مَن سيربح المنازلة مع كورونا ... الإنقلاب الصيفي أم عدم التباعد الاجتماعي ؟

                                                   

                            الطبيب الاستشاري
                        الدكتور طريف فاضل

مَن سيربح المنازلة مع كورونا ... الإنقلاب الصيفي أم عدم التباعد الاجتماعي ؟

تشير الدراسات إلى أنّ سرعة إنتشار الفايروس التاجي المستجد (SARS-CoV-2) تقل بارتفاع درجة حرارة الجو و ارتفاع درجة الرطوبة النسبية ففي أحد البحوث تم دراسة استقرار الفيروس عند درجات حرارة ورطوبة نسبية مختلفة على الأسطح الملساء؛ فأظهرت النتائج أن الفيروس كانت لديه القدرة على البقاء لمدة (خمسة أيام) في البيئة المكيفة العادية عند درجات حرارة تتراوح بين (22-25) درجة مئوية، ودرجة رطوبة نسبية قدرها (40-50%)، بينما فقَدَ الفيروس قدرته على البقاء بشكل أسرع عند درجات حرارة أعلى من (38) درجة مئوية، ودرجة رطوبة نسبية أعلى مما يشير إلى الاستقرار الأفضل للفيروس عندما يكون في البيئة المنخفضة الحرارة والرطوبة وهذا يعني أن إنتقال العدوى في الأماكن المغلقة صيفاً كالبيوت والدوائر وغيرها سيكون أكثر مما هو في الأماكن المفتوحة و المعرضة لأشعة الشمس إذا لم يتم تعفيرها وتعقيمها باستمرار ويعتقد باحثون في بريطانيا أن البقاء في المساكن قد يعرض الناس في بعض الأحيان للمرض أكثر مما لو كانوا في الهواء الطلق لأن الفايروس قد يبقى معدياً لعدة أيام في الأماكن المغلقة. وهذا لا يعني السماح بالتجمعات خارج المنزل بالطبع كون التباعد يبقى هو العامل الأهم في كسر سلسلة العدوى هذا من جانب ومن جانب آخر ضرورة تعقيم الأسطح التي يلامسها أو يقترب منها الإنسان وإن كان يبدو سليماص ومعافى . فضلاً عن ذلك فأن أشعة الشمس يمكن أن تساعد في خفض معدلات انتقال الفيروس التاجي المستجد لأن أشعة الشمس القوية يمكن أن تقتل الفيروس بنسبة 90% في 30 دقيقة فقط وفق أحد الدراسات وفي 6 دقائق وفق دراسة أخرى إذ لاحظ الباحثون أن تأثير ضوء الشمس على الفيروس أكبر بكثير في وقت الصيف الذي نشهده الآن و بلوغ أشعة الشمس ذروتها حالياً . و رغم كل هذا فالباحثون يؤكدون أن هذا الشيء قد لا يحدث ما لم يتم الإلتزام بتباعد اجتماعي فعال أيضاً.

إن الذي حدث مع متلازمة السارس (وهو مرض فايروسي من عائلة الكورونا ) في عام 2003 أنه اختفى مع أرتفاع درجة حرارة الجو وتم التصور أن الحرارة لوحدها هي التي أنهت الموجة و الحقيقة كانت إجراءات العزل والتباعد هي العامل المهم في إنهاء الموجة و يذكر أنه قد أصيب بالسارس أكثر من ثلاثة آلاف شخص ولقي 861 حتفهم في جميع أنحاء العالم منذ أن ظهر لأول مرة في إقليم جوانجدونج الصيني مع العلم أنه لا يوجد أي لقاح أو علاج فعال وأمين للسارس لحد الآن.
إن إرتفاع درجة حرارة الجو وان كانت عاملاً مؤثرا في إبطاء تفشي الموجة في السارس كما سبق وكما يأمل البعض مع الكوفيد 19 فأنها ممكن أن لا تكون كذلك عندما تكون الموجة في أوج قوتها حيث تكون دفة القيادة للموجة نفسها يساعدها في ذلك عدم التباعد ووجود أشخاص مهيئين للإصابة دون أن يستطيعوا أن ينأوا بنفسهم عن مواجهة الموجة بالالتزام بقواعد السلامة اللازمة . و كدليل لما تقدم كانت الموجة الوبائية للإنفلونزا الإسبانية التي حدثت عام 1917 على أوجها في فصل الصيف بينما كانت موجات التفشي الأخف حدة للانفلونزا الاسبانية وغيرها من الإنفلونزا في فصول الشتاء !!
لقد مر علينا قبل أيام ما يعرف بالانقلاب الصيفي وهو أول أيام الصيف في التقويم ، وأطول أيام السنة حدث هذا ويحدث يوم 21 من حزيران كل عام و درجات الحرارة العظمى الحالية في بغداد حوالي 43 درجة مئوية والصغرى 29 درجة ومن المتوقع ان تزداد خلال الأيام التالية ولكنك تجد ارتفعاً في معدلات الإصابة نظراُ لأن العوامل الأخرى أخذت تلعب دوراً ولعل أهمها ضخامة الموجة و قلة التباعد الاجتماعي و الكثافة السكانية العالية لبعض المناطق و المناعة المجتمعية المتدنية من الفايروس لحد الآن والاستعدادات الشخصية للإصابة.
إن الموجة الوبائية يمكن أن تتلاشى عند بلوغ المناعة المجتمعية نسبة عالية وإصابة أكثر من 70 -90 % من السكان و نظراً لما تحمله الإصابة من خطر يهدد حياة المصاب فمساهمة المواطن في منع صعود هذه النسبة بالإلتزام بالتباعد هو حجر الأساس في الوقاية من المرض وتسطيح المنحنى الوبائي علماً أن الزيادة السريعة في الإصابات وخلال وقت زمني قصير يؤدي إلى ضغط كبير على الخدمة الصحية ويؤثر على الطاقة الإستيعابية للمستشفيات و المؤسسات الصحية فضلاً عن ذلك فأن الحمل الفايروسي العالي بحد ذاته يؤدي الى خسائر بشرية أكثر مما كان الحمل الفايروسي في المجتمع بدرجة واطئة .. فهل سيساعد المواطن أشعة الشمس والحرارة المرتفعة في تقليل حالات الإصابة وذلك بالإلتزام بالتباعد الإجتماعي والشروط الصحية الأخرى ؟ أم سينقلب المواطن على الانقلاب الصيفي و حينئذٍ سنشاهد مَن يغلب مَن ...

أطفال الگاردينيا

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

606 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع