احتلال الموصل ١٠ حزيران / يونيو ٢٠١٤

                                                     

                          د علوان العبوسي
                      10 / 6 / 2019


احتلال الموصل 10 حزيران / يونيو 2014

تمر بنا اليوم الذكرى الخامسة لاحتلال الموصل من قبل قوى الشر والظلام داعش ، ومع الاسف لم نجد في الاعلام العراقي ما يشير الى هذه الذكرى الاليمة على الاقل لتكون درس ابدي مستفاد قاسي ومهم جدا اضر قتلا وتدميراً وتهجيراً لأكبر محافظات العراق من حيث المساحة والسكان للاستفادة منه في تدارك الاخطاء مستقبلا ويحبذا إيضاح الأسباب الحقيقة لهذا الاحتلال الغاشم أسبابه ومبرراته لأهميته القصوى 

في عجالة بودي الإشارة الى الأسباب والنتائج لهذه المأسات المسكوت عنها
في 10 حزيران / يونيو 2014 تواجدت في الموصل القوات المسلحة الاتية (الفرقة الثانية حوالي 15000 رجل ، الفرقة الثالثة حوالي 15000 رجل ، فرقة شرطة اتحادية 10000 رجـل ، الشرطة المحلية 30000 رجل ، مزودون بالأسلحة المختلفة دبابات ، عجلات مدرعة وطائرات سمتيه وغير ذلك ،يقودهم كلا من الفريق مهدي الغراوي قائد عمليات نينوى والفريق الركن عبود كمبر معاون رئيس اركان الجيش والفريق الاول الركن علي غيدان قائد القوات البرية العراقية .

أسباب سقوط الموصل

يمكن ترجيح أسباب سقوط الموصل إلى عدة عوامل رئيسة ، اهمها عدم كفاءة ومهنية القادة الهاربون تاركين جنودهم وشرفهم العسكري الذي اقسموا به امام الله والوطن ، تعاطف السكان المحليين في الموصل مع القوات المهاجمة ناشدين الخلاص مما اصابهم من ظلم وقهر وتهميش دون مبرر من سلطات الدولة واكيد دون توقعهم لما سيجري لهم في قادم الايام ، فقدان القيادة والسيطرة بين قيادات التشكيلات والوحدات نزولا الى الوحدات الفرعية والجنود ، بالإضافة الى عدم اهتمام القيادة العامة للقوات المسلحة بتحذيرات المحافظ وقادة اقليم كردستان لما قد يحدث في المستقبل من خلال تقاريرهم المرفوعة لرئاسة الوزراء التي اعتمدت كلية على تقارير القادة العسكريين الميدانيين (حسب محافظ الموصل أثيل النجيفي ورئيس اقليم كردستان مسعود البرزاني ) .

نتائج سقوط الموصل
بعد احتلال الموصل أهتمت الصحافة العربية والعالمية بالنتائج المترتبة على ذلك ، حيث حققت القوات المهاجمة مكاسب عسكرية وسياسية لا يمكن الاستهانة بها مطلقا فقد فرض التنظيم الارهابي سيطرته على فروع البنك المركزي العراقي في الموصل ، بالإضافة إلى المعدات العسكرية الهائلة التي غنمها من مدافع ودبابات ومدرعات وطائرات سمتيه وصواريخ على اختلاف انواعها ومعدات قتال مختلفة.

ثلاث سنوات سوداء احتلت الموصل من قبل تنظيم (داعش) الإرهابي ، وقد امتد الاحتلال نحو غرب العراق ووسطه ، حدث جلل لم يكن مباغت لنا جميعاً ولكن ، جرت صناعته من قبل قوى سهّلت ذلك الاحتلال المأساوي من حيث الدعم الاداري والمادي والتسليحي فقد ظهر بوضوح من خلال وسائل الاعلام بان هناك دعم امريكي لأسلحة وغذاء وادوية على شكل عبوات يتم اسقاطها جواً .
ففي حزيران /يونيو 2017 اوضحت الصحفية البلغارية (ديليانا جيتا نزيفا) التي تعمل في صحيفة ( ترود) بصوفيا ، نشرت تقريرا مفصلاً عن قيام خطوط (سيكلو اي) المملوكة لدولة اذربيجان بتنفيذ اكثر من 350 طلعة طيران وبأشراف المخابرات المركزية الامريكية نقلت خلالها عشرات الاطنان من الاسلحة والذخائر للإرهابيين في سوريا والعراق والتقرير مدعم بالوثائق الرسمية التي تحدد انواع وكميات المقذوفات والاسلحة ومناطق الشحن والتفريغ والاهم من ذلك اسماء الشركات المتعاقدة مع الحكومة الامريكية للإسهام في تسليح وتدريب الجماعات الارهابية وابرزها شركة بريل شوفل البلغارية عبر وزارة الدفاع الاذربيجانية (1) ، ولم يبدوا ذلك اي اهتمام او تصريح به من قبل سلطات الدولة المفروض ان يكون ، مالم يكن لها علم بما يجري بمثل هكذا حدث ادى ضياع قرابة نصف العراق بأيدي داعش ، واصبح هذا الاحتلال لدى البعض من الفصائل الطائفية فرصة للانتقام من بعض المناطق السنية في محيط بغداد والمحافظات السنية الاخرى ، وفرصة للتدخل الايراني بحجج الدفاع عن العراق من قبل قادة ايرانيين امثال الجنرال قاسم سليماني وآخرين مع عناصر مقاتلة ايرانية معهم حلفاء عراقيون سياسيون ولائهم المطلق لإيران امثال ابو مهدي المهندس وهادي العامري وتطوير اعمال قوات الحشد الشعبي خارج نطاق محاربة التنظيم الارهابي وكاّن الامر مهيئ مسبقاً لمثل هذا التدخل ، كل ذلك حدث وسط إعلام موجه ومموّه عاجز عن قول الحقيقة المؤلمة وصمت رئيس الوزراء نوري المالكي، الذي يتحمّل المسؤولية التاريخية عن ضياع قرابة نصف العراق والغدر بشعبه بأيدي داعش ، وما تبع ذلك من ويلاتٍ وتداعياتٍ وضحايا وخراب ناهيك عن محاولات التغيير الديموغرافي للمناطق التي احتلها التنظيم المتطرف .
رب سائل يسال هل كانت الموصل مدينة سعيدة قبل ظهور داعش ؟
ليست الوقائع بعيدة ما قبل 2014 لم يكن إلا تمهيدا لما بعدها، كانت سياسات رئيس الوزراء نوري المالكي حينها قد وصلت بالمدينة إلى حافة الانفجار، المدينة المكروهة إيرانيا عوملت باعتبارها مدينة داعش قبل ظهور التنظيم الإرهابي فيها.
قبل داعش كانت صفة بعثي تلاحق سكان الموصل وتلف حبل المشنقة حول رقاب شبابها ولو بطريقة مجازية ، حيث كانت تهمة الإرهاب جاهزة لتكون سببا لاعتقال أيا منهم ، اجراءات تعسفية اتخذت بحق المدنيين والعسكريين السابقين على السواء تكشف عن نزعة عدوانية مبيته أريد لها أن تكون سببا لاقتلاع الانتماء الوطني من صدور أهل الموصل ، كانت سياسات حكومة المالكي في الموصل جريمة ضد الإنسانية ، فليس من الانصاف النظر إلى تلك السياسات من جهة تمييزها لسكان الموصل على أساس طائفي باعتبارهم سنة ، هذه النظرة السطحية للمشكلة ولكن الحقيقة كانت النزعة الوطنية العربية والقومية لدى الموصلين هي أساس المشكلة.
كان هذا الرجل يكره كل مَن يختلف عنه في الفكر والعقيدة والطائفة والعرق ومثالنا ما جرى من تصريحات على العلن اثناء اعتصامات الانبار ومعها خمس محافظات عراقية اخرى وغيرها من التصريحات الطائفية السمجة () ، هذا صحيح غير أن ذلك لم يكن سببا يكفي لقيامه بمغامرة تسليم ثاني مدن العراق لتنظيم إرهابي ، وهي مغامرة كان من الممكن على الأقل أن تقضي على مستقبله السياسي إن لم تؤد به إلى الإعدام بتهمة الخيانة العظمى لولا التدخل الإيراني لإنقاذه وانتشاله منها. ، وطنية الموصلين ومبدئيتهم الصلبة التي أزعجت إيران كانت هي السبب لكل ما جرى لهم قبل ظهور واحتلال داعش لبلادهم لقد جيء بهذا التنظيم لنصرت ايران للمساهمة بتحقيق اهدافها الصفوية والمجوسية وهدم مرتكزات الدين الاسلامي الحقيقية بعيداً عن التطرف ، لقد حمت إيران المالكي لأنه نفذ مشروعها في الموصل غير أن مسؤوليته عن هزيمة جيش من غير قتال لا تزال شأنا عراقيا عالقا ، وهو ما يمكن أن يعرضه في أية لحظة للمساءلة القانونية .
ما جرى بعد ثلاث سنوات من احتلال الموصل ، جعل ثاني أكبر مدن العراق وملحقاتها تحت بطش أشرس فئة ضالة وشريرة من البشر نجحت في تخريب المدينة ، وسحق الصروح الحضارية والانسانية فيها ، وحرق جامعاتها ومكتباتها ومتاحفها ، وتفجير أبرز معالمها وجوامعها وأديرتها وكنائسها القديمة ثم مأذنتها الحدباء صفة الموصل العربية والعالمية ، ومن ثمّ ما اتبع من شراسةٍ لا توصف في حكم العباد ، إذ قُتل من البشر ما لا يُحصى عدده ، وقُطعت رقاب نسوة ورجال في ساحة قلب المدينة ، ونكب جيل بانقطاعه عن الدراسة والتعليم ثلاث سنوات، وشتت الناس وجاعوا وتشردوا، وتيتّم مئات الأطفال ، فضلاً عن استئصال المسيحيين الموصلين من المدينة وأطرافها وطردهم والاستيلاء على ممتلكاتهم، وكذا العبث باليزيدية ، وقتل رجالهم وسبي نسائهم وامتلاك أطفالهم.. إلى غير ذلك من المخزي من الاعمال والسلوكيات التي لم يشهد مثلها التاريخ أبداً.
ولقد وجد المالكي في التضحية بالموصل مناسبة لتأكيد ولائه لإيران من أجل أن تدعم أطماعه بولاية ثالثة ورابعة وكما يبدو فإن إيران التي اكتفت بحمايته شخصيا لم تكن مستعدة لتمرير خيانته الذي شمل الشيعة ايضاً .
وإذا ما كان الإعلام العالمي والعربي قد صمت عن الجرائم التي ارتكبت في الموصل قبل وأثناء وبعد تحريرها فما ذلك الصمت إلا دليل على أن هناك قوى كبرى كانت مضطرة للتغطية على دورها في الجريمة.
في لقاء ضم اسامة النجيفي رئيس البرلمان في دورته السابقة بقناة MB tv يذكر النجيفي ما يأتي ( كنت في زيارة الى ايران مع وفد عراقي قبل سقوط الموصل بأربعة اشهر ، جاءني احد القياديين الايرانيين ، قال لي اذا لم تتفاهم مع المالكي ستسقط الموصل ...) ، اذن الموضوع مبيت ومنتهي ويعلم به اعضاء الحكومة وبعض البرلمانيين كما اشرنا آنفاً .
والمؤلم ان مجلس النواب العراقي شخص بتحليل وتقصي معمق لأسباب هذا الاحتلال من خلال هيئة امنية وسياسية موسعة ولم يتخذ اي اجراء لمعالجة ومحاسبة المقصرين وباتت قراراتها طي الكتمان لان فيها من الشخصيات الحزبية والسياسية الموالية لإيران بالإضافة للعديد من القادة الامنيين وآخرين من الاحزاب الحاكمة ، فماذا يعني التفريط بأكبر محافظة عراقية دون محاسبة المتسببين في هذا الاحتلال .


1 ). الاهرام العربي . العدد 1064 ، ايلول /سبتمبر 2017

*). يـقـول المـالـكـي فــي خـطـاب جـمـاهـيـري بمدينة كربلاء في تحشيد جماهيري (نحن جيش الحسين فـي مـواجـهـة جيش يـزيـد ) ، هـل هـنـاك دلـيـل أبلغ من هذا القول على النهج الطائفي ؟ ويلحق هذا القول بقول آخر قاله عبر وسائل الإعلام: (إننا في حرب مقدسة) ، والحرب المقدسة إذا قيلت من مسلم فإنها تعني الحرب ضد الكفر بالله ، فهل أهل الأنبار ومن في حكمهم مـن الكافرين الـذيـن يجب أن تشن عليهم حـرب مقدسة وكذلك سكان بغداد أشقاء الأنبار ؟ وقد سبق ان أعلن المالكي ، في بغداد أن الـقـبـلـة كـربـلاء. وفـي هـذا الـسـيـاق هـل عـلـمـاء
*الشيعة وفقهاهم يوافقون المالكي على أن القبلة هي كربلاء ، وهل يعني ذلك أن كربلاء قبلة الشيعة ومكة قبلة أهل السنة؟ ، ثم يعلن المالكي أنه لا هوادة ولا تفاوض مع أهل الأنبار وأشقائهم في عراقنا الحبيب.

    

  

إذاعة وتلفزيون‏



أفلام من الذاكرة

الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

708 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع