ما علاقته بمدبر أكبر عملية احتيال مالي في التاريخ.. قصة فيكتور لوستيغ المحتال الذي باع برج إيفل

   

 ما علاقته بمدبر أكبر عملية احتيال مالي في التاريخ.. قصة فيكتور لوستيغ المحتال الذي باع برج إيفل عام 1947

الجزيرة:توفي مؤخرا بيرني مادوف، مدبر أكبر عملية احتيال مالي في التاريخ، عن 82 عاما في سجن بولاية كارولينا الشمالية، ليعيد إلى الأذهان قصة محتال آخر عُرف باسم فيكتور لوستيغ، توفي قبل 75 عاما في أحد السجون الأميركية.

وفي تقرير نشرته صحيفة "لوباريزيان" (leparisien) الفرنسية، يقول الكاتب شارل دو سان سوفور إن مادوف استطاع عبر عملية احتيال كبرى أن يجني بداية من ديسمبر/كانون الأول 2008، مبالغ قدرت بـ65 مليار دولار، قبل أن يقع في قبضة الشرطة ويُحكَم عليه عام 2019 بالسجن 150 عاما.

ظروف مشابهة
كان مادوف الذي توفي في 14 أبريل/نيسان الجاري، قدم عام 2020 طلبا للإفراج عنه بسبب تدهور حالته الصحية، مؤكدا أنه مصاب بمرض في الكلى ولن يتسنى له العيش أكثر من 18 شهرا، لكن السلطات الأميركية تجاهلت طلبه، قبل أن يتوفى بالفعل قبل أيام قليلة.

وقبل 75 عاما من هذه الحادثة، توفي أحد أشهر المحتالين في القرن العشرين، وهو فيكتور لوستيغ المعروف أيضا بـ"روبرت في ميلر"، في ظروف مشابهة، بعد 11 عاما في سجن ألكاتراز بخليج سان فرانسيسكو.

   

مادوف يغادر المحكمة الفدرالية الأميركية بعد جلسة استماع في 10 مارس/آذار 2009 في نيويورك (الفرنسية)

وقد توفي لوستيغ في المركز الصحي الفدرالي للسجناء في سبرينغفيلد يوم 11 مارس/آذار 1947، بعد إصابته بالتهاب رئوي وعدم تلقيه العلاج المناسب، وذلك بعد أن قدم 1192 طلبا طبيا خلال 11 عاما قضاها في السجن، وكانت السلطات تتجاهل طلباته باستمرار اعتقادا منها أنه كان يكذب للخروج من السجن.

من باريس إلى الولايات المتحدة
يحوم حول قصة فيكتور لوستيغ، أو روبرت في ميلر، الكثير من الغموض، خاصة أنه استخدم خلال عمليات الاحتيال المختلفة حوالي 40 اسما مستعارا.

ولد لوستيغ عام 1890 في التشيك التي كانت تابعة آنذاك للإمبراطورية النمساوية المجرية، وعُرف بسرعة بديهته وقدرته على تعلم اللغات الأجنبية، وقد أتقن 5 لغات من بينها الإنجليزية والفرنسية.

حلم والداه بأن يصبح ابنهما محاميا أو دبلوماسيا، لكنه اختار أن يسلك طريقا آخر يقوده لتحقيق طموحاته في الثراء السريع. بدأ حياته كرجل عصابات على أرصفة باريس، واشتهر بندبة في وجنته اليسرى بسبب شجار في ملهى ليلي.


لاحقا، غيَّر مجال نشاطه وأصبح يستهدف مسافري السفن الفاخرة التي تعبر المحيط الأطلسي، وتحديدا الأغنياء الباحثين عن الترف والترفيه. وعلى طاولات البوكر، سمحت له مهارته في الخداع بالحصول على الكثير من الأموال، وقبل أن يبلغ الـ30، أصبح من الأثرياء.

وفي 1914 اندلعت الحرب العالمية الأولى وعطلت الرحلات العابرة للأطلسي، وهو ما حرمه من النشاط الذي كان يحصد منه أرباحا طائلة.

بيع برج إيفل
انتقل لوستيغ بعدها إلى الولايات المتحدة، تلك القارة الشاسعة المليئة بالفرص، وأسس إمبراطوريته الخاصة ببراعة فائقة في الكذب الاحتيال. فتقمص شخصية شاب أرستقراطي أجبرته الحرب على الهجرة إلى الولايات المتحدة، وكانت ضحيته الأولى مصرفيا من كنساس. تظاهر لوستيغ بشراء مزرعة قديمة، ودفع للمصرفي دولارات مزيفة، قبل أن يجني 10 آلاف دولار حقيقية مقابل أذون خزانة مزورة.


وبفضل قدرته على حسن اختيار ضحاياه، جمع لوستيغ الكثير من المال في الولايات المتحدة قبل أن يعود مجددا إلى باريس، وينفذ هناك ضربته الكبرى في منتصف عشرينيات القرن الماضي.

ويحوم الغموض حول بداية القصة، لأن الضحية -وهو تاجر خردة يُدعى أندريه بواسون- لم يقدم أي شكوى ضد لوستيغ بعد تعرضه للاحتيال.

تقمص لوستيغ دور مسؤول مهم في إدارة البريد، ودعا بواسون و4 من تجار الخردة المعدنية لتناول طعام الغداء، وأكد لهم أن برج إيفل الذين يزن 7300 طن من المعدن، معروض للبيع.


وقد قرأ لوستيغ على مسامع ضيوفه مقالا يصف الحالة المتداعية للنصب التاريخي الذي أكله الصدأ ونبذه الجمهور، وادعى أن صيانة البرج ستكون مكلفة جدا، لذلك تقرر عرضه للبيع.

شدد لوستيغ على ضيوفه أن يتحلوا بأقصى قدر من السرية، لأن الرئيس الفرنسي دوميرغ وعددا قليلا من الوزراء فقط هم من يعلم بالأمر، ويمكن للصفقة أن تفشل إذا ذاع الخبر، ثم طلب منهم أن يقدموا عروضهم.

نهاية لوستيغ
انطلت الحيلة على بواسون والتقى بلوستيغ مجددا لدفع المبلغ المتفق عليه وإتمام الصفقة، وعندما انتبه بواسون واكتشف أنه كان ضحية عملية احتيال، كان لوستيغ في طريقه إلى النمسا ليتمتع بالمبلغ دون خوف من الملاحقة.

لكن في غياب الحجج القانونية الكافية، لم يستطع بواسون أن يرفع دعوى قضائية، وكان بإمكان لوستيغ أن يعود إلى باريس مجددا وينفق المبلغ بأمان، وربما خطر له أن يعرض برج إيفل للبيع مرة أخرى.


عاد لوستيغ بعدها إلى الولايات المتحدة وتخصص في صنع آلات طباعة الدولارات المزيفة، ووقع في شباكه الكثير من الضحايا، قبل أن يُلقى عليه القبض عام 1935 بسبب التزوير، وزُج به في سجن ألكاتراز بخليج سان فرانسيسكو.

ورغم أنه قدّم عددا كبيرا من الطلبات لنقله إلى سجن آخر، فإنه بقي هناك حتى نقله إلى المركز الطبي ووفاته عن عمر ناهز 57 عاما، ويقال إن لوستيغ كان يضع على جدار زنزانته في كاليفورنيا بطاقة بريدية لبرج إيفل.

أطفال الگاردينيا

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

545 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع