أمنية لعام ٍ جديد

                                                                 

                                  حامد خيري الحيدر

       

لم يبق سوى القليل ليغادرنا الى غير رجعة عام 2016 بقلة مسراته وكثرة آهاته وآلامه وحسراته ، ليأتي عام جديد لانعرف شيئاً عما يخبئه لنا القدر فيه، وأن بدت كل المؤشرات تدل على أنه لن يكون أفضل من سابقه، هذا أن لم يكن أكثر سوءً...

وفي هذا الوقت يبدأ كل أنسان يفكر مع نفسه ويتساءل ماذا تغير من حياته، وماذا عساه أن يتمنى ليغير شيئاً منها... فهل هناك من أمنيات جديدة يمكن أن تضع نكهة على تلك الحياة الرتيبة المملة وتنقلها من حال الى آخر أفضل... ذلك بعد أن ملّ الجميع أمنيات جداتنا الطيبات (رحمهن الله) اللواتي لم يعرفن في أزمانهن سوى البساطة والحنين والمحبة.. تلك الأمنيات التي نعيدها كل عام، وأعني بها تلك الأسطوانة المشروخة، أو الثالوث الأزلي (الصحة.. السعادة.. طول العمر) والتي لم يعد يجدي نفعا ً تكرارها.. بعد أن صارت ممجوجة من مطليقها ومُتلقيها على حدٍ سَواء، لتصبح نوعا من الرياء على أنفسنا. ويكفي أن نسمع الأخبار المؤلمة اليومية عن وطننا الصابر الجريح و ما آل اليه حاله لنعرف ماذا تحقق من تلكم الأمنيات... بعد أن غدا شعب الرافدين العزيز الكريم مُنقسماً، بين مهاجر ومسافر ولاجئ، يطرقون أبواب دول العالم الصماء عّلها تجود عليهم بنفحة أمان وكرامة عيش.. وآخرين لا زالوا صابرين صامدين في أرض الوطن محاصرين بين تخلف داعر وناهش وموت بمخالب داعش.. أولئك الذين لا أجرء على التطرق لما يجول في فكرهم من أمنيات.. فالحديث عن ذلك ثقيل ويطول، بعد أن أصبح كل شيء هناك ذاهب الى أفول.. فبعد أن كانت لاتعد ولا تحصى أمانيهم غدت لا تتعدى طموحات أنسان العصر الحجري في الحصول على أبسط مُقومات حياتهم كبشر... أقول ذلك وأنا أتذكر أمنيات الماضي الجميل المليئة بالتفاؤل حين تستقبل العوائل مجتمعة فرحة العام الجديد، تملئ قلوبهم وعيونهم الآمال والأحلام.. (أيجاد شريك أو شريكة العمر)، (التخرج بتفوق)، (الرزق بأطفال)، (إقامة المشاريع الناجحة).. وغيرها الكثير الكثير من أمنيات الأنسان التي تفتح له آفاق المُستقبل وتمهد لحياته أيام أجمل... أتذكر تلك الأمنيات لأرى أين نحن منها اليوم وهاجس القلق من قادم الأيام يلاحقنا كظلنا أينما نقلنا حلنا وترحالنا..... لكن رغم كل هذا وذاك يبقى الأمل... هذا القديم، الجديد والمُتجدد، هو كل ما تبقى لدينا بعد كل الذي فقدناه. الأمل الذي نجده يتردد مع صرخة طفل وليد تهزّ صرخته سكون الظلام، أو مع (هلهولة) أم حنون تزف أبنتها لحياتها الجديدة، أو مع ضحكة شاب وسيم يمسك بيده شهادة تخرجه الجامعية حالماً بغدٍ مشرق وضّاء... فليكن أذاً الأمل هو أمنيتنا، وهو سلاحنا الأقوى والأمضى لكسب أحلامنا وجمال أيامنا.. فبه فقط نبقى وتبقى الحياة.... وأجمل ما نستذكره هنا، تلك الكلمات الرائعات للشاعر الخالد ناظم حكمت حين يقول....
أجمل البحار
هو البحر الذي لم نذهب اليه بعد
وأجمل الأطفال
هم الذين لم يكبروا بعد
وأجمل الأيام
هي تلك التي في انتظارنا
وأجمل القصائد
هي التي لم أكتبها لك بعد
يا صغيري
يا صغيرتي
أمنياتي الطيبة الصادقة لجميع أبناء شعب العراق العظيم .. أن يكون العام الجديد.. عام محبةً وهناء.. عام بسمات لا بكاء.. عام خالٍ  من الألم مليء بالأمل

أطفال الگاردينيا

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

884 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع