دير الربان هرمزد.. قصة المسيحية في العراق قبل ١٤٠٠ سنة

    

       دير الربان هرمزد يعود بناؤه إلى 640 ميلادية

الحرة:شهد دير الربان هرمزد، القابع على سفح صخري شديد الانحدار وسط الجبال النائية في شمال العراق، دخول الغزاة وخروجهم على مدى تاريخ المسيحية المضطرب في هذا الركن من بلاد ما بين النهرين.

تعاقب المغول والفرس والعرب والأكراد والعثمانيون على المنطقة فنهبوا أو حاصروا أو احتلوا الدير، الذي يرجع تاريخه للقرن السابع الميلادي، حيث يعود بناؤه إلى عام 640 ميلادية، وبلدة القوش المسيحية التي يطل عليها قرب الحدود مع تركيا وسوريا وإيران.

لكن المسيحيين هناك أفلتوا من أحدث هجمة، وهي التي شنها هذه المرة تنظيم داعش الذي سيطر على أكثر من ثلث أراضي العراق في الفترة من 2014 إلى 2017 بما في ذلك مدينة الموصل الواقعة على مسافة 32 كيلومترا فقط باتجاه الجنوب.
ومن حسن الحظ أن مقاتلي التنظيم لم يصلوا لأبعد من بضع قرى شمالي الموصل، فنجت القوش من الأعمال الوحشية التي تعرضت لها الأقليات الدينية في العراق.

وفرت بعض الأسر من هذه القرى ولجأت للقوش بحثا عن الأمان.

سعد يوحنا، راهب عراقي يعمل في دار للأيتام بالمنطقة، قال لوكالة رويترز "أعتقد أن هذه ستظل بلدة مسيحية. يجب أن نبقى على هذه الأرض".

وأضاف "يعيش عدد أقل بكثير من الناس هنا هذه الأيام، ربما ألف أسرة من ثلاثة آلاف قبل بضع سنوات لكنها تظل وطنهم".

ويتسلق السكان والمسيحيون في المنطقة الجبل بانتظام للصلاة في الدير أو بحثا عن السكينة.

ويعتبرون البلدة وأديرتها وكنائسها ملاذا للعيش والعبادة في بلد يقولون إن وجود المسيحيين فيه بات مهددا.

فمن بين 1.5 مليون مسيحي كانوا يعيشون في العراق قبل الحرب عام 2003، لم يتبق سوى الخمس، وفر الباقون من العنف الطائفي أولا على يد تنظيم القاعدة ثم على يد تنظيم داعش.

وسيحظى النازحون المتبقون على فرصة نادرة لتسليط الضوء على وجودهم في العراق هذا الأسبوع، حينما يزور البابا فرنسيس البلاد في الفترة من الخامس إلى الثامن من مارس.

وأقرب مكان من الدير سيصله البابا في جولته هو مجموعة من الكنائس المهدمة في الموصل التي كانت ذات يوم العاصمة الفعلية لتنظيم داعش.

رمز للصمود
كان يوحنا ضمن الذين تركوا القوش عندما سيطرت داعش على الموصل وعدة بلدات مسيحية إلى الجنوب. وعاد بعد بضعة أسابيع حينما نجت القوش من الهجوم.

اتخذت بعض الأسر القادمة من المناطق المجاورة، القوش مستقرا لها، إذ أصبحت قراهم الآن تحت سيطرة فصائل شيعية عراقية ساعدت الجيش في هزيمة مقاتلي داعش في 2017.

وقالت ميسون حبيب، وهي أم لسبعة أبناء جاءت من منطقة تلكيف المجاورة "الناس فتحوا لنا أبوابهم كأشقاء مسيحيين فارين من داعش، وساعدونا على جمع شتات حياتنا".

وأضافت "القوش محمية وغير معرضة للخطر ولا تسيطر عليها ميليشيات".

ولم تحسم بعد مسألة السيطرة على القوش نفسها فهي تقع في منطقة متنازع عليها بين الحكومة المركزية في بغداد وبين إقليم كردستان المتمتع بالحكم الذاتي.

ورغم أنها تقع في نطاق محافظة نينوى التابعة للحكومة المركزية فهي تحت سيطرة القوات الكردية التي ساعدت في طرد داعش

وأسرة ميسون حبيب من بين نحو مئة أسرة من المناطق المجاورة تأتي للصلاة في كنائس القوش وأحيانا في مذبح داخل الدير.

وينظرون للدير القابع على سفح الجبل كرمز نادر على صمود المسيحية بعد ما نجا من هجمات داعش كما حدث في أجزاء أخرى من شمال العراق.

وكان دير مار إيليا، أقدم أديرة العراق، الواقع قرب الموصل قد لحقت به أضرار أثناء الصراع عام 2003 قبل أن يدمره داعش بعد ما يزيد قليلا عن عشر سنوات.

وبني دير الربان هرمزد، المسمى على اسم مؤسسه، عندما كانت جيوش المسلمين تفتح بلدان الشرق الأوسط.

وتحصن الدير على مر السنين. وتحيط بجدرانه الحجرية العالية كهوف كان الرهبان ذات يوم يلوذون بها للتأمل والصلاة.

وأصبح الدير مركزا مهما لرجال الدين الكاثوليك الشرقيين من القرن السادس عشر إلى القرن التاسع عشر لكن الرهبان خرجوا بالتدريج ساعين لأماكن يسهل الوصول إليها، ومنها دير آخر في البلدة، هو مفتوح الآن للزوار والمصلين والرهبان ولكن ليس للإقامة.

ولخصت شذا توفيق، وهي امرأة انتقلت للعيش في القوش، مشاعر مسيحيي المنطقة تجاه أول زيارة باباوية للعراق قائلة "وضعنا في العراق ليس جيدا ولكنني أشعر أنني في وطني هنا".

   

أطفال الگاردينيا

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

702 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع