ذكرياتي في اذاعة بغداد في سنواتها الاولى

             

     ذكرياتي في اذاعة بغداد في سنواتها الاولى

 

محمد علي كريم/ مذيع رائد:في أواخر الثلاثينيات، كنت أتردد على إذاعة بغداد التي افتتحت في صيف 1936 للمشاركة في التمثيل مع فرقة المرحوم عبد الله العزاوي، واذكر أن مسرحية (مجنون ليلى) هي المسرحية الشعبية الأولى التي تقدم من اذاعة بغداد، وقد شاركت في تمثيلها مع الفنان عبد الله العزاوي والفنان محمود المعروف.. وفي تلك الفترة كلفني السيد فؤاد جميل مدير السكرتارية (الإذاعة)

بقراءة الأحاديث الإذاعية التي لا يقدمها كتابها بأصواتهم، وقد زادني هذا العمل تعلقا وشغفا بالإذاعة، فكنت استمع إلى (إذاعة القاهرة) وإذاعة (القدس)، وأتابع البرامج العريقة التي كانت تقدمها، ومنها منلوجات (منير ومثيرة) للفنان فهد نجار.


بعد ثورة مايس 1941، أعلنت الإذاعة عن حاجتها لمذيعين جدد وتقدم حوالي ثلاثمائة وثمانون شابا وبعد (التصفيات) لم ينجح الا اربعة هم الزميل وديع خوتدة والمحامي جهاد العبايجي والمرحوم حامد الهاشمي وانا وبدأنا عملنا مع المرحوم موحان طاغي والسيد عبد الحميد الدروبي وناظم بطرس. اختبرتنا لجنة كانت تستمع إلى أصواتنا ونحن نقرأ ثم تسألنا بضعة أسئلة كي تحدد صلاحية الصوت والتمكن من اللغة وسرعة البديهة، وحسن الإلقاء والثقافة العامة وهذه هي الصفات التي يجب أن تتوفر في المذيع في كل مكان وزمان. لكني اختبرتنا لجنة كانت تستمع إلى أصواتنا ونحن نقرأ ثم تسألنا بضعة أسئلة كي تحدد صلاحية الصوت والتمكن من اللغة وسرعة البديهة، وحسن الإلقاء والثقافة العامة وهذه هي الصفات التي يجب أن تتوفر في المذيع في كل مكان وزمان. لكني تركت الاذاعة بعد فترة بسبب القاء القبض علي بتهمة الانتماء الى كتائب الشباب في ثورة مايس 1941، وحكم علي بالسجن لمدة سبعة اشهر وفصلت من الاذاعة اضافة إلى فصلي من عملي ككاتب مستخدم في مديرية البلديات.

                           

يبدو ان السيد ارشد العمري رئيس الوزراء في ذلك الوقت، كان غير مقتنع بأصوات المذيعين، لذا فقد أرسل بطلب المرحوم حسين الرحال مدير الإذاعة وطلب منه المذيعين الذين سيخضعون الى اختبار جديد بحضور السيد ارشد العمري شخصياً، وقد تم الاختبار بالفعل ولم ينجح فيه غيري أنا والزميل ناظم بطرس والسيدة صبيحة المدرس، وبذلك توزعت ساعات البث بيننا نحن الثلاثة.
اتذكر الكثير من الحوادث والطرائف التي صادفتني في حياتي الاذاعية ، ومنها :
ان السيد عبد الستار فوزي هو اول مذيع عمل في الإذاعة حين كانت سكرتارية تابعة لوزارة المعازف ، ثم جاء بعده المذيع والصحفي المرحوم يونس بحري الذي كان يصدر جريدة (العقاب) ثم انتقلت الإذاعة من سكرتارية إلى مديرية ألحقت بمديرية الدعاية في وزارة الداخلية في اوائل عام 1939، وكان اول مذيع في هذا العقد هو السيد حسن الكيلاني متعه الله بالصحة والعافية، وجاء بعده عبد اللطيف الكمالي والمرحوم كاظم الحيدري.
- في بداية تأسيسها قدمت الإذاعة برامجها لثلاثة أيام في الأسبوع، ثم زادتها إلى أربعة ثم صارت يومية وكانت فترة البث من الساعة السابعة مساء وحتى العاشرة مساء متضمنة نشرات إخبارية وأحاديث دينية وتلاوة للقرآن الكريم ، وحفلة غنائية لمطربي أيام زمان منهم:

   

الفنان الكبير محمد القبانجي ، وسليمة مراد وصديقة الملاية وسلطانة يوسف ومنيرة الهوزوز وحسن خيوكة وناصر حكيم وعفيفة اسكندر وحضيري أبو عزيز ونرجس شوقي.

استحدثت فترة في الصباح وأخرى في الظهيرة إضافة إلى الفترة المسائية وعندما اندلعت ثورة مايس، مددت فترات البث الثلاث وانتقلت الإذاعة لظروف أمنية من بنايتها في الصالحية إلى الأعظمية ثم إلى شارع الزهاوي ، ثم عادت إلى بنايتها الحالية.

          

في عام 1943 ، عملت المرحومة فكتوريا نعمان كأول مذيعة في اذاعة بغداد لمدة لا تتجاوز العام وزاملتها في العمل السيدة امينة الرحال ولفترة بسيطة ايضا، ثم دخلت السيدة صبيحة المدرس الاذاعة في عام 1945، واختبرت للعمل كمذيعة لتمكنها من اللغة العربية اضافة الى كونها شاعرة، وقد عملت السيدة صبيحة لفترة طويلة ولم تترك الاذاعة الا بعد ان استلمت عملها كمديرة لسجن النساء، ثم عادت مرة اخرى للعمل الى ان تقاعدت في أوائل الستينيات. -

   

صورة توثيقية تعود لعام ١٩٥٤المذيعون العراقيون الرواد

الجالسون من اليمين: ناظم بطرس - صبيحة المدرس - محمد علي كريم.

الواقفون من اليمين:سعاد الهرمزي ،حافظ القباني ، عادل نورس ، فيصل حسون وقاسم نعمان السعدي.

الحقيقة أن عمل السيدة صبيحة في الإذاعة حدث كبير قوبل بالتعجب إلا أن دماثة خلقها وحسن تصرفها وسلوكها الطيب، جعلها مذيعة محترمة من الجميع، وعزيزة على قلوب زملائها حتى آخر يوم عمل لها في الإذاعة. - في بداية عام 1958 ، دخلت الاذاعة مذيعة جديدة وتلميذة في كلية الصيدلة هي السيدة وداد خضر وظلت تعمل لسنوات، ثم توالى انضمام المذيعات للعمل بعد عام 1959.

        

من طرائف ما يذكر أن السيدة ام كلثوم قدمت شكوى ضد إذاعة بغداد عن طريق وزارة الخارجية رافضة طريقتنا في نقل حفلاتها من اذاعة القاهرة، وقد اجبنا على شكواها بان قانون الملكية الفنية المعمول به في العراق يجيز لنا نقل ما نريد كما يجيز النقل عنا لان الوطن العربي واحد ولا فرق بين بلد عربي وأخرى وقد عاتبتني السيدة ام كلثوم شخصيا عندما كنت احضر حفلتها الغنائية في القاهرة في 6 كانون 1956 بعد أن أطرت العراقيين ووصفتهم بأوصاف جميلة أمام الجالسين معها ومنهم الشاعر احمد رامي، وقد أجبتها بأنها هبة من الله وان كل قطر عربي له حصة فيها ونحن بنقلنا لأغنياتها نأخذ حصتنا مقدما.. وقد حكمت السيدة أم كلثوم وقالت.. حسنا انقلوها ولكن بطريقة فنية (نظيفة) لا تؤثر على الأغاني.
حين قرروا تقسيم فلسطين في تشرين الثاني 1947، اذعنا الخبر وتبعناه بأناشيد وطنية حماسية منه (وطني انت لي) و(نحن الشباب) كانت ملائمة تماما لحالة الغليان والغضب التي كانت تسود الشارع، وحين دخلت الجيوش العربية العسكرية واخبار الجيوش وتحركاتها. كما قدمت فرقة الزبانية للفنان ناجي الزاوي وفرقة مجاهد للفنان توفيق لازم، بعض التمثيليات التي تناسب الحدث.
البث التلفزيوني كان حدثا اجتماعيا كبيرا ، واختراعا، أوقع العراقيون بالدهشة وقد كنت أنا أول مذيع تلفزيوني يظهر أمام الجمهور في منطقة الشرق الأوسط. والسيد صبيحة المدرس او مذيعة، واذكر أننا قدمنا في الليلة الأولى برنامجا يتضمن نقل حفل افتتاح من مجلس الإعمار مدته ساعتين وكان الحديث فيه عن مشروع الثرثار، ثم غنت عفيفة اسكندر وناظم الغزالي، وقد شاركني التقديم الزميل ناظم بطرس، وبمرور الايام بدأ الزملاء الآخرون بالظهور على الشاشة كالزميل سعاد الهرمزي والزميل عادل نورس والمرحوم قاسم نعمان السعدي كما اصبح للتلفزيون فنانون شباب من ممثلين ومغنين ومقدمي برامج وبذلك يسجل للتلفزيون دوره في تنشيط الحركة الفنية في العراق.
المصدر: المدى

   

  

إذاعة وتلفزيون‏



أفلام من الذاكرة

الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

632 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع