الملف الأمني العراقي بيد النظام الإيراني ؟

                                     

                             داود البصري

لعل من أعجب ردود الأفعال على الإنهيار الأمني الأخير في العراق وفضيحة هروب مئات المعتقلين الخطرين ، إضافة لإكتساح الإرهاب الطائفي للمدن العراقية هي تلك الدعوات المشبوهة التي أطلقها إمام جمعة مدينة النجف و أحد أهم عناصر اللوبي الإيراني في العراق ( صدر الدين القبانجي ) وهو وثيق الصلة بالنظام الإيراني و الذي دعا في إنتفاخة وصولة مثيرة للسخرية لتسليم الملف الأمني في العراق لجماعة ( فيلق بدر )!!

وهي المنظمة العسكرية التي أسستها مخابرات الحرس الثوري الإيراني عام 1981 لتكون ذراع النظام الإيراني الضاربة في العمق العراقي! وهي نفسها لمن لايعلم بملفات الصراع العراقي/ الإيراني ( منظمة التوابين ) و التي ضمت العناصر التي إلتقطتها إيران من أسرى الجيش العراقي في إيران والتي خضعت لغسيل مخ إيراني مكثف جعلتهم مجرد أدوات إيرانية صماء يخدمون المصالح الوطنية و القومية للنظام الإيراني بعد أن شاركوا بقوة في جبهات قتال الحرب العراقية/ الإيرانية ، ثم دخلوا المدن العراقية للتخريب عام 1991 خلال الإنتفاضة الشعبية التي أعقبت هزيمة الكويت ، ثم جاء دورهم الستراتيجي خلال غزو الجيش الأمريكي للعراق عام 2003 حيث دخلوا لمواقعهم الآمنة في العمق العراقي و قاموا بتنفيذ المخطط الإيراني بتصفية ضباط الجيش العراقي السابق و خصوصا الطيارين منهم ، ثم مارسوا عمليات إغتيال ممنهجة و مدعومة من مؤسسات الدولة العرافية ضد خصومهم وضد باقة من النخب العراقية كالأطباء و الخبراء و الضباط و محاولة إفراغ العراق من عقوله النابهة و المتفوقة! ، وهي مهمة أتقتنها منظمة بدر الإرهابية و التي تخصص ميزانيتها السنوية من ميزانية الدولة الإيرانية و يترأسها العميد في الحرس الثوري و أحد الرجال المخلصين للنظام الإيراني ووزير النقل العراقي هادي العامري الذي إنشق عن مؤسسة المجلس الأعلى للثورة الإيرانية في العراق و أنتقل للرعاية الإيرانية المباشرة دون الإضطرار للإنضواء تحت عباءة ( آل الحكيم ) المهيمنين على المجلس الأعلى بصورة وراثية! ، و الذي دخل و بأوامر إيرانية صريحة في تحالف تام و مطلق مع إئتلاف المالكي في دولة القانون مقابل مصالح سلطوية و أمنية كان من نتيجتها السيطرة على وزارة النقل و مهامها الإستراتيجية و إخضاعها بالكامل للنفوذ و الهيمنة الإيرانية و معلوم دور وزارة النقل العراقية في كسر الحصار الدولي على إيران و في تموين و تسليح و إمداد النظام السوري بالأسلحة و المساعدات اللوجستية الإيرانية الأخرى ، إضافة لدورها المهم في إتاحة المجال للمخابرات الإيرانية للإشراف على كل المنافذ و الثقوب الأمنية في العراق !!.. و اليوم وبعد الإنهيار الأمني و بدلا من محاسبة الحكومة الفاشلة العاجزة بكل أركانها تدور الدوائر و ترسم الخطط لتسليم أمور العراق و ملفاته الأمنية للأيدي الإيرانية المباشرة لكي يتحول العراق لملحقية بائسة تابعة لسلطة الولي الإيراني الفقيه في مشهد درامي ودموي يبعث على البؤس!، وصراع الإرادات الإقليمية الساخن في العراق بات يفرض اليوم خياراته الإستراتيجية المرعبة ومنها قدرة النظام الإيراني من خلال شبكات عملائه الواسعة في المجالات السياسية و الأمنية و العسكرية و الميليشاوية على تحريك الأمور نحو محطات هيمنة و سيطرة مباشرة  و الأخطر نحو تفعيل ملف إشعال الحرب الاهلية الطائفية، في ظل تفرج الراي العام العراقي على ما يحدث ، وعدم وجود حركة رفض شعبي عراقي حقيقية تتناسب مع مايدور في المنطقة و العالم ، وقدرة وكلاء النظام الإيراني في العراق على المرونة و الحركة مستعينيين بتفرقة الصفوف العراقية الغارقة في أوهام وخيالات الجهل و الطائفية الرثة ، الحديث العلني عن هيمنة مباشرة لفيلق بدر العميل على المؤسسة الأمنية في العراق يعني الإنكشاف و السقوط الكامل للدولة العراقية بيد النظام الإيراني! ، وهو تطور خطير لا تتعلق نتائجه بالعراق فقط بل بالأمن الأقليمي و القومي بشكل خاص ! ، وهو ما يعني الإنهيار الكامل للدولة العراقية الوطنية و خضوعها الكامل للإرادة الإيرانية ، وهذه أسوأ نهاية لحكومات الطائفييين ، ولكنها حصيلة متوقعة لحكم الفاشلين و العاجزين  و إنعكاس لقدرة صانع و راسم القرار الإستراتيجي في إيران على الحركة و إستغلال الظروف و بالتالي رسم السيناريوهات المناسبة لتغطية تدخلات إيرانية كبرى و فظة ، بكل تأكيد فإن اللوبي الإيراني في العراق و المنطقة قد إكتسب خلال سنوات الإحتلال و مابعدها قدرة مناورة وحركة كبيرة جدا ، وهي قدرة تعكس إصرار النظام الإيراني على تحويل العراق بمثابة خط الدفاع الأول و الأخير عن نظام طهران وفي ظل غفلة عراقية شاملة للأسف!! ، لقد بانت الحقائق المرعبة و أسفرت عن نتائجها القبيحة ، وبدلا من أن تتم معالجة الخروقات الأمنية بتغيير هيكلية السلطة العاجزة و التخلص من الرؤى الخرافية و الإلتزام بمنهج عمل وطني شامل ، نرى العكس ، و نشاهد تسلل خبيث ورهيب لأفاعي النظام الإيراني المسمومة و المدربة جيدا في مصانع الحرس الثوري الإرهابية... فمن يدير عمليات الإغتيال الطائفي القذرة في الشارع العراقي هم عناصر منظمة بدر و بقيادة المدعو أبو محمد الحسناوي!! إنهم يريدون تسليم أمور العراق للقتلة و المجرمين الطائفيين المتخلفين!! ، إنها أسوأ نهاية لحكومة الطائفييين و الفاشلين و مقبلي أيادي و أقدام الولي الإيراني الفقيه....؟ لقد أفصح صدر الدين القبانجي عن حقيقة و أدوار عملاء النظام الإيراني في العراق ... فهل سيتحرك شعب العراق و يمنع الفتنة ؟ أم أن النوم في العسل سيظل سيد الموقف ؟.. تلك هي المسألة و المعضلة !.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

أطفال الگاردينيا

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

901 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع