تحية من القلب لـ - صائد المسامير- !

                                                

                                احمد الحاج

تحية من القلب لـ - صائد المسامير- !

لقد أكرمني الله عز وجل بصديق مرهف الحس،رقيق المشاعر،دمث الخلق وجل أصدقائي ولله الحمد والمنة كذلك وقلما شذ منهم أحد عن هذه القاعدة أو خرج عن اطار هذه الدائرة،الا أن صديقي هذا يتميزعن البقية بخصلة جميلة جدا الا وهي إماطة الأذى عن الطريق ومنذ أمد ليس بالقصير وبصره لايكاد يخطئ بقية زجاج مكسور،قطع عظم مرمية على الرصيف أو في الشارع ،وما يرصد أيا منها الا وسارع لرفعها ما تسنى له ذلك،وقد طرأ جديد على هذه الخصلة الحميدة عنده منذ عام تقريبا متمثلا بـ"رفع المسامير..البراغي"ونحوهما متطوعا عن طريق الناس!

بالأمس خرجت مع هذا الصديق العزيز في رحلة طويلة سيرا على الأقدام لأن مسيرات الأقدام الطويلة تلك أو-رينو 11-كما يحلو للعراقيين تسميتها تهكما أو دعابة من شأنها أن تريك جانبا من هذا العالم،تلتقط لك زوايا لهذا المجتمع،تلخص لك مشاهد من هذا العراق،ليس بوسعك رؤيتها راكبا قط ،وبما يسمح لي أن اطلق على هذه المشاهد والزوايا واللقطات غير المتاحة على الدوام والتي لاتتسنى للراكبين ولو على دراجة هوائية مصطلح - فلسفة الأرصفة ووجع الطرقات -فذرع تلكم الأرصفة مشيا هي ملهمتي لكتابة مقالاتي والبوح بخواطري ويوم اقرر التوقف عن المشي لمسافات طويلة وما يرافقها من تمزق أحذية وثقب جواريب فسأتوقف حينها عن الكتابة لامحالة "فكلما تمزق حذاؤك مشيا،تفتق ذهنك كتابة" ولعلها فلسفة أو لنقل وجهة نظر شخصية قد تبدو غريبة وغير مستساغة لكثير من القراء والاصدقاء الا ان نتاجها هو ما يصلهم من بوح، ورحيقها هو ما يكتب لهم من كلمات هاهنا ،قد تعجب بعضهم وقد تثير سخط وحفيظة بعض ، أقول خرجت مع الصديق إياه في رحلة ليست بالقصيرة عثر خلالها على ما لايقل عن 15 مسمارا لم أر أيا منها وقد أماطها كلها عن الطريق وفي أماكن متفرقة ومتباعدة وهو يصلي مع كل مسمار يميطه عن الطريق على النبي صلى الله عليه وسلم ...
ومع رفع المسمار رقم 15 لم يعد بمقدوري كتمان ما يختلج في صدري ويعتمل في عقلي فسألته سؤالين كان لابد لي من سؤالهما اياه ،الاول "كيف يمكنك رصد كل هذه المسامير وكيف يتسنى لك رؤيتها مع ان نظرك ضعيف ونظارتك - كعب بطل -؟"،اما الثاني فلماذا تصلي على النبي صلى الله عليه وسلم مع كل مسمار ترفعه عن الارض وترميه في مكان آمن،هل هذه سنة نبوية شريفة لا أعلم بها،أم ماذا تحديدا ؟ فقال :
اذا نويت عملا صالحا صغر ذلك العمل أم كبر ،قل أم كثر، ومن ثم هممت بفعله واقعا بإستمرار"لأن خير العمل أدومه وإن قل" فسيظهره الله تعالى لك في كل مكان كالرزق تماما ومن حيث لاتحتسب ،حتى تقبل عليه فتكسب بفعله اجرا كما في كل مرة ان اخلصت نيتك ونقيت سريرتك ليكون لك وبمرور الايام بمثابة مغناطيس يقول لك ها آنذا ياعبد الله فهلم الى الاجر والثواب واصنعني ..وكأني بتلكم المسامير كلها تقول لي بلسان الحال "ها انذا مرمية في طريق الناس وسأوذيهم ،سأتلف اطارات عجلاتهم ، سأوقع كارثة بكبيرهم في السن رجلا كان او امرأة مصاب / مصابة بالسكري واذا ما وطأني أحدهما غافلا فسيصاب بالقدم السكري ولن يتعافى من الكارثة التي المت به الا بصعوبة بالغة وربما سينتهي به الحال ببتر اصابع أو قطع قدم ،ارفعني رحمك الله من هاهنا واكسب برفعي اجرا،واحم الغافلين والذاهلين عني من خطري ومن شري فما رماه الطالحون، لابد من ان يرفعه الصالحون، وما خربه الاشرار لابد من ان يصلحه الاخيار ، انها صورة جلية من صور الصراع المحتدم بين الخير والشرعلى مر التأريخ !" .
- اما عن سؤالك لماذا اصلي على خير الخلق كلهم صلى الله عليه وسلم "مع كل مسمار ارفعه وكل اذى اميطه عن طريق الناس ،فذاك لأن النبي الاكرم صلى الله عليه وسلم هو من علمني ذلك كله ولولاه ما علمته وما صنعته وهو القائل :"الْإِيمَانُ بِضْعٌ وَسَبْعُونَ فَأَفْضَلُهَا قَوْلُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَأَدْنَاهَا إِمَاطَةُ الْأَذَى عَنِ الطَّرِيقِ"، وهو القائل فداه ابي وامي :"بينما رجل يمشي بطريق وجد غصن شوك على الطريق فأخره فشكر الله له فغفر له"، وهو القائل "وَتُمِيطُ الأَذَى عَنِ الطَّرِيقِ صَدَقَةٌ"، وقوله صلى الله عليه وسلم :"لَقَدْ رَأَيْتُ رَجُلًا يَتَقَلَّبُ فِي الْجَنَّةِ، فِي شَجَرَةٍ قَطَعَهَا مِنْ ظَهْرِ الطَّرِيقِ، كَانَتْ تُؤْذِي النَّاسَ" ، وقوله صلى الله عليه وسلم :"عُرِضَتْ عَلَيَّ أَعْمَالُ أُمَّتِي حَسَنُهَا وَسَيِّئُهَا، فَوَجَدْتُ فِي مَحَاسِنِ أَعْمَالِهَا الْأَذَى يُمَاطُ عَنِ الطَّرِيقِ".
ولله در القائل :
ياسيدي يارسول الله كم عصفت .. بي الذنوب وأغوتني ملاهيها
وكم تحملتُ أوزارا ينوء بها .. عقلي وجسمي وصادتني ضواريها
لكن حبك يجري في دمي وأنا .. من غيره موجة ضاعت شواطيها
ياسيدي يا رسول الله اشفع لي ..إني افتديتك بالدنيا ومافيها
والان تأمل معي لو،ان"صائد مسامير..صائد بقايا زجاج ..صائد بقايا عظم ..صائد شوك..صائد اذى مهما كان جنسه ونوعه وصفته وصنفه"في طريق الناس كصاحبنا آنف الذكر يسارع لرفعها كلها وكلما ابصرها متطوعا ومتواضعا لايريد من الناس جزاءا ولا شكورا لحماية خلق الله من اذاها ومن شرها المستطير وإبتغاء مرضاته سبحانه،قد اصبح وزيرا ،نائبا ،امينا للعاصمة ،رئيسا لمجلس محافظة،مديرا لمجلس بلدي،قائممقاما،رئيسا لحزب أو كتلة أو تيار،مديرا لدائرة ،مديرا لقسم ،مديرا لشعبة ،مديرا لمدرسة ،عميدا لكلية ،رئيسا لجامعة، نقيبا لأية نقابة مهنية ،مختارا لمحلة ،وماشاكل ،فهل تراه سيترك حفرة في شارع رئيس او خدمي من دون أن يردمها؟ هل سيذهل عن مطب صناعي يعترض سبيل المارة -اقامه مغتر بماله على حين غفلة من القانون - من دون ان يزيله ؟ هل سيغفل عن تجاوز على رصيف عام -اجترأ عليه سفيه من السفهاء وما اكثرهم في ميزوبوتاميا- من دون أن يقتلعه من جذوره ويعاقب المتجاوزين عليه ؟ هل سيغض الطرف عن جدار كونكريتي يقطع الشارع العام من دون وجه حق اقامه - مختال بنفسه ،بمنصبه ،بحسبه ،بنسبه ، بميليشياته ، بسلاحه المنفلت والموازي والمأجور ، بعشيرته،بحزبه - من دون ان يرفعه ويحيل المخالفين الى الجهات المعنية غير آبه بضجيج الكونكرتيين الجدد وصخبهم ؟ هل سيغض الطرف عن كومة نفايات كجبال الهملايا ترمى في طريق الناس عمدا - من قبل بعض شرار الناس - من دون ان يزيلها ويثقف بإزالتها ويعاقب المخالفين على رميها بأشد العقوبات ولايخشى في النظافة والطهارة والاناقة والحضارة وتطبيق القانون لومة لائم ؟
العراق اليوم بحاجة الى - صائدي مسامير لايخيفهم عشاق الفوضى العارمة ولا كارهي القانون ولا ومفصلي النظام على مقاسهم، ولن يفت في عضدهم أشباه الخنازير اطلاقا - فإما أن يطبق القانون حرفيا والنظام بحذافيره على الجميع بالتساوي لتتحقق العدالة القضائية وتتجسد العدالة الاجتماعية..او على الجميع السلام بغياب سلطة القانون وحلول شريعة الغاب حيث قوانين المخلب والناب محلها.اودعناكم اغاتي

   

أطفال الگاردينيا

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

724 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع