٢٤٠ دار عرض سينمائي كانت في العراق
بغداد – محمد البغدادي – الخليج أونلاين:لعقود طويلة كانت شبابيك التذاكر لأكثر من ٢٤٠ دار عرض سينمائية في العراق تزدحم بطوابير طويلة، تنتظر الحصول على بطاقات الدخول لمشاهدة أفلام الزمن الجميل، بحسب ما صار العراقيون يطلقون على الأعوام التي خلت، أما اليوم فتحولت أغلب دور السينما إلى مخازن أو مصالح أخرى، بحسب ما توضح لـ"الخليج أونلاين".
دخلت السينما العراق عام ١٩٠٩، من خلال عروض أفلام قصيرة جذبت الناس وجعلتهم في انبهار أمام صور متحركة يرونها للمرة الأولى في حياتهم، وفي عام ١٩١١ أنشئت أول دار للعرض في بغداد وهي سينما "البلوكي".
ويؤكد مؤرخون أن السينما بدخولها العراق ساهمت كثيراً في نشر الوعي، والانفتاح على ثقافات العالم التي كانت حكراً على ما تنقله الكتب والمطبوعات، ومن يحظون بالسفر إلى خارج البلاد.
يقول الناقد السينمائي كريم الهاشمي لـ"الخليج أونلاين"، إن من أروع وأفخم دور السينما في الشرق الأوسط هي التي أنشئت في بغداد؛ ومن أبرزها رويال ومترو والرشيد والوطني والسنترال والزوراء، لافتاً إلى أن "هناك سينمات صيفية تعرض أفلاماً في الهواء الطلق، مثل الأحرار وريكس والأوبرا والحمراء".
من جهته يرى المخرج السينمائي عطية الدراجي أن سبعينيات القرن الماضي كانت الفترة الذهبية لانتعاش دور السينما في العراق، بوصول عدد السينمات إلى أكثر من 240 دار عرض سينمائية، وفي بغداد وحدها كان هناك أكثر من 40 داراً تعرض أفلاماً أجنبية وعربية، مشيراً إلى أن "الجمهور العراقي كان ينتظر عروض الأفلام السينمائية الجديدة بشوق كبير".
وأضاف: "منذ عام 1980 رسمت الحرب العراقية الإيرانية شحوبها على واقع السينما في العراق، ثم جاءت سنوات الحصار الاقتصادي لتقضي على ما تبقى منها"، مبيناً أنه "ما بقي اليوم سوى خمس دور فقط في بغداد تستقبل جمهورها وتعرض أفلاماً هابطة المستوى".
كثير من دور السينما تحولت إلى مخازن أو ورش لمصالح أخرى، لعل أهمها سينما "الخيام" في شارع الرشيد وسط العاصمة العراقية بغداد، التي تحولت إلى ورشة لصناعة الأثاث، بعدما كانت من أحدث صالات العرض السينمائي في العالم العربي.
يوضح الدراجي أن "هذه الدور اليوم تبكي على ذكرياتها الجميلة، خاصة بعد أن تحولت لمخازن ومحلات لبيع المشروبات أو مقاهٍ عادية أو للإنترنيت، كما تحولت بعض دور السينما إلى أماكن عرض المسرحيات الشعبية منذ تسعينيات القرن الماضي ولغاية اليوم".
وتابع حديثه قائلاً: "في أغلب دول العالم التي تحدث بها حروب ونكبات يلجأ السياسيون للمثقفين لتوثيق الوضع عن طريق صناعة الأفلام، إلا سياسيي العراق فهم أغلبهم بعيدون كل البعد عن الثقافة والإبداع".
محاولات الدراجي ومجموعة من المتخصصين لانتشال الواقع السينمائي في العراق، من خلال اتصالاتهم بوزارة الثقافة واللجنة الثقافة البرلمانية، وسعيهم لأن يكون هناك صندوق خاص ولجنة مشرفة، تضم مخرجين ونقاداً تعمل على ترميم دور العرض وإنتاج الأفلام كلها باءت بالفشل، بحسب الدراجي.
وأوضح أن "الوزير السابق لوزارة الثقافة، سعدون الدليمي، رمى المشروع في سلة المهملات، وقتل أحلامنا في إعادة أمجاد السينما العراقية إلى سابق عهدها".
للعراقيين ذكريات "جميلة" حين يعودون إلى سني ازدهار دور السينما في بلادهم. منذر رشيد (46 عاماً) يقول إنه شاهد السينما وهو طفل صغير، كان يذهب برفقة عائلته.
ويقول: "كانت أياماً جميلة، ما يؤسف أن بلادنا تأخرت كثيراً؛ كانت تتمتع بحرية نفتقدها اليوم".
أما رياض صالح (64 عاماً) فيروي لـ"الخليج أونلاين" أنه كان يحفظ عروض دور السينما، وأوقات العرض؛ لأنها توفر له عملاً جيداً لكونه سائق سيارة أجرة.
وأضاف متألماً لما صار إليه الحال: "كنت أنقل العوائل من دور السينما بعد انتهاء العروض إلى منازلهم، أو لكي يكملوا سهراتهم في المطاعم أوالمتنزهات كان الناس يعيشون في أمان ولديهم وعي ثقافي كبير، والسينما لم تكن حكراً على فئة، وعروضها تناسب حضور العوائل".
831 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع