيرة والجبيرة ولا يتصورا الدنيه عفترة كلمن بكيفه.
3. يمنع الشقة بين الحيوانات بالشغل وأثناء الراحة منعاً باتاً بأمري. وتعلق قطعة بذلك بالإسطبل.
4 . يربط الطبيب البيطري بين الزمال والبغل حتى إشعار آخر حتى يتأكد الطبيب وهو الأب المسئول عن أبنائه أن البغل والحمار قد صفت قلوبهم وما بقت بيناتهم عداوة تؤدي إلى القتل والمقتول.
5. على مدير الإدارة في أمانة العاصمة أن يكتب إلى معالي وزير الداخلية ليفاتح الجهات المسئولة لنقلي فوراً إلى أي وظيفة ما عدا أمانة العاصمة لأن ما عندي خلك للزمايل والبغال. إحنا ويا الأودام هلـّه هلـّه عاد ويه الحواوين .
الدكتور فائق شاكر
أمين العاصمة
26/9/1946".
الدكتور عبد الهادي الباجه جي: 1949-1948: بقي في المنصب سنة واحدة سار على نهج الأمناء الذين قبله من خلال تبليط الشوارع وخلال توليه المنصب أنجزت أمانة العاصمة 48 مشروعاً من ضمنها تبليط 34 شارعاً وأنشأت مجرى تصريف المياه القذرة في شارع أبي العتاهية، وشيدت أعمدة الكهرباء في شارع الملك غازي.
مظفر أحمد: 1951-1949: ومن المشاريع التي أنجزت خلال عهده تبليط عدة شوارع منها في محلة المهدية وشارع عمر بن عبد العزيز في منطقة الأعظمية، وتفرعات الطرق المؤدية إلى سوق الشورجة، وكذلك شوارع الكرادة، ومن الأعمال الأخرى أيضاً إنشاء مجرى للمياه القذرة يبدأ من محلة باب السفينة في منطقة الأعظمية حتى نهر دجلة. وقام أيضاً بفتح شارع الهادي الذي يوصل شارع الملك غازي (الكفاح حالياً) بشارع الشيخ عمر، وقام بإنشاء مجرى للمياه القذرة والأمطار في جانبي شارع الملك غازي ابتداء من ساحة زبيدة حتى ساحة الفضل.
عبد الله القصاب1951-1953: أهم وأبرز قانون صدر في عهده هو (قانون رفع المواد القذرة) وتأسيس مصلحة تعرف باسم (مصلحة رفع المواد القذرة). وتابع تبليط طرق فرعية عديدة وبناء حدائق جديدة.
فخري الطـبقجلي 1953- 1954: ولعل من أبرز أعماله وضع الحجر الأساس لمدينة فيصل في الشماعية سنة 1953. ولم يدم السيد فخري الطبقجلي سوى سنة كما أنه شغل منصب وزير الداخلية لمدة أربعة أيام عام 1954.
فخري الفخري 1954 إلى 1958: ومن أهم أعماله انجاز شارع الملكة عالية (شارع الجمهورية حالياً) عرضه 40 متراً ومدخله من الباب الشرقي 50متراً، ومن أبرز القوانين التي شرعت في عهده (قانون مصلحة المجاري)، و(قانون مصلحة إسالة الماء لمنطقة بغداد)، وخلال مدة شغله للمنصب تم تشكيل مصلحة كهرباء بغداد، وقد بذل جهوداً كبيرة لوضع تخطيط لمدينة بغداد عام 1956 باستقدام المستشارين البريطانيين (مينوبويو وشبلي وماكفارلين) للقيام بأعداد الدراسة الشاملة من أجل وضع التصاميم.
الزعيم عبد المجيد حسن 1958-1963: خريج الكلية العسكرية سنة 1934 برتبة ملازم ثان، شغل منصب آمر هندسة الفرقة الثانية وآمر فوج الهندسة في الموصل وآمر هندسة القيادة العسكرية العراقية في الحرب العربية - الصهيونية الاولى في فلسطين سنة 1948، كما عمل مديرا للاشغال العسكرية ومديرا للاشغال والهندسة العسكرية في مقر وزارة الدفاع وكان صديقا للزعيم عبد الكريم قاسم لذلك عمد الزعيم بعد نجاح ثورة 14 تموز سنة 1958 في مكانه المناسب وهو منصب أمين العاصمة، حققت أمانة العاصمة في عهده انجازات كبيرة على صعيد العمران والنظافة وتوفير الخدمات للناس وضمان راحتهم من قبيل العناية بالمتنزهات وتصريف المياه ووفتح الشوارع وتبليطها، وانشاء قناة الجيش، وبناء مساكن للضباط في زيونة والاسكان، والشعلة والثورة.
الزعيم المهندس رجب عبد المجيد1963-1963: سياسي وعسكري عراقي أحد أعضاء تنظيم الضباط الوطنيين في العهد الملكي في العراقي وأحد المساهمين الفاعلين في حركة أو ثورة 14 تموز 1958 في العراق والقضاء على الحكم الملكي.
اسماعيل الفياض: 1964-1965، تقلد مناصب عسكرية كثيرة ومنها امين العاصمة.
اللواء اسماعيل مصطفى: 1963-1964، 1965-1965، هو سياسي شغل شغل مناصب وزارية مختلفة خلال فترة ستينات القرن العشرين ، كما شغل منصب امين العاصمة مرتين.
اللواء مدحت الحاج سري: 1966-1968، من المهتمين بتراث بغداد و كان يحضر بإستمرار اجتماعات الجمعية البغدادية والتي يواظب على حضور اجتماعاتها عدد من الاكاديميين وعلماء الاجتماع والمؤرخين العراقيين، ترك بصمات رائعة في مدينة بغداد خلال ترؤسه أمانة العاصمة، وقبلها كان مديرا عاما للسياحة، ومن الاعمال المهمة التي تسجل الى اللواء مدحت الحاج سري انه قام بالتعاون مع مدير العلاقات والاعلام الفنان فخري الزبيدي، وشخصيات اخرى ساعدتهم على تحويل مبنى مطبعة ولاية بغداد التي انشأها الوالي مدحت باشا 1869-1872 الى ما يسمى اليوم المتحف البغدادي سنة 1968.
ابراهيم محمد اسماعيل: 1968-1978، فقد ركز هذا الرجل العسكري المهندس على اهم ما تحتاجه العاصمة من خلال لجان استشارية ومجلس الامانة الذي يضم نخبة من الخبراء والمتخصصين الحقيقيين في تقديم المشورة الحقيقية للقيام بكل ما تتطلبه المدينة من شواهد بلدية وسياحية وخدمية فضلا على لجنة الذوق العام التي تشترك فيها مجموعة من الفنانين والآثاريين والسياحيين يضاف الى هذه الفرق الفنية والثقافية لجنة من كبار اساتذة الجامعات والعلماء والكتاب والصحفيين ورجال المعرفة الذين تستدعيهم الامانة من خارج مؤسستها التي يقع عليها مسؤولية الحفاظ على التراث وخصوصية تاريخ المدينة، في فترة توليه الأمانة انشا متنزه الزوراء بعد ان كان معسكراً للجيش "معسكر الوشاش" كما اهتم بزراعة الساحات والجزرات الوسطية للشوارع بالاشجار والزهور اضافة للاهتمام بنظافة بغداد.
سمير محمد عبد الوهاب:1978-1982، شهدت المدينة طفرة وتحولاً نوعياً في المجال الخدمي والبلدي في الفترة التي كان فيها هو أمين عاصمة، خاصة في منتصف سبعينات وبداية وثمانينات القرن الماضي، وهو ممن أثروا في تطور المدينة بشكل ملحوظ وكبير، كمشروع شارع حيفا وشارع الخلفاء، ومشروع السكن في السيدية وجزيرة بغداد، وتبليط شوارع السكن في الثورة، ومشروع نقل مجاري المياه الى الرستمية للمعالجة، في فترة عمله اقامة امانة العاصمة ندوة دراسية واسعة ومهمة لبحث مواضيع الحفاظ على تراث مدينة بغداد من الابنية التراثية وصيانتها وتطويرها، ودور العبادة القديمة، وبحث خلالها الكثير من البحوث والمقترحات والوصايا المقدمة من باحثين وجهات مختلفة، لقد حضر الندوة عدد كبير من المهندسين في مختلف الاختصاصات، وشرائح مختلفة من ادباء ومؤرخين وآثاريين وعلماء دين واساتذة جامعيين ومسؤولين حكومية، حتى ان رئيس الجمهورية صدام حسين حضر جوانب منها في اليومين الاولين، وأبدى رأيه في الموضوع، يمتلك مقومات الشخصية القيادية ولهذا فقد نجح في المناصب التي استؤزر فيها وهي الصحة والتعليم العالي والداخلية.
عبد الحسين الشيخ علي: 1982-1983، ساهم في تطوير مدينة بغداد وادار مهمته باقتدار نتيجة هروب الشركات نتيجة السنين الاولى من الحرب العراقية الايرانية، التكليف بمهام تطوير بغداد.
عبد الوهاب المفتي: 1984-1986، عمل بنشاط اثناء توليه امانة العاصمة وادارها بقدرة استثنائية، قبلها رئيس المؤسسة العامة للطرق والجسور، بتاريخ 15 كانون الثاني 1986 منحه الرئيس صدام حسين وسام الرافدين تكريما له بقيادة الجهد الهندسي لقص القصب ووضع السدود الترابية في جبهات القتال.
خالد عبد المنعم رشيد: 1986-1992، في عهده استكملت مشاريع الامانة لتطوير بغداد، ومنها مشروع حيفا وادامة وتطوير المناطق التراثية في القشلة والمتنبي ومنطقة الشورجة والخلفاء، وافتتاح مراكز ترفيهية في جزيرة بغداد، كما انه اولى جهدا متميزا في اعادة المقاهي التراثية في بعض مناطق بغداد ومنها في شارع الرشيد، واستجاب لطلب بعض من وجهاء ومثقفي بغداد ومنهم الشيخ جلال الحنفي وعلي الوردي وحسين امين وحسين علي محفوظ والجراح خالد ناجي بتخصيص منتدى او مركز دراسات لمدينة بغداد، فبادرت الامانة بتأسيس المنتدى الثقافي واطلق عليها منتدى بغداد الثقافي واختير له احد البيوت التراثية في الكاظمية، ساهم بشكل فعال بازالة مخلفات الحرب في بداية التسعينات.
ساهم امناء بغداد من عام 1993-2003 بادارة بغداد باقتدار رغم الامكانيات البسيطة نتيجة الحصار الاقتصادي الذي مر به العراق، وفي منتصف عام 2002 بدأ العمل بمشروع استراتيجي لاسالة الماء لمنطقة الرصافة، كما بدأ العمل بتطوير شارع الرشيد، وبعض المناطق الاخرى، واعادة بناء الجسور التي دمرت اثناء الحرب، وانشاء جسر جديد ذو طابقين، والامناء هم:
سهيل محمد صالح: 1992-1993، نزار جمعة القصير: 1993-1993، طاهر محمد الحسون: 1993-1997،
نوري فيصل الشاهر:1997-1998، قاسم عواد جاسم: 1998-1999، عدنان عبد حمد: 1999-2003.
بغداد ايقونة مضيئة في العهد الملكي، ومطرزة بالاناقة في العهد الجمهوري، فهناك رموز ابداعية وفنية ساهمت باعمالها الفنية بتصميم وتنفيذ تماثيل ونصب الشخصيات التأريخية لملوك وحكام وعلماء وشعراء وادباء، تمثل هوية العراق الحضارية والثقافية والفنية والوطنية، لتجميل ساحات واحياء بغداد، ولكي تزيد من الثقافة البصرية للرائي، وتعمق إحساسه بانتمائه إلى بلده وأرضه وحضارته وارثه الجميل، فلا بد من الاشارة الى اسمائهم وهم:
جواد سليم، خالد الرحال، محمد غني حكمت، اسماعيل فتاح الترك، صالح القرغولي ، وعبد الجبار البناء الذي انجز اكثر من 88 قطعة فنية فولوكلورية في المتحف البغدادي.
ولا بد الاشارة بالتقدير والاعجاب لمن خدم بغداد بـإخلاص كبير، وافنى سنوات كثيرة من اجلها، وبذل كل ما بوسعه من اجل ان يطرز اسمه في بناء بغداد كل من العاشقين لها: الخبير والمهندس اللامع المتخصص في التخطيط العمراني هشام المدفعي الذي كان مسؤولا عن تنفيذ الخطط الاسترتيجية لمشاريع الامانة، ومنها الاماكن التراثية، المهندس المعماري رفعت الجادرجي الذي كان له دور كبير في تطوير بغداد، المهندس قحطان عبد الله عوني، المهندس محمد مكية، المهندس معاذ الالوسي، المهندس هشام منير، السيد تقي الحاج عبد البلداوي،
فخري الزبيدي ومساهمته بانشاء المتحف البغدادي وتطوير ابو نؤاس، سعدي الدوري ودوره في تطوير بلدية الاعظمية، طالب العاني، والمقاول سامي علوان العاني...
في نهاية السبعينات اثنى المؤرخ العراقي المعروف عبد الرزاق الحسني على جهود امانة العاصمة، عندما قال : "ان مدينة بغداد مدينة لفضل امانة العاصمة، لان بغداد اصبحت لا تقل عظمة وجلالة عن دمشق وبيروت والقاهرة والقدس والرباط".
لكن لا احد يمكنه ان يتصور بغداد ما بعد 2003 وقد خلت من معلم يكرس تاريخها أو نصب يرمز إلى حضارتها والتي كان من الواجب المحافظة عليها والتي لها خصوصية فنية تراثية فريدة، وهي هوية العراق الحضارية والثقافية والفنية والوطنية، انها مثيرة للاسى والحزن، فشارع السعدون فقد بريقه ولم يعد ذلك المكان الذي يحتل الأولوية في عيون من أعتاد أن يرتاده ويفضله عن شوارع بغداد، بعد أن خفتت أنواره وفقد بريقه وحيويته، وهجره رواده، فلا سينمات، ولامقاه، ومكتبات زمان، ومطاعم وكازينوهات، وحتى محاله التجارية، خسرت زبائنها ونقل الأطباء عياداتهم إلى شوارع أخرى، شارع الرشيد الخالد يذهب إلى العدم بسبب ما لحق به من دمار وخراب وهدم وعشوائية، اختفت معالم مهمة من مقاهي وسينمات وجقمقجي وحسو اخوان ومكتبة مكنزي ومحل جواد الساعاتي واورزدي باك ومتحف الرواد ... ، ولم تبق سوى ذكرى جميلة لمن عرف الشارع قبل أن يشيخ سريعاً، ولا احد يصدق العشوائيات والبسطيات التي تملأ بغداد وتلال النفايات، لا يستبعد البغداديون ان يجدوا مدينتهم ذات يوم وقد فقدت جميع معالمها إما بالطمر وإما بالإزالة او الاندثار، وللاسف لأن من يديرها ما بعد 2003 نهش وينهش جسمها، الكتابة عن امناء بغداد، كتابة عن تاريخ بناء مدينة بغداد وأعتقد ان هذا التاريخ وتاريخ امانة بغداد ومن كانوا قائمين عليها بحاجة لأن يدوّن في كتاب، لأنه تاريخ تغيرات اجتماعية وسياسية واقتصادية طرأت على مدينة بغداد كالتغيّر العمراني، وغيره، ومن الله التوفيق
سرور ميرزا محمود
1355 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع