((الفنان قرني جميل في ذمة الله))
((فنان تشكيلي شهد له القاصي والداني بدماثة الخلق والطيبة والالتزام))
((لا يسبقه للخير وعمله الا الخيرين أمثاله تواجد في تواضعه مدرسة من الوفاء والاخلاص مؤمن بأن النجاح يحتاج الى عمل وجهد))
تقرير: دلير ابراهيم - أربيل:غيب الموت صباح اليوم الثلاثاء 3 حزيران 2025، الفنان التشكيلي، قرني جميل بعد صراع طويل مع المرض. الراحل من مواليد أربيل، عام 1954، حصل على شهادة دبلوم من معهد الفنون الجميلة - بغداد 1977. باشر بالتدريس في المدرسة الابتدائية في قرية روست التابعة لأربيل سنة ١٩٧٧، ثم بعد الترحيل القسري لاهالي القرية من قبل النظام البائد وتدميرها، انتقل الى قرية ناوروين - ناحية ديانا التابعة لقضاء رواندوز انذاك.
درس الفن التشكيلي في مدينة “برشلونة” عاصمة إقليم كاتالونيا الاسبانية و مدينة “غرناطة” ليدرس مدى تأثر الفن التشكيلي الإسباني، بالواقع. ثم هاجر الى ايطاليا سنة ١٩٧٩ وبقى فيها لغاية سنة ١٩٨٤ وانتقل بعد ذلك الى اسبانيا لغاية عودته الى الوطن عام ٢٠٠٣
شارك في أكثر من 40 معرضاً تشكيلياً في (بغداد، أربيل، روما، برشلونة، مونيكر، فالنسيا، بروكسل، كوبنهاغن، امستردام، وارسو، غرناطة،...).
أسس مجلة (شيوەکاری – التشكيلي) التي كانت تعنى بشؤون الفن التشكيلي على مستوى الاقليم والعراق والعالم، ومارس التدريس في معهد الفنون الجميلة في اربيل بعد عودته الى الوطن عام ٢٠٠٣ كان من هواة رسم الطبيعة وابراز جمالها، ويغلب اللون الصحراوي والبني بدرجاته المختلفة في لوحاته. وشهد على أبرز الأحداث التي مرت بها بلاده، وعندما عاد إليه بعد فترة غياب عقب الإطاحة بنظام صدام حسين عام ٢٠٠٣، وجد أنه لم يتغير شيئاً سوى أن الحياة أصبحت أكثر كآبة بفعل الأحداث والمأسي التي حلت بالبلاد، جراء الحروب المتتالية والضحايا جراء جرائم النظام البائد.
++++
((قرني جميل: العالم موطني، وقبل كل شيء نحن اخوة في الانسانية))
وخلال لقاء معه قبل وفاته يقول الفنان قرني جميل: العالم موطني، وقبل كل شيء نحن اخوة في الانسانية ويضيف إن لوحاتي تعبر عن شعور داخلي للانسان.. لدى الانسان امال كثيرة .. جزء من هذه الامال ربما لا يتحقق بمرور الوقت.. ولوحاتي تعبر عن امال غير متحققة.
تتميز لوحات الفنان قرني جميل، بأنها عبارة عن تنقيب خيالي عن الزمان والمكان، يتحدث فيها عن المشاعر الداخلية للإنسان و بإحساس إنساني مرهف، ويهوى رسم المخلوقات ويهتم كثيراً بالطبيعة بما فيها من مكاسب وخسائر، كما يغلب فيها اللون البني بدرجاته المختلفة؛ ذلك لأنه يذكره بأيام طفولته وبمسقط رأسه (أربيل)، إذ عاش في تلك المدينة الصغيرة، بينما كانت عبارة عن مجرد قلعة بنيت حولها منازل معدودة وشوارع قليلة..
++++++
((قرني جميل: مصير جميع الأشياء في هذه الدنيا هو الفناء))
((للانسان امال كثيرة جزء من هذه الامال ربما لا يتحقق بمرور الوقت، ولوحاتي تعبر عن امال غير متحققة))
يضيف (قرني جميل): اكتشفت أسلوبي في الرسم خلال السنوات الأخيرة من رحلتي إلى إسبانيا، في البداية كنت أرسم لوحات صغيرة على الورق، لكنني عندما عدت إلى كوردستان أصبحت لوحاتي أكبر واستخدمت الألوان المائية. ويرى أن مصير جميع الأشياء في هذه الدنيا هو الفناء والأشخاص يعيشون ثم بعد ذلك يتوفاهم الموت، ويتعاقب بنو آدم على مدار السنين فيشيدوا المدن ويقيموا الحضارات التي ما تلبث أن تزدهر حتى تضمحل مرة أخرى. وان معظم لوحاته تعبر عن آمال غير متحققة.
ويضيف: لوحاتي تعبر عن شعور داخلي للانسان، للانسان امال كثيرة جزء من هذه الامال ربما لا يتحقق بمرور الوقت، ولوحاتي تعبر عن امال غير متحققة.
+++++++++
((التجربة الاوروبية في حياة الراحل قرني جميل))
لم يكن وضعي جيداً في العراق، وكان لدي اهتمام بالسياسة وعضو في الحزب الشيوعي العراقي، فقررت حزم أمتعتي وفي ١٩٧٩ بدأت رحلتي قاصداً إيطاليا. ثم سافرت الى إسبانيا في ١٩٨٤، وعشت في مدينة “برشلونة” بإقليم كاتالونيا، لمدة عامان ثم انتقلت إلى الجنوب واستقرت في مدينة “غرناطة” لكي أدرس الفن التشكيلي الإسباني ومدى تأثره بالواقع.
وكانت اسبانيا تجربة مهمة للغاية للفنان الراحل قرني جميل، حيث الشعب الإسباني مر بمشاعر قاسية جداَ جراء الحرب الأهلية، لذا كان الفنان مهتماً بملاحظة تأثير ذلك على الفن، والمتابع لأعمال قرني جميل يرى أن فنه عبارة عن مزيج بين ثقافته الخاصة وثقافة العالم، بين كوردستان والعراق والغرب.
+++++++++
((بعد عودته عام 2003: الحياة أصبحت أكثر كآبة بفعل الأحداث والمأسي التي حلت بالبلاد))
شهد الفنان، على أبرز الأحداث التي مرت بها بلاده، وعندما عاد إليه بعد فترة غياب عقب الإطاحة بنظام صدام حسين عام ٢٠٠٣، وجد أنه لم يتغير شيئاً سوى أن الحياة أصبحت أكثر كآبة بفعل الأحداث والمأسي التي حلت بالبلاد، جراء الحروب المتتالية والضحايا جراء جرائم النظام البائد.
كان لـه دور بارز في تحريك البيئة الثقافية في بلدته المنهكة من الحروب والمأسي، إذ أنه أدار مجلة (شيوەکاری) - للفنون وأقام معارض فنية، كما أشرف على مشروع تطوير (متحف الفن الحديث) في أربيل.
+++++++
((سوران تاودر: قرني جميل فنان من كوردستان العراق ذات طراز عالمي يشهد له القاصي والداني))
وحول الفنان یقول رفيق دربه وصديقه سوران تاودر، المدير العام لمؤسسة اربيل للطباعة والنشر ومؤسس والرئيس الاسبق لجمعية المطابع في كوردستان:
الفنان الخالد قرني جميل فنان من كوردستان العراق ذات طراز عالمي يشهد له القاصي والداني بدماثة الخلق والطيبة والالتزام.. رجل لا يسبقه للخير وعمله الا الخيرين أمثاله تواجد في تواضعه مدرسة من الوفاء والاخلاص مؤمن بأن النجاح يحتاج الى عمل وجهد، إسم لامع على مستوى العالم والقارة الاوروبية بشكل خاص، وعندما ننظر الى معظم اعمال الفنان سنلاحظ انه يمنح عنصر الفضاء في لوحاته بالقياس مع مساحات الاشخاص او الاشياء المادية، وكأن الفضاء عنده كالبحر وما تلك الاشياء الا عبارة عن جزر وسط ذلك البحر، ويجعل الناظر للوحاته بأن يعوم ليصل الى تلك الموجودات التي في وسط اللوحة، او في احد جوانبها وبذلك يصور الفنان مكنون تعبيراته في اللوحة. رحمه الله واسكنه فسيح جناته..
708 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع