ارتفاع عدد مصنعي ومروجي مخدر "الكرستال" في البصرة(فرانس برس)
البصرة - حسن النصراوي:يرفض العشريني العراقي حيدر بريهي كل التحذيرات التي سمعها من أصدقائه بالتقليل من تعاطي حبوب الميثامفيتامين المخدرة المعروفة محليا بـ"الكرستال"، ويصر على شراء ما يسميها "متعته المفضلة"، والتي تصنع محلياً بسعر لا يتجاوز نصف الثمن الذي اعتاد دفعه مقابل شريط من المادة المستوردة أو المهربة من خارج الحدود.
بدأت رحلة الشاب البصري بريهي مع مخدر الكرستال قبل 3 سنوات إذ منحه صديق حبة ليجربها، وتطور الموضوع إلى عادة يومية حتى صار مدمنا على تعاطيه، ويبلغ سعر شريط مخدر الكرستال المستورد المؤلف من 6 حبات 40329 دينارا عراقيا "ما يوازي 35 دولارا أميركيا"، ويكفي بريهي ثلاثة أيام لكن ارتفاع سعر المستورد وندرته، دفعه إلى استبداله بشريط محلي يبلغ ثمنه 17284 دينارا عراقيا "ما يوازي 15 دولارا أميركياً"، كما يقول الشاب الذي يبتاع المخدر من تجار صغار منتشرين في صالات الألعاب والمقاهي البصرية، ومن بينها المكان الذي يبتاع منه بريهي المخدر في حي الجزائر وسط البصرة، بعد إخبار التاجر بالاسم الحركي للمخدر والذي يتغير كل فترة.
التصنيع المحلي
بعد نقاش يشوبه الحذر والتوجس تفهم الكيميائي البصري المخضرم علاء خضر التميمي أن تحذير المتعاطين وعائلاتهم هو الغاية من كشف طرق تصنيع "الكرستال" محليا، إذ تستخدم مكونات المخدر في معامل البلاستيك والعطور أو حتى المنظفات، والتي يعمد المصنعون إلى التخفي وراءها واستعمالها كواجهة مزيفة من أجل الحصول على مواد حامض الهايدروكلوريك وميثيل البانزين والأسيتون ومركب الفينيل التي تدخل في عملية التصنيع.
ويتابع الصيدلي الخمسيني حديثة لـ"العربي الجديد" موضحاً أن تأمين المواد الصناعية أكثر سهولة من العنصر الثاني وهو العقاقير الطبية والتي يحتاج المصنعون إلى كميات كبيرة منها ما يجعلهم بحاجة إلى شريك صيدلي أو صاحب مخزن دواء متواطئ فيما يلجأ بعضهم إلى شراء كميات صغيرة من العقاقير من مجموعات كبيرة من الصيدليات.
وتشبه المادة المصنعة بلورات الكريستال المهشمة، وتصنف ضمن مجموعة الأمفيتامين والفينيثيلامين المنشطة، والتي توهم المتعاطي بزيادة طاقته الجسدية والنشاط والسعادة والثقة بالنفس، كما يشرح التميمي لافتا إلى أن العقاقير الطبية الداخلة في تصنيع الكرستال تصرف لمرضى الاكتئاب والفصام إذ تساعد على الاسترخاء وتحسين المزاج وتدخل أملاح الليثيوم كمركب أساسي فيها، بالإضافة إلى علاجات ضيق التنفس والربو والاحتقان وتوسيع القصبات التي تحتوي على عقار الإيفدرين الذي يعد تناوله بكميات كبيرة واحداً من طرق الإدمان، ومع تشديده على أن المخدرات المحلية والمستوردة تؤدي إلى المصير المأساوي ذاته، ولكن التميمي يشير إلى أن المخدرات المحلية تزيد فيها جرعات المواد الصناعية ذات السمية العالية والعقاقير التي لا يمكن تعاطيها بدون إشراف طبي من أجل تسريع إحساس المتعاطي بحالة من النشوة الشديدة الأمر الذي ينتج عنه ارتفاع ضغط الدم وحساسية الجلد وتلف الأسنان، بالإضافة إلى كون المدمن أكثر عرضة للإصابة بالجلطة الدماغية والسكتة القلبية.
بسبب عمله في التوعية من مخاطر تصنيع المخدرات والحث على التصدي للمهربين من دول الجوار، عانى وسام النعماني الناشط في مجال مكافحة الإدمان من تهديد لحياته إذ تم إلقاء مظروف يحتوي على طلقة رصاص داخل منزله، ما أجبره على إغلاق مكتب جمعيته في بغداد والسفر إلى الخارج بعدما أكدت مصادره تأسيس مصنعين لمخدر الكرستال الأول في منطقة نائية من قضاء أبو الخصيب جنوب البصرة وآخر في منطقة المعامل شرقي العاصمة بغداد، كما قال لـ"العربي الجديد"، مضيفاً أن الواجهة المعلنة للمصنع الأول تتمثل في ورشة تصنيع التوابل والثاني في ورشة لتصنيع العطور وضم المصنعين عمالا محليين وخبيرا أجنبيا وفر خبرات التصنيع وضمن إدخال المواد الأولية عبر منفذ الشلامجة الحدودي بين البصرة وإيران.
وطرحت الكمية الأولى من منتج المصنعين اللذين رصدهما الناشط النعماني في صيف عام 2016 ولقيت المخدرات نجاحاً لرخص ثمنها وتأثيرها الذي يقترب من المنتج المستورد، مبيناً أن المعمل الصغير يمكنه إنتاج خمسة كيلوغرامات من الكرستال في اليوم، ويبيعها بمبلغ 7500 دولار أميركي، مفترضاً تسعيرها وفقا لأدنى سعر، وهو دولار ونصف الدولار لكل غرام.
وبخصوص عملية التوزيع يوضح النعماني أن شبكة توزيع الكرستال المحلي لا تختلف عن المستورد، وهي تشمل تجارا وموزعين في المناطق الكبيرة في البصرة، مثل (البراضعية والخمسة ميل والجمهورية ودور النفط والأصمعي والجمعيات والجزائر) وهناك موزعو الأحياء والمناطق الأصغر، وصولاً إلى موزعي المقاهي، لافتاً إلى أن منظمته رصدت حصول هؤلاء الموزعين على مبلغ 500 دولار أميركي شهرياً مقابل هذه المهمة.
ويتابع المختص في مكافحة الإدمان أن المنتج المحلي من الكرستال وعلى غرار المستورد يوجد بهيئة أقراص أو مسحوق للشم وجرعة سائلة للحقن وبودرة للتدخين، ولكن الرائج منها هو أقراص وكبسولات البلع التي تتميز بسهولة الاستخدام وشكلها المشابه للعلاجات الدوائية الأخرى والذي لا يثير الشك بالإضافة إلى النقطة الأساسية وهو سعرها المناسب والمتاح للأغلبية وخصوصاً الذين يتعاطونه بانتظام.
950 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع