هل للعراق هوية؟

                                     

                         د.سعد العبيدي

لكل بلد هوية، بل لكل انسان هوية. ومن في هذا الكون لا يملك هوية عامة وأخرى فرعية؟. حقائق أو مبادئ حياة هل تنطبق على بلدنا العراق؟. وهل للعراق هوية؟. وإذا ما كان الأمر كذلك، فما هي هويته؟. أسئلة للإجابة عليها يقتضي المرور منطقياً على بعض الشواهد، منها على سبيل المثال:

بعد أن تغير المشهد في المسرح الكبير للمنطقة الخضراء والدخول الآني للبعض القوي "مرحلياً" من الجمهور الشيعي المحتج الى داخل البرلمان، وركل أعضاءه بقوة أسقطتهم من على كراسيهم الثابتة، ووقوف الحراس الأمنيون جانباً، لا يعون ما يحدث ولا يحسنون التعامل مع ما حدث، وركوب غالبية الأعضاء سياراتهم المصفحة هروباً من مجابهة أولئك الذين اعتقدوا على أنهم قد انتخبوهم، وخدعوا أنفسهم على أنهم من يمثلونهم في ساحة العراق الديمقراطية، ومن بعد التوجه بالآلاف الى ساحة الاحتفالات الكبرى التي شهدت أعلى هتافات التعظيم لدكتاتورية النظام السابق، ليهتفوا في ظل النظام الجديد بالضد من ايران الشيعية ويؤسسوا شرخاً في بنية الكتلة الشيعية الحاكمة. فهل يحق بعد هذا القول أن هوية العراق شيعية؟.
وقبل هذا بسنين ومنذ بداية إنشاء الدولة العراقية باتفاقات دولية، اختلف الأكراد مع الحكومة واختلفت الحكومة معهم على صيغ المشاركة في الحكم، واختلفوا سوياً على توصيف الحقوق وتحديد الواجبات، وأبقوا اختلافهم صراعاً مسلحاً كان قاسياً لثمان عقود متواصلة، حتى وعند اقترابهم من فضه سلمياً على وقع التأثير الأجنبي في التغيير وفرض الحلول عام ٢٠٠٣، عاود الاختلاف بالظهور ثانية على الحقوق والنفوذ والعلاقات والواجبات وتنازعوا على المناطق، بل وانتقل الخلاف الى الناس العاديين حقداً متبادلاً، واقترب من أن يكون عراكاً وسيكون، ومن ثم أضافوا الى صراعهم القومي طرف ثالث هم التركمان. فهل يصح في وقع هذا الكم من الاختلاف والتصارع بين العرب القومية الأكبر والاكراد القومية التي تلي ومن ثم التركمان شبه المنسيين أن  يقال هوية العراق عربية؟.
ومن بعد هذا وحال حصول التغيير أجنبياً ومحاولة تطبيق بعض من أوجه الديمقراطية، وتيقن فشل الرؤى القومية العربية لحزب البعث الحاكم في ادارة الدولة وتأسيس مجتمع رصين لهوية عربية، نادى الحكام الجدد ذو الغالبية الاسلامية بهوية عراقية أيدها الأكراد، وسعوا في حدودها الى تعزيز هويتهم الكردستانية فعزلوا أنفسهم، وترك المسيحيون سكان البلاد الأصليون مناطقهم، متجهين الى عالم آخر يُقبلونَ فيه بهوية غير عنصرية، وشكى التركمان حالهم وسط عرب طامحين بالحفاظ على ما امتلكوه من أرض كتحصيل حاصل، وأكراد طامحين بتوسيع أرضهم تحت مسمى الأمر الواقع، وكذلك فعل الازيدية والصابئة والشبك في شكواهم من العزل والاضطهاد وعدم الاعتراف بهوياتهم الفرعية. وبعد كل هذا الفعل والتناحر بين الأقوام والجماعات والمذاهب وأعمال الازاحة والتسقيط والاستحواذ والتهميش، هل يصدق القول أن هناك هوية عراقية؟.
من الأمثلة المذكورة يستنتج:
أن هناك في عراقنا الحالي قصور في فهم الهوية.
واننا لحد الآن في حدود العراق الجغرافية لم نجد لنا هوية.
كما إننا ما زلنا نلف حول أنفسنا نفتش عن هوية.
والى أن نجد ذاك اليوم، وتلك الهوية التي تُوَحدنا في مشاعر وطنية عامة، نقتنع بها، وندافع عنها مثل باقي الأمم، سنبقى في حال تشظي وتصارع قد يفضي الى وجود أكثر من هوية كنواة لشرق أوسط جديد، بَشرَ به الأوربيون ونفذنا نحن خطواته في عراق عجز أهله عن أن يجدوا لهم هوية!.

  

إذاعة وتلفزيون‏



أفلام من الذاكرة

الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

898 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع