صناعة المتكبرين

                                     

                     ياسين الحديدي

من يصنع الطغاة والمتكبرين هم المجتمع .. فالمجتمع يشبعه بالألقاب وبالامتيازات حتى يظن نفسه بأنه شخصية استثنائية ويهتم بالألقاب كأنه صار جزء من اسمه ولا يجوز نطق أسمه حتى تنطق اللقب ..

ثم يحدث أن الوظيفة تؤسس فيه شخصية الاستحقاقات فيحصل على أعلى المستويات من التأمين رغم أن راتبة كبير ويستطيع أن يتعالج بماله الخاص بعكس الضعفاء إلا أننا في عصر عنوانه " النصرة للأقوياء " .. ومن الغريب أن ترى الموظفين يصدقونه ويتكلمون معه بفائض من الاحترام والأدب المتجاوز المعقول ليتقربوا إليه وليشعروا بالأمان منه ولم يعلموا انهم يغذون الكبرياء في داخلة حتى يمتلئ طغياناً واعتزازاً بنفسه ويجد هذا حسناً ومظهر يليق به ولذلك يشعر بالإهانة حينما تكلمه بلا خوف أو تراجعه في أمراً ما ..فينتفخ الأنا في داخلة وينهار عليك من جديد بالكلمات القبيحة لأنه تعود على كلمة " تم وسم "
فأنا القائد رغم أنه لا يستحق القيادة إلا أن الأخرين ومن حوله قالوا له بأنك تستحق أن تكون قائداً وأن تعامل الأخرين على أنهم عبيدك .. وعند خروجه من العمل يذكر لقبه لكل شخص يقابله أو تجد عنده هوس توزيع الكروت لأن بها لقبه ومركزة الاجتماعي والعالم يمجدون الشخص الذي يسبق أسمه لقب " دكتور " فيسألونه عن كل شيء وكأنه يعلم في تخصصه والتخصصات الأخرى وقد يثقون به ويناسبوه لأنه دكتور فقط ولا يعلمون بأن العلم لا يورث الأخلاق أبداً فالدكتور في كثير من الأحيان لا يكون أحسن أخلاقاً من عامل النظافة وعند
جلوسي مع هؤلاء وهؤلاء ثبت لدي باليقين القاطع بأن طبقة العمال فيهم عزة النفس والرضى بالقدر والرحمة والتعاون وصدق المشاعر أكثر من أصحاب المراكز .. أختم بقول مصطفى صادق الرافعي في كتابة كلمة وكليمة " فلسفتي أن الكبرياء على المتكبرين هو أعلى التواضع.

أطفال الگاردينيا

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

769 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع