العراق وإيران.. تجارة "فاسدة" تنهك بغداد وتملأ جيوب "الملالي"

  

     ٧٢%من البضائع الإيرانية المصدرة تذهب إلى العراق حصراً


قتادة الطائي - الخليج أونلاين:احتلال العراق عام 2003 من قبل الولايات المتحدة الأمريكية، تسبب بسيطرة إيران على مقدرات العراق، وفي ظل الظروف التي يمر بها البلد حالياً؛ من انخفاض في الموازنة وسقوط اقتصادي مدوٍّ، خرجت عدة مظاهرات وأقيمت اعتصامات مطالبة بالإصلاح، حيث كشفت تحقيقات حديثة ضلوع طهران بصفقات الفساد المرتبطة بالنفط، الذي تعتمد عليه ميزانية العراق بشكل أساسي.

كشف فضائح جديدة

ففي التحقيق الذي ترجمه "الخليج أونلاين"، عن موقع فبرفاكس ميديا وهافنغتون بوست، كشفت فضيحة تاريخية تتعلق بأكبر رشوة بالعالم، برز فيها شراء ذمم مسؤولين كبار أبرزهم: وزير التعليم العالي حسين الشهرستاني، الذي كان وزيراً للنفط في الحكومة السابقة ونائب رئيس الوزراء لشؤون الطاقة في الدورة التي قبلها، وأيضاً عبد الكريم لعيبي وزير النفط العراقي في الحكومة السابقة، وضياء جعفر الموسوي مدير شركة نفط الجنوب.

وأكد التحقيق أن الملايين من الدولارات صرفت كرشاوى للمسؤولين العراقيين خلال الفترة الممتدة ما بين عام 2005 حتى عام 2014، بعضها ذهب مباشرة إلى الشهرستاني ولعيبي، بالإضافة إلى رشاوى دفعت مباشرة من قبل شركة صاحبها إيراني في موناكو عن طريق وسيط بالعراق، إلى مسؤولين.

وفي عام 2011 دفعت الشركة الإيرانية أكبر رشوة في تاريخها، وتبلغ قيمتها 16 مليون دولار؛ لكسب تأييد الشهرستاني من أجل الحصول على عقد خط أنابيب تقدر قيمته بنحو 600 مليون دولار، إضافة لرشاوى تؤخذ من شركات عالمية مقابل إعطائها العقد.

وبشكل عام، يعد ملف النفط أحد أكبر ملفات الفساد في العراق، إضافة لوقوع الحكومة في فخ الشركات الغربية، وتوقيعها عقود استثمار وتطوير في 30 حقلاً نفطياً عملاقاً بالبلاد، تستولي عليه تلك الشركات مقابل نسبة معينة من كل برميل مستخرج، وبعقود طويلة تصل إلى 25 عاماً؛ ولا يحقّ للعراق فسخها، إلا بدفع غرامات كبيرة للشركة، وفق ما تؤكد تقارير متخصصة.

ويضاف إلى قوائم الفساد تلك، مزايا "سرقة" تتمتع بها إيران داخل الأراضي العراقية، ففي أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، نشرت وسائل إعلامية عن مسؤول في حقل "الفكة" النفطي، أن فريق مهندسين وخبراء نفطيين تابعين لشركات نفط إيرانية باشر عمله بالتنقيب منذ أكثر من عام، والبحث عن المواقع الغنية بالنفط بالحقل، بموافقة من الحكومة السابقة التي كان الشهرستاني يمسك حقيبة النفط فيها.

وأوضح المسؤول أن الحكومة الحالية تعلم بالوجود الإيراني داخل الحقل، وتجاهلت طلبات مسؤولين محليين بضرورة إخلائه، مؤكداً مد أنابيب نفطية تحت الأرض لنقل كميات كبيرة من النفط العراقي الخام إلى الأراضي الإيرانية، وذلك بعد فضيحة سيطرة عسكريين وتقنيين إيرانيين على البئر رقم أربعة في الحقل في ديسمبر/كانون الأول 2009 ثم إجبارهم على الانسحاب، إلا أنهم أصروا على البقاء داخل الأراضي العراقية.

كما وقعت إيران والعراق اتفاقاً عام 2013 تبدأ طهران بموجبه تصدير الغاز إلى العراق لتغذية ثلاث محطات كهرباء في بغداد وديالى، لكنها لم تنفذ ذلك؛ لما تدعي أنه "مخاوف أمنية".

مسؤول بارز: "غيض من فيض"

نائب رئيس جمهورية العراق الأسبق طارق الهاشمي، علق على الفضائح بتأكيد أن ما نشر عن قضايا فساد مسؤولين في حكومة رئيس الوزراء السابق نوري المالكي هو "غيض من فيض"، وأن الشعب العراقي ينتظر فضائح أكبر وأخطر عندما يكشف الغطاء عن عقود الخدمة التي أضرت الاقتصاد العراقي ضرراً بالغاً، وسوف يستمر لعقود من الزمن.

وأضاف الهاشمي، في تصريحات خاصة لـ"الخليج أونلاين"، أن "وزارة النفط كانت من أفسد الوزارات، وأنا شخصياً بحكم صِلاتي وموقعي في الدولة (سابقاً) أستطيع أن أجزم أنه لم يَسلَم حتى عقد واحد أو مقاولة واحدة من الفساد، يسري ذلك على جميع مؤسسات الدولة ووزاراتها".

وأكد الهاشمي أن "ارتفاع التبادل التجاري بين العراق وإيران منذ عام 2004 إلى 2015 إلى أكثر من 13 مليار دولار، تحصيل حاصل"، مشيراً إلى أن "هذا متوقع حدوثه عندما تختطف دولة ولاية الفقيه القرار السيادي في العراق في السياسة والاقتصاد فلا بد أن يتحول الميزان التجاري لصالح إيران؛ لأن الحاكمين لا يملكون حساً وطنياً عراقياً".

وتابع: "المشكلة لا تكمن فقط في تضاعف حجم الاستيرادات لو كانت المستوردات ضمن المواصفات القياسية الدولية، وهي ليست كذلك، أو أنها صالحة للاستعمال نافدة الصلاحية وكنا نسمع فضائح من وقت لآخر بأدوية وأغذية فاسدة غير صالحة للاستعمال".

كما أكد الهاشمي أن "إيران أسهمت في تدمير الاقتصاد العراقي، من خلال سرقة النفط الخام من الحقول المشتركة، وتصدير بضاعة رديئة، وفي نشر الفساد، وكذلك في غسيل الأموال من أجل الالتفاف على ضوابط المقاطعة الاقتصادية والحصار الذي كان مفروضاً على إيران".

العراق وإيران.. تجارة دائمة من دماء العراقيين

رغم ما يتعرض له العراق من عواصف اقتصادية يسببها الإرهاب وعدم الاستقرار في العملية السياسية التي تقودها الأحزاب الشيعية "الموالية لإيران"، شهد التبادل التجاري بين العراق وإيران تصاعداً ملحوظاً خلال العقد الماضي، فبعد أن كان في أدنى مستوياته قبل احتلال العراق في 2003، بلغ ما يقارب مليار دولار سنوياً عامي 2004 و2005، ثم ما لبث أن ارتفع إلى 4 مليارات دولار عام 2008، ولكنه ارتفع بصورة كبيرة عام 2013 ليبلغ ما يقارب 12 مليار دولار، ثم 13 ملياراً في عام 2015؛ وذلك لطبيعة العلاقة المتميزة بين بغداد وطهران من جهة، ولارتفاع الواردات النفطية العراقية خلال السنوات الأخيرة.

الغريب في الأمر، وفقاً لبعض الخبراء، أن ترتفع وتيرة التبادل بين البلدين بالرغم من تهاوي أسعار النفط لمستويات متدنية، والعجز الكبير في موازنة الدولة العراقية، مع وجود تحذيرات أطلقتها مؤسسات ومنظمات دولية من احتمال إفلاس الخزينة العراقية قبل نهاية عام 2017، في حين تطمح طهران إلى أن تصل بالتبادل التجاري مع العراق إلى نحو 20 مليار دولار نهاية 2017.

ويعزو الخبراء سبب اختلال التوازن هنا إلى اعتماد العراق على إيران في تأمين الكثير من السلع والخدمات؛ مثل المحاصيل الزراعية والسلع الاستهلاكية وبعض الخدمات في القطاع الخاص دون رقابة، وهو ما يجعلها أكثر تفضيلاً لدى المواطن لكونها أرخص وسط انتشار الفقر، أما الحكومي فيشمل الأمر استيراد المشتقات النفطية التي يحتاجها العراق والطاقة الكهربائية، كقطاعين رئيسيين، بالإضافة إلى السيارات والمكائن والكثير من السلع الأخرى.

وتأكيداً لاستغلال طهران للولاء العراقي، كانت منظمة تنمية التجارة الإيرانية قد أعلنت في يونيو/ حزيران 2013، أن العراق هو أكبر مستورد للبضائع الإيرانية، مؤكدة أن ما مقداره 72% من البضائع المعدة للتصدير للخارج تذهب إلى العراق حصراً.

تجارة عسكرية فاسدة

وقعت إيران مع العراق في نوفمبر/ تشرين الثاني 2014، اتفاقاً لبيع أسلحة وذخائر قيمتها 195 مليون دولار، وهي خطوة تخالف الحظر الدولي لمبيعات السلاح الإيرانية، وفقاً لرويترز.

وكشف مسؤول عراقي، منتصف مارس/ آذار 2015، عن عقد صفقة لبيع أسلحة إيرانية للعراق بقيمة 10 مليارات دولار، وفقاً لـ"أسوشييتد برس" التي نقلت عنه قوله: "إن الأسلحة والمعدات العسكرية غالبيتها أسلحة لحرب المدن، مثل البنادق الهجومية والرشاشات وقاذفات الصواريخ".

ودخلت صفقات الفساد الإيرانية الأخرى، في العربات المدرّعة والصواريخ والذخيرة، التي اشتراها العراق من إيران بقيمة 1.5 مليار دولار، وتبيّن أنها تعود لعام 1981، وهي روسية الصنع، وتمت إعادة طلائها وتأهيلها، بالإضافة إلى صفقة دبابات "أبرامز" المشبوهة.

وبرز أيضاً ملف "شراء تسع طائرات سوخوي روسية الصنع"، بقيمة 14 مليون دولار لكل طائرة، قبل أن يتبيّن فيما بعد، أن تلك الطائرات لم تكن سوى الطائرات العراقية التي تحتجزها إيران لديها منذ عام 1991، وفقاً لما كشفه النائب عن التحالف الكردستاني في البرلمان العراقي السابق، أمين البرزنجي.

وتعليقاً على صفقات الأسلحة الإيرانية للعراق في زمن حكومة المالكي، قال الهاشمي: "رغم ادعائها الكاذب بأنها تساعد العراق، فإن إيران لم تقدم للعراق طلقة واحدة مجاناً، بل إن حكومة العبادي، وقبلها حكومة المالكي، أرهقوا الميزانية بشراء أسلحة خفيفة ومتوسطة بأسعار تبلغ ضعف أسعار مثيلاتها الصينية والروسية"، متابعاً: "لقد انتعشت الصناعة الحربية الإيرانية بفضل المشتريات العراقية وبالطبع رافق العديد من الصفقات شراء أسلحة مستعملة اعتبرت حديثة".

وشهدت الموازنة المالية العراقية للعام 2016، أضخم عجز مالي يقدر بنحو 76 تريليون دينار، وبما يعادل أكثر من 60 مليار دولار، بسبب تراجع أسعار النفط في الأسواق العالمية، وتوقف الإنتاج في آبار نينوى وصلاح الدين وكركوك، وسيطرة تنظيم "الدولة" على كمية من هذا الإنتاج.

وكانت هيئة النزاهة في البرلمان العراقي، قد اتّهمت في فبراير/شباط الماضي، رئيس الحكومة حيدر العبادي، بالسير على خطا سلفه نوري المالكي "لإفراغ خزينة العراق المالية".

  

إذاعة وتلفزيون‏



الساعة حسب توقيت مدينة بغداد

الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

606 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع