طه جزّاع يبتسم من الألم !!

                                      

                             زيد الحلي

        

                           

عنوان كتاب د. طه جزّاع الجديد ( إبتسم أنت في بغداد )  يجرك الى غابة من الأسئلة ، فمن خلال فعل الأمر ( إبتسم ) يشعرك بان بغداد تدعوك للأبتسامة القسرية ، وهي اعلى صيحة في عالم العجب والتعجب ، وفي واحة الأدب الساخر البديع الخالي من الهمزواللمز الذي يستمرؤه البعض لأنتزاع بسمة من قارئ ساذج...وحين تبحر في سطور الكتاب  سرعان ما تكتشف زيف المحيط الذي تعيش ضمنه ، فتسارع الى الابتعاد عنه الى نفسك ، فلا تجد إلاّ صدى مخيف ، مرعب ، تحاول ان تطرده بضحكة جهور بلهاء !

الكتاب يضحكك من القلب...ولكنه يؤلم قلبك في ذات الوقت ، وهذا اسلوب في الكتابة لا يقدر عليه سوى من عرف السخرية  المرّة الضاحكة ، وهي لؤلؤة في بحار بعيدة ، ومن يصل اليها فهو صياد ماهر، كون السخرية الواعية المسؤولة هي أداة من أدوات التوجيه والنقد ، وهي ارفع قدرا من التجريح والتهريج .. والكتابة الساخرة لا يجيد قيادتها  او يمتطي صهوتها ، إلا من كان فعلاً ذو روح ساخرة ، ففاقد الشيء لا يعطيه ، وشتان بين الأسلوب الساخر و الأسلوب الشاخر ..!
مجموعة من الأعمدة الصحفية المنشورة ، اختارها الكاتب لتكون محور كتاب انيق ، ضم مقالات تبعدك عن التشاؤم لحظة  قراءتها ، لكنها تغرقك فيه حال الانتهاء منها .. كتبها بأسلوب ساخر حينما وجد نفسه حرا تجاه اللحظة وتجاه الظرف الذي عاشه .. انيق العبارة ، عميق الرؤى ، سريع البديهة ذلك ،ان الثوب الذي يرتديه قلم الصديق طه جزاع المتمثل  بالسخرية المرّة التي بنى  لنفسه فيها واحة يفيء إليها ،  قوي كالفولاذ , احمر كالجمر , باق كالسنديان , عميق كنخل العراق .. ربما تكمن هذه القوة ، لإنه دعا قراءه  ان يفهموا  من كتاباته ما يريدون !!
ان التجوال في ازقة الحياة ودروبها ، علّمت الزميل طه جزاع النفاذ الى عمق الاشياء واكتشاف معانيها الخفية ، وتلك خصلة لمستها عنده  منذ ان توطدت شباك علاقتنا ، لتصبح اوتدة قوية في سفرصداقة امتدت لنحو 40 عاما  ، اقتربنا في بعض اوقاتها الى حد اللقاء اليومي ، في عمل صحفي مشترك ، فوجدته زميلاً لا سلطان عليه سوى نفسه ، ولا رقابة عليه سوى ضميره .. ربما هذه الرفقة الطويلة هي التي دفعته الى ان يهدي لي كتابه الجديد بعبارة تبعها بذكر اسمي  ( الى فحل الصحافة العراقية  الخ ).. وهي دلالة على عمق الفهم المهني الذي ترسخت اواصره بيننا .
اخي طه ، كتابك ناعم كالوردة ، حاد كالموسى لا تفيد معه الفحولة ابداً..
عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
 
 

  

إذاعة وتلفزيون‏



أفلام من الذاكرة

الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

761 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع