في ضيافة الرئيس معصوم

                                     

                              زيد الحلي

عاهدتُ  نفسي ان لا التقي أي مسؤول حكومي ، لاسيما من كان يتسنم موقعاً رفيعاً وكبيراً ، وهذا العهد ، التزمتُ به منذ يوم الثلاثاء 25 تشرين ثاني عام 1980 ،

ففي ذلك اليوم التقيت عضوا بارزاً (جداً) في الوفد الاردني  الى القمة العربية المنعقدة آنذاك في الاردن ، بصفتي الإعلامية ممثلاً لصحيفة اعمل فيها ، وخصني بخبر واسع المدى في تأثيره السياسي في المحيط العربي والدولي ، وهو نفي ( شائعات ) راجت بشدة  باعتذار بعض الدول العربية عن حضور القمة ، سرعان ما تناقلته وكالات الانباء عن الصحيفة ، وبعد ساعة ونيف على صدور الصحيفة ، وبينما كانت النشوة المهنية تلبسني بانفرادي بخبر هام ومهم ، واذا بالمسؤول "الرفيع" ينفي انه صرح بذلك جملة وتفصيلاً ، ويعلن بنفسه  عن مقاطعة  3 دول عربية هي سورية وليبيا واليمن الجنوبي القمة !!
 نعم ،  كنتُ ادرك مسببات هذا النفي ، إذ كان للظرف السياسي سطوته ، لكني في داخلي ، اشطتُ غضباً من تصريح لمسؤول كبير، يقوم بنفسه بنفيه لاحقاً..!  فآثرتُ منذ الحين ، البعد والابتعاد عن تصريحات ولقاءات المسؤولين الكبار ، لقناعتي  بان تلك اللقاءات وما ينتج عنها  محض عبارات تغلفها  دواعي اللحظة ، ورؤى يمكن ان تنقلب الى غير معانيها في اليوم التالي ... لكن قراري الذي حملته بصلابة مدة 34 سنة، كسرته  بإرادتي ، اثر هاتف ودود من  الاعلامي الصديق جمال هاشم الفياض ، دعاني فيه الى حضور تجمع  لكتّاب الأعمدة في الصحف وعدد من المحللين السياسيين   يحضره رئيس الجمهورية د. فؤاد معصوم  .. وكان اللقاء ..
ودون الدخول في دهاليز التنظير ، وسطور المجاملات التي هي سمة مثل هذه اللقاءات المسهبة بطقوس البروتوكولات ، لمستُ في حديث د. معصوم ، صدقاً وشفافية ووداً ، وشعرتُ بأنني  وسط جو من الطمأنينة .. كان حديثه هادئاً ، خلا من الوعود التي اعتدنا سماعها من الآخرين ، ووجدته فرحاً ، بأجواء العلاقات القائمة حاليا بين الكتل السياسيين (وصفها بالإيجابية) رغم رؤيتي المعاكسة للمشهد ذاته ، فليس سهلاً ان ترى رجلاً يسير على عكازة ، وهو يؤكد إنه في سباق ماراثون .. فمن يصدقه ؟ وهذا واقع الوطن مع الاسف ، الذي كثيراً ما نرى فيه تحولات المواقف السياسية من اقصى اليمين الى اقصى الشمال وبالعكس، كما ان العلاقات "الودية" والضحكات المتبادلة بين رموز الكتل السياسية ، قد تتحول الى علاقة عدائية او العكس ايضا،  لكني اثمن رؤية الرئيس د. معصوم ، فهي رؤية ابوية ، متفائلة ، متمنياً في الوقت ذاته ان تزول غمامتي ، فالوطن اهم من كل شيء ..
الرئيس د. معصوم ، رجل درس الفلسفة ودرّسها ، وقد لمستُ عنده قناعة بدور الإعلام  في إدارة الفعل السياسي وصياغة الوعي حسب ما يتطلب الموقف ، وما فريقه الإعلامي الذكي الذي يأخذ مداه المطلوب كما رأيته في اجواء الرئاسة ، الذي يمثله زملاء محترفون لهم تجربتهم المعروفة في الصحافة والاعلام ، ما يدل على ان الرئيس نجح في رسم الطريق الصحيحة في العمل الرئاسي الحديث ، المواكب للنظم الدبلوماسية الراقية...
نجح د. فؤاد معصوم  في بناء جو ما يريد  من ألفة والاصغاء الجميل بين ضيوفه ، وأوتي قدرة على اضفاء مسحة التواد بينه وبين الاعلاميين ، وتميز أسلوبه في الحديث ، باستهلال  له رنين جرس يبعث الانتباه ، كما تميز بحرص على التركيز والاختصار ..
تبقى امنية العراقيين ان تُسدل الستارة على حالات الخوف والدمار التي تتلبس الطفولة البريئة  ، وتتقمص روح الشباب ، وتخيف الآباء والامهات وان تزول مآسي النزوح ، وان يعود العراق الى واحة الأمان وهي امنية الامنيات ...
الحمد لله ، انني لم انقل خبرا صحفيا ، فـ " فوبيا " النفي ، مازالت تطحن مقلتي .. واكتفيت بما رأيت في اللقاء الرئاسي ..
 تحية لطاقم اعلام الرئيس معصوم ..
عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
 

  

إذاعة وتلفزيون‏



أفلام من الذاكرة

الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

784 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع